بقلم عبود مزهر الكرخي
تمر هذه الأيام مناسبة مهمة ومؤلمة على كل شيعي وموالي محب لأهل البيت إلا وهي استشهاد سيدة نساء العالمين وبضعة رسول الله(ص) سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(عليها السلام) والتي كان لها روايات ثلاثة وهي الأولى والثانية والثالثة والتي تعبر عنها عند كل الموالين والتي أحاطت باستشهادها الكثير من الأمور والتي الكثير من الكتاب ومن المذاهب الأخرى ينكرونها ويقولون غير ذلك في جملة من الكتابات والأقاويل والتي لا تستند إلى أي مصادر موثقة أو رواة ثقاة بل كلها عبارة عن تحاليل وكلام لا يستند إلى أي تحليل منطقي وعقلي وعلمي في ذلك وقد قيل في المقولة المشهورة والتي تقول ((حدث العاقل بما يعقل فان صدق بما لا يليق فلا عقل له)) ومن هنا سوف نتناول مظلومية الزهراء وبالأدلة والمصادر لعلنا نفلح في أماطة اللثام ولو شيء من الحقيقة ونتعرف عليها عن ما جرى من ظلم وانتهاك لحرمة الزهراء ولأبيها رسول الله(ص) وهل تم حفظ حرمتها والالتزام بما أمر به تجاه بضعته وأبنته روحي له الفداء.
وكانت ولادة السيدة الجليلة عظيمة وعالية المكانة حيث كانت لديها من الكرامات التي اختصت بها الزهراء روحي الفداء وكان مولد النور فاطمة الزهراء (ع) والتي أهتم بها رسولنا الأعظم أيما اهتمام لأنها تمثل امتداد النسل المحمدي ونسل نبينا الأكرم محمد(ص) ولهذا قال عنها أبوها روحي له الفداء (( فاطمة بضعة مني يريبني مارابها ن ويؤذيني ما آذاها))(1).
وهو كان يمر على بيتها كل صباح فيمسك عضادة الباب ويقول { السلام عليكم يا أهل بيت النبوة (وفي روايات أخرى ومعدن الرسالة ومهبط الوحي ومختلف الملائكة} ، أنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً}(2).
وبما أنها كانت امتداد للنسل المحمدي الشريف وليختص بكرامتها التي لا تعد ولا تحصى الله سبحانه وتعالى فكان منذ أول يوم خلقها أعطاها أول كرامة وهي أنها كانت تؤنس أمها خديجة إثناء الحمل وتحدثها وتدخل أليها الطمأنينة والسرور إلى قلبها ونفسها تلك الزهراء روحي لها الفداء والتي أختص بها أنبياءه وكان النبي عيسى(ع) من أولئك الأنبياء التي أختص بها له ليهبها إلى فاطمة الزهراء(ع).
ومرد ذلك إن نسوة مكة قد هجرنها فكن لا يدخلن إلى بيتها وسبب ذلك أنهنَّ كانوا يقولون لها ((نحن قاطعنك لزواجك من يتيم أبو طالب)) فكنَّ لا يدخلن بيتها ولا يسلمن عليها ولا يدعن امرأة تدخل بيتها وكان هذا هو جزء من المقاطعة التي فرضها مشركي قريش على النبي(ص) والمسلمين. وكان من العادة وحتى الآن إن تأنس الحامل بقريناتها ولسماع أحاديثهنَّ لكي ترتاح وتأنس بهنَّ ولقد استوحشت بهذه المقاطعة وغلب عليها الحزن لهذا الأجراء ، ولكن الله سبحانه وتعالى أبى أن يجعل قلب خديجة العامر بالأيمان يعيش حالة من الجزع والحزن الداخلي الذي يأكل بنفسها من الداخل فكان أن أنطق الجنين الذي في بطنها وجعلت تحدثها بحديث النساء في مجالسهن. وهذه المعجزة هي ربانية وهي من خصوصيات ولادة الزهراء والتي أكرمها رب العزة والجلال أيما إكرام.
ولقد دخل النبي(ص)على زوجته خديجة وقال لها ك ياخديجة من تحدثين؟! ، قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني!! .
