أسئلة راودت صاحبها منذ 3 سنوات، لم يشأ التطرق إليها، والجهر بها إلى أن أخرجها الذي رأته وسمعته.

 

1.    هل نصوم يوم عاشوراء ونحتفل به، لأن الله أنقض سيدنا موسى عليه السلام، أم لأن الله أغرق فرعون؟.

2.    افترض لو نجا فرعون وسيدنا موسى عليه السلام معا، هل نصوم اليوم ونحتفل به؟.

3.    افترض لو غرقا الاثنين معا، هل نصوم يوم عاشوراء ونحتفل به؟.

 

المقصود من طرح الأسئلة هو تقديم الاحتفال بالفرح على الاحتفال بالحزن، حينما تستدعي الضرورة ذلك. فالمسلم لايهمه غرق فرعون أو نجاته، بقدر مايهمه نجاة سيدنا موسى عليه السلام، والأمثلة الثلاثة التي تبدو متناقضة لأول قراءة، ربما تشرح ذلك.

 

 

1)   تعوّد المسلمون أن يحتفلوا بغزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، وفتح القسطنطينية، ومعركة الزلاقة، ومعركة عين جالوت، بالإضافة إلى الاحتفالات بالأيام الوطنية العربية، كأول نوفمبر 1954، ويوم العبور 1973، وأيام أخر، لأنها تذكّر بماض ناصع، ورجال قلّ نظيرهم، وتضحيات نادرة، وتغرس في الحيّ مايستلهم من ماضيه ليثبت حاضره ومستقبله.

 

2)   ودائما في نفس السياق، تجد المسلم لايحتفل بغزوة أحد، رغم أنها كانت بقيادة سيد البشر صلى الله عليهم وسلم، والدارس لها يمكنه أن يستخرج منها معاني كُثر، لاتقل أهمية عن تلك التي احتفل بها، والسبب في ذلك أنه مازال ينظر إلى غزوة أحد على أنها “هزيمة!” حلّت بالمسلمين يومها، ولايمكن الاحتفال بالهزيمة وتحويلها إلى عيد، وإن كان الوقوف عندها واستنطاقها واستخراج مايمكن استخراجه لمحو آثارها وتحويلها إلى نصر، مرغوب ومطلوب لدى المجتمع كله.

 

 

3)   القارئ مرتين لكتاب “مالك بن نبي في ذاكرة عبد السلام الهراس”، للأستاذ محمد البنعيادي، دار الشاطبية، الجزائر، الطبعة الثانية، 1433هـ – 2012، من 53 صفحة، يقف بإعجاب وهو يطالع أول سطر من الحوار من صفحة 13،العبارة التالية: ” إحياء لمئوية مالك بن نبي (1905 -2005)، يسعدني أن أستضيفكم في حوار طالما طلب مني كثير من الإخوة أن أجريه معكم لتجربتكم الثرية في مجال الدعوة الإسلامية عموما وفي تجربتكم مع مالك بن نبي خصوصا”.

 

فالكتاب أُلف بمناسبة مرور قرن من الزمن على ولادة المفكر مالك بن نبي رحمة الله عليه، ومن هنا كانت عظمة الكتاب وصاحب الحوار والمحاور، بينما في الجزائر حيث ولد المفكر ومات، يحتفل بيوم وفاته 31 أكتوبر 1973، والأمة التي تحتفل بوفاة رموزها، يموت رمزها بين يديها، ويعيش من جديد عند الآخر الذي أحياه بالاحتفال بيوم ولادته.

 

إن يوم عاشوراء، هو يوم فرح بنعمة النجاة، والنعمة تستقبل بالصيام والتصدق والزكاة، والترفع عن ضغائن الدهر، وأحقاد الزمن، وحقن الدماء، لذلك كانت عيدا لأولنا وآخرنا.