لا يُجدي قانون ألإنتخابات ألجديد:

ما طبّل له الأعلاميون و الكُتّاب و المثقفين و الأكاديميين للأسف خصوصاً رئيس و نواب البرلمان, بتغيير قانون الانتخابات و أجراء بعض التعديلات الشكليّة و إضافة بضع دولارات للمتقاعدين؛ إنّما هو لذرّ الرّماد في عيون المتظاهرين لتمويه و تشويه القضية المركزية وإسكاتهم, والدّليل أدناه, بعد مقدمة:

حدث التغيير .. بعد ما دعت المرجعيّة الدّينية العُليا إلى [ألأسراع لإصلاح و إنجاز قانون الانتخابات وقانون مفوضيّتها بشكل عادل، لأنّهما يُمهدّان لتجاوز الأزمة الكبيرة التي يمر بها البلد], ونقول:
يا سادتنا حتى لو تمّ التغيير بحسب المعايير العالميّة ألمُتّبعة, فأنها لن تُحقق العدالة, بل وتستمر المأساة و الظلم.

و نحن إذ نُثمّن إهتمام المرجعية بآلأمة وحقوقها و محاولة خدمتها عبر خُطب منبر الجُمعة؛ نُشير إلى أنّ السّادة “العلماء” الذين حدّدوا خطاب إصلاح قانون (الانتخابات) الجديد من المُقربين ألذين عادة ما يكتبون البيانات و الأوامر و يوقعها المرجع الكبير بإشراف نجله السيّد محمد رضا السيستاني المحترم حفظه الله, لكونه نافذة المرجع على العالم خصوصا على العراق, بل و بابهُ الوحيد لعرض تلك البيانات التي نثمّنها لدلالتها على آلرّعاية الأعلاميّة للقضيّة العراقيّة بجميع مستوياتها, لكننا نودّ الأشارة هنا إلى نقاط هامّة طالما أشرنا لها سابقاً, و الجدير ذكره وللأسف؛ أنّ جميع الأحزاب و الكيانات التي حكمت, قد إعتمدت و طبّقت بعض تلك الإشارات والمناهج والنظريات التي تناسب فسادهم للأستهلاك الأعلامي, لا لوجه الله, لسببين:
– ألأميّة الفكريّة التي سبّبت إهمال تلك المناهج و عدم قدرة المُتصدين في تلك الأحزاب من أجرائها بآلشكل الذي عرّفناها, و إكتفوا دائما بعرضها أمام الناس للأستهلاك المحلي.
– ألواقع النفسيّ وفساد العقائد ألتي جعلت المُتصدين يتعاملون مع الحقوق والعدالة و هي خطوط حمراء وكأنها تخصّ عوائلهم و أحزابهم فقط بعيداً عن حقوق الله و الشعب والأمة.

في خضم هذا الواقع المأساويّ ألذي أفرز الكثير من المحن و المآسي و الحروب التي شهدت بها خطب الجمعة المباركة, و نادراً ما كانت تتجاهل بعض المآسي التي كانت تقع على أهمّيتها لأسباب تعود للميول الذاتيّة و لواقع الدِّين و مستوى الخطباء وغيرها, على كل حال, بودي الأشارة إلى أهمية ودور قانون الانتخابات الجديد الذي رُوّج له و كأنه بيت القصيد .. و هل حقّاً سيخدم “العملية السياسية” كما سموّها و بآلتالي تطبيق العدالة الأجتماعيّة التي لا يعرفها أكاديميّ عراقيّ ناهيك عن السياسيين ألّذين إمتلأت بطونهم بآلمال الحرام فباتوا يرون الحقّ باطلاً و الباطل حقّاً و العياذ بآلله.

