في مقال سابق، قلت أن المقاومة الناجحة والمنتصرة حتماً، في حال تمكنها من جعل عدوها مصدر أساسي لرفدها بالسلاح والعتاد والتموين والعنصر البشري المدرب على القتال، قلت هذا عندما كانت الثورة السورية المباركة تفتقر للسلاح والعتاد والتدريب والقمة الخبز، الحمد لله ثم الحمد لله الذي مكن المقاومة السورية وثبت أقدامها على الأيمان في الأرض بالوقت الذي باتت فيه تغتنم ما يلزمها من سلاح وعتاد ومستلزمات أخرى من مخزون السلطة التي يقودها عميل إيران المجرم بشار الأسد عدو الله وعدو الشعب السوري، ربما كلكم ترون كما أنا قلاع وحصون جيش بشار الأسد ومؤسسات وركائزها وهي تتهاوى أما صولات الثوار المهللين والمكبرين بحناجر مليئة بالأيمان ( يا محلى النصر بعون الله )

أن ثوار سوريا الأشاوس باتوا محط أعجاب كل الخبراء والمحللين العسكريين العقلانيين في هذا العالم لما يتحلون فيه من شجاعة وأمانة منقطعة النظير وتحليهم بالصبر والانضباط والقدرة العالية على التخطيط والتنفيذ لدرجة باتت فيه غير مسبوقة في تأريخ حركات التحرر التي سبق وأن مارست خيار الكفاح المسلح على مستوى العالم، نحنُ درسنا وتعلمنا في أكاديميات عسكرية مرموقة كل أشكال التكتيك وفنون القتال وفق متطلبات وسياقات المعركة الحديثة، رغم قناعتي بأن العقائد القتالية الشرقية والغربية وأن اختلفت يكون شكل الاختلاف فيها لا يتماس مع جوهر المعطيات الأساسية المؤثرة على سياقات أدارة المعركة الحديثة إلا في الشكل والرتوش لذا لا بد من ذكر بند خلافي ما بين العقيدة القتالية الشرقية والغربية، الروس يمارسون الهجوم من خلال تنفيذ المهمة الأولية ويليها تنفيذ المهمة اللاحقة ثم تنفيذ الهجوم اللاحق، الأمريكان ينفذون المهمة الأولية والمهمة اللاحقة في هجوم واحد ومن بعد ذلك ينفذون اتجاه الهجوم الاحق، أن المتعارف علية في كل الجيوش الكلاسيكية في حال الأعداد لخوض معركة هجومية لا بد وأن تكون القوة المعدة للهجوم تتفوق على القوة المدافعة بثلاثة أضعاف من حيث القوام والوسائل، لكن في حالات كثيرة يمكن أن تشرع بتنفيذ الهجوم ضد عدو متمركز خلف دفاعاته بقوام واحد لواحد في حال كان لدى المهاجم قدرات نارية كبيرة تكون قادرة على تدمير النظام الدفاع لقوات الخصم، هذه القاعدة قد لا تجد مسوقاً لها في تكتيك حرب العصابات، أن من بين المبادئ العسكرية الأساسية لرجال حرب العصابات:

بأصغر عدد من المقاتلين هاجم أكبر تجمعات عدوك.

بأكبر عدد متفوق من قواتك هاجم أصغر تجمعات عدوك.

أن عسكر عدوك عليك الشروع بالهجوم وحرمانه من الراحة.

أن تقدم العدو عليك بالتراجع وأن تراجع عليك بالتقدم

أن ثوار سوريا قد اشتقوا تكتيكات خاصة بهم تتناسب مع طبيعة الواقع الجغرافي والميداني المعاش، كثيراً ما نرى ثوار سوريا الأشاوس يمارسون تكتيكات قتالية مختلفة ومن بين تلك التكتيكات:

تكتيك الاغارة والكمين:

أن ثوار سوريا باتوا يمارسون تكتيك الإغارة والكمين على أوسع نطاق، أن هذا التكتيك لتكتيك قتالي مرن ينفذ من قبل مجموعات قتالية قليلة العدد تعتمد في اداء المهام الموكله اليها على خلق عامل المفاجئة في صفوف العدو من أجل ايقاع أكبر الخسائر الجسام في صفوف قوات العدو الثابتة والمتحرك( الكمين: قوة الكمين هي من يحدد المكان المواتي لحدوث المعركة ولعدو من يحدد زمانها، الاغارة: العدو من يحدد المكان والمهاجم هو من يحدد الزمان، ان تكتيك الاغارة والكمين يعتبر من بين أكثر الأعمال القتالية التي باتت تؤرق الجيش العلوي السوري وقوات المرتزقة المتجحفلة معهُ، لما لهُ من تأثير كبير وفاعل في استنزاف قوات الأسد في الأرواح والمعدات واغتنام الأسرى والمعدات والوثائق.

