في ذكرى الولادة المباركة لأمير المؤمنين(عليه السلام)
بقلم : عبود مزهر الكرخي

من كان في حرم الرحمن مولده *** وحاطه الله من باس وعدوان؟
وهذه قصيدة طويلة تبين فضائل الأمام علي(ع) ويراد من بيت الشعر هذا من كانت ولادته في الكعبة الشريفة والتي أنشق جدار الكعبة لفاطمة بنت أسد ودخلت في الكعبة المعظمة ثم التأمت الفتحة لتخرج بعد ثلاثة أيام حاملة وليدها الميمون والذي كان ولادته في مشرف البيت وبقت لمدة ثلاثة أيام وأكلت من ثمار الجنة، ولم ينفلق وهذه الحقيقة الناصعة اجمع وأثبت عليها كل الفرق الإسلامية وكل الأحاديث والكتب تحدثت بهذه الولادة الميمونة لسيد الوصيين وأمام المتقين سيدي ومولاي أبي الحسنين علي بن ابي طالب(عليه السلام)وكان انفلاق الكعبة من الركن اليماني والذي هذا الأثر الخالد لانشقاق الكعبة باقي ولحد الان ولم تحاول كل محاولات الوهابيين في اخفاء هذا الانفلاق للكعبة وقد ذكر الحاكم: وقد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة.
وحكى الحافظ الكنجي الشافعي في (الكفاية) من طريق ابن النجار عن الحاكم النيسابوري أنه قال: ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراما له بذلك، وإجلالا لمحله في التعظيم(1).
وتبعه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الشهير بشاه ولي الله والد عبد العزيز الدهلوي:
تواترت الأخبار إن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليا في جوف الكعبة فإنه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده(2).
قال شهاب الدين السيد محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في (سرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية) لعبد الباقي أفندي العمري ص 15 عند قول الناظم:
أنت العلي الذي فوق العلى رفعا *** ببطن مكة عند البيت إذ وضعا
: وكون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة – إلى أن قال -: ولم يشتهر وضع غيره كرم الله وجهه كما اشتهر وضعه بل لم تتفق الكلمة عليه، وما أحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه فيما هو قبلة للمؤمنين؟ وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين.
وقال في ص 75 عند قول العمري:
وأنت أنت الذي حطت له قدم *** في موضع يده الرحمن قد وضعا
وقيل: أحب عليه الصلاة والسلام (يعني عليا) أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها فإنها كما ورد في بعض الآثار كانت تشتكي إلى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول: أي رب حتى متى تعبد هذه الأصنام حولي؟ والله تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك.
ويقول نبينا الأكرم محمد(ص) في حديث طويل مع جابر عن ولادة أمير المؤمنين عن فضائل هذه الشخصية العظيمة فيقول { فإنّ لعليّ عند اللَّه من المنزلة الجليلة، والعطايا الجزيلة ما لم يعط أحد من الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين. وحبّه واجب على كلّ مسلم، فإنّه قسيم الجنّة والنار، ولا يجوز أحدٌ على الصراط إلّا ببراءة من أعداء عليّ عليه السلام }(3).
وعندما خرجت فاطمة بنت أسد من الكعبة فقالت : وإذا خرجت أنا فمن يرويه ؟ قال رسول الله(ص): أنا ارويه ، فقالت فاطمة : أنت ترويه ؟ قال : نعم فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله لسانه في فيه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، قال : فسمي ذلك اليوم يوم التروية ، فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من علي إلى السماء(4).
وحديث الولادة مشهور وتجمع في تواتر الحديث عن بعض العلماء أنّه نقله جلّ أصحاب التاريخ، والمشهور بين العامّة والخاصّة أنّه ولد بين العمودين على البلاطة الحمراء.
ولهذا فهو ولد الأمام علي(ع) في أقدس بقع الله في الأرض في الكعبة المعظمة
ولهذه كان المعروف عن الامام علي أنه ولد في اطهر مكان (الكعبة)، ولد في افضل الايام (الجمعة)، استشهد في افضل الشهور (شهر رمضان)، و في افضل الليالي (ليالي القدر)
و في افضل اللحظات (الصلاة)، و في افضل حال من الصلاة (السجود). وفاز الإمام علي (ع) في الدنيا بمرتبة الشهادة في سبيل الله في اطهر بقعة في محراب الصلاة، وفاز بمحبة البشر على مر العصور، والحصول على المنزلة الرفيعة في الجنان، «قسيم الجنة والنار، وساقي ماء الكوثر…»، وهو الفوز الحقيقي.
وفي الختام انقل أبيات من القصيدة الخالدة للشاعر السوري محمد مجذوب والتي وقف أمام ضريح الأمام فانبهر بتلك العتبة الطاهرة المطهرة ليذهب الى سوريا يقف أمام قبر معاوية(عليه لعائن الله) والذي هو في خربة وتبول عليه الكلاب(اجلكم الله) وهو استاذ في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة يحاكم معاوية في نادرة من الشعر بقصيدة الشاعر محمد مجذوب يقارن بين قبر معاوية والامام علي (عليه السلام ) يصور الشاعر حرم الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام، وما شاء له المهيمن من العزة والرفعة، وما شاء لخصمه العنيد (معاوية) من المهانة والضعة، والعاقبة للمتقين. ليقول في قصيدته بأبيات منها :
أين القصور أبا يزيد ولهوها***والصافنات وزهوها والسؤددُ
اين الدهاء نحرت عزته على***أعتاب دنـــيا زهوهــــا لا ينفدُ
آثرت فانيها على الــحق الذي***هو لو علمت على الزمان مخلدُ
تلك البهارج قد مضت لسبيلها***وبقيت وحــــدك عبرة تتجــــددُ
هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه***لأسال مدمعك المصير الأسودُ
كتل من الترب المهين بخربــــةٍ***سكـــر الذباب بها فراح يعربدُ
…..
