المسؤولية الاجتماعية للأفراد تجاه المجتمع

– عناصرها . .
– مظاهرها . .
– كيفية تنميتها . .
– دور الممارسة العامة في تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية . .

للدكتور / نبيل أحمد الأمير

تولّدت لدينا فكرة الإهتمام بمسؤولية الفرد الإجتماعية تجاه مدينته ومجتمعه ووطنه ، بسبب وجودنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ، وبالتحديد في دبي ، المدينة العربية التي لاتنتمي للعرب (الفوضويين بأطباعهم) ، في شيئ سوى بإسمها وموقعها ، فهي مدينة الحلم لمجتمع نموذجي ، وقصة نجاح لقائد أحب شعبه ، رغم تحفّظي على بعض المظاهر فيها .

ففي دبي نرى المسؤولية المجتمعية تتجسد في اعمق أشكالها وأبسط تطبيقاتها بالشارع ، والبيت ، والمؤسسة الحكومية وغير الحكومية ، بالتعامل الفردي والحكومي بتطبيق القانون الذي لا يُميّز بين المواطن والمقيم ، بالشكل الذي يُجبرك أن تكون جزءاً من هذه المنظومة المسؤولة على المدينة والمجتمع رغم تعدد هوياته وإنتمائاته .

إن المسؤولية الاجتماعية هي إحدى القنوات التي تدعم المصلحة العامة للمجتمع والوطن ، وهذا سر قوتها كعنصر أساسي مطلوب لتمتين روابط العلاقات الانسانية .

فالتوحّد مع الجماعة يدفع الفرد الى بذل جهده من أجل إعلاء مكانتها ، والوطنية من أوضح نماذج هذا التوحد .

إن كل إنسان يجب ان يكون مسؤول إجتماعياً، والمسؤولية الإجتماعية جزء من المسؤولية بصفة عامّة ، فالفرد مسؤول عن نفسه وعن الجماعة ، والجماعة مسؤولة عن نفسها وأهدافها وعن أعضائها كأفراد في جميع الأمور والأحوال ، والمسؤولية الإجتماعية ضرورية للمصلحة العامة ، وفي ضوئها تتحقق الوحدة وتماسك الجماعة وينعم المجتمع بسلامٍ أشمل وأعمق .

فالمسؤولية تفرض التعاون والإلتزام والتضامن والإحترام والحب والديمقراطية في المعاملة والمشاركة الجادّة التي هي صلة الرحم بين الأفراد في المجتمع الواحد ، ثم إن الشعور بالمسؤولية الإجتماعية شعور نبيل ، معه نتجاوز الشكليات لنصل الى قدسية الواجب .

ومن أسمى واجباتنا كأفراد أن نتعاطى مع ذاتنا ومع الآخرين ومع مجتمعنا بروح مسؤولة ، فمثل هذا التعاطي يمدّ جسوراً متينة بيننا وبين المجتمع الذي ننتمي إليه ونحمل هويته … والإحساس بالمسؤولية يصقله الشعور بالواجب ويؤدي الى الإلتزام بأمانة وموضوعية بالمعايير الإنسانية التي تقود بدورها الى إيجابية التعايش والتواصل ، والإجتهاد للتغلّب على مصادر الشقاق والتعصّب والعصبية والتطرّف ، وهي عوامل لا تُمهّد إلا الى شلل المجتمع وإحداث شرخ عميق في شكله وعلى كافة المستويات وفي كافة المجالات التي تنهض به .

* عناصر المسؤولية الإجتماعية . .
تتكوّن المسؤولية الإجتماعية من عناصر مترابطة ينمّي كل منها الآخر ويرتبط به ، ويدعمه ويقوّيه ويتكامل معه ، وهذه العناصر هي :
– الإهتمام .
– الفهم .
– المشاركة .

* الإهتمام . .
ويتضمن الإرتباط العاطفي بالجماعة وحرص الفرد على سلامتها وتماسكها واستمرارها وتحقيق أهدافها .

