عبد الامير محسن ال مغير

ربما تعطي الاحداث في سوريا دليلا قاطعا على اساليب التأمر الغربي على الدول والشعوب التي لا تسير وفق مصالحي وصحيح ان الغرب يطور وسائله بالهيمنة الا ان الشعوب اسرع على ما يبدو في ادراكها لأبعاد تلك الوسائل بنتيجة تصاعد الوعي الناجم عن سرعة سبل الاتصال بين المجتمعات وانكشاف اساليب النهب لخيرات تلك البلدان ووضوح عمالة بعض الحكام لأسياد يتلقون منهم التوجيه والدعم لتأمين استمرار ذلك النهب والمسألة السورية ربما خير مصداق لذلك حيث استمر الغرب وضمن ما سمي  بربيع الثورات التي نجمت عن تذمر الشعوب بوجه بعض حكامها فتم تحريض الشارع بوسائل غربية للإطاحة بتلك الانظمة وعند وصول الاحداث الى سوريا التي كانت في حقيقة الامر هي هدف رئيسيا بما سمي بذلك الربيع بحكم موقعها ونظام الحكم العصي على الغرب فيها فأستعمل اسلوب زج العناصر التخريبية من خارجها وتحديدا من خلال الاراضي اللبنانية واستعملت القاعدة الحليفة الاحتياط للولايات المتحدة لأثارة القلاقل داخل سوريا على خلاف ما حصل في تونس ومصر حيث تم تهييج الشارع في هذين البلدين بوسائل من داخل تلك البلدان ليستلم الاخوان الحكم بعد تعهدات اعطيت للغرب بتنفيذ كل ما تريده القوى الغربية وكان دور السعودية وقطر دورا بارزا في ذلك واستهدفت الانظمة الجمهورية في عملية ربيع الثورات واعلنت السعودية بضم الانظمة الملكية لمجلس التعاون الخليجي واشتركت قطر بطيرانها ضد ليبيا وانكشف ذلك التوجه من قبل المثقفين العرب بشكل مبكر حيث ان عهود الاستغلال والهيمنة التي استمرت لما بعد الحرب العالمية الاولى لا بد ان تنتهي في هذه المرحلة بطرائق جديدة تختلف عن اساليب ما بعد الحرب العالمية الاولى بالاحتلال او بمنتصف القرن الماضي من خلال الانقلابات العسكرية فتكون بحصول هيجان شعبي يطلق عليه ربيع الثورات حيث يستطيع الغرب ان يجيب بأن الشعوب هي التي توجهت نحو التغيير الا ان المسألة السورية فضحت كل شيء لأن القوة التي بدءت التخريب دفع بها من خارج ذلك البلد وان الشعب السوري اظهر حماس منقطع النظير بالدفاع عن وحدة وطنه ارضا وشعبا ولأن الغرب استخدم كافة وسائله وفشل بها وكانت من ضمن تلك الوسائل التدخل العسكري المباشر الا ان موقف الدول المحبة للسلام كروسيا والصين حالت دون ذلك التدخل واوشكت سوريا الان على تصفية عناصر التخريب التي ثبت بأن نسبة كبيرة منها جمعت من شتات الارض ليخربوا ويدمروا اماني وتطلعات ذلك الشعب ولم تعد الشعارات للديمقراطية والحرية تستهوي الاخرين بعد ان عرفت بأنها عبارة عن خداع ومع كل هذا فلا بد ان ندرك بأن الغرب لا يمكن ان يلقي سلاحه بسهولة وانه يسلك طرائق مختلفة ومتعددة وهذا ما اعتادت عليه الشعوب التي ناصبها العداء في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وهكذا فأن ( دهاقنة الغرب) يجربوا مشاريع عدة ويعدلوا من تلك المشاريع لما يوصلهم للهدف الذي يرومون الوصول اليه الا ان ثورات حدثت في القرن الماضي اعطت الدليل على امكانية مواجهة تلك القوى واحتفظت بنظامها السياسي رغم ان البعض منها لا زال يعاني من اوجه كثيرة للحصار والتجسس الغربي وربما اوضح دليل على ذلك هي ثورة الصين والاساليب التي يتبعها الغرب خصوصا في سوريا الان في المحافل الدولية كالجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان الدولي ومجلس الامن هي محاولات للالتفاف بغية فسح المجال للتدخل العسكري المباشر ومع ان الغربيين اللذين يوافقون على وسائل لحل الازمة السورية لم يجدوا حرجا او حياء للرجوع عن تلك الاتفاقات كما حصل ذلك في مؤتمر جنيف والذي تلتزم ببنوده روسيا والسيد الابراهيمي في حين يسلك الغرب بطرائق تشبه مسالك اللصوص متخفين عن انظار الكثير من وسائل الاعلام والرأي العام العالمي وبالتالي فأن المرحلة القادمة وكما تناقلته وسائل الاخبار بأن تلك القوى العدوانية تسعى لتشكيل قوة جديدة وادخالها من خلال الاراضي التركية بغية الحصول لها على موضع قدم في الاراضي السورية الملاصقة لتلك الحدود ليعطي مثل هذا التمني تلك القوى مجالا للتدخل ومثل هذه التصورات في حقيقة الامر مدعاة للسخرية حيث المنطقة العازلة واماكن ما يسمى بالجيش الحر تصطدم كليآ في الموقف الروسي الصيني الذي لم يسمح بأي قرار يتخذ بصدد تلك المسألة الا عن طريق مجلس الامن كما ان الشعب التركي بدء يشعر بمخاطر اللعبة التي يتوجه نحوها ( اوردكان ) خدمة لإسرائيل وطمعا فيما يقدمه الغرب والسعودية وقطر من اموال وقد يصيب نظام اوردكان شيء منها الا ان تركيبة الشعب التركي وعلاقة حكومته بحلف الناتو وتأريخه الحديث لما بعد الحرب العالمية الاولى كل ذلك سيؤدي حتما الى سقوط حكومة اوردكان وملامح ما ذكر بدءت بالأحكام التي صدرت بحق قادة الجيش التركي واستقالة قسم من اولئك القادة حيث ان مضمون الدستور في تركيا والذي صدر عند تولي ( كمال اتاتورك ) الحكم اعطى لذلك الجيش صلاحية مراقبة تنفيذ الدستور من قبل الحكومات المدنية على ان لا يشترك ضباط الجيش في تلك الحكومات وبأن يكون توجه الدولة باتجاه الغرب واشترط ان تتبنى تلك الحكومات نهجا علمانيا في حين ان اوردكان وسياسته الاخيرة خرجت وبشكل واضح على ذلك النهج حيث بدأت بضرب القيادات العسكرية واتجه نحو بلدان الشرق الاوسط الاسيوية مستندا بوسائل طائفية وهو يلعب على وترين حساسين فمن جهة يعمق علاقته بالغرب ويستفيد من علاقة هامة مع اسرائيل وبنفس الوقت يتظاهر بتبنيه أفكارا اخوانية ومثل هذا الطريق يعتبر مخالفا وبشكل صريح لمضمون الدستور التركي النافذ حاليا بالإضافة الى ان سياسته تلك قد تجر تركيا الى الحرب خدمة للمصالح الغربية مما يعرض تركيبة ذلك المجتمع للتفكك وخلال الخمسينات من القرن الماضي وعندما شكل حلف بغداد او ما سمي بالحلف الاسلامي بين كل من ايران وباكستان والعراق وتركيا حيث انضمت تركيا لذلك الحلف في عهد حكومة رئيس الوزراء التركي ( عدنان مندرس ) الذي عزله العسكر واحالوه للقضاء وحكم عليه بالإعدام لمخالفته مضمون ذلك الدستور وتحالفه مع دول اسلامية وقد رأينا كيف ان مجلس النواب التركي خلال عام 1991 لم يوافق على انزال القوات الامريكية في الاراضي التركية لمهاجمة العراق عند احتلال صدام للكويت لأن تركيا الحديثة لم تورط نفسها بأي حرب سيما مع جيرانها منذ الحرب العالمية الاولى ولحد الان وبالتالي فأن كافة المراقبين يؤكدون على ان اوردكان سيصل الى طريق مسدود بحكم كونه لا يستطيع ان يكون رأس حربة لمهاجمة سوريا لتأثير ذلك على وحدة الكيان التركي ولهذا وجدنا عندما طلب منه الرئيس الامريكي ( اوباما ) المباشرة بتأسيس الحكومة