أبا يزيد وســـــــــاء ذلك عـــــــثرة***ماذا أقول وباب سمعــــك موصدُ
قم وارمق النجف الشريــــف بنظرة***يرتد طرفك وهو بـــــــــاك أرمدُ
تلك العظــــــــام أعز ربك قــــدرها***فتـــــكاد لولا خــــــوف ربك تعبدُ
ابدا تباركــــــــها الوفــــــود يحثــها***من كــــــــل حدب شوقها المتوقدُ(5).
وفي الختام أنقل هذين الحديثين للرسول الأعظم محمد(ص) وهي مسنودة من قبل كافة الفرق وهي تذكر :
فمن تلك الروايات، ما ذكره محمّد بن أحمد القمّي، المعروف بـ(ابن شاذان) في كتابه (مائة منقبة): ((حدّثنا جعفر بن محمّد بن قولويه(رحمه الله), قال: حدّثني علي بن الحسن النحوي، قال: حدّثني أحمد بن محمّد, قال: حدّثني منصور بن أبي العبّاس, قال: حدّثني علي بن أسباط, عن الحكم بن بهلول, قال: حدّثني أبوهما، قال: حدّثني عبد الله بن أُذينة, عن جعفر بن محمّد, عن أبيه, عن علي بن الحسين, عن أبيه، قال: قام عمر بن الخطّاب إلى النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: إنّك لا تزال تقول لعليّ: أنت منّي بمنزلة هارون [من موسى] وقد ذكر [الله] هارون في القرآن ولم يذكر عليّاً(عليه السلام)؟ فقال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (يا غليظ يا أعرابي! أما تسمع قول الله تعالى: (( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُستَقِيمٌ ))(6)،(7).
وفي كتاب (بصائر الدرجات)، قال: ((حدّثنا أبو محمّد، عن عمران بن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمّد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله(عليه السلام): (( هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُستَقِيمٌ )), قال: (هو والله عليّ، هو والله عليّ الميزان والصراط) ))(8).
وهناك من يلومنا على حبك يا سيدي يا علي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ في ” المستدرك ” 3: 483. الغدير – الشيخ الأميني – ج ٦ – الصفحة ٢٢.
2 ـ مصنف (التحفة الاثنى عشرية في الرد على الشيعة) فقال في كتابه (إزالة الخفاء).
3 ـ مصادر هذا الحديث: الفضائل “لابن شاذان”: 129- 139، الحديث الأول. وعنه وعن الروضة، مستدرك الوسائل 266:2، الحديث 1929 و 322، الحديث 2089 و 342، الحديث 2141، قطعات منه. وعنه وعن كتاب غرر الدرر للسيد حيدر الحسيني، بحار الأنوار 99:35، الحديث 33. جامع الأخبار: 15، السطر 13، عن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه الصدوق القمي. روضة الواعظين: 88، السطر 16، بتفاوت يسير.
عنه إثبات الهداة 483:2، الحديث 295، باختصار. وعنه وعن الفضائل، وجامع الأخبار، بحار الأنوار 35:10، الحديث 10، اليقين: 191، السطر 6 وأيضاً 485، السطر 8… باختصار. عنه بحار الأنوار 125:38، الحديث 72. مدينة المعاجز 367:2، الحديث 610، عن كتاب أبي مخنف.كفاية الطالب: 405، السطر 16، بإسناده إلى جابر بن عبد اللَّه… باختصار. عنه إحقاق الحق 488:7، السطر 5.
كشف الغمة 60:1، السطر 1، باختصار. المناقب لابن شهر آشوب 172:2، السطر 22 و 174، السطر 21، قطعتان منه. ينابيع المودة 47:1، الحديث 8 و 9، قطعة من صدر الحديث.
4 ـ بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣٥ – الصفحة ٣٨ ـ مؤسسة الوفاء بيروت – لبنان. غاية المرام – السيد هاشم البحراني تحقيق العلامة السيد علي عاشور الجزء الأول – ج ١ – الصفحة ٥٤. الأمالي ٢ / ٣١٧ – ٣٢٠ ط: النجف. الخرائج والجرائح / 171. كتاب اغتيال العقل الشيعي: دراسات في الفكر الشعوبي بواسطة علي الكاش ص 349. منشورات كتب غوغل بلي طبعة لندن عام 2015.
5 ـ ديوان الشاعر محمد مجذوب في طبعته الأولى. وقد حذفت القصيدة في الطبعات اللاحقة بفعل الدولار السعودي ليتم إخفاء والتعتيم على فضائل أمير المؤمنين.
6 ـ [ الحِجر:41 ].
7 ـ مائة منقبة:160 المنقبة (85)، كذا مناقب آل أبي طالب 2: 302.
8 ـ بصائر الدرجات للصفّار: 532 الباب (18) النوادر في الأئمّة(عليهم السلام).