وللإهتمام مستويات منها :
– الإنفعال مع الجماعة ، حيث يساير الفرد وبصورة آلية حالتها الإنفعالية لمجرّد أنه يعتبر نفسه في قلب المسؤولية فيتعاون ويتفاعل بحماس تلقائياً مع الجماعة ويرى أن مسايرته لها موضوعية ومنطقية .

– الإنفعال بالجماعة ، يحدث بصورة إرادية حيث يأتي تضامنه مع الجماعة بناء على قناعة ذاتية منه ، فيجعل أهدافها محور إهتماماته ويتفاعل معها بصدق وشفافية .

– التوحّد مع الجماعة ، هو شعور الفرد بالوحدة المصيرية معها ، والتأثر بها لدرجة أنه يرى في خَيْرها خَيْره ، وكأنها امتداد لنفسه ، يسعى من أجل مصلحتها ويبذل كل جهده من أجل إعلاء مكانتها ، ويشعر بالفوز إن فازت أو بالأمن كلما خيّم عليها الأمن ، والوطنية هي من أوضح نماذج التوحّد مع المجتمع .

ويندرج الإنتماء المتعقل في مستويات الاهتمام أيضاً، حيث تملأ الجماعة عقل الفرد ووجدانه وتصبح موضوع اهتمامه وتأمله ، ويلتقي معها في تقارب فكري ، ويغامر في سبيل الدفاع عن طموحاتها وأهدافها ، وفي ذلك أحد أبعاد القوة لضمان التماسك والتكافل الجماعي .

* الفهم . .
ويتضمن فهم الفرد للجماعة والقوى النفسية المؤثرة في أعضائها، وفهمه لدوافع السلوك الذي ينتهجه خدمة لأهدافها ، وأيضاً استيعابه للأسباب التي جعلته يتبنّى مواقفها .

إن الفهم الصحيح يدعم مشاركة الفرد في القيام بمسؤولياته وهو أيضاً يشترط الإلتزام بأخلاقيات المجتمع ومسايرة المعايير والإهتمامات الإجتماعية ومقاومة الضغوط وتنسيق الجهد الشخصي التعاوني ، كما يشمل التقارب الفكري والمساهمة في المناقشة المتعقّلة وتحديد النقاط التي يجب اعتمادها للوصول الى الغاية التي تخدم المصلحة العامة .

إن التعاطي العقلاني يجعلنا نواجه الأزمات مواجهة مسؤولة ، وحين يكون استعدادنا لتحمل المسؤولية الإجتماعية معتمداً على القوى الذاتية (العقل والعاطفة والتكامل النفسي) ، يعطي ثماره الجيّدة .

والفهم يعني إدراك الفرد للظروف المحيطة بالجماعة ، ماضيها وحاضرها وقيمها واتجاهاتها ، والأدوار المختلفة فيها ، كما يقتضي تقدير المصلحة العامة والدفاع عن الوطن والعمل على رفعته وازدهاره .

* المشاركة . .
المشاركة مسؤولية ، وهي الأرضية الأساسية لحياة إجتماعية مشرقة مستقرة ، حيث تُظهر المشاركة قدر الفرد وقدرته على القيام بواجباته وتحمّل مسؤولياته بضمير حي وروحية صافية ، وإرادة ثابتة ، والمقصود هنا مشاركة الفرد في أعمال تُساعد في تحقيق الهدف الإجتماعي حين يكون مؤهلاً إجتماعياً لذلك ، ولها ثلاثة جوانب :

أولها – التقبل ، أي تقبّل الفرد للدور أو الأدوار الإجتماعية التي يقوم بها والملائمة له في إطار ممارسة سليمة .

ثانيها – التنفيذ ، حيث ينفذ الفرد العمل وينجزه باهتمام وحرص ليحصل على النتيجة التي ترضيه وترضي الآخرين وتخدم الهدف .

ثالثها – التقييم ، حيث يقيّم كل فرد عمله وفقاً لمعايير المصلحة العامة والأخلاق .

وتلعب الثقافة دوراً في مجال المشاركة الإجتماعية ، فالثقافة هي همزة الوصل بين الفرد والواقع الإجتماعي الذي يعيش فيه ، منها نتعلّم أصول العلاقات الإنسانية ونستدلّ على سبل التعايش الإنساني والإجتماعي السليم .

