يعتبر تخصيص المبالغ لمشاريع البنى التحتية مدخلا جديدا لتمرير مشاريع الدفع بالآجل، التي تنوي الحكومة العراقية تنفيذها عبر مشروع قانون البنى التحتية الذي صادقت عليه في وقت سابق.
الاهتمام بالبنى التحتية، خاصة في مجالات السكن والكهرباء والخدمات الأساسية، ودعم وتشجيع أي خطوة تهدف إلى بنائها وتطويرها، يعتبر أمر ضروري لكن التعاقد بالآجل، باعتباره شكلاً من أشكال الدين بغض النظر عن طرق تسديده سواء بالنفط أو غيره، يعني زيادة ديون البلاد.
وليس هناك داع للجوء إلى الاستدانة في الوقت الذي لا تكاد تصل نسب انجاز الموازنة الاستثمارية نصف المبالغ المخصصة لها مع وجود فوائض لإيرادات النفط يمكن الاستفادة منها في التمويل نتيجة لارتفاع سعر بيع البرميل على السعر المعتمد في الموازنة.
كما أن العقود بالآجل غالباً ما تفتقر إلى الشفافية وكثيراً ما يرافقها فساد، وأن تكلفة الدفع بالآجل هي أعلى من الدفع المباشر، وأن تكلفة هذا الشكل من الاقتراض هي أعلى أيضاً من الاقتراض المالي بالطرق المعروفة.
وبالتالي فإن اللجوء إلى الدفع بالآجل، كنتيجة لعدم تغطية الموازنة العامة احتياجات المشاريع غير مبرر لأن المطلوب العمل جدياً لمعالجة مواطن الضعف والخلل في الموازنة العامة التي تعاني من عدم وضوح في أولوياتها، وتدني نسب الانجاز وسوء تنفيذ المشاريع وعدم استكمالها وشيوع الفساد في الكثير من تعاقداتها.
ولا يوجد ضمان في أن التعاقدات المقترحة بموجب هذا القانون ستخلو من أسباب التعويق التي رافقت التعاقدات الأخرى فالحكومة العراقية أنفقت مليارات الدولارات لمختلف القطاعات ولم يلمس المواطن العراقي إلا الإحباط.
ومما يثير الريبة في قانون البنى التحتية هو إصرار البعض على تمريره بأي شكل وهذا الإصرار يدل على وجود لعبة غير واضحة المعالم من قبل تلك الجهات، فمن الضروري تمريره بطريقة تغطي جميع الثغرات القانونية والدستورية التي تحيط به وعلى رأسها وجود تفاصيل توضح كل شيء للجميع.
هذا القانون غير واضح ومبهم لان مبلغ الفائدة المترتب على العراق غير معروف فضلا عن عدم معرفة المشاريع التي سيتم انجازها والغريب إصرار أحزاب تعتبر نفسها إسلامية على تمريره في المرحلة الحالية رغم أن بنوده مخالفة للشريعة الإسلامية.
ومن بين الثغرات والمؤاخذات على هذا القانون ما ورد في المادة الرابعة والتي تعفي المعدات والمكائن والمواد الخاصة بالمشروع التي يستوردها المقاول العراقي والأجنبي من الرقابة وشروط السيطرة النوعية باعتبار تلك الشروط ضمن القيود الموضوعة على استيراد المواد حتى لو كانت من منشئ غير معتبر أو كانت منتهية الصلاحية.
وهناك فقرة في المادة الأولى تتيح للجهات السياسية إدخال العقود المبرمة سابقا تحت هذا القانون وبالتالي ستصرف العقود الوهمية مرة أخرى مع أرباح أكثر وسوف تعتبر جميع السرقات القديمة قانونية حسب فقرات هذا القانون.
كما أن التعليمات التي يفترض، وفق المادة التاسعة، إن يصدرها مجلس الوزراء لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون بضمنها آليات اختيار الشركات وطريقة الدفع والضمانات التي تقدم للشركات المنفذة أجلت إلى ما بعد مصادقة القرار!!
فلماذا لا تكشف هذه التعليمات الآن وقبل المصادقة على القانون، هل هناك خوف من كشف الحقيقة؟؟