سيدي الكبير المرجع الدّيني الأعلى ألسّيستاني المحترم دامت بركاته:
لا شكّ أنكم درستُم بدقة آيات الأحكام الـ (500)(1) فقط من بين أكثر من 6666 آية, لتحرير أحكام الرّسالة العمليّة وكما فعل و يفعل كل مجتهد حين يريد أن يصبح مرجعاً, لكن الحوزة عموماً وكما عرفناها من زمن أستاذنا السيد الخوئي(قدس) في سبعينيّات القرن الماضي وقبله وبشهادة الفيلسوف الكبير محمد باقر الصدر؛ لا يدرسون ولا يهتمون بباقي آيات القرآن الكريم لأسباب منهجيّة لا مجال لبيانها هنا, لهذا المشكلة الرئيسية التي يُعاني منها الجميع في العراق وليست الحوزة فقط؛ هي جهل العراقيين بمبادئ العدالة التي عرضتها بقية آيات القرآن, و مع هذا الحال لا يُمكن تطبيق ليست العدالة فقط؛ بل حتى العدالة النسبيّة على الأقل, والأنسان عدوّ ما جهل وأُستاذ الأساتذة لخلق الأعذار حين تتجه لراحة البدن و المقربيّن!

خلاصة الكلام سادتي ألأفاضل: لا أمل ولا إمكانية ولا حتى بوادر مع هذا الوضع لتطبيق العدالة ولا حتى خُمسها في العراق, حتى لو تمّ تغيير قانون الانتخابات وإجراء تعديلات على بقية بنوده وأصوله؛ لأنّ المشكلة في مكان آخر, وهو(ألدستور) نفسه وأصل الولاية فيه, و ليس هذا البند أو ذاك القانون, بجانب أنّ (الدّيمقراطيّة) حتى لو طبقت بحسب معايير الفلاسفة العشر اليونانيين؛ فأنّها لنْ تحقق أو تحلّ مسألة العدالة, لأنّ الدّيمقراطية هي منهج للأنتخابات لا أكثر, بينما (الدّستور) خصوصا بند الحقوق و الأمتيازات هو المعيار وهو الأصل المحدد لمنهج العدالة في حياة مجتمع آمن وسّعيد بشرطها وشروطها, لذا لا بُدّ من تحكيم (العدالة الكونيّة)(2) لتغيير الوضع عبر محو الدّرجات الوظيفيّة الحقوقيّة والأمتيازات الخاصّة و العامّة التي هي السّبب و المنشأ في إفراز الظلم والطبقيّة في أيّ مجتمع متحضّر أو متخلف – ولا نقصد تغيير مسؤوليات العمل وسلسلة المراتب أبداً, بل العكس يجب تفعيلها بعكس ذلك؟

إنّ آلدّرجات الوظيفية – لا سلسلة المراتب كما قلنا – يرفضها النظام الأسلاميّ العادل جملة و تفصيلاً, لأنّها أمّ الخبائث و المشاكل و كما نشهده الآن حتى في أمريكا و كندا و فرنسا ولندن ووووو كل دول العالم حتى في الجمهورية الأسلامية للأسف الشديد رغم إنها أفضل نظام على الأرض لوجود حبل الولاية فيها, حيث وصلت الطبقيّة و الفوارق الأجتماعيّة فيها لذروتها, و هذا نابع من جهل الحاكمين مع كلّ و جلّ إحترامنا لهم بمبادئ آلعدالة العلوية الكونية في الحكم, لأنّ مسألة الحقوق و المال و الأقتصاد على ما يبدو منفصلة تماماً عن آلأحكام السّماوية و قيم و فلسفة القوانين الأنسانية التي يجهلها ليس فقط إساتذة الحوزة العلميّة العريقة ؛ بل حتى جامعاتنا الأكاديمية! للأسف الشديدو أخيرأً لا حلّ ولا أمل ولا فائدة يا سادتنا من تغيير كلّ بنود القانون الوضعي خصوصاً ما يتعلق بآلأنتخابات .. ولا حتى الدستور العراقي؛ ما لم تُحَل قبل كلّ ذلك؛ مسألة الظلم القانوني الواقع على العراقيين و إستبداله بالعدالة ولو (النسبية) التي خطوتها الأولى التطبيقية .. تبدأ بتوزيع الرّواتب و الحقوق و الأمتيازات من بيت المال(خزينة الدولة) بآلتساوي تقريباً بين جميع العاملين في المرافق و آلمؤسسات والوزارات بجانب معالجة الفقر سواءً بسواء, سواءاً كان المعني رئيسا أو مرؤوسا؛ عالماً أو مقاتلاً؛ موظفا أو عاملاً؛ بعيداً عن الدّرجات الوظيفية الظالمة المسببة للمظالم و للطبقات الأجتماعيّة في نهاية المطاف, و للعلم حتى (الدرجات الوظيفية العشرة) التي وضّحناها سابقاً كحلّ بدائي فصلنا فيه الكلام عبر المقالات السابقة؛ هي أيضاً ظالمة و تُسبب الطبقيّة و الظلم, لكن بمقدار أخف و أقل مما هو واقع ألحال الآن, خصوصاً لو عرفنا على سبيل المثال؛ (بأنّ راتب رئيس الجمهورية و حماياته و مستشاريه و مكاتبه و سواقه و جلاوزته وو يتجاوز المليار دولار شهرياً منها مليون دولار للرئيس شهرياً, بينما الموظف والعالم لا يصل إلى مليون دينار, أمّا المُتقاعد فلا يتعدى 300 – 400 الف دينار, زائداً مسائل أعمق وأخطر(3), هذا بعد التعديل الذي جرى اليوم 22/11/2019.

