ليس الحاكم الشرعي مجرد فقيه يحلل ويحرم وانما الحاكم الشرعي او المرجع هو روح الامة فهو يعيش آمالهم وآلامهم لأنه ابثق من رحم هذه الامة فهو ليس بمعزل عنها ولا هو خارج عن معاناة وطموحات المجتمع ، وهذه السنة اكدها القرآن الكريم في اكثر من موضع في اشارة الى ان الرسول هو من نفس الامة او الملأ وبطبيعة الحال الامام والمرجع ههما امتدادان للنبوة الخاتمة ، ومن اللطائف التي تضمنها القرآن الكريم ما جاء في قوله سبحانه{ قد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } (آل عمران:164) .

 

وعلى هذا الغرار فقد سعت المرجعية الرسالية والمصلحة الى ان تكون منغمسة ومندكة في هموم الامة فتراها السباقة الى ابداء الرأي وتحسها هي الحريصة على مستقبلها وتدافع عن المصالح العامة بشتى الوسائل ، ولا نعدو بكلامنا هذا مواقف المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني رغم التهميش والتضييع من قبل المؤسسات السياسية المرتبطة بالمؤسسات الدينية الانتهازية ، وان كانت اليد قصيرة وليست مبسوطة لكن هذه المرجعية سجلت العديد من المواقف الثابتة والتي لم تتغير بتغيير المصالح والمنافع والتبعية ، بل هو الثبات على الموقف وتحمل ودفع ضريبته لأنها ايقنت ان مشروعها الاصلاحي هو مشروع عالمي ليس مرهون بجهة ما ، كما هو الحال مع ثورات الربيع العربي فليس جزافا ان يدعي انه مرجع عراقي عربي وهو لا يعيش تطلعات العرب ومشروعهم التغييري على العكس فقد اثبت لنا المرجع الصرخي انه عربي بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى فالثورات المباركات في تونس ومصر وليبيا وسوريا وغيرهم تلك الثورات التي انفجرت من روح عربية اصيلة رفضت السكوت امام الظلم والاستبداد فكان موقف المرجع الصرخي هو من روح الاسلام ومن مبادئه وقيمه فهو القائل مثلا في ثورة سوريا (فكيف لا نكون مع المظلوم ضد الظالم ؟ فهل نخرج عن الاسلام ومنهج الرسول الأمين وأهلبيته الأطهار (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) ؟ وهل نخرج من الأخلاق والإنسانية؟) .

 

وليس بطرا ان يدعي انه مرجع عراقي ويؤكد على ذلك في مرحلة وصل بالأمر ان الوطنية العراقية قد اصبحت شيئا مستهانا به بل من يحمل هذه الصفة أي – العراقية – فهو محل سخرية ، فكان المرجع الصرخي قد جسد هذا المعنى الحقيقي في وطنية متينة واكيدة وعراقية اصيلة بتلك المواقف الثابتة الرصينة فهو لم يهادن على حساب مصلحة الوطن ووحدة شعبه ومنذ دخول الاحتلال كان صوته ومازال لم ولن يسكت رغم محاولة الكثير ممن باع عراقيته بأبخس الاثمان ان يشوهوا هذا الصوت ، ولم يكن مجرد قول خال من الفعل !! وانما كان هناك فعلا رجوليا قل نظيره ، فالتظاهرات والوقفات منذ 2003 والى يومنا هذا مستمرة في رفض الظلم والاضطهاد والاستبداد وكل اوجه الفساد والسرقات ، وهذا الامر لم يقتصر على جهة واحدة دون اخرى او انه مرجع شيعي فكان همه الاول هم الشيعة فقط ؟ كلا والف كلا !! اذهبوا الى الفلوجة واسألوا ماهي مواقف مرجعية السيد الحسني أبان الهجوم الامريكي الكافر على اهلنا واخوتنا في الفلوجة حتى ان المرجع الصرخي اصدر بيان بخصوص ذلك وحث على الدعم المعنوي والمادي زكان البيان يحمل عنوانا (فلوجة الخير والمقاومة) حتى انه قال (ان العين لتدمع والقلب يقطر دماً على الدماء التي سُفكت والأرواح التي أُزهقت والنساء والأطفال والشيوخ التي رُوعت وشُردت والأرض التي زُلزلت والماء والهواء والسماء التي لُوثت بسبب الاعتداء البربري الغاشم الظالم الغادر اللئيم الوضيع القبيح الذي تقوم به قوات الاحتلال الأمريكي الصهيوني الملحد الكافر بحق شعبنا العزيز في الفلوجة , فعلى كل مسلم ومسلمة العمل بما وسعه لمساعدة الفلوجة الصامدة أهلها وتقديم المساعدة العينية والمعنوية من الماء والغذاء والكساء والدواء والصلاة والدعاء ونحوها .
والسلام على الفلوجة المقاومة أهلها الصابرين ورحمة الله وبركاته وفرّج الله تعالى عنهم وعن المؤمنين والمؤمنات فرجاً عاجلاً كلمح البصر أو هو أقرب انه سميع الدعاء والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين .)


ولم يكتف المرجع الصرخي بمواقف الدعم والشجب والرفض في مجال القول والفعل ، وانما كان ذا شمولية سياسية منقطعة النظير في تشخيص العلل واعطاء الحلول في جميع المناسبات السياسية حتى انه اصدر في مجال الانتخابات 10 بيانات ووضح مفهوم الانتخابات وموقف الشارع المقدس من هذه العملية الجديدة على العراقيين بل الادهى انه في بيانه الاخير والذي استخدم مفهوم عربي عراقي (حيهم) وهذا يعرفه اهل العشيرة وما معناه .


ولم تقف المرجعية العراقية العربية بعيدة عن المقاومة بك صورها سواء السنية او الشيعية بل ايدهم واعطاهم المشروعية في الدفاع عن الوطن واخراج الاحتلال الامريكي الغاشم ، كذلك هو اول من دعى الى مشروع المصالحة ممن لم تتلطخ ايديهم بدماء الشعب العراقي ، وكذلك لم يخف عنه ثروات العراق وحضارة العراق واهمية العراق حتى انه صال على ممن اراد ان يقيم الفيدرالية في البصرة ووضح ان هذا المشروع هو مشروع لتقسيم العراق وبين مواطن الريبة والحقد والعمل على هذا المشروع الاستعمارية . لا اريد الاسهاب بمواقف المرجع الصرخي فيكفي انه طبق مصداق المرجع العراقي بكل صوره .


وهذا هو عمل المرجعية الرسالية الحقيقية ، بالرغم من المحاولات اليائسة التي ارادت النيل من هذه المرجعية العراقية العربية كما في حرق مكاتبه في ذي قار والبصرة وكربلاء والديوانية او احراق وهدم المساجد التابعة لمرجعيته ، اننا نقف بإجلال لهذا العالم الرباني الذي هو فعلا جسد دور العالم المرجع والاب والحاكم الشرعي ، فلم يكن الصرخي كلاسيكيا ورثا ولكم يكن ذا علم اكل عليه الدهر وشرب ولم يكن قابعا في جحر بعيد عن هموم العالم وانما طبق هذا القول (اذا ظهرت الفتن في امة محمد فعلى العالم ان يظهر علمه والا فلعنة الله والملائكة والناس اجمعين) .