شرعنـة ألمَكْـر في آلأنقــلاب ألكونيّ
بقلم ألفيلسوف ألكونيّ عزيز الخزرجيّ

هل نحتاج لخطة شبيهة بخُطة (لوثر) ألنّبي الأرضي لتحطيم الأصنام أو بخطة (إبراهيم) ألنّبي الكونيّ في العراق لتخليص الناس من ألوان العبودية و الصّنمية التي لا يستطيع أيّ عراقي ألعيش بدونها لأنه تربى على هذا النمط المأساوي!؟

في مجتمع ما؛ كآلمجتمع العراقي ألمغضوب عليه أرضاً و سماءاً .. حين يُسيّطر ألجّهل و الأوهام و آلسِّحر و الشعوذة و آلكذب و آلغيبة و النفاق و آلتقليد الأعمى و العقائد الخاملة التي توحي نتائجها إلى عقل مُنْفعلٍ ؛ مُتحجّر ؛ مُتذلّل لأصحاب ألسّلطة و المال و القوة خصوصاً إذا كانت مُلمّعة بشهادة “أكاديمية” أو “حوزويّة” و هنا تتعاظم الخطورة أضعافاً مضاعفة – لعدم معرفة الناس الفرق بين العِلم و الثقافة – لو أحس صاحبها بأنهُ مُثقّفٌ و مُقلّدٌ – بفتح اللام – و عالم .. و كلّ هذا يقع بسبب آلأفكار والعقائد و المذاهب ألتي تُسَوّق بإسم الله و الدّيمقراطية و التكنوقراطيّة و السّقراطيّة و الوطنية و العشائرية و “آلحقبازيّة” و…؛ في مثل هذا المستنقع ألآسن لا بُدّ من الأنقلاب ألكونيّ, ألذي يُشرْعن قانون ميكافيللي (الغاية تبرّر الوسيلة) و هنا فقط يكون مباحاً .. بل مستحبّاً و واجباً أيضاً, لأنها مسألة مصير و عاقبة إمّا خيراً أو شراً!

فماذا يعني الأنقلاب ألكونيّ؟
و كيف يتحقق هـذا الواجب؟

(مارثن لوثر) ألمُفكر والمُصلح العظيم الذي نذر نفسه لخلاص الناس من العبودية .. له الفضل الأكبر والأوّل لأسس هندسة وإنْجاح النهضة (ألرّينوسانسية)(1) عندما تسبّبَ بإنقلاب شبه كونيّ ضمن أجواء أوربا المغلقة وقتها إبان القرون الوسطى, حيث كان من الصعب بمكان إستنهاض و تنوير و تثقيف الناس – أكرّر – تثقيف الناس ألذين قفلوا عقولهم – بثقافة التّحرر و الإبداع لأجل الكرامة والحياة الطبيعيّة بعيداً عن العبوديّة و النكوص للحكام و سلطة رجال الدِّين التي وصلت حدّ حلولها مباشرةً محلّ سلطة الله تعالى حين وصل الأمر لبيع صكوك الغفران من قِبَلِهم لدخول آلجنة!

فكرّ (مارثن لوثر) بعد أنْ عجز و كاد اليأس يدُبّ في وجوده بعد أن جف حبره و بحّ صوته من كثر الخطب و آلبيانات .. فكّر بطريق آخر لخلاص الناس من تلك المحنة بسبب تغلغل الأوهام و المعتقدات الباطلة و الطقوس التي لا تُناسب طبيعة كرامة الأنسان ألسّوي و حتى البشر ناهيك عن (الآدمي) و هي المراتب الكونية الثلاثة التي يصبح الأنسان بعدها كونياً, هذا بعد ما إنقطعت به السبل حيث حاول ليلاً و نهاراً؛ سراً وجهراً .. لخلاصهم لكن الناس رفضوا دعوته التي كادت أن ترتقي للكونية وللنبوة لو كان يُؤمن تماماً بنهج آلعلي الأعلى!

إلا أنهُ لم يستسلم أمام ضغط الناس و رِجال الدِّين والحكومة معاً, لأنه كان واثقاً بأنه لا يمكن أن يخون تجربة صرف لأجلها العمر في أقبية الكنائس ودراسة الدّين وكيفيّة إستغلاله لأكل الدّنيا, وتأمين مستقبل أبنائهم وأحفادهم للعيش كآلأغنياء بغطاء الدّين وكأنهم إمبراطورية خفية عميقة لا يمكن تجاوزها لتحصّنها بآلناس وبلباس الدّين والمذهب و بآلطقوس التي يعتبرها الناس حياتهم!

إذن ماذا يفعل هذا المصلح ألشّبه الكونيّ ألذي عرف كرامة الأنسان .. بعد ما يأس من تجاوب الناس معه – بل و معاداتهم له بمن فيهم أقرانه إلا ثلاث فلاسفة منهم فقط – و فوقها صدرت بحقّه من المتسلطين أحكاما قاسية وعاش حياته بين سجن و تعذيب و تشريد!؟ ولم يبق أمامه سوى إستخدام المكر و الحيلة وهي أقسى و أمرّ خيار يلجأ إليه نبيٌّ أو مُفكر أو فيلسوف مثل مارثن لوثر أحياناً لتحقيق هدفٍ كونيّ أكبر(2), لأنّ الفلاسفة هم أشرف الناس و أتقاهم يؤمنون بآلغيب بآلباطن و ليس بآلظاهر كما العلماء والناس السُّذّج!