الانتقالية في سوريا فأرسل وزير خارجيته ( اوغلوا ) الى شمال العراق لتوريط الاقليم القيام بذلك مما اسقط بيد الغرب وبالتالي فأن النفس الغربي المقيت يتطلب مواجهته بنفس طويل يعتمد خطط عسكرية جديدة والعودة للحياة العامة بعد تصفية سريعة لفلول العصابات التخريبية ورفع مستوى التعامل مع الدول التي تبدي العون لسوريا لا عادة بناء المؤسسات الزراعية والصناعية والاعتماد على قوة متخصصة لحرب العصابات تهيء كليا لمواجهة خطر التخطيط الغربي لأن تجاوز سوريا لمخاطر التدخل الخارجي المباشر قد حصل فعلا وبالتالي فأن الغرب وكما يتضح لدارسي التاريخ الحديث بأساليبه مع خصوم هيمنته كما حصل في جنوب شرق اسيا ويراد تهيئة الوسائل اللازمة باعتماد السبل طويلة الامد سياسيا واقتصاديا وعسكريا ونقلت قناة الحرة يوم 29/9/2012 وعلى ضوء نتائج اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الانسان فيها بأن ( اوردكان ) اظهر خيبة امل كبيرة باتجاه ما حصل في تلك الاجتماعات حيث صرح عاتبا على حلفائه الالمان والفرنسيين لأنهم لم يساعدوه اتجاه هجمات حزب العمال الكردستاني وهذا يعكس النتائج الاخيرة لهجمات ذلك الحزب على القوات التركية في جنوب شرق تركيا واضاف اوردكان في ذلك التصريح قوله ( بأن مجلس الامن سيجبر على الاعتذار في نهاية الامر للسوريين ) ويقصد بذلك سيسحب مساعيه في مسألة التدخل في الشأن السوري وكما نقلت وكالات الانباء بأن تورط اوردكان يبدوا وصل في هذه المسألة الى حالة من اليأس التام كما صرح وزير الدفاع الامريكي بأن تورط امريكا بالحرب ضد سوريا دون موافقة مجلس الامن سيولد نتائج كارثية وهكذا تتضح الامور يومآ بعد يوم لوصول الشعب السوري وجيشه الباسل الى النصر بعد ان ادركت القوى الغربية بأن سوريا عصية جدا وان العصابات التي تمعن قتلا وتخريبا فيها بمجملها هم من عصابات القاعدة الاجانب المرتزقة خصوصا وان الرأي العام العالمي اطلع على مدى بشاعة ما يحصل من قتل وخطف للأطفال والنساء وتدمير بيوت السكن والاسواق وسرقة المحلات وتناقلت الانباء أخيرا بأن ضابط سوري برتبة مقدم من الذين انشقوا من الجيش قد عاد الى صفوف الجيش النظامي ومعه ثلة من الجنود السوريين وتناقلت الانباء أيضا ان اكثر من يحاول ان يجد غطاء للتدخل العسكري في الشأن السوري هو شيخ مشيخة قطر وفسر المراقبين ذلك بأن ذلك الشيخ اخذ يعاني العزلة بعد مواجهته للمندوب الدولي الاخضر الابراهيمي في القاهرة وعدم سماع ذلك المندوب لأقواله التي هي في حقيقة الامر تصدر خدمة لأعداء العرب والانسانية وبالتالي فيرى اولئك المراقبين بأن مثل هذا الالحاح ناجم من الدفع الامريكي الصهيوني حيث لم يرى اولئك المراقبين أي سبب اخر يدفع بتلك المشيخة لهذا الاتجاه ويعتبر المراقبين تشبث شيخ قطر بذلك يأتي أيضا التزاما مقابل من تعهدوا لبقاءه بمشيخة الامارة التي سرقها من والده عنوة وصرح ( اوغلوا) وزير الخارجية التركي يوم 30/9/2012 بأن الاحداث في سوريا اخذت تشكل مخاطر على الامن التركي وربما تؤدي الى حرب اقليمية وكم يقزز النفس اسلوب هؤلاء المنافقين الذين يذرفون دموع التماسيح وهم اللذين ابتدأوا بفتنة تدمير الاخضر واليابس في سوريا فأن من يتحمل نتائج ما حصل ويحصل لسوريا الان هم اوغلوا ورئيس وزراءه اوردكان وشيخ قطر .