انتهاك الدستور والمراهنة على الوقت

ادهم ابراهيم

الكل يعلم بان الطغمة الحاكمة في العراق لصوص باعوا ضميرهم للاجنبي الامريكي ثم الايراني وقد جئ بهم لا لسرقة اموال الشعب فقط، لان هذه كانت مكافأة لهم على مهمتهم الاساسية،  وهي تخريب العراق فكريا وماديا من خلال احلال مفاهيم طائفية محل المفاهيم الوطنية العراقية، ومن ثم تخريب البنية الصناعية والزراعية وتخريب التعليم الاساسي والعالي.  وجعل العراق مجرد دولة فاشلة مصدرة للنفط. 

ولكن شباب العراق ادركوا هذه الحقيقة عندما انتفضوا مطالبين بوطن،  حيث ان وطنهم قد اغتصب من ايران بمساعدة من يدعون انهم اهل الدار زيفا ،لتخريب هذا البلد العظيم بشعبه وتاريخه المجيد .  ومازال اتباع ايران في العراق المسيطرين على دفةالحكم مصرين على تقديم نماذج هزيلة على شاكلتهم من اشباه الرجال لادارة الدولة 

ان الاحزاب العميلة المتمسكة بالبدعة المسماة الكتلة الاكبر مازالت مصرة على ترشيح رئيس وزراء ترضى عنه ايران،  متجاهلين المطالب الشعبية في اختيار شخصية عراقية من خارج المنظومة الحاكمة الفاسدة ،  لفترة حكم انتقالية.  الا ان الاحزاب الحاكمة وكثير من اعضاء البرلمان الذين جاءوا بالانتخابات المزورة لايريدون المغادرة، وهم متمتعين بمكاسب السلطة ووجاهتها، وهم خدم رعاع اغلبهم من الاميين الجهلة او حاصلين على شهادات مزورة، ولذلك نراهم مصرين على اساليب القمع الوحشي تجاه انتفاضة العراق، بالقتل المباشر في ساحات التظاهر او باختطاف الناشطات والناشطين. او اغتيالهم امام مرأى ومسمع قوى الامن الداخلي . وهكذا تم انقلاب

 الميليشيات على سلطة الدولة التي اضعفها عادل عبد المهدي  خلال فترة حكمه القصيرة،  استجابة لاوامر الولي الفقيه  

ان ساسة العراق قد استخدموا الدستور على وفق مصالحهم ، وليس كنظام حكم واجب التنفيذ ، فحلت التوافقات والولاءات والاملاءات الخارجية، محل احكام الدستور حتى اصبح العراق اوهى من بيت العنكبوت، وكثير من الساسة يتحدثون عن السيادة ، والعراق منتهك السيادة منذ الاحتلال الامريكي ثم الاحتلال الايراني ، وحتى تركيا دخلت واستقرت في مناطق عديدة من كوردستان العراق فعن اي سيادة يتحدثون ، وهم يراعون مصالح الغير على حساب مصالح الشعب الذي ثار في وجههم من اجل اعادة العراق الى سكة الدول المتحضرة

وهنا اخذت الاحزاب والتيارات الحاكمة تراهن 

 على الوقت في محاولة لاطالة امد حكمهم وهم  لايريدون الاعتراف بالهزيمة،  وماتخبطهم في تسمية رئيس وزراء كل يوم الا مظهرا واضحا لهذا التخبط والانقسام، 

ان الانتفاضة التشرينية قد اعطت بعض النتائج  الواضحة ، لعل اهمها ان حقبة الاسلامويين في العراق قد انتهت ، واي محاولة يائسة من اي تيار او حركة اسلاموية لإثبات حضورها ماهي الا صحوة موت ولذلك تسعى بكل الوسائل والسبل لاسكات صوت الشعب دون جدوى  

