بعد اغتيال محسن فخري زاده
ذيول ايران في انتظار غودو

علي الكاش

هل تتذكروا ما قاله وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو حول ضرب مفاعل تموز النووي في ‏العراق” لقد زودت ايران اسرئيل بالعديد من الصور الجوية للمفاعل النووي العراقي، فدمرت اسرائيل ‏بدورها هذا المفاعل، كان الأمر أقرب الى كونه تعاونا اسرائيليا ايرانيا”.‏
توزعت ردود الفعل الإيرانية بعد إغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في خمس اتجاهات ‏متعارضة:‏

اولا: موقف مجلس شورى الدولة ومرشد الثورة
صرح رئيس مجلس الشورى الايراني (محمد باقر قاليباف ) بقوله” اللعب من جانب واحد قد انتهى”. ‏وقال مستشار المرشد الايراني لشئون الدفاع (حسين دهقان)” إن رد ايران سيكون ذكيا”، ويبدو ان ‏هناك رد فعل ذكي، وآخر غبي! اعطى مجلس تشخيص النظام مهلة للغرب مدتها شهرين لرفع جميع ‏العقوبات الامريكية على النظام، وبخلف ذلك سيطبقوا قرار البرلمان. الأمر الغريب ان الخامنئي في ‏لقاءه مع الكاظمي قال له ان الجنرال سليماني كان ضيفكم واغتيل في بلادكم، مطالبا برد من قبل ‏الحكومة العراقي عبر طرد القوات الامريكية، نقول للخامنئي وهذا عالمكم النووي اغتيل على أرضكم، ‏فأين ردٌكم؟ ربما أعجب الخامنئي بالمصطلح الجديد لذيوله في لبنان (الصبر الإستراتيجي للنظام ‏الايراني) ووجده البلسم لجرحه.‏

ثانيا: موقف رئيس الحكومة روحاني
قال الرئيس روحاني ” الشعب الإيراني ومسؤولوه أشجع من عدم الرد على اغتيال الشهيد فخري زادة، ‏الجهات المسؤولة سترد في الوقت المناسب على الإغتيال”. موقف حكومة روحاني قال روحاني في ‏مكالمة له مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان في3/12/2020 ” سننتقم في الوقت المناسب، نحن ‏نعرف الذين ارتكبوا عملية الإغتيال، والطريقة التي استخدموها”. واشارت الحكومة انها غير معنية ‏بقرار البرلمان، لأن الأمر يخص السلطة التنفيذية ومجلس الأمن القومي، وليس البرلمان.‏
وبعد اتهام السعودية ودول التطبيع جاء تصريح جديد لروحاني ما بعد ترامب” ان ايران مستعدة للتعامل ‏مع جميع جيرانها الخليجيين”.‏

ثالثا: موقف البرلمان الايراني
صرح مسؤول في البرلمان: بأكثرية مريحة صادق البرلمان الايراني على مشروع يطالب بوقف العمل ‏بالبروتوكول الإضافي، ورفع نسبة التخصيب الى 20% على الفور”. لكن حكومة روحاني رفضت ‏المشروع لأنه ” لا يصب في مصالح البلد العليا”. لأن مثل هذا المشروع سيجعل ايران تتعرض الى ‏المزيد من العقوبات الاقتصادية. الحقيقة ان موقف روحاتي يأتي ضمن سياق توزيع الأدوار، وهي لعبة ‏يجيدها النظام.‏