تكتيك قتال المدن:

أن ثوار سوريا جلهم من الشباب المدربين جيدا تتجلى فيهم قدرات عالية على ممارسة تكتيك القتال في المناطق المبنية، أن تكتيك القتال في المناطق المبنية لتكتيك معقد للغاية، أن طبيعة تضاريس المدن وعقدها وضيق المساحات في داخلها يمكن تصنيفها بالمناطق المواتية لصالح من يدافع عنها وتعتبر عقدة عقيمة في وجه القوات المهاجمة لها، أن الجيوش النظامية تعتمد في أدارة معاركها على كثافة نيران الصنوف المشتركة في خدمة المعركة البرية، هنا ارى أن تلك النيران ليس لها ذلك التأثير الكبير والحاسم على الجسم المدافع عن المدن لأنه يصعب على المهاجم من تحديد مواقع سلاح ونقاط تمركز المدافعين عن المدن، أن المناطق المبنية باتت تشكل سواتر للمدفعين عنها من مخاطر نيران العدو ذات المسار شبة المستقيم بل وتؤمن تحرك مستور لمقاتلين المدن، وبنفس الوقت تمنع العدو المهاجم من فتح التشكيل لجسم قواته، لستُ بصدد سبر خصائص المدن في مقالي هذا ربما سأكتب عنها موضوع خاص.

تكتيك الحواجز الطيارة:

أن الغالبية من جسم الثورة السورية المقاتل هم جنود وصف ضباط وضباط سوريين كانوا ينتمون للمؤسسات النظام كافة ( الجيش بكل الصنوف والفرع والأذرع، بكل فروع الأجهزة الأمنية العسكرية والمدنية، من رتبة مجند لرتبة لواء، من هنا نجد أن الثوار قادرين على الحركة داخل صفوف عدوهم من خلال لباس وسلاح ووثائق وثبوتيات أجهزة النظام السوري العلوي، هذا ما يمكنهم من نصب الحواجز الطيارة بسهولة ويسر، او تنفيذ عمليات خاصة ذات بعد نوعي.

تكتيك التطويق والإبادة:

أن تكتيك التطويق والإبادة ضد مواقع جيش بشار الأسد، يتم من خلال أسلوب حصار المواقع والمعسكرات، أجد أن غالبية معسكرات وألوية وأفواج النخبة من جيش بشار الأسد قد تم حصارها واقتحامها والسيطرة عليها من قبل الثوار بقوام ووسائل لا تتجاوز حجم سرية واحدة ينقصها التدريب والسلاح الفاعل، إلا هذا يعني أن ثوار سوريا باتوا يقولون لجنرالات العالم (يلزمكم الاستفادة من تجاربنا لتصحيح نظرياتكم)

من الريف نحرر المدن:

أن لكل ثورة شعبية خصوصيتها التي تطفوا عليها طابعاً مميزاً ومن بين أبرز مميزات الثورة السورية يكمن في صياغتها لإستراتيجية كاملة المعالم وواضحة البيانات لتحرير كامل التراب السوري من دنس وأدران النظام الطائفي العلوي البغيض، تكمن في تحرير الريف السوري وبعد ذلك يتم من الريف تطويق وحصار المدن كما هو حاصل الآن، هذا التكتيك كان من أبرز سمات التكتيك الصيني المتبع أبان الثورة الصينية التي حررت الصين من قوات الاحتلال الياباني وقوات الكمنتانك المحلية العميلة.

أن ثوار سوريا البواسل تمكنوا من ايقاد نار الثورة الوطنية المسلحة على كامل البر السوري دفعة واحدة هذا يكون تكتيك جديد وغير مسبوق قد أذهل وأربك القوات العلوية الطائفية، في الريف والجبال والساحل والمدن في كل مكان تجد بنادق الثوار تطرز برصاصاتها الليل السوري الأسود الثقيل من أجل ارهاق جيش الأسد وتشتيت قواه والنيل من معنوياته لأكبر حد ممكن ، هذا ما نراه بالفعل، حيث باتت عشرات كتائب المدفعية وراجمات الصواريخ وألوية المشاة وكتائب الدفاع الجوي ومعسكرات ومدارس التدريب والمطارات الحربية والمدنية ومقرات الأجهزة الأمنية وحواجز الطرق الثابتة، تلك الوحدات والمقرات تعيش الآن في حالة من الحصار الشديد من قبل الثوار ضمن سياسة تقطيع الأوصال وقتل معنوياتهم لدرجة غير مسبوقة، لا يكاد أن يمر يوم إلا ونرى الثوار يسيطرون على وحدة من بين تلك الوحدات العسكرية المحاصرة، أن الثوار قد ابلقوا كل تلك المواقع العسكرية المحاصرة في حال أن تم استسلام عناصرها وضباطها من دون قتال سيتم ضمان أرواحهم وكرامتهم من قبل الثوار.