* مظاهر المسؤولية الإجتماعية . .
مظاهر المسؤولية كثيرة ، منها :
– المسؤولية الشخصية والإجتماعية عن الوالدين والأبناء وذوي القربى واليتامى، والمسنين الذين يعيشون معاناة سن الشيخوخة واحتياجاته الصحية والنفسية .

– المسؤولية المهنية ، وتتضمن الإخلاص في العمل وإنجازه والتفاني فيه وبذل أقصى جهد لتحقيق إنتاج جيد .

– المسؤولية القانونية ، وتشمل إحترام القوانين والإنضباط والمحافظة على النظام الإجتماعي والأمانة .

ولا شك أن المسؤولية الإجتماعية تتجلى في كثير من المظاهر منها :
– الإعتماد على النفس .
– القيام بالواجبات .
– الإجتهاد والتفاعل والتعاون .

وأن يكون الفرد مسؤولاً، هذا يعني أن يتحمّل مسؤولية آرائه وسلوكه الفردي والإجتماعي .

ومن أخطر مظاهر نقص المسؤولية الإجتماعية الإغتراب . .

وهو غربة عن النفس وعن الواقع وعن المجتمع ، ومن أهم أعراضه ، العزلة ، اللاّإنتماء، واللاّهدف ، والضياع والإنسحاب ، ورفض التعاون ، واحتقار الذات واحتقار الجماعة .

* نمو المسؤولية الإجتماعية …
إن المسؤولية الإجتماعية على الرغم من أنها تكوين ذاتي يقوم على نمو الضمير – كرقيب داخلي – ، إلاّ أنها في نموّها نتاج اجتماعي يتم تعلّمه واكتسابه .

وتبدأ عملية تعلّم المسؤولية الإجتماعية منذ أن يعي الناشئ تحمّل والديه المسؤولية في رعايته وتربيته وإشباع حاجاته المادية والمعنوية ، وتنمو المسؤولية تدريجاً عن طريق التربية والتنشئة ، وفي كلا المستويين يظلّ الهدف واحداً ، وهو إعداد الفرد ليكون مواطن المستقبل ويكون راعياً وواعياً لذاته ومسؤولياته .

لذلك لا يمكن أن نهمّش دور التربية المساعد على إذكاء الشخصية وتنمية ملكاتها (المهارات والقدرات ، والحسّ الأخلاقي والوجداني ، والعملي ، والإرادة الفاعلة ، والثقة بالنفس وروح المبادرة والإبداع في العمل… الخ) .

وعموماً … فنحن ندرك أن التربية هي أهم وسيلة يمكن عن طريقها تعزيز نمو المسؤولية وترتيبها في تكامل مع باقي عناصر الشخصية ومكوّناتها .

إن ما يتعلمه الناشئ في مجال الأسرة والمدرسة يتأصل في شخصيته ويثبت في تفكيره ، ويمكن القول إن كل أشكال الإمتثالية السلوكية وحسن الإلتزام بالمسؤولية ليست من قبيل الصدفة ، وإنما مردّها الى ما تشرّب الفرد من تنشئته وجدانيته وأخلاقياته وسلوكياته في الأسرة والمجتمع ، فإذا كان البعض يشارك بمسؤولية تامّة ، والبعض الآخر يعجز عن تحمّل حتى مسؤولية نفسه ، فذلك يرجع الى ما يتسم به من قدرات وما يحمله في نفسه من مشاعر ومزايا نفسية ومعنوية تبرّر هذا السلوك أو ذاك .

ولأن الإتجاهات السلوكية التي نتميّز بها كأفراد هي في الغالب مكتسبة من التربية المنزلية والمدرسية ، فيجب أن يكون دور الأسرة قوة مساندة للدور الذي تلعبه المدرسة في هذا المجال ، أي في مجال خلق جيل أكثر وعياً وإدراكاً لدوره .

