رسالة مفتوحة من عهد علي …لبان كي مون ,نسخة منه لوزير الخارجية.
الكاتب / ثائر الربيعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقدرات الشعوب وكراماتهم وحرياتهم لا يصنعها أشباه الرجال والأقزام ,بل من يثبتون على المواقف والمبادئ ,متسامين فوق انتماءاتهم ومعتقداتهم ,ما يربطني بكم ليس لأنكم من كوريا الجنوبية ,أو من أي دولة على وجه المعمورة ,هنالك مشتركات كثيرة تجمعني بك وتجمع شعب العراق بشعبكم ,وأهمها مشترك (الناس صنفان:اما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق )قال كوفي عنان :هذه الفقرة يجب أن تعلق في كل المنظمات ،وأن تنشدها البشرية,وبعد فترة أقترح أن تكون هنالك مداولة قانونية حول هذا الكتاب في اللجنة القانونية التابعة للأمم المتحدة وبعد مدارسات طويلة طرح هذا المقترح للترشيح فصوتت الدول على اعتبار أنه مصدر من مصادر التسريع الدولي, سيدي مون هنالك مساحات عديدة للتشارك والتحاور نتقاسمها للعيش معكم ومع العالم الذي نعيش به …هو عيش بسلام ومحبة ووئام,بعيداً عن ثقافة الموت والحقد والكراهية,هنالك مسؤولية أخلاقية وإنسانية قبل أن تكون قانونية في تحملكم الآم ومتاعب الأمم المتحدة ,لديكم عهداً إنسانياً اتخذتموه مع أنفسكم قائمُ عليه آهات الأمهات الثكلى,والأطفال اليتامى,ودموع الآباء,ومستقبل أمم وأفراحهم والأمنيات التي سرقت منهم في وضح النهار جراء حروب وكوارث أقدم عليها من تخلى عن إنسانيته,وأرتضى لنفسه أن يكون عبداً للشيطان,أذكر جيداً أن خليفة المسلمين علي بن أبي طالب (ع) كان همه وشغله الشاغل هو أنصاف المظلومين والمحرومين الذين تتقاذفهم شرور الدنيا الدنيئة,ومتابعته ومراقبته قضايا الأمة بغض النظر عن دين مواطنيه وتوجهاتهم الفكرية,فرحته تكمن بإسعادهم وقضاء حوائجهم,لم يلجأ لسيفه البتار الا بعد أن يستنفذ كل الحجج العقلية والمنطقية مع خصومه الذي حاول معهم مراراً وتكراراً لجلبهم لخط الإصلاح لكنهم رفضوا متمسكين برأيهم ,كان ينيطهم الحرية والأمان الكافي للتعبير عن فكرهم المعارض لدولته ,كان يوصي مالك في عهده : وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم،فإنّ الله سميع دعوة المضطهدين،وهو للظالمين بالمرصاد,وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق،وأعمها في العدل ،سيدي الفاضل بان أن كنت تعلم أو لا تعلم هناك إبادة إنسانية لمجتمع لم يكن طرفاً في أي يوم ما بالنزاعات الدولية ,فرضت عليه الحروب كرهاً ,وآخرها حرباً ضروس مع أقوام ممسوخة أعلنت دولتها بأسم الدين,قتلوا الناس وهجروهم واغتصبوا الأعراض وانتهكوها,تصور سيدي الفاضل أن مثل هذه الأفعال الإجرامية وعمق وحشيتها هي لدولة تسعى لأن تكون حاضرة في صرحكم الإنساني ,وهناك مندوب دائم لها وسطكم يتبادل معكم وجهات النظر ورؤاه الدموية ,وممثل لهم يلقي خطاباً عن السلام وهم لا يعرفون أي شيء عن قيم الإنسانية ,أناشدكم بالعهد الذي أقسمتم عليه ..