يعلم الغرب وأمريكا سيدته أنه لا وجه للمقارنة أو إمكانية لتطبيق الديموقراطية وممارستها فى العالم الثالث مثلما تمارس فى بلادهم المتقدمة معرفياً، العالم الثالث العربى جميع أنظمته السياسية متحالفة مع سيدة الحرية والديموقراطية أمريكا التى تصدر إليهم أفاعيها، لذلك ليس غريباً أن تكون جميع النظم السياسية العربية نظم دكتاتورية ملكية وسلطانية شمولية تخدم المصالح الأمريكية لتضمن بقاءها فى السلطة، وهذا الوضع ليس وليد اليوم بل منذ سنوات عديدة قبل وبعد خروج الإستعمار من البلاد العربية وتأصل أكثر بعد ظهور البترول، خاصةً أن الذهب الأسود لم يقدره الأعراب حق قدره لأن حياتهم وتفكيرهم وثقافتهم البدوية ساعدت الدول الغربية على التدخل فى شئون تلك المجتمعات الصحراوية المتخلفة والتى تعبد ثوابت الحياة من عادات وتقاليد شفاهية موروثة.
 
عندما يطالب تحالف مكافحة الإرهاب دولة دكتاتورية قائمة على الإنقلابات الأميرية بتخطيط أمريكا من خلف الأبواب، بأن تكف عن دعم جماعات الإرهاب فإن قطر الدكتاتورة الصغيرة تشترى سكوت دبلوماسية مختلف الدول الغربية، كما تفعل مع بريطانيا التى تسلح قطر الديكتاتورية بالأسلحة وتبيعها معدات وأسلحة بملايين الجنيهات الاسترلينية، ولا ننسى أكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط موجودة فى قطر وقادة الإمارة الأمورة الدكتاتورة أجادوا لعبة الدبلوماسية الإعلامية التى يمارسها الغرب وأمريكا مع حلفاءه الأستراتيجيين، لذلك فالغرب لا يمكنه أن يعيش فى العالم العربى بدون الدور القطرى، وقطر لا تستطيع العيش بدون الدور الغربى حتى تصل لأهدافها فى عملقة دويلتها وشراء العالم وإداراته السياسية والرياضية لو أمكنها ذلك.
 
إن المسارات المنطقية فى تطبيق أى نظام فكرى وسياسى تعتمد على البناء فالديموقراطية بأعتبارها سلوكيات وممارسات، تحتاج إلى بناء يبدأ بوضع حجر الأساس ألا وهو التربية والتعليم والتثقيف الديموقراطى وسط بيئة تعترف بهذا المنهج أساساً لحياتها السياسية والإجتماعية، وبناء أى دولة على الأسس الديموقراطية عليها تطبيق ما قلته الآن مع الأخذ فى الأعتبار المشاكل الإجتماعية التى تعوق الممارسات التطبيقية لأفكار الديموقراطية، مثل نسبة الأمية والبطالة التى ينبغى العمل على التقليل من نسبتها وتخفيضها فى المجتمع حتى يستطيع أكبر عدد من المواطنين أستيعاب الممارسات والأفكار الديموقراطية، وكل هذا يأخذ قدراً ليس بالقليل من السنوات فالعقول المتخلفة يتم إقناعها من النخب الدينية والثقافية بوجود مؤامرات تحاول ضرب خصوصياتها وإفساد ثقافتها ومجتمعاتها، من هنا نجد ردود الأفعال العنيفة التى تقف عائقاً أمام قبول التغيير والتحول إلى الديموقراطية التى يتم تزييف معناها من النخبة بأعتبارها ضد الدين وخصوصياتهم.
 
لكن ديموقراطية الأفاعى التى تتلاعب بها سيدة الأفاعى أمريكا وحلفاؤها من بلاد الغرب أصابنتا بالصداع من كثرة تناول كلمة الديموقراطية، وما من كاتب أو إعلامى وصحفى وحقوقى إلا ويكتب أو يتكلم عن الديموقراطية، وهناك من يكرر أقوال مراكز الأبحاث والدراسات الأمريكية عن أن دبابات أمريكا حملت الديموقراطية للعراق لكنها فى واقع الأمر فشلت  ونجحت بجدارة فى تحقيق أهدافها، ومن تلك الأهداف الكثيرة تجميد العقل والفكر العربى فى ثلاجة المقدسات الغيبية التى من السهل أن تشغل مفكرى وبسطاء العالم، وتم إستغلالها على المستوى السياسى بصورة واضحة فى حرب أفغانستان ضد الأتحاد السوفيتى، حيث بدأ صعود نجم الجماعات الإسلامية الأصولية المسلحة بتخطيط وتنفيد امريكى غربى، تلك الجماعات التى للأسف حاول بعضها إدعاء إعتدال فكره الدينى ليحصل على ثقة الغربيين والأمريكيين والعرب فى الوقت نفسه، وللأسف نالوا ثقة البلاد الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية وكما يقولون” لغرض فى نفس يعقوب”، فالإدارات السياسية فى أوربا وأمريكا تحركهم مصالحهم وأهدافهم الأستراتيجية بعيدة المدى، وتركوا الجماعات الإسلامية سواء المعتدلة أو المحاربة تتغول فى المجتمعات العربية وتحت أنظار مخابراتهم فى مجتمعاتهم الأوربية.
 
لكن بإرادة الغرب الذى يريد تفكيك المجتمعات العربية أستخدم لعبة جلب الديموقراطية للشعوب العربية، وتم تضخيم ضرورة الديموقراطية لتصبح إفعوان أسطورى تخيف به الأنظمة والشعوب العربية، جعل ذلك الجماعات المعتدلة فى ظاهرها وميليشياتها السرية تتمدد فى المجتمعات العربية لتصل لكراسى الحكم مثل مصر وتونس، وفى العراق وصلت ذروة الفوضى الطائفية إلى تكاثر الجماعات الإسلامية مثل داعش ، بينما ليبيا تغمرها فوضى الحرب والأغتيالات وسرقة البترول والأموال العامة وغيرها، ولم يفكر الغرب فى التدخل حتى الآن رغم علمه بأن التيارات الإسلامية المسلحة هى المسيطرة والمتحكمة فى بترول ليبيا، بل وجدنا أمريكا تحارب النظام المصرى كدولة وتتحالف مع الجماعات الإسلامية المعتدلة فى نظرها التى أستولت على كرسى الحكم بمساعدتها، وعندما رفض الشعب المصرى بإرادته الحرة هذا النظام الإسلامى خرجت إدارة أوباما وحليفتها التيارات الإسلامية الخائنة للوطن تتغنى بلعبة الديموقراطية رغم تفوه أوباما نفسه وبقية مسئولى البيت الأبيض بأن مرسى وجماعته فشلوا فى حكمهم.
 
إذا لماذا كل هذا الصداع عن الديموقراطية والإسلام وهما كلمتان من مخترعات البيت الأبيض الأمريكى لتخريب وتغيير وتعديل الأنظمة الحاكمة العربية وفق مصالحها وهواها السياسى؟
 
 
هل فرق الموت الإنتحارى وهى صناعة أمريكية وبريطانية تخضع لقواعد الديموقراطية الأمريكية أم تخضع لقواعد المخابرات الأمريكية التى تعمل على تخريج المئات وآلاف الأفاعى لتنقض على من يخالف أوامرهم مثل الشعب المصرى وغيرها من شعوب المنطقة؟