فالكلّ في دائرة المسؤولية ( الأب والأم ، والمربي والمعلم ، والمؤسسات ، والقيادات… الخ ) .

وكما الدستور هو عماد الحياة الديمقراطية في البلاد ، كذلك التربية الإجتماعية والوطنية هي الحجر الأساس لبناء الشخصية القادرة المنفتحة المسؤولة عن نفسها وممارساتها .

* دور الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع . .
تعتبر قضية المسؤولية الاجتماعية أحد أهم القضايا الجديرة بالبحث والاهتمام حيث إنها تنمية لجانب من جوانب الوجود الاجتماعي ، يحتاج إليها الفرد للحماية والوقاية والعلاج من بعض ظواهر اللامبالاة وافتقاد الهوية وعدم تحمل المسؤولية والكثير من المظاهر السلبية التي تعوق عملية التنمية .

فتنمية المسؤولية الاجتماعية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة فردية فهي حاجة اجتماعية ، لأن المجتمع بجميع طوائفه وفئاته في حاجة إلى الفرد المسؤول اجتماعيًّا .

ويُعد تحمل المسؤولية من أهم الصفات الاجتماعية التي لا يمكن تنميتها إلا عن طريق الممارسة ، لذا يتطلب الأمر من الاختصاصي الاجتماعي أن يُنبه المجتمع ويُبصره بما عليه من واجبات ، وأن يكون العمل مبنيًّا على أساس الأخذ والعطاء بين من يعيشون في المجتمع ، وعلى الاختصاصي الاجتماعي أن يعي تمامًا أن الأفراد مسؤولون مسؤولية اجتماعية نحو أنفسهم ونحو المجتمع والوطن ، وعلى الأخصائي الاجتماعي أن يساعد الأفراد على ممارسة الأنشطة المختلفة في ضوء هذا المفهوم .

ومن هنا تبرز الحاجة إلى تنمية المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع ، لأن تربية الإنسان على تحمل المسؤولة تجاه ما يصدر عنه من أقوال وسلوكيات هي مسألة على قدر كبير من الأهمية لما لها من أثر في نظم الحياة داخل المجتمعات الإنسانية ، فالأفراد المسؤولون عن أعمالهم تتميز حياتهم بالاستقرار والطمأنينة والأمن النفسي والاجتماعي .

فالخدمة الاجتماعية بوصفها إحدى مِهن المساعدة التي تتعامل مع أفراد المجتمع تهتم بتنمية المسؤولية الاجتماعية لديهم ، لما يحققه ذلك من إحداث تغييرات إيجابية في شخصية الفرد بما يُسهم في زيادة معدلات المشاركة الفعالة في تطوير وتنمية المجتمع ، حيث إن شعور الأفراد بها نحو مجتمعهم يتوقف على طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الأفراد وبعضهم ، وعلى نسبة المشاركة الاجتماعية لهؤلاء الأفراد مع باقي أفراد المجتمع وعلى مدى ولاء وإنتماء أفراد المجتمع إلى أسرهم ومجتمعهم ووطنهم ، ومدى قدرتهم على المحافظة على الممتلكات العامة ، فكلما زاد الشعور بهذه المحاور زاد الشعور بالمسؤولية الاجتماعية لأفراد المجتمع تجاه أسرهم ومجتمعهم ووطنهم .

وقد تم تقسيم الدراسات التي تناولت المسؤولية الاجتماعية إلى أربعة أقسام على النحو التالي :

أولاً: دراسات اهتمت بدراسة أبعاد المسؤولية الاجتماعية .

ثانيًا: دراسات اهتمت بدور الخدمة الاجتماعية وتنمية المسؤولية الاجتماعية .

ثالثًا: دراسات اهتمت بدور الممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في تنمية المسؤولية الاجتماعية .

رابعًا: دراسات أجنبية .

كما أشارت الكثير من الكتابات والدراسات إلى افتقاد أفراد المجتمع وخاصة الشباب إلى المسؤولية الاجتماعية سواء تجاه الأسرة أو المجتمع أو الوطن ، والبعد عن روح الحوار الهادف واحترام الرأي الآخر والتعددية الثقافية سبب تأثر أفراد المجتمع بالعولمة الثقافية ، فتأثرت منظومة القيم لديهم وسيطرت عليهم قيم التواكل والسلبية واللامبالاة والانطواء .

