فاقت  عمليات الفساد المالي كل توقعات ومايدور من نشاطات ما لا يتحمله العقل السليم , ليس فقط احتلاله جميع ميادين الحياة العامة , بل من خلال ابتكار وسائل المكر والخداع بمنتهى الذكاء بالاساليب المتطورة من النهب والسلب لاموال الدولة اشبه بطرق تستخدمها عصابات المافيا , بسيطرتها على عصب وشريان الحياة , بهذا الشكل سيطرت على مؤسسات الدولة ومرافقها وحولتها الى ملكيتها الخاصة بكل جدارة واقتدار . بينما المواطن يعاني من الظلم والحرمان وقلة الخدمات وانعدام الرعاية الصحية , , وفئات واسعة من عامة الشعب لا يجد قوتها اليومي إلا بالتسول اوتقوم باقتراف اعمال مشينة , وبعضها يبحث في الازبال واماكن القمامة والنفايات عن اللقمة المرة , بهذا المنحدر الخطير من تردي الاوضاع المعيشية , تتصاعد اعمال بارتكاب الجريمة والخطف والسرقة والاحتيال ,. ومن خلال هذه الثغرات تتغلغل عصابات الارهاب وتستغل العوز وضنك الحياة في تجنيد الشباب والشابات , وتحويلهم الى اجساد بشرية ناسفة في الاماكن العامة . وبهذا يقترن ويرتبط بشكل مباشر الارهاب والفساد المالي . بينما النخب السياسية المتنفذة , تتصارع وتتنافس على اقتسام الكعكة والغنائم , ولم تجند طاقاتها وامكانياتها في انقاذ المواطن من هذا الدرك والمأزق الخطير , ولم تحاول ان تتحرى وتتابع وتراقب وتحاسب الفاعلي! ن بن� �اطات الفساد , الذي يجري ضمن شرعية الدولة , من خلال العقود والاتفاقيات على اقامة مشاريع مع شركات ذات السمعة والصيت السيء او ما يعرف بالقائمة السوداء . فقد تتم العقود والاتفاقيات على اقامة مشاريع ضمن تبادل العمولات الرشوة والابتزاز والمحسوبية والاختلاس , وبالتالي تكون هذه المشاريع نقمة على المواطن , ولهذا ليس غريبا ان تتهدم او تتهالك الجسور والمشاريع الاخرى قبل انجازها او اكمالها او قبل ان تسلم الى الدولة وتتحول الطرق المبلطة حديثا في سنتها الاولى الى مطبات وحفر وبرك مائية ومكان تجمع الازبال . لان العقود المبرمة تتم بطريقة غريبة وعجيبة . فحين يوقع العقد مع شركة معينة , فان هذه الشركة صاحبة العقد تبيعه الى مقاول ثانوي وهذا بدوره يبعه الى مقاول ثالث ورابع , والنتيجة يهمل المشروع عدة سنوات , ثم تبدأ عملية اجراءات العقد الجديد , ويبدأ مسلسل المافيوزي من جديد , بهذا الشكل تهدر وتضيع الملايين والمليارات الدولارات لتذهب الى ارصدة افاعي الفساد , الذين حولوا الوزارات الى مرافق حاضنة للفساد , وحتى التعين والتوظيف والتشغيل لا يتم إلا بطريقة الدفع اي الشراء , ويكون راتب الشهري للموظف الجديد او المعين الجديد حسب قيمة الدفع . اما الايفادات الى الخارج والزمالات ودورات الدراسة والبعثات والسلك الدبلوماسي فهي من حصة الاقرباء و�! �لاص� �قاء والموالين , اما المواطن وحتى مهما بلغت درجته العلمية او الاختصاص او الخبرة او الكفاءة فانه يبقى خارج المعادلة منسيا . اما من ناحية المشتريات الدولة المختلفة من اجهزة حديثة اوالادوية او المواد الغذائية او مواد عسكرية او مدنية فحدث ولا حرج , حتى وصل الحال الى البطاقة التموينية التي اختفى معظم مفرداتها , ويكشف عنه مصدر في في وزارة التجارة الصادر في 1 / 11 / 2012 عن بلوغ معدلات الفساد في البطاقة التموينية نحو ( 12,3 ) مليار دينار لعام ( 2012 ) ووصل الحال بالبطاقة التموينية ان تتقلص ويختفي معظم مفرداتها , وبات المواطن في اغلب الاحيان يتسلم مادة الزيت فقط , وبجهود المافيا العراقية ستختقي هذه المادة في القريب العاجل ونقرأ سورة الفاتحة على البطاقة التموينية . وهذا يدل بشكل قاطع بان مؤسسات الدولة ومرافقها يعشعش فيها الفساد بنطاق واسع , وما تقرير المفتش الامريكي العام ( ستيوان بوين ) ليؤكد هذه الحقائق , اذ يكشف في تقريره , بان العراق مليء بالمصاعب التي من مظاهرها انتشار العنف والفساد الرسمي بصورة متصاعدة . وان الفساد الان هو أسوأ من اي وقت مضى . وختم التقرير بان ما يقارب ( 800 ) مليون دولار يغادر العراق اسبوعيا , وان 80% منه يتم عبر وثائق مزورة تخفي الاهداف الحقيقية للتحويل . وتأتي في هذا الصدد التقديرات الاحصائية لهية النزاهة في البرل�! �ان ا لعراقي والتي تشير بان حجم الاموال المهدورة والمنهوبة من جراء عمليات الفساد الاداري في الوزارات العراقية في العامين السابقين بحدود ( 7,5 ) مليار دولار نتيجة عقود مريبة واختلاسات تتم بشكل نطاق واسع … ان على الضمير الحي وشرفاء هذا الوطن المنكوب بافاعي الفساد , ان يستيقظوا على وطن يباح ويباع في المزاد العلني في زمن العهر السياسي والنفاق بالتبجح بالحفاظ على مصالح الوطن والمواطن المقهور والمنسي في المعادلة السياسي ومن قاموس النخب السياسية المتنفذة والتي تعمل الى الوصول الى الدرك الاسفل . لان حيتان الفساد ليس لها مذهب سياسي اوديني سوى مذهب النهب والسلب واللغف وتكبير ارصدتهم المالية في الخارج . ,والمواطن يعيش في حالة جزع وتذمر وغليان شعبي متصاعد باعلى درجة , قديهدد كيان هذه النخب السياسية التي تتحكم في مصير المواطن , اذا استمر هذا الانزلاق بعدم الشعور والاحساس الوطني