أن تحرير المواقع العسكرية الأسديه المطوقة من قبل قوات الثورة الوطنية السورية، أن ذلك يساعد على خلق ظروف جداً مواتية لتحرير الريف السوري على قاعدة مواصلة الزحف البري الكبير صوب العاصمة السورية دمشق لخوض شرف معركة تحرير دمشق الأسيرة.

الثوار والغنائم المكتسبة:

أن كل ثورات العالم تكون قد انطلقت من حيث القوام والوسائل من حالة تتراوح مع مصاف درجة الصفر قياساً بما يمتلك عدوها من قدرات وخبرات شتى، المثل التركي يقول: من خلال المسير يمكن أن تستكمل القافلة تجهيزاتها، بعبارة أخرى كحال كرة الثلج  تبدأ من قطرة متحرجة لتصل في نهاية المطاف لكرة كبيرة وصلبة، من هنا نرى أن هذا ينطبق على واقع حال الثورة السورية العملاقة كحال طفلاً رضياً زحف وحبا ووقف شامخا كالعملاق ينتزع من عدوة السلاح والعتاد وخبزه اليومي، أن المقاومة السورية قد أتخمت بالسلاح والعتاد المغتنم، الى جانب هذا أقول أن جيش الأسد وباقي مؤسسات الدولة باتت ومن دون منازع تشكل المصدر الأساسي لمجمل احتياجات الثورة السورية وفي مقدمة ذلك العنصر البشر المدرب على ممارسة القتال:أن من بين ما تم اغتنامه من قبل الثوار لحد الآن يمثل في الأتي:

عدد كبير من العتاد الخفيف والمتوسط والثقيل من طلقة المسدس للصاروخ، لذا بات يصعب على من يحصيه من خلال رقم.

أسلحة خفيفة بالكم الكبير جدا من المسدس لرشاش ب ك س عيار 7/62×54       

كم كبير من القاذفات المضادة للدبابات ( أ ر ب ج 7 ومدافع ب 9 وب 10 وصواريخ مولتكا ومقنبلات.

رشاشات متوسطة وثقيلة من رشاش الدوشكا مروراً برشاشات14:5  ورشاشات 23 ملم و37 ملم و 57 ملم و 100 ملم جلها للقتال البري والجوي والدفاع الساحلي.

كم كبير من مدافع الهاون من عيار 60 ملم 82 ملم 120 ملم 160 ملم والبعض من مدفعية الهاون المحلزن ذات المقذوفات الصاروخية.

ما يقارب من 100 دبابة و330 عربة مدرعة جميعها من اصناف مختلفة ومن بينها عدد من دبابات الشيلكا م/ط.

عدد قليل من السلاح الصاروخي النوعي بشقية المضاد للطائرات والدبابات، مثل صواريخ  AT-14 المضادة للدبابات وأستريلا واحد المضاد للطائرات.

مدفعية ميدان من عيار 122 ملم وما فوق وراجمات صواريخ، بأعداد غير هينة.

هنالك أشياء كثيرة من التجهيزات والعتاد التغني القادر على تجهيز جيش بحجم الجيش اللبناني.                                                                                                              

ثوار سوريا يزاوجون ما بين التكتيك المرن والشجاعة المفرطة في عملياتهم القتالية:

أن كثافة النيران والسرعة في التقدم والثبات في الموقف، تعتبر أحد أبرز التكتيكات المتبعة من قبل ثوار سوريا أثناء الشروع باقتحام الأهداف المعادية المحصنة، أني أتخذ من هجوم الثوار على مدرسة المشاة في حلب قبل أيام كنموذج يجعلنا على بينة من قدرات جيش الأسد وقدرات ثوار سوريا على المنازلة في ميادين المعارك، أن مدرسة المشاة السورية الواقعة في شمال مدينة حلب، من حيث المساحة بإمكانها أن تتسع لفرقتين مدرعتين ولواء ميكانيكي بكل أريحية، أن مدرسة المشاة السورية تعتبر من بين أكثر سكنات الجيش السوري من حيث التحصين وخطوطها الدفاعية المعدة مسبقاً من أسوار وأسلاك شائكة وخنادق وخطوط مواصلات تحت الأرض ونظام دفاعي ناري محكم في تقاطعاته، في نفس الوقت تم دعم مدرسة المشاة السورية بسلاح عضوي يتكون من الأتي:

فصيلة بنادق قنص

سرية دبابات (ت 72)

فصيلة شيلكا.