ولذلك يتضح أهمية تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع حتى يمكن تطوير المجتمع وتنميته والمحافظة على وحدته وتوجيه الجهود نحو المشاركة وتحمل المسؤولية سواء تجاه الأسرة أو تجاه المجتمع أو تجاه الوطن ، لكي نصل إلى مجتمع متماسك مستقر يقف أمام أي محاولات لزعزعة استقراره ومحافظة على قيمه وثقافته وعاداته وتقاليده .

وحيث إن الخدمة الاجتماعية من خلال منظور الممارسة العامة يمكنها بما لديها من أساليب فنية ونماذج مهنية ومهارات ومعارف وما تملك من إستراتيجيات وتكنيكات وأدوات وأدوار مهنية خاصة بها تستطيع تنمية المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع .

ومن ثم يمكن صياغة الدراسات في (التعرف على إسهامات الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية في تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع) .

ترجع أهمية البحث في الوقت الحاضر إلى :
1- ظهور العديد من الأحداث العالمية والمحلية التي أثرت على المجتمعات البشرية مثل العولمة والأزمة الاقتصادية العالمية وسياسات الإصلاح الاقتصادي ، وترتب عليها العديد من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أثرت بشكل مباشر على مفهوم الأمن القومي وأصبح تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الإنسان وتحمل المسؤولية الاجتماعية من أهم مصادر تحقيق الأمن القومي والتي تسعى الدول المتقدمة والنامية إلى الوصول إليه .

2- دعم التنمية الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية وتعزيز القيم والمبادئ حتى يمكن بناء المجتمع المستقر والوطن المتماسك تمهيدًا لوضع لبنة صالحة في صرح مجتمعنا ووطننا المعطاء وتوظيفها فيما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع .

3- ترسيخ مبادئ المواطنة الصالحة والفاعلة المتمثلة في المشاركة الإيجابية عبر تنمية روح المسؤولية الاجتماعية بما يعود بالخير والنماء على الوطن والمواطن .

4- يؤكد الإسلام على أهمية المسؤولية المتبادلة بين أفراد المجتمع باعتبارها مبدأ راسخًا وقاعدة صلبة تقوي دعائم المجتمع وتؤدي إلى تماسكه وتحميه من الانهيار أو التفرق ، فمسؤولية الفرد تجاه الأسرة أو المجتمع أو الوطن يمكن النظر إليها على أنها واجب شرعي والتزام تجاههم .

5- تسعى الدراسة إلى تبصير أفراد المجتمع بواجباتهم الدينية والاجتماعية والتزاماتهم الأخلاقية والقيمية تجاه أسرهم وأقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم والناس عامة ، وذلك لتحقيق السعادة في الدنيا والفوز برضوان الله عز وجل في الآخرة .

6- التوصل إلى نموذج قيمي مقترح لمواجهة الهجمات المنظمة والمتكررة التي تتعرض لها الأخلاق والمبادئ الأساسية من أعداء الوطن والتي لا بد لمواجهتها من جهود جادة في التبصير بخطرها وبيان سبل تطويقها وعلاج آثارها السلبية .

7- تعتبر قضية تنمية المسؤولية الاجتماعية لأفراد المجتمع من أهم الموضوعات لتعزيز القِيَم والمبادئ والأخلاق”، ساعية إلى تحقيق نموذج للمشاعر الوطنيَّة والاجتماعيَّة والتربويَّة الهادفة، تمهيدًا لوضع لَبِنَة صالحة في صرح مجتمعنا ووطننا المعطاء ، وتوظيفها فيما يعود بالنفع على الجميع .

* أهداف الدراسات :
تستهدف الدراسات تحقيق ما يلي :
1- التعرف على المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع تجاه الأسرة .

2- التعرف على المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع تجاه المجتمع .

