تعد الثورة الحسينية من اجلى صور التضحية والفداء لأجل المبدأ والانسانية الطامحة للحرية الحقيقية والتي من شأنها التنعم بالعدالة الاسلامية ، وهي ايضا صرخة مظلوم مضطهد بغض النظر عن انتمائه بوجه الظالم ، ولذا على مر العصور كل طاغ وباغ تراه يرتعد من ذكر الحسين عليه السلام ، ويحاول قدر الامكان الحيلولة دون ان تأخذ النهضة الحسينية طابعها الثوري التحرري في مواجهة الظلم والفساد لأن مشروع الامام الشهيد عليه السلام هو (الاصلاح) اصلاح الامة في نظمها وضميرها وارادتها المهزومة ، ولهذا عمد الائمة عليه السلام على ارساء وتعليم ومشاركة تلك الاهداف والمفاهيم الحسينية في قلوب المؤمنين الحقيقيين بل تعدى الامر ان ينهل غير المسلم من هذه الثورة المعطاء ، فما كان على الائمة الذين تلوا الامام الحسين عليه السلام الا ان يرجعوا الناس الى الهدف الحقيقي للثورة وكلما ابتعد الناس عنها ارجعوهم .

فمثلا الامام علي السجاد عليه السلام وهو الذي عاش هذه الثورة منذ انبثاقها ورأى بأم عينه الطرفين اي اباه والناس وما واجهه ابوه واهله واصحابه عليهم السلام من مصائب وغدر وخيانة وتلفيق وافتراء وارادة مسلوبة وظلم واستكبار وديكتاتورية وفساد فضيع ، فالإمام السجاد ركز وجسد مبادئ الثورة في كل حين في كلامه او ميدانه كالحادثة عندما رأى القصاب يريد ان يروي الذبيحة قبل الذبح .. الخ وهذه الحوادث وغيرها تعطي انعكاسا واضحة من لدن الائمة على التمسك بمبادئ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ورفض الظلم والفساد ، فلنتأمل هذا الحديث (( أيمّا مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خدّه ، بوّأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا(( وحقيقة الامر ان التبوء احقابا في جنة الباري تعالى بسبب الحسين عليه السلام ليس كما يصوره ارباب المنابر الذين هم اول من بدأ تفريغ الثورة الحسينية من مفهومها الاصلي وقلبوها لطما وبكاءا وعويل وكلام روتيني عرفه ويعرفه الكثيرون ، حيث جعلوا منبر الحسين دادة لتحقيق بعض المآرب النفعية .

فالإمام السجاد عليه السلام عندما اشار الى (المؤمن) انما قصد المؤمن الحقيقي الذي آمن بالحسين عليه السلام ايمانا وجعله هو وثروته روح كل ثورة وسبيل كل نهضة وصرخة بوجه كل طغمة ظالمة فاسدة متسلطة على الشعوب ، فحريا ان يفتخر المؤمن الحسيني بتلك الاحقاب التي وعدها الامام السجاد عليه السلام

وقال الامام الرضا عليه السلام (ومن جلس مجلساً يحُيى فيه أمرُنا ، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.) و(امرنا) التي اشار لها الامام الرضا عي تلك المجالس التي تكون زعزعة للطاغوت وزلزال للفساد في زمن ماتت به القلوب وهي ترى الظلم مستشري هو والفساد والكل سكتت .

المؤمن الحقيقي الذي يحيي امر اهل البيت وخصوصا الامام الحسين عليه السلام ليس بالبكاء واللطم وطبخ القيمة والهريس انما برفض الظلم والفساد ، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فليس المؤمن ان يرى المفسدين يفسدون في البلاد ويسرقون خيرات العباد !! لا لا ولا يتصور للقارئ ان المؤمن من يصلي كثيرا ويحج ويزكي ويتصدق و(مولانا ، معاذ الله ، اعوذ بالله ) لا هذا ليس نهج الحسين عليه السلام وجده الامين صلى الله عليه وآله وسلم .

فهل من المعقول ان يخرج الحسين عليه السلام بعياله واطفاله واصحابه وقطع الكيلومترات وترك فريضة الحج لأجل ان نلبس السود ونرفع الرايات وان نلطم ونبكي ، ونحن نرى العراق يغرق في الفساد والعمالة والسرقات كلا والف كلا فهذا قتلا للحسين عليه السلام ومبادئه وطمسا لمعالم ثورته الخالدة ، فهل نرضى ان نكون قتلة جدد للحسين ؟؟

اذن علينا كحسينيين ان نعلن ان عزائنا قائم حتى زوال الفساد والمفسدين وان ننوح على سكوتنا ونحن نرى ان مليارات العراق تنهب وتسرق وان نلطم على تقاعسنا بوجود الظالمين ونحن ساكتبن ، فالحسين يريد منا ثورة يريدنا ان نعيش بحرية وبعدالة .