عبد الرحمن (باشا) عزام كان الامين العام الاول للجامعة وهو من قدامى المشتغلين بالقضية العربية ، عمل دبلوماسيا في وزارة الخارجية المصرية ابان حكم الملك فؤاد ونجله فاروق الذي طردته ثورة 23 يوليو (تموز) 1952 بعد ان نصبت ولده احمد فؤاد من زوجته الملكة ناريمان ملكا على مصر لفترة قصيرة حتى اعلن قيام الحكم الجمهوري في البلد الشقيق!

*وقيل ان يعين عبد الرحمن عزام وزيرا مفوضا لبلاده في العراق خلال فترة الثلاثينيات كان قد عمل دبلوماسيا لفترة في ليبيا الملكية ومنها انتقل الى بغداد مباشرة وكان (وفديا) معارضا حظي بتأييد العراق يوم كانت سياسة الحكم على غير وفاق مع مصر واجتهد كثيرا في تقريب وجهات النظر بين الحكمين الملكيين في مصر والعراق يوم كان يترأس البعثة الدبلوماسية المصرية في بغداد وعلى هذا الاساس كانت تربطه علاقات صداقة ومودة مع معظم السياسيين العراقيين وبينهم عدد من المعارضين والمستقلين خلال تلك الفترة.
*وعندما اعلن قيام الجامعة العربية سنة 1944 وجرى انتخاب عزام (باشا) كاول امين عام لها ـ وحسب ميثاقها الذي نص على ان يكون من مصر ـ تشكل وفد عراقي رفيع المستوى ترأسه السيد حمدي الباجه جي رئيس الوزراء انذاك وضم في عضويته عددا من الساسة المعروفين بينهم نوري السعيد ، ارشد العمري توفيق السويدي وبعض المستشارين والاختصاصيين للمشاركة في جلسة الافتتاح التي انعقدت تحت شعار (مؤتمر الوحدة العربية) في مدينة الاسكندرية وحظي الوفد العراقي بحفاوة بالغة من الحكومة المصرية التي كان يترأسها النحاس (باشا) القائد الوفدي الكبير ورئيس الحزب في ان واحد.
وتبادل الباجه جي كلمات الترحيب والمجاملة مع النحاس (باشا) في العديد من الحفلات التي اقيمت على شرفه وحضرتها الوفود العربية المشاركة في اول تجمع عربي وحدوي، كما اقام الملك فاروق ولائم فاخرة ترحيبا بالوفود القادمة الى مصر وعلى ذكر الوفد العراقي المحتفى به في القاهرة انذاك لم تنس الفنانة الراحلة ام كلثوم ، وكذلك الموسيقار محمد عبد الوهاب ان يزورا الوفد للترحيب به وتجديد ذكرياتهما عن بغداد التي زاراها قبل تاريخ اول اجتماع للجامعة العربية في القاهرة بسنوات لكن الخلاف العراقي – المصري ما لبث ان تجدد ولاسباب
 عديدة يعرفها كل من عاصر تلك الاحداث.
*وكان هذا الخلاف التقليدي القديم يشتد فترة ويهدأ فترة اخرى حسب تغير الوجوه بتغير الظروف السياسية ولم يكن يتعلق بنوري السعيد او عزام باشا حسب ما اعلنه السعيد الذي لم يفصح كون هذا الخلاف تقليديا) لكن الصور التي نشرتها اجهزة الاعلام واسرار المناقشات التي كانت تدور بين امين عام الجامعة العربية الاول ورئيس وزراء العراق مالبث ان كشفت المزيد من تلك الخلافات التي اشارت اليها الصحافة وكتبت عنها الشيء الكثير انذاك!
*وفي الخمسينيات احيل عزام باشا على التقاعد فحل محله عبد الخالق حسونة وانتدب للعمل في السعودية كمستشار لاحد ملوكها واصدر هناك مذكراته التي جاءت بجزءين روى في الاول منها اسرارا مهمة عن انشاء الجامعة العربية والدورات التي عقدتها والخلاف العراقي – المصري المزمن وانشاء اول جمهورية عربية في طرابلس الغرب قامت عام 1918 وحرب فلسطين الاولى عام 1948 وفي الجزء الثاني منها تناول عزام باشا بالتفصيل صفحات مجهولة من التآمر الذي تعرضت له ثورة مايس 1941 وخلافه مع نوري السعيد.
جريدة الاتحاد كانون الاول 1988