3- التعرف على المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع تجاه الوطن .

4- التعرف على أثر الاحتساب الاجتماعي في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع .

5- التعرف على دور العلماء والدعاة في تنمية الشعور بالمسؤولية عند أفراد المجتمع .

6- التعرف على التصور المقترح للممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية في تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع .

وسنحاول في هذه الدراسة الموجزة الإجابة على بعض التساؤلات من خلال ماسنكتبه ونتطرق له .
– التساؤل الرئيسي الأول :
ما درجة المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع تجاه الأسرة والمجتمع والوطن ؟ ويتفرع من هذا السؤال عدة أسئلة فرعية :

(أ) ما درجة العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع ؟

(ب) ما درجة المشاركة الاجتماعية بين أفراد المجتمع ؟

(ج) ما درجة الانتماء والولاء عند أفراد المجتمع ؟

(د) ما درجة المحافظة على الممتلكات العامة لدى أفراد المجتمع ؟

– التساؤل الرئيسي الثاني :
التعرف على التصور المقترح للممارسة العامة للخدمة الاجتماعية في تنمية المسؤولية الاجتماعية عند أفراد المجتمع .

أما مفاهيم هذه الدراسة فتشمل :
1- مفهوم الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية .

2- مفهوم المسؤولية الاجتماعية وأبعادها الأربعة :

(أ) مفهوم العلاقات الاجتماعية .

(ب) مفهوم المشاركة الاجتماعية .

(ج) مفهوم الولاء والانتماء .

(د) مفهوم المحافظة على الممتلكات العامة .

* مظاهر العلاقات الاجتماعية . .
1- يعمل الفرد على تدعيم علاقته بأسرته وبمجتمعه وبوطنه .

2- احترام الفرد آراء الآخرين سواء من أسرته أو من أصدقائه أو زملائه ، وأن رأيه خطأ يحتمل الصواب ورأيه غيره صحيح يحتمل الخطأ .

3- يحرص الفرد على مساعدة من يطلب المساعدة منه وأن يكون متعاونًا إلى أقصى حد تسمح به قدراته .

4- يساعد الفرد أسرته على تدعيم علاقتهم بالآخرين من أفراد المجتمع .

5- يسعى الفرد دائمًا إلى تكوين علاقات اجتماعية جديدة .

6- يقوم الفرد بمجاملة زملائه وأقاربه وجيرانه في المناسبات الخاصة .

7- يلبي الفرد دائمًا دعوة أفراد المجتمع للتعاون معهم في مشروعات الخدمة العامة .

8- يلجأ الفرد دائمًا إلى أصدقائه في مواجهة أي مشكلة .

9- يحرص الفرد على حضور الاجتماعات والندوات حتى يمكن الوصول إلى حل لمشكلات مجتمعه مثل :
(البطالة – القمامة – تدني المستوى الصحي – الفقر – الأميَّة.. وغير ذلك) .

10- يحرص الفرد على تدعيم علاقته بالقيادات الشعبية والتنفيذية المسؤولة عن المجتمع .

• أظهرت الدراسات أن المشاركة الاجتماعية يُعد من أهم أبعاد المسؤولية الاجتماعية .

* مظاهر المشاركة الاجتماعية . .
1- يهتم الفرد بتوجيه أفراد أسرته للعناية بأنفسهم .

2- يشارك الفرد أسرته في أعمال المنزل .

3- مشاركة الفرد في الأعمال التطوعية لخدمة المجتمع مع المؤسسات الخيرية لمساعدة الفقراء والمساكين والضعفاء وأصحاب الحاجات وغير ذلك .

4- يخصص الفرد جزءًا من وقته للمذاكرة سواء لإخوته أو لأولاده .

5- يشارك الفرد المجتمع في الاحتفالات الدينية والقومية كأن يتزاور في عيد الفطر وفي عيد الأضحى وفي رمضان وغير ذلك من الأعياد الدينية والقومية .

6- يشارك الفرد المجتمع في الثورة على الفساد والبلطجة والرشوة والمحسوبية ، ويبتعد عن التواكل والسلبية واللامبالاة .

