من أجمل الأمثال الدارجة عراقيا وربما في بقية الدول العربية والتي تعبر بدقة عن هوية معظم حكام هذه المنطقة من العالم على مختلف مستوياتهم التنفيذية والتشريعية والقضائية، خاصة وان معظمهم أعضاء في نادي افشل عشر دول في العالم، الذي صنفته مؤسسة الشفافية الدولية ومنظمات مراقبة عالمية أخرى. “حاميها حراميها” مثل متداول بين معظم شرائح المجتمعات العراقية والعربية وهو الأكثر شفافية،

وربما الأكثر دقة في التعبير عن نبض الشارع وعن رأي وتقييم الأهالي لحكامهم على مختلف مستويات الحكم والإدارة، ليس هنا في العراق فحسب بل في كل دول العالم الثالث وفي مقدمتهم دولنا الشرق أوسطية والإسلامية عموما،

وهو لا يعبر بالضرورة عن الحالة الآن، بل يمتد في تعبيره وتوصيفه للحكام ( حاميها ) لسنوات طويلة من تاريخ شعوب هذه المنطقة وأنظمتها السياسية، والدليل ما نشهده اليوم كناتج لعشرات السنين من إدارة هذه الأنظمة، فبينما تحولت الصين وكوريا واليابان إلى عمالقة الصناعة والتجارة والحداثة والتطور، تدهورت معظم دولنا ولم تتقدم إلا أمتار بائسة إلى الأمام! في الأسابيع الأخيرة ( طافت الخوقة ) كما يقول الدارج الموصلي والذي يعني بان الفضيحة بانت وانكشفت، فقد اندفع عدة مئات من المواطنين المخلصين إلى الساحات العامة للتظاهر ضد المفسدين،

 

وسرعان ما استدركت مؤسسات الفساد في البلاد، خاصة تلك التي تنضوي تحت قبة البرلمان والحكومة، وأرسلت آلاف من أعضائها المستفيدين للمشاركة في التظاهر، بل أنها اغتالت مع سبق الإصرار والترصد واحدة من وسائل التعبير عن الرأي في التظاهر والاعتصام، واخترقت مباني البرلمان والحكومة تحت مسميات وشعارات لا تختلف عن تلك التي رفعها البعثيون أمام وزارة الدفاع العراقية صبيحة إسقاط عبد الكريم قاسم،

وذلك لتشويه ما كانت تريده الأهالي في الضغط على الحكومة والبرلمان لإحداث تغييرات جدية في العملية السياسية والبدء بإصلاحات حقيقية لمكافحة الفساد، ولتحويل وسيلة راقية من وسائل التعبير عن الرأي والاحتجاج إلى ما تكلس في ذاكرة العراقيين أيام الانسحاب من الكويت وانتفاضة الأهالي، ونجاح نظام صدام حسين بدس المئات من عناصر الأجهزة الخاصة لتقوم بعمليات السلب والنهب والحرق والتخريب لتشويه انتفاضة الناس ضد نظام حكمه، كما فعلت تنظيماته وقيادات حزبه وعناصر أجهزته الخاصة بعمليات الحواسم التي نقلتها كاميرات الإعلام العالمي لتشويه واحدة من أهم عمليات التغيير العالمية لأنظمة الحكم الدكتاتورية، طبعا بمساعدة أغبياء في العسكريتارية الأمريكية. اليوم تتكرر ذات السلوكيات في سرقة دور الأهالي في الانتفاض أو الاعتراض ويتحول السراق والحرامية إلى منتفضين ومعارضين يتم توجيههم من أحزاب حكمت البلاد منذ 2005 وأوصلتها اليوم إلى افشل دول العالم سياسيا واقتصاديا، وأثبتت أنها لا تمتلك رجال دولة بل رجال سلطة وسراق مال عام، والدليل مقارنة بسيطة مع ما ورد للعراق من أموال منذ 2005 ولحد يوما هذا والتي تقدر بأكثر من ألف مليار دولار، مع ما تم انجازه خلال هذه السنوات، سندرك هول الفاجعة بل الكارثة التي أحدثتها طبقة الحكم في هذه البلاد. إن الشق اكبر بكثير من الرقع البالية التي يقدمها خياطو المنطقة الخضراء، لسبب بسيط وهو إن حاميها هو ذاته حراميها!