الاحزاب العميلة في مأزق الان وهي تحاول تقديم تنازلات لم ترق الى مستوى الطموح . ثم اخذوا يزايدون على الثوار بدعوى اخراج القوات الامريكية في مناورة رخيصة ، وهم يعلمون جيدا ان الامريكان سادتهم ، وهذه المسرحيات تتكرر كلما شعروا باهتزاز كراسيهم 

 وقد خرجت احزاب السلطة بمظاهرة بائسة باوامر ايرانية واضحة ، شارك فيها ميليشياتهم ، او ماسمي بالطرف الثالث الذي ساهم بقتل الثوار ،  كان الهدف منها ضرب الانتفاضة الشعبية ، فانتصر الثوار مرة أخرى على محاولتهم البائسة هذه 

كما انسحب بعض افراد كتلة داعمة للانتفاضة بهدف اضعافها ، ولكن جموع طلابية متعلمة وراقية قد التحقت فورا بها ، ولم نشهد اي انحسار في مد الجموع الثائرة ، ثم صدرت انذارات من قيادة معروفة تطالب بعدم توسيع الانتفاضة في محاولة اخيرة للقضاء عليها دون جدوى . كما جاء رد ابطال الناصرية على حرق خيمهم ببناء خيم اسمنتية ثابتة . .  بمثل هذا الاصرار يواجه الشباب مخططات اضعاف الانتفاضة ياسادة العمالة وخدم الاجنبي

 اننا لانريد فتح جبهة جديدة مع ناس بسطاء مخدوعين بقيادة دينية اضاعت بوصلتها ، ويتبعونها دون وعي بخطورة هذه المرحلة ، وقد حاولوا القضاء على تجمعات الثوار في ساحة التحرير ، ولكن الثورة ستبقى مستمرة طالما بقي السراق وعملاء الاجنبي على سدة الحكم 

إن ما يجري اليوم في بلاد الرافدين العظيمة هو نهضة حضارية على شكل انتفاضة شعبية للتخلص من حكام واحزاب جهلة ، واعداد مشروع لحكم مدني قادر على البناء وصيانة ارث هذا الشعب المبجل 

ان هذا الوضع المتأزم من الصراع الحضاري الذي استقام أمامنا اليوم على شكل انتفاضة جماهيرية ، قد افرز خندقين لاثالث لهما ، احدهما وطني مخلص لارض وشعب العراق ، وآخر يخدم مخططات اجنبية توسعية ، وهو لا يرتضي تموقعا لأي كان خارج هذين الخندقين 

 ان انتفاضة تشرين  العظيمة قد اثبتت ان العراق بحاجة إلى ثورة بنيوية عميقة، ثورة ثقافية وفكرية واجتماعية قادرة على انهاض البلد من كبوته واعادة بناء الدولة المدنية الحديثة

ان القوى السياسية الحاكمة في العراق قد ادركت ان  مساحة المناورة بدأت تضيق عليها . وان زج قوى الامن وميليشيا الاحزاب العميلة لقمع الانتفاضة لم يعد يجد ، والوقت بدأ ينفد خصوصا وان رئيس الجمهورية مصر على عدم ترشيح اي شخصية محل خلاف او لاتوافق عليه تنسيقيات الانتفاضة .  وباتت الاحزاب الحاكمة تشهد عزلة تامة  نتيجة رفض الجماهير  لوجودها 

وحتى المرجعية الدينية قد ضاقت ذرعا بهم . فاعلنت في يوم الجمعة 24 من الشهر الماضي ان المماطلة والتسويف ادى الى عدم الاستقرار الامني والسياسي 

ان النشطاء يعملون بذكاء ، والشعب قد تخطى حاجز الخوف ، وهم مصرين على تنفيذ مطاليبهم كاملة ، وكلما طال الزمن على الانتفاضة الباسلة كلما قوي عودها ، وازداد الشعب وعيا ، وقد انضم اليها كثير من القطاعات الطلابية والمهنية . وان الوقت الذي كانت تراهن عليه السلطة لم يعد في صالحها ، وسيحقق الثوار اهدافهم ولو بعد حين 

ادهم ابراهيم