بطارية مدفعية هاون 120ملم

بطارية هاون 160 ملم.

بطارية هاون 82 ملم.

سرية عربات مدرعة.

أسناد عن بعد من قبل بطاريات المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ

أن جميع هذه القوى المشار اليها اعلاه قد وضعت كسلاح عضوي في أمرة اللواء قائد مدرسة المشاة، على العموم يكون بمقدور مرتب مدرسة المشاة من الصمود لمدة شهرين من القتال الضاري والمتواصل في وجه عدو مهاجم لدية تفوق في القوام والوسائل.

تكتيك السيطرة على مدرسة المشاة السورية:

العقيد الركن يوسف الجادر أبو فرات قائد لواء التوحيد يحرر مدرسة المشاة بقوام 150 مقاتل نصفهم من أشباه المتدربين.

عندما نتحدث عن مدرسة المشاة السورية هذا الحصن المعقد من خلال الأسلاك الشائكة والأسوار والدشم والخنادق وخطوط الاتصال والحفر الفردية وخطة النيران الدفاعية وتقاطعاتها المحكمة بل تعتبر مدينة عسكرية من حيث كثرت البيوت والتعرجات والعوائق في داخلها، داخل هذه القلعة يتمركز جسم عسكري كبير من رجال الأمن والشبيحة ومرتب المدرسة والملحقين بها، داخل أسوار مدرسة المشاة يتم قتل المخطوفين واغتصاب النساء وتوزيع المسروقات وكل ما يندي الية الجبين.

أن تحرير مدرسة المشاة كانت بمثابة لوي أذرع مابين أرادة الثوار وجيش الأجرام العلوي، عندما نتذكر تحرير مدرسة المشاة وتصفية كل من تطاول من خلالها على جماهير الشعب السوري لا بد أن نترحم بخشوع على روح العقيد الركن يوسف الجادر أبو فرات قائد لواء التوحيد، لقد تمكن العقيد يوسف أبو فرات من تحقيق المعجزة التامة بكل تجلياتها عندما قام باقتحام مدرسة المشاة بقوة مهاجمة من مرتب لواء التوحيد لا يتجاوز تعددها الـ 150 مقاتل، أن القوة المهاجمة لا يمكنها في كل المقاييس من احتلال موقع لفصيلة مشاة تعيش في حالة من الدفاع المسبق، كان لدى العقيد يوسف 140 بندقية خفيفة و عشرة قاذفات بـ 7

أن احتلال مدرسة المشاة السورية ذات التعداد البشري والتسليح الهائل وما لديها من نظام دفاعي حصين، من قبل سرية مشاة بسلاحها الخفيف ونصف مرتبها من المدنيين المدربين بشكل اولي على فنون القتال أنها تعتبر معجزة حقه في ميدان المعارك وحساباتها بكل المقايس، بحسابات أولية على الصعيد البشري كانت قوة الهجوم تمثل واحد لكل 15 مدافع وعلى صعيد قوة وفاعلية السلاح كانت قوة المهاجم من حيث قوة وكثافة وفاعلية النيران تمثل واحد امام 1000 لصالح المدافع، فقط كانت القوة المهاجمة تتفوق على المدافعين بنقطتين وهما الشجاعة والمعنويات.

أن العقيد الشهيد يوسف ابو فرات قد أستشهد في أخرى مبنى من مباني مدرسة المشاة وهو يتقدم الصفوف والمباني والمواقع تتهاوى أمامه وهوة يقول لجنوده بصوت جهوري اتبعوني يا شباب، كانت أخر كلمات أبو فرات لإخوانه الثوار، بعد ما نالت من جسده رصاصات الغدر العلوي البغيض، اوصيكم بإخوانكم الأسرى خيراً، وأوصيكم في مواصلة الثورة حتى تحرير كامل تراب الوطن من رجس النظام العلوي اللعين.

أبا فرات لك الرحمة.

أبا فرات …. كم أنت متعالي في تواضعك.