و إنّ عدم تطبيق هذا البند – المحور – أي المساواة في الحقوق والذي هو أهمّ و أقدس قانون تدور حوله جميع بنود الدّستور؛ يعني المزيد من الفوضى و الخراب و القتل و السّجن وعدم الأستقرار و المشتكى لصاحب العصر الذي يعلم السِّر و ما يخفى.
حكمة كونيّة: [مَثَل العالم في الأمة كمثل الرأس من الجسد؛ إذا صلح الرأس صلح الجسد و إذا فسد الرأس فسد الجسد].
الفيلسوف الكونيّ
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) عدد آيات القرآن الكريم عند عامة المسلمين:6236, و البعض عدّها 6666 آية عند الكوفيين و هذا بحث لا مجال لخوضه وهذه الآيات تشتمل:
أوامر:1000 آية ، نواهى : 1000 آية ، الوعد: 1000 آية ، الوعيد: 1000 آية ، القصص والأخبار :1000 آية ، العبر والأمثال :1000 آية ، الحلال والحرام : 500 آية ، الدعاء : 100 آية ، الناسخ والمنسوخ : 66 آية.
عدد كلمات القرآن الكريم. سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وسبع وثلاثون كلمة
عدد حروف القرآن الكريم. ثلاثمائة ألف و أربعون ألف وسبعمائة و أربعون حرف
وذلك في 30 جزءاً ينقسم كل منها الى حزبين كل حزب فيه أربعة أرباع، وبذلك يضم القرآن الكريم 60 حزباً و 240 ربعاً.
(2) [الفلسفة الكونية], تعتبر ختام الفلسفة لتقريرها على المنهج الأمثل في العلوم, وهي خلاصة ما توصل له العقل في الأرض, من خلال جوهر الأديان والذي يمثل الأسلام خلاصتها, بجانب العقل البشري, و آلتفاصيل موجودة إن طاب لكم كلامنا, والله شاهد على ما أقول, و سيشهد إني قد بلغت.
(3) أوجزنا الكلام في 15 نقطة محورية بشأن الأجحاف و الظلم الواقع في العراق بخصوص صرف رواتب نصف مليون بعثي و مخابرات ومنعها عن عشرات الآلاف من المستحقين المظلومين, بعضهم من زمن النظام في سبعينيات القرن الماضي, بجانب 14 نقطة أخرى, أهمّها سرقة حكومة كردستان لثلث النفط العراقي مع ضمان مخصصاتهم المالية ألـ 17% زائدا رواتب الموظفين.