عهد الأمانة والصدق والإخلاص وأنت تتسنم منصبكم وعليك التزامات وأولها الحفاظ والمحافظة على خط الإنسانية الذي هو ليس ملكاً لأحد,أنقذوا المستضعفين من شرالطغاة والمستبدين أينما كانوا في مشارق الأرض ومغربها ,العراقيين لا يريدون شيء سوى العيش كأحرار في دنياهم ,يؤمنون ببناء دولة ترتكز على القانون والدستور وانتخاب من يجدونه مناسباً مؤتمناً على مقدراتهم ,وليس على سفك الدماء وسبي النساء وبيعهن بسوق النخاسة ,فليخرجوا العراق من حساباتهم الدولية واستخدامه كورقة ضغط لأهداف ورسائل إستراتيجية و أملاءات في المنطقة,هناك من يريد تحقيقها على حساب أرواحنا ومصائرنا,سيدي مون كان ولا يزال وسيبقى علي (ع) فكراً متجدداً تمرد على كل وسائل التعتيم والتكتيم التي فرضت عليه بقوة السلطة ووعاظها المنافقون ,حاكماً عادلاً منصفاً وبشهادة حتى مبغضيه الذي بادلهم بالإحسان رغم أساءتهم له,ولأنه لم يغيب ويقصي ويقتل,تعامل مع الرعية على مسافة واحدة ,لم يفرق بين مسلم ومسيحي ويهودي في رفع الحيث والظلم الذي يحل بهم ,لم يمنع حق أي منهم من بيت المال مادام يؤمن بالالتزام بالحقوق والواجبات التي فرضتها دولته ,يقول الأديب والمفكر الراحل جورج جرداق عنه :هل عرفت في موطن العدالة عظيماً ما كان إلاّ على حقٍّ، ولو تألّب عليه الخلق في أقاليم الأرض جميعاً وما كان عدوّه إلاّ على باطل، ولو ملأ السهل والجبل; لأنّ العدالة فيه ليست مذهباً مكتسباً وإن أصبحت في نهجه مذهباً فيما بعد، وليست خطّةً أوضحتها سياسة الدولة وإن كان هذا الجانب من مفاهيمها لديه، وليست طريقاً يسلكها عن عمد فتُوصله من أهل المجتمع إلى مكان الصدارة وإن هو سلكها فأوصلته إلى قلوب الطيِّبين، بل لأنّها في بنيانه الأخلاقي والأدبي أصل يتّحد بأصول، وطبع لا يمكنه أن يجوز ذاته فيخرج عليها، حتى لَكأنّ هذه العدالة مادةٌ ركّب منها بنيانه الجسماني نفسه في جملة ما ركِّب منه، فإذا هي دم في دمه وروح في روحه؟سيدي مون يكفي أن السلام هو اسم من أسماء الله الحسنى ,( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ)أذكر جيداً وصايا الرسول (ص) لسرايا المسلمين في الحرب(لا تقتلوا صبياً ولا إمراة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة الا لمأكل ولا تٌغرقوا نخلاً ولا تحرقوه )هذه هي أخلاقنا التي نشأنا وتربينا عليها وطريق عنواننا في مسيرة حياتنا ,نحن نفتخر لأن لدينا رسالة حب ومحبة متجذرة في أعماق نفوسنا جاء بهام رسول الرحمة مستكملاً ما جاء قبله من الرسل للمعمورة ,وقول المسيح (ع) :الله محبة، ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله والله فيه, أقول لك الصدق لا يوجد في جلباب سريرتي غير الصدق ولا سواه ليست لدينا مشكلة مع أياً كان هويته ,مشكلتنا مع السلوك الإنساني الذي يسيء أليها,السلوك المترجم لفعل وحشي أجرامي تحولت الحياة بسببه الى دنيا الغابة ,حتى غدا للرأي العام وللمجتمع الدولي أن تغيير النظام الدكتاتوري جاء بوقت غير مناسب ,بسبب انتشار فوضى الإرهاب ,أو لأن القائمين على أدارة الدولة غير قادرين لمسك زمامها ,هذه كله افتراضات واهية غير موجودة من الأساس ,هناك من يدعم هذه الفوضى من وراء الحدود لأسباب عديدة وأهمها الخوف من شبح التغيير أن لا يصل أليه ويؤرق مضجعه,ولحسابات دولية جاءت على رأسنا ,سيدي مسك الختام نحن باقون على عهدنا مع علي عهد الإنسانية وصوت حقها الخالد …عهداً ألزمنا أنفسنا معكم به,لأننا نؤمن قولاً وفعلاً أن ((الناس صنفان:أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ))