تجربة …

كنا مجموعة صديقات من بيئات وأديان وطوائف مختلفة وكانت لنا وجهات نظر متباينة في شتى القضايا التي تحيط بنا من كل حدب وصوب ، وهكذا كان حالنا أين ماحلننا وارتحلنا، لكن الأهم هو أن حوارنا كان حضاريا وأخويا وإنسانيا قوامه إحترام الرأي والرأي الآخر من غير فرض ارادات ولا اقصاء ولا تهميش ، كانت حواراتنا بمثابة نقطة وصل بين قلوبنا جميعا ، فعندما يثار جدال بيننا كنا نقف جميعا لنناقش الموضوع بروح رياضية ونتجاذب أطراف الحديث فيما بيننا بكل ود وإحترام .
ذات يوم راودتني فكرة ما أحببت أن أختبر من خلالها الجميع وذلك بعد لحظة شرود كنت غارقة فيها بالتفكير بعد ما مر أمامي مباشرة شخص أكرهه ، ليمر بعدها بثوان معدودة شخص أحبه كثيرا.وسألت نفس سؤالا حائرا ترى “كيف اصبحت نظرة المجتمع بمرور الوقت تتقبل الكره بكل تلكم الروح الرياضية ، فيما وعند الحب يرفع في وجوهنا الف لافتة تحذير من مغبة ولوجه والوقوع في حبائله ، هنا قررت أن اختبر الجميع
وعند جلوسنا في احدى الحدائق وقفت امام الجميع وقلت بصوت عال” كم انا أكره فلانا ” وراقبت ردات افعالهن بتمعن فلم تعلو الدهشة وجه اي منهن ، بعضهن وافقنني في ما ذهبت اليه ، وبعضهن لم يكترثن البتة وكن منشغلات بهواتفن النقالة ليس الا ، بينما كانت احداهن تطيل النظر بفنجان قهوتها وكأن شيئا لم يكن ، وكأنني لم انطق حرفا ولم اتفوه بكلمة واحدة قط !!
كان الكره شعور عابر مألوف مرعلى مسامع الجميع من دون أن يلتفت اليه أحد ,
وكأن الناس قد ألفته وإعتادته ، وبعد ماخضنا في نقاشات متعددة قررت متابعة اختباري وعند حلول الصمت قلت اتعلمون يا صديقاتي وبنفس النبرة وبصوت عال ” انا أحب فلانا ” وأخذت أرقب ردات الفعل الارتدادية واذا بها تفوق كل التوقعات ، واذا بالاصوات تتعالى ، واذا بالهواتف تركن جانبا ، فناجين القهوة والكتب لم تعد شغلهن الشاغل على غير العادة ، الكل صار يتسابق للادلاء بدلوه وشد الانتباه اليه وإسماع الاخرين رأيه ، ولا أخفيكم سرا لقد لمحت نظرات الشفقة في عيون بعضهن ، منهن من اعترضت، ومنهن من كانت راغبة برسم خطط لتفادي كسر قلبي وكأنها نهاية محتومة ، ومنهن من نصحتني بالاستسلام للحب حتى قبل أن يبدأ !
كنت متوقعة جدا ردات الفعل تلك ومع ذلك فقد اعترتني الدهشة لما سمعت .
حينها سألت نفسي ” هل الحب والكره شعور ينبع من نفس المكان وهو القلب..أم لا ؟
وما دام ديننا هو دين الحب ونبذ الكرة اذ لم يرد اي نص صحيح يحرم فيه الحب ابدا بل على العكس فقد رسم الدين لنا مسارا صحيحا لسلامة قلوبنا فعلينا ان نحب ولانكره ..حقا إن الأحداث والفتن والمتلاحقة تقلب الأدوار والامور رأسا على عقب لتجعل الناس تستهجن الحب في وقت بات فيه الكره طبيعا ويجب التعامل معها بتجاهل ليس الا !
كل الاديان هي دين حب وتسامح فإجعلوا من قلوبكم مدن حب ليعم السلام ويزدهر المجتمع ….
ذكرى البياتي