رفع الملامة قبل إنهيار العمامة !

احمد الحاج
عندما يرفع متظاهرون في ذي قار ولأول مرة في العراق على مر تأريخه شعار (( الناصرية مدينة منزوعة العمائم )) سبقها شعار ((بإسم الدين باكونا الحرامية )) فيما يصدح آخرون بـ (( نطالب بتحويل عمائم المسؤولين الى أحذية للحفاة والمحرومين )) ناهيك عن حرق صور معممين وإهانتها هنا وهناك فلابد من الوقوف عند ذلك طويلا ، وعلى أصحاب العمائم أن يعيدوا حساباتهم تماما ..أن يقوموا أداءهم كليا ..أن يجددوا أساليبهم مطلقا ..أن يؤدوا أماناتهم ..أن يزكوا علمهم ..أن يصححوا خطابهم..أن يخفضوا للمؤمنين جناحهم..أن يكفوا عن نبش التأريخ وشتم أعلامه ومصابيح الهدى فيه والا فليأتوا بأفضل مما أتى به السابقون الأولون إن صدقوا وأنى لهم ذلك ، خاب الشاتمون الشامتون غير القادرين على الإتيان بالأفضل ولانصيفه وخسئوا ، وأنوه الى أن العمامة عموما لا يراد بها لفة القماش السوداء أو البيضاء أو الخضراء الموضوعة على رأس رجل الدين المتصدر للفتوى والإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد ، بل الغترة ، الشماغ والعقال ، الفينة ، الطاقية وحتى الرأس الحاسر أيضا مادامه من محاسيب مؤسسة الوعظ والارشاد ، اذ إن المقصود بالعمامة هنا هي المنظومة الدينية ككل ، وأسأل ” لماذا لم يشتم أحد قط عمامة عمر المختار ، عمامة عبد الكريم الخطابي ،عمامة عز الدين القسام ، عمامة أحمد ياسين ، عمامة العز بن عبد السلام ، عمامة عبد الرحمن الكواكبي ، عمامة احمد ديدات ، عمامة الدكتور محمد الغزالي ، ومثلها الآف مؤلفة من عمائم غيرت وجه التأريخ وكان لها بصمات معرفية وعلمية وإجتماعية وإنسانية وخيرية ودعوية لاتحصى أقرَّ بها الأعداء قبل الأصدقاء ؟”.
الجواب لأنها عمائم نظيفة ، نقية ، مخلصة ، ثائرة ، مُصلحة ، واعية ، صادقة ذات وجه واحد غيرمتعدد الأقنعة ، تنتمي الى منظومة لها تأريخ عريق في الدعوة والاصلاح بعيدا عن الضغائن التأريخية ، الأحقاد الشعوبية ، المؤامرات الدولية والاقليمية ، المفاسد السياسية ، المظالم الديكتاتورية ، النفاق الإجتماعي الذي صار سجية على طول الخط يسمى خطأ عند بعضهم ” تقية ” ، المتجنبة للديماغوجية والدوغماتية السوداوية ، المبتعدة عن إشاعة ثقافة الدماغ الخامل ، وتغييب العقل الجمعي الشامل ، وترويج خطاب الخداع الفاشل ، إنتهاج المواعظ الإسطورية للحصول على المغانم والغنائم المليارية ، وبناء عليه أنصح العمائم عموما ، بيضاء كانت أم سوداء ، بالعودة الى منابعها النبوية الصافية ، أدعوها لأن تكون قريبة من نبض الشارع وعلى تماس مباشر مع الفقراء والمسحوقين ،منافحة عن المظلومين ، مدافعة عن المضطهدين ، مواكبة لمجمل الأحداث في كل وقت وحين ، بعيدة عن الفاسدين والمفسدين ، وعليها أن تنأى بنفسها عن قصور الطغاة والمتجبرين ، وتبتعد كل البعد عن خطاب التجهيل والتسطيح واستغفال الملايين للحصول على الملايين ، والخلاصة ” كن عمامة ثائرة ، ولاتكن عمامة خائرة ” ، ” كن عمامة واعية ، ولاتكن عمامة ساهية ” ، ” كن عمامة داعية ولاتكن عمامة لاهية ” ، ” كن عمامة راشدة ولاتكن عمامة خامدة ” ، كن عمامة عالمة ولاتكن عمامة حالمة ” ، ” كن عمامة بالخير مغدقة ولاتكن عمامة بالفساد غارقة مغرقة ” ، ” كن عمامة مبشرة ولا تكن عمامة منفرة “، ” كن عمامة ميسرة ولاتكن عمامة معسرة “، “كن عمامة انسانية مشرقة يحن ويشتاق لحضورها الناس ولاتكن عمامة شيطانية ينفر منها ومن وجودها الناس ” ، ” كن في الخير علامة فارقة ولاتكن نيابة عن الاشرار وسيلة ناطقة ” ، وجماع ذلك كله ” كن عمامة غايتها إيقاظ الناس من غفلتهم ، انتشالهم من كبوتهم ، ان تحي في المتكاسلين همتهم ، في المحبطين صحوتهم ، أن تحرك للساكنين بُركَتهم ، ان تنعش في المنهزمين والمهزومين آمالهم ، ان تكون للمصلحين والصالحين قدوتهم ، كن للجياع طعامهم ، للظمآى ماءهم ، للعراة كسوتهم ، للمشردين مأواهم ،للفقراء جيوبهم ، للمستجيرين جوارهم ، للنازحين خيامهم ، للمظلومين لسانهم ، للخائفين أمانهم ، للفاشلين نجاحهم ،للمتخاصمين صلحهم ، للأميين معلمهم ، للمرضى طبيبهم ، للمسنين حنانهم ، للايتام كافلهم ، للارامل سندهم ، وأعلم رعاك الله إنما أنت وعلى خطى الحبيب الطبيب صلى الله عليه وسلم رحمة للناس كافة لتكون لهم بشيرا ونذيرا ، فأياك اياك ان تكون يوما بخلاف ذلك كله بالفسوق مجاهرا وللشر لسانا ناطقا وسفيرا ” . اودعناكم اغاتي