تشير معلومات الصحفي الراحل عبد القادر البراك الى ان مؤسس مقهى الشابندر، هو المرحوم الحاج محمود الشابندر احد تجار ووجهاء بغداد المعروفين في بداية القرن العشرين، فهو العراقي الأول الذي قام بتأسيس اكبر مطبعة اهلية في اواخر العهد العثماني،
والتي كانت تفوق في طاقتها وامكاناتها الفنية، امكانية (مطبعة الولاية) التي استوردها واسسها والي بغداد العثماني (مدحت باشا) لاصدار اول جريدة عراقية طبعت في هذه المطبعة بأسم (الزوراء) باللغتين العربية والتركية.
ويضيف ان مطبعة الشابندر قامت بطبع مؤلفات علامة العراق المرحوم (ابو الثناء الالوسي) وبصورة خاصة كتب رحلاته ومقاماته،كما طبعت التحقيق الاول لديوان الشاعر العباسي (مهيار الديلمي) الذي تولى تحقيقه رجل العلم والادب والسياسي الشيخ محمد رضا الشبيبي والاهم من ذلك ان دار الكتب المصرية اعتمدت على ما طبعته هذه المطبعة، عند اعادة طبع ديوان (ميهار) لاحقاً بالشكل القشيب الذي ظهر عليه في ثلاثينيات القرن الماضي.
ويواصل البراك؟ ان المذكرات تشير الى قيام المطبعة المذكورة بطبع الآثار القانونية لعدد من كبار رجال القانون يومذاك من امثال (ابراهيم ناجي) و(خالد الشابندر) وبعض اعداد مجلة (لغة العرب) الشهيرة التي كان يصدرها العالم اللغوي الاب انستاس ماري الكرملي، ومجلة (الرياحين) التي كان يصدرها الكاتب المعروف ابراهيم صالح شكر، والشاعر ابراهيم منيب الباجه جي، وبعض المجلات التي اصدرها المؤرخ العراقي (سليمان الدخيل).
هذا ما كانت عليه بناية الشابندر.. ترى متى تحولت من (مطبعة) الى (مقهى) بل من اشهر مقاهي بغداد؟.
البناية من (مطبعة) الى (مقهى)..!
ويشير البراك حسب مذكرات صاحب البناية الحاج محمود الشابندر إلى ان بناية المطبعة تحولت الى مقهى يرتادها وجهاء وسراة بغداد في اول النهار، وذلك لقربها من دوائر المحاكم والطابو وامانة العاصمة و(القشلة) ويرتادها بعد الظهر عدد كبير من ادباء وشعراء بغداد من امثال الشاعر (الفصيح والشجي والصحفي) عبد الرحمن البناء صاحب جريدة (بغداد) في العشرينيات والثلاثينيات في القرن الماضي، والشاعر ابراهيم ادهم الزهاوي، والشاعر خضر الطائي مؤلف المسرحيات الشعرية، والشاعر عبد الستار القره غولي، المربي المعروف، ومؤلف كتاب (الالعاب الشعبية) ورجل السيف والقلم الشاعر الضابط نعمان ثابت عبد اللطيف صاحب ديوان (شقائق النعمان) وعدد من الكتب التاريخية وعلي ظريف الاعظمي صاحب مجلة (الاقلام) وعدد من الكتب التاريخية، وولده الشاعر الحقوقي حسين علي ظريف، والشاعر والباحث عبد الكريم العلاف صاحب مجلة (الفنون) وهو من شعراء الاغنية العراقية، ومؤلف كتاب (الطرب عند العرب) و(قيان بغداد) وصاحب مجاميع (الموال البغدادي) و(الاغاني العراقية) التي اصدرها وغيرهم وكان من بين رواد هذا المقهى المرحوم مطرب العراق الاول محمد القبانجي، الذي كان يزور اصدقاءه الشعراء، وكذلك الشيخ جلال الحنفي الذي يأوي اليها في اوقات فراغه وغيرهم ممن لا تحصيهم الذاكرة.
ويوضح المرحوم البراك، ان مقهى (الشابندر) كانت له أيام وامسيات متميزة بالنسبة لروادها قبل اكثر من 80 سنة.. حيث كان المقهى يتحول في ليال شهر رمضان سنوياً الى (ملهى) حيث يقدم مطرب المقام العراقي رشيد القندرجي مع جوق (الجالغي البغدادي) المقامات والبستات البغدادية الى ان يحين وقت السحور..
وكان رواد هذه الليالي الرمضانية يفـدون اليه من ابعد المحلات للاستمتاع بالغناء البغدادي الخالص.
ومن مقرئي المقامات الذين كانوا يترددون على هذا المقهى، المرحوم (حسن خيوكه للاجتماع ببعض زملائه العاملين في مهنة (السراجة) في الماضي، والمرحوم عبد الرحمن العزاوي في السنوات الاخيرة أي في سبعينيات القرن الماضي

مجلة الاذاعة والتلفزيون اذار 1977