حوار… ادراج الرياح

جواد العطار
بعد ايام من انتهاء جولة الحوار العراقي الامريكي الذي تم عبر دائرة تلفزيونية مغلقة وتمخض عنه بيان مشترك للطرفين ، تثار اسئلة عديدة من ضمنها من طلب الحوار اولا؛ ومن حدد موعد الحوار ثانيا؛. وثالثا؛ هل الحوار بين الطرفين على قضايا خلافية ام تطوير للعلاقات الثنائية.
من يقرأ البيان الختامي المشترك الذي تمخض عن جلسة الحوار الاولى المقتضبة يجده عموميا ودون مستوى التوقعات ، وما يمكن ان نسجله عليه ، التالي:
1. ان المحاور العراقي ركز على اتفاقية الاطار الستراتيجي المبرمة عام 2008 اساسا للحوار والمفاوضات القادمة وايده الجانب الامريكي في ذلك ، علما ان هذه الاتفاقية في حكم المنتهية لان الجانب الامريكي تنصل عن التزاماته فيها عام 2014 وترك العراق ساحة لاجتياح عصابات داعش الارهابية دون ان يقدم له اي مساعدة عاجلة ، كما ان الاقتصاد العراقي تداعى في حينها مع انخفاض اسعار النفط وعدم الاستقرار الداخلي ولم يحرك الامريكان ساكنا وفقا للاتفاقية التي لم يجني العراق منها سوى الانسحاب عام 2011 وهذا ما كان يريده الامريكان بالذات.
اذن الاصل في قاعدة التفاوض لم يركز على قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الامريكية والسيادة العراقية ولا الغاء تلك الاتفاقية والبناء على اتفاق جديد يؤطر العلاقة غير المتوازنة بين البلدين مستقبلا.
2. ان وقت المفاوضات جاء على وفق ما اراد الجانب الامريكي والغريب ان تحدد جلسة الحوار المباشر القادمة في تموز المقبل في العاصمة الامريكية واشنطن وفق ما جاء في خاتمة البيان المشترك نقلا عن جريدة الصباح ، وهذا خلاف المنطق لان المفروض ان تكون جلسة التحاور المباشرة القادمة في العراق وبمشاركة اممية لضمانات اكثر مع طرف ممكن ان يتنصل من اي اتفاق وفقا لمصالحه في العراق والمنطقة.
3. ركز الجانب العراقي على سحب القوات الامريكية من العراق ، بينما اكد الامريكان على تقليل عديد قواتهم مستقبلا… وهذا مخالف لقرار البرلمان العراقي باخراج كافة القوات الاجنبية ، وكان يفترض بالمفاوض العراقي ان يضمن هذه الفقرة في البيان الختامي حتى يضمن قبولا لها في المفاوضات المباشرة.
4. ركز الجانب الامريكي على دعم حكومة الكاظمي وبرنامجها الداخلي مع ذكر الفقرات ومن بينها اجراء انتخابات نزيهة وضمنت في البيان الختامي… وهذا تدخل سافر في الشؤون الداخلية كان يفترض ان لا يضمن في البيان الختامي لأنه يمس جوهر السيادة العراقية وادارة الشؤون الداخلية.
ختاما ، نجح الامريكان في جلسة الحوار الاولي في التوقيت والموعد والاهداف والحصول على مكاسب عديدة من بينها ما ذكرناه اعلاه ، بينما راوح المفاوض العراقي في دائرة اتفاقية الاطار الاستراتيجي ولم يجني شيئا من حواره الاول الذي كنا نأمل ان يتضمن مزايا امريكية للعراق للحفاظ على سيادته ومساعدته في ازمته الاقتصادية ومكافحة فايروس كورونا التي ضيقت كثيرا على المواطن … لكن كل ذلك لم يحدث وذهب ادراج الرياح.