7- يشارك الفرد في مواجهة مشكلات مجتمعنا الإسلامي والتي تُعتبر هي أيضًا مشاكله .

8- يشارك الفرد المجتمع في مشروعات الخدمة العامة وتنظيف حوائط ومداخل المؤسسة التي ينتمي .

9- يشارك الفرد الآخرين في تجميل وتشجير منطقته ومدينته والإهتمام بالبيئة والمحافظة عليها من التلوث .

* مظاهر الولاء والإنتماء . .
أن محور الولاء والانتماء يعتبر بُعدًا من أهم أبعاد المسؤولية الاجتماعية بالنسبة لأفراد المجتمع بإختلاف تنوعاتهم .

ومن مظاهر الولاء والانتماء ما يلي :
1- يساعد الفرد المجتمع بالشعور بالسعادة في حالة الفرح والنجاح .

2- يشعر الفرد بالفرح عندما يتقدّم وطنه في أي مجال من المجالات .

3- يتمنى الفرد منا – إذا لم يكن عراقياً – يتمنى أن يكون عراقياً، ويفتخر بذلك حتى يحترمه الآخرون ، خاصة إذا كان يعيش في بلد آخر .

4- يلتزم الموظف أو الطالب او المسؤول بتعليمات وقرارات دولته ومجتمعه القانونية والعرفية والشرعية .

5- يساهم في حل مشكلات المجتمع .

6- يحزن الفرد دائمًا عندما تحدث مشكلة لزملائه أو جيرانه ويشاركهم هذه الأحزان .

7- يفخر الفرد دائمًا بانتمائه لمؤسسته ومدينته ووطنه .

8- يجب على الفرد قضاء معظم أوقات إجازته مع أسرته ومع أولاده حتى يحدث تقارب وانتماء بينهم .

9- يحب إرساء شعور المحافظة على المال العام .

10- لا يجوز ان يهرب الفرد ويسافر إلى الخارج بعد أن تُعلّمه بلده ، لان هناك مبدأ عرفي وشرعي لدى المسلمين مفاده أنه لايجوز التقاعد عن المسؤولية الوطنية الى نهاية العمر .

* المحافظة على الممتلكات العامة :
أن محور المحافظة على الممتلكات العامة بُعد من أهم أبعاد المسؤولية الاجتماعية أيضاً بالنسبة لأفراد المجتمع .

ومن مظاهر المحافظة على الممتلكات العامة ما يلي :
1- ينصح الفرد دائمًا أولاده أو طلابه أو زملاءه بعدم تشويه حوائط مؤسسته او مدرسته او داره .

2- أن يكون دائمًا قدوة لأولاده أو زملائه أو جيرانه في المحافظة على الممتلكات العامة .

3- يحافظ الفرد على مقاعد المواصلات العامة والخاصة ولا يُمثّل بها .

4- يحافظ الفرد على الأدوات والأجهزة الموجودة في مدرسته او كليته او مؤسسته التي يعمل فيها ، وأن يتعامل معها وكأنها ملكه .

5- يحافظ الفرد على الأماكن الأثرية والسياحية والحدائق العامة من أي تخريب .

6- يُعلّم الفرد عائلته وأصدقائه ومجتمعه أن المحافظة على الممتلكات العامة هي مسؤولية مشتركة بين أفراد المجتمع والدولة وليست مسؤولية الدولة وحدها .

7- أن يقوم الفرد بالتعبير عن رأيه بحرية وديمقراطية دون أن يتعدى على حقوق أحد أو يتعدى على الممتلكات العامة أو الخاصة .

8- أن يقوم الفرد بإصلاح مايستطيع إصلاحه في عمله ومنطقته ووطنه ولو بفعل بسيط او بكلمة عدلٍ او حق ، في حدود استطاعته ، وأن يجعل ذلك ابتغاء مرضاة وجه الله تعالى ، وأن يتمنى ان يجعل الله ذلك في ميزان حسناته .

والحمد لله ربّ العالمين . .
وصلّى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأصحابه المنتجبين .