فقال (ص) : { يا خديجة هذا جبرائيل يبشرني أنها أنثى ، وإنها النسلة الطاهرة الميمونة وان الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه}. ولقد ظلت تحدثها وتذهب عنها الروع طيلة أيام الحمل (3).
ومن هنا نستنتج أن الحوراء الإنسية سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(ع) هي قد أعطت بهذا الحدث وهو تكليمها لأمها السيدة خديجة(ع) لكي تؤنسها منزلة الأنبياء والمرسلين لأن هذا الحدث هو مشابه لحدث نبي الله عيسى(ع) ليضاف هذا الحدث إلى الأسرار المستودعة عند فاطمة الزهراء والتي سنكمل ذلك تباعاً.
وننقل إليكم هذا الحديث لننهي هذه الباب من البحث: { عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن على عليهم‌السلام، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله: معاشر الناس تدرون لما خلقت فاطمة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: خلقت فاطمة حوراء إنسية لا إنسية [ و ] قال: خلقت من عرق جبرائيل ومن زغبه، قالوا: يا رسول الله استشكل ذلك علينا تقول: حوراء إنسية لا إنسية ثم تقول: من عرق جبرائيل ومن زغبه قال: إذا أنبئكم أهدى إلى ربي تفاحة من الجنة أتاني بها جبرائيل عليه‌ السلام فضمها إلى صدره . فعرق جبرائيل عليه‌ السلام وعرقت التفاحة فصار عرقهما شيئا واحدا ثم قال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قلت: وعليك السلام يا جبرائيل فقال: إن الله أهدى إليك تفاحة من الجنة فأخذتها وقبلتها ووضعتها على عيني وضممتها إلى صدري. ثم قال: يا محمد كلها، قلت: يا حبيبي يا جبرائيل هدية ربي تؤكل؟ قال: نعم، قد أمرت بأكلها فأفلقتها فرأيت منها نورا ساطعا ففزعت من ذلك النور، قال: كل فان ذلك نور المنصورة فاطمة قلت: يا جبرائيل ومن المنصورة؟ قال: جارية تخرج من صلبك واسمها في السماء منصورة، وفي الأرض فاطمة، فقلت: يا جبرائيل ولم سميت في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: سميت فاطمة في الأرض [ لانه ] فطمت شيعتها من النار وفطموا أعداؤها عن حبها وذلك قول الله في كتابه « وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ » (4) بنصر فاطمة عليها‌ السلام(5).
فهذه عظمة فاطمة وهذا هو سر خلودها فهي المنصورة من الله سبحانه وتعالى وجبرائيل وملائكة السموات والأرضيون ومن بعدهم حبيب الله نبينا الأكرم محمد(ص) فهي جديرة بهذه المرأة الخالدة أن تخلد سيرتها و تكتب بأحرف من نور ولتكون مثال للمرأة المسلمة وحتى ضرورة أن يقتدي بها كل رجال ونساء العالم أجمعين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ وبألفاظ متشابهة وراجع ك صحيح البخاري : 5/274. صحيح مسلم : 4/261. المستدرك على الصحيحين للحاكم : 4/54. الصواعق المحرقة لأبن حجر : 105. مسند لأحمد بن حنبل 4/328. والكثير من
2 ـ ممن روى ذلك : ـ الشيخ عبد الرحمان الصفوري الشافعي في(نزهة المجالس)ج2/227. القندوزي البلخي في (ينابيع المودة)ص198. الشيخ شعيب المصري في (الروض الفائق) ص214.
3 ـ المناقب : 3 /106.
4 ـ [ الروم : 4 و 5 ].
5 ـ المصدر: تفسير فرات بن إبراهيم ص 119. بحار الانوار: ج 43 ص 18. مجمع الزّوائد للهيثمي 202:9. ورواه: الخوارزميّ في مقتل الحسين عليه السّلام 64:1، والسّيوطيّ في الدرّ المنثور في ظلّ الآية المباركة: سبحان الّذي أسرى بعبده ليلاً.. . وما يقرب منه رواه: محبُّ الدّين الطّبري في ذخائر العقبى 36،44).