رابعا: الحرس الثوري الايراني
قال (حسين سلامي) قائد الحرس الثوري الايراني” ان اغتيال فخري زاده تم بتخطيط وتوجيه من ‏اسرائيل، وان الإنتقام لمقتله بات على جدول أعمال الحرس”. في حين نفى المتحدث الرسمي بإسم ‏الحرس الثوري الإيراني (رمضان شريف) ما ذكرته وسائل اعلام ايرانية “عن تغريدة للقائد العام ‏للحرس الثوري حسين سلامي، بالإنتقام والعقاب الشديد لمن قتل العالم النووي محسن فخري زاده على ‏جدول اعمال الحرس”. وأشاد البعض بما يسمى (الصبر الإستراتيجي) للنظام الايراني.‏
خامسا: تصريحات ذيول ايران
قال محلل سياسي لبناني. إذا اعترفت اسرائيل بالمسؤولية عن هذه الجريمة، والرئيس الامريكي ترامب ‏أيضا، وإذا ثبت وبدلائل محددة وواضحة ان اسرائيل تقف وراء هذا الجريمة، فأنه من المؤكد فأنها ‏ستجد ردا من ايران”. الغريب في أمر هذا المصدر انه سرب معلومة خطيرة الى اسرائيل وهي ان لا ‏تعترف بأنها المسؤولة عن الإغتيال حتى تتجنب ردة فعل ايرانية. وعدم اعتراف اسرائيل سيبرر لنظام ‏الملالي السكوت عن الموضوع؟ كما انه تناسى اعتراف روحاني بأن اسرائيل تقف وراء عملية ‏الأغتيال.‏
وقال دبلوماسي ايراني ” ان اسرائيل تريد ان تثبت للمطبعين الجدد انها تستطيع ان تشفي صدورهم، ‏ويشفي غلهم من ايران”. ولكن قبل التطبيع مع اسرائيل تم إغتيال (4) علماء ذرة ايرانيين! فما علاقة ‏التطبيع بالإغتيال؟
لكن الطف تعليق ايراني كان” ان ايران لن تقع في فخ ينصب لها”، يقصد الرد على اسرائيل سيكون ‏فخا لجرٌها الى حرب. بعدها ثم تضاربت مصادر أخرى حملت السعودية والامارات ومجاهدي خلق ‏المسؤولية. وقال ذيل سوري” ان اسرائيل ليست لديها جهوزية للحرب”! ‏
اذن اليست هذه افضل فرصة لأيران ومحور المقاومة للرد على اسرائيل لعدم وجود جهوزية للقوات ‏البرية والجوية الاسرائيلية.‏
قال محللان لبنانيان من جماعة حزب الله” في مناسبة وفي وقت، يكون ان شاء الله قرب يريد، ان كنتم ‏تعلمون فهم يعلمون، ويرجون من الله ما لا يرجعون”. ورد آخر” كان الرد الايراني ساحقا من قبل ‏الإيرانيين، فهناك قرار من البرلمان، يلزم الحكومة على رفع منسوب تخصيب اليورانيوم الى 20%”. ‏وشاطره معمم من حزب الله ” هذا هو الرد الحاسم والجاسم”. وقال آخر ان ايران لن تستدرج الى ‏مواجهة مباشرة”، وأشاد ذيل آخر” بالصبر والحكمة لدى القيادة الايرانية ومحور امقاومة”. وهناك من ‏اعتبر ان عملية الإغتيال هي من نتاج الحلف الاسرائيلي الامريكي السعودي الجديد. وقال ذيل آخر” ‏نحن نتربص بكم ان يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بإيدينا فتربصوا، إنا معكم متربصون، هذا هو ‏القرار الإلهي الذي تسير عليه الجمهورية الاسلامية ومحورها”.مضيفا: ايران ليست ضعيفة، بل قوية ‏جدا، ولو كانت ايران ضعيفة أمنيا، لكنا شهدنا اكثر من ذلك بكثير”. هذا المحلل لا يعترف بالخلل ‏الأمني الذي صاحب عملية الإغتيال، متناسبا ان (4) علماء ذرة ايرانيين تم اغتيالهم قبل هذا العملية. ‏وتناسى سرقة الأرشيف النووي، واغتيال المقبور سليماني، والرجل الثاني في تنظيم القاعدة ابو محمد ‏المصري، وتفجير منشأة طنز النووية وغيره من الخروقات الأمنية.‏
وقال ذيل آخر” ان عملية الإنتقام الايراني قد بدأت” لكن كيف؟ وقال آخر” ان اسرائيل والولايات ‏المتحدة تتلقى ضربات في اليمن، اللجان الشعبية في اليمن يستهدفون مواقع حساسة في السعودية، ‏وتسائل بغباء يستحق التقدير: اليس هذا رد؟”. هذا المحلل غرب عن باله ان نظام الملالي يزعم ان لا ‏علاقة له بحرب الحوثيين، ولا يزودهم بالسلاح، وهذه قضية داخلية تخص اليمنيين، أي هم ليسوا ‏بذراع ايراني ولا ينفذوا أجندته، فوقع في فخ نصبه لنفسه. وقال آخر” طلب البرلمان من الحكومة ‏الايرانية الموافقة على الطلب لمضاعفة ميزانية مركز الأبحاث والتطوير في وزارة الدفاع الايرانية، ‏كردٌ أولي على عملية إغتيال فخري زادة”. رد مثير جدا.‏
