قل عن ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ما شئت فلن يعارضك في شأنه أحد، وستجد  من يقدم لك بدل النقد الواحد العشرات. لكن على المتتبع أن يستحضر الآن قبل الغد أن ترامب يحترم القضاء ويقدّر القاضي.

المرأة القاضية تعلق قرار ترامب بشأن منع الصوماليين، والسودانيين، والليبيين، واليمنيين، والسوريين، والعراقيين، والإيرانيين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية. وفي نفس الأسبوع قاضي أمريكي يعلق قرار ترامب  بشأن منع رعايا الدول الإسلامية السبع من دخول أراضي الولايات المتحدة  الأمريكية.

وما كان من ترامب إلا أن رفع الأمر للقضاء ليطعن في قرار القضاة وينتظر نتيجة الطعن شأنه في ذلك شأن عامة الناس، ويبقى القضاء فوق الحاكم والمحكوم  لا يمكن أن  يمر ملف أو  دعوى إلا عبره  وبواسطته. ولم يكن بوسع ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن يتخذ من الوسائط الإعلامية وسيلة ليعبّر عن رفضه، لكنه في إطار شخصي كغيره من المواطنين الأمريكيين الذين  يعبّرون عن آرائهم  الشخصية عبر وسائط الإعلام الحديثة.

والنقطة الثانية في الموضوع ليس هو التباكي على قرار ترامب، فذاك شأنه الداخلي يدخل من يشاء ويمنع من يشاء، لذلك لم ولن أطالب ترامب بالرجوع عن قراره، لكن يظل صاحب الأسطر يطالب الدول العربية بالمعاملة بالمثل، فرعاة البقر يكنون كل  الاحترام لمن يعاملهم بالمثل ويفضلونهم على من يتودد إليهم ويرجو عفوهم وغفرانهم.

وما يجب التركيز عليه في  مثل هذا المقام، أن العرب هم الذين رفضوا دخول إخوانهم  من العرب لأراضيهم بحجج واهية ، وسلطوا  عليهم سوط عذاب، وأغلقوا في وجوههم المعابر والمطارات وأذاقوهم الذل والهوان، وما كان من ترامب  إلا أن  قلد العرب في إهانة العرب ومنعهم من دخول أراضيهم. فاللوم يقع أولا على العرب الذين سنوا سنة إهانة الإخوة والجيران قبل أن يقع اللوم على الأمريكي.

وما حزّ في النفس أن بعض العرب فرحوا لمنع ترامب من دخول إخواننا العرب الصوماليين، والسودانيين، والليبيين، واليمنيين، والسوريين، والعراقيين، وطالبوا بتشديد العقوبة عليهم، وراحوا يفتخرون بكون راعي البقر استثناهم من المنع ونالوا رضاه وعفوه وتلك مصيبة فاقت مصيبة الحظر. ويكفي أني أقرأ الآن مقال يتحدث فيه صاحبه أن بعض الأمريكيين طالبوا ترامب أن يوسع قرار منع المهاجرين إلى دول عربية أخرى ىسبق لها أن افتخرت بكون المنع لم يشملها من قبل.

وكجزائري لست مشغولا بعدم إدراج الجزائر ضمن قائمة المنع ولا أفتخر بالقرار الأمريكي، بل مشغول الآن بما أصاب رعايا الدول الإسلامية التي مسّها المنع وفرّق بين المرء وزوجه، والأم وابنها، والأخ وأخيه، وشتّت عائلات وأحباب وأصحاب.

ويمكن في الأخير الإشارة إلى بعض الملاحظات التي استرعت الانتباه وتتعلق بالموضوع، وهي.. قبل أن تتهم الغريب عليك بالأخ الظالم فإن ظلمه لأخيه مكّن الغريب، والغربي يردعه الذي يعامله بالمثل ويخشاه في السر والعلن. وترامب يريد  المال ويحترم الذي  يحمي  نفسه  بنفسه.