فماذا هي تلك الحيلة التي شرّعها(مارتن لوثر) مرغماً بعد ما إنقطعت به السبل؟
ذهب إلى رئيس أساقفة القوم في (نوتردام) و سأله عن إمكانيّة شراء (جهنم)؟
إستغرب رئيس الأساقفة من طلبه, وقال لهُ:
الناس تشتري الجّنة و أنتَ تشتري جهنم!؟
أجاب: نعم أريد شراء جهنم, فكم السـعر؟
تأمّل الرّئيس قليلاً .. و قال:
سعر جهنم 3 ليرات ذهبية.
قال خُذ .. و أعطاه 3 ليرات, وأمضى له ورقة(صك) بتوقيع الكنيسة, يثبت بأنّ المدعو (مارتن لوثر) قد إشترى جهنّم و هي ملك له.

أخذ مارتن الصّك و أمر بإحضار الناس في الساحة الرئيسيّة للمدينة, و أعلن لهم عن شرائه لجهنم و هذا هو (صكّ ألشّراء), وأضاف: [بهذه المناسبة السعيدة ولكونيّ مالك لجهنم أعلن لكم بأنيّ من الآن لن أسمح لأيّ إنسان من دخول جهنم!

لهذا لا داعي لشراء صكوك الغفران ما دمتم لا تدخلون جهنم, وبذلك أنهى شراء (صكوك الغفران) بتلك (الخدعة) وأفشل مخطط الكنيسة الظالم الذي كان يقف ورائه الحكام الذين أخضعوا رجال الدِّين و القساوسة لسلطتهم و منهجهم بآلمال والقوة, و شيئا فشيئا إستطاع مارتن مع أقرانه الفلاسفة و المصلحين من تغيير الوضع و إنْجاح الثورة ثم النهضة ثم المراحل الأخرى التي وصلت لما هي عليها الغرب اليوم, هذا بغض النظر عن موقفنا – موقف الفلسفة الكونية – من قضية النهضة الغربية – و أهدافها و مسيرتها و ما آل إليه وضعها بعد سيطرة (المنظمة الأقتصادية العالمية) على منابع الأقتصاد في العالم(3).

في بلادنا أيضا و بعد يأسنا من إقناع الناس بمن فيهم ألأكاديميون و المثقفين و الكتاب بضرورة التخلص من المعتقدات و الأوهام والعقائد العشائرية و الحزبية و القومية التي أدّت إلى هذا المصير خصوصا بعد الفساد الكبير للحكام المدعين للدّين والوطنية والدعوة؛ أرى سلوك طريق آخر مغاير لما كان, قد ينجح مع (الخدعة) لأقناع الناس والمثقفين أوّلاً بكون الكرامة فوق كل شيئ في هذه الحياة, ولها إرتباط وثيق بآلوجدان والضمير وإن الله تعالى ما خلق الكون إلا لأجلها, لكن المثقفين كما الأكاديميون ناهيك عن الناس لا يعرفون قيمة و مكانة تلك الكرامة ومساراتها, و كيفية خسرانها أو تعزيزها بتوثيق صلتها بآلعقل الظاهر المسؤول عن توطين الكرامة في القلب لتحقيق الرسالة الكونية, و هذا يحتاج لخطة محكمة كخطة (لوثر) لمنع الناس من تأئييد و عبودية أيّ رمز حزبي أو سياسي حكم, حتى يمكن أن نتحرر و نبني و نُسعد في نهاية أسوء عيشة عاشها شعب العراق.
.و بذلك يتحقق الأنقلاب الكونيّ المُمتد أفقيأً في الأرض وعمودياً في السماء
الفيلسوف الكوني
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يَعْتَبِر ألمؤرّخون و الفلاسفة؛
بأنّ ألفلاسفة ألثلاثة (ديفيد هيوم) و (رينيه ديكارت) و (إيمانوئيل كانت) هم أعمدة النهضة و السبب في ديمومتها و لهم الفضل الأكبر في تحقق التطور و النهوض في أوربا, و نحن لا ننكر دورهم ألرّيادي ؛ لكن الفضل الأول و آلأكبر لنجاح و من ثمّ وضع الناس على الطريق ألصحيح و السريع لوصول عصر النهضة هو السيد(مارتن لوثر).
(2) (نظرية ألتزاحم),التي تجيز الأتيان بعمل مخالف للشرع لتحقيق الواجب الأكبر.
(3) كل الثورات في العالم و كما ثبت لي عمليّاً: يخوض غمارها المستضعفون و يستغلّها السياسيّون بركوب موجتها بعناوين شتّى , و في الآخر يجني ثمارها الأغنياء و هذا مصداق ما حدث بعد النهضة الأوربية, حيث وصل الحال لئن تسيطر (المنظمة الأقتصادية العالمية) على حكومات تلك الدول بعد تقسيم الحصة الأكبر من آلموارد و الضرائب على رموز الحكومة المتحاصصة, و هذا ما حدث و يحدث في عراق الجهل, و الناس تصفق لحد اليوم كما كانت تصفق لصدام الدّم و القسوة و الجاهلية بلك معانيها.
ألطريق الوحيد لنجاتكم هو إتّباع طريق العلم و الوعي بحسب الموازيين الكونية, بعد ما جرّبتم كل ألوان الحكم و الحزب و السياسة من غير فائدة.