تضارب حول طريقة الاغتيال
ما يجب الإنتباه له ان التصريحات الرسمية الايرانية تضاربت حول طريقة اغتيال زادة، وهذا عهدنا ‏بهم، فالبعض ذكر انها ضربة عن بعد، وآخر قال كان الاغتيال عن قرب بإطلاق رصاصات أصابته ‏ثلاثة منها، بعد مقاومة من قبل حراسه الشخصيين، واخرى عبر توجيه الكتروني، وأكدت وكالة فارس ‏القريبة من الحرس الثوري، ان الإغتيال تم برشاش اوتوماتيك، يتم التحكم به عن بعد بالأقمار الصناعية ‏او الريمونت كونترول. وقال (فريدون عباسي) عضو البرلمان الايراني والرئيس السابق لهيئة الطاقة ‏الذرية الايرانية ” ان فخري زادة عاد من شمال ايران الى طهران بسيارة مصفحة مع حراسه ‏الشخصيين، وعلى أطراف ايران وتعرضت العجلة الى ثلاث اطلاقات نارية، فتوقف السيارة لإستطلاع ‏الوضع، وتم اطلاق النار عليهم من قبل رشاش يتحكم بها عن بعد كان مثبتا على سيارة، وليس بواسطة ‏مجموعة من المنفذين كما اعلن سابقا، واصيب زادة بثلاث رصاصات اثنين في الكتف وواحدة في ‏الظهر، وفجرت السيارة التي تحمل الرشاش عن بعد ايضا”. بمعنى انه لا علاقة لمجاهدي خلق ‏وانصارها او اية منظمة ايرانية معارضة في عملية الاغتيال. وقال نائب القائد العام للحرس الثوري ‏الإيراني ( العميد علي فدوي) إن العالم النووي، محسن فخري زاده ” لقي حتفه بواسطة رشاش باستخدام ‏الذكاء الاصطناعي، وذلك وفق تصريح أدلى به لوكالة أنباء محلية بتأريخ 6/12/2020. ‏
بالطبع الغرض من هذه التصريحات، هو عدم الإعتراف بوجود خرق أمني كبير، يفضح النظام أمام ‏شعبه، وذيوله في الخارج، فإيران اليوم في موقف لا تحسد عليه، سيما ان إغتيال قائد كبير في الحرس ‏الثوري الايراني على الحدود العراقية السورية تزامن مع اغتيال زادة. والدليل على ذلك.‏
أولا: انكرا ولدا محسن فخري زادة في لقاء تلفازي في 5/12/2020 نظرية الرمي عن بعد وبوسطة ‏الأقمار الصناعية.‏
ثانيا: كانت زوجة محسن فخري زادة، تجلس بجنبه في السيارة خلال عملية الإغتيال ولم تصب ‏برصاصة، وكانت على بعد (25) سم عن زوجته، مما يدل على ان الرمي كان بواسطة أشخاص، ‏تجنبوا إصابة زوجته، ولو كان على بعد فلا يمكن للزوجة أن تنجو. واكد ابنائه ان عملية الإغتيال كانت ‏اشبه بساحة حرب. لكن من هم أطراف الحرب؟ لذلك لا صحه لما قاله علي فدوي، علما ان حراس ‏العالم النووي كانوا(11) شخصا.‏
مما يدل على الخرق الأمني الكبير، ان زاده تلقى تحذيرات من فريق أمنه الشخصي من مغبة السفر ‏لحضور اجتماع خاص، لكنه أصر على الذهاب.‏
اما حزب الله اللبناني وذيله العراقي فقد اكدوا ادانتهم للعمل الذي وصفوه بالإرهابي، لكن لا رد ولا تهديد ‏لاسرائيل ولا غيره. الأطرف منه ان تحالف الفتح في العراق لا يرى بأسا من الرد الأيراني على ان لا ‏تشتعل المنطقة!‏
اما موقف الرئيس الامريكي الجديد بايدن، فقد ذكر ” يصعب القول الى أي مدى سيعقد اغتيال فخري ‏زاده التعامل مع ايران”. بمعنى اية ردة فعل طائشة من ايران، ستزيد من تصلب الرئيس الجديد ‏اتجاهها. ومن الجدير بالتنوية ان قيام مصادر امريكية بتسريب معلومات لإيران بأن اسرائيل هي التي ‏تقف وراء اغتيال زاده، ربما القصد منها، حثها على القيام بعمل عسكري ضد اسرائيل، فتوفر بذلك ‏الغطاء لترامب لتوجيه ضربة عسكرية قاصمة.‏
هل انتهت الرواية الايرانية عند هذا الحد؟
كلا بالطبع، فالنظام لديه دائما اسطوانات جديدة نب منها اسماعنا، في 11/12/3020 قلب مستشار ‏رئيس البرلمان الايراني (حسين امير عبد اللهيان) ـ حسب بيان ومن وكالة انباء الطلبة الايرانية ـ ظهر ‏المجن عن التصريحات السابقة بقوله” جرى إعتقال بعض المشاركين بإغتيال العالم النووي في البلاد ‏الشهر الماضي”، فأين الرشاش الآلي. واين الرمي عن بعد بواسطة الأقمار الصناعية؟ بالطبع هناك ‏المزيد من الاسطوانات المقبلة.‏
علي الكاش