أسئلة كثيرة تشغل بال المعنيين بالشأن الثقافي ،والمتابعين له ، بينما نودع عامين وأكثر من الثقافة العربية مواكبة لعواصف الربيع العربي التي ضربت عدة عواصم عربية فالثقافة تظلّ فضاءا رمزيا منفتحا على مجالات المعيش البشري . وتمثل جسر الإنسان للعبور من هجانة تصوراته عن الكون إلى تصنيع جمالياته. ولا يتم ذلك إلاّ بجرأة المثقف على إختراق المهتري من المعايير الإجتماعية والأذواق الأدبية والفنية لمجموعة بشرية من أجل إقتراح أخرى جديدة لا تحفل بشروط الإستهلاك التظاهري والإشهاري . وإنما تمثل سبيل الناس إلى قيام دولة الحضارة بما تعنيه من حرية وديمقراطية وعدالة إجتماعية وإنفتاح على الأخر وثقافاته . ولقد تنوعت كتابة المبدعين العرب من الأحداث التي تعيشها أوطانهم في ما سمي الربيع العربي ،حيث عمد بعضهم إلى تمرير بعض الرسائل كالحديث عن حتمية وصول ذلك الربيع إلى بلده . ودعوة نظام الحكم في وطنه إلى ضرورة إجراء تغييرات جذرية في بنيته ووإتخاذ الخطوات الضرورية لتأمين الإنتقال السلمي نحو تعايش وطني ديمقراطي . في المقابل إلتزم آخرون الصمت أو الحياد كخيار وموقف ثابت رغم وجوده في قلب حدث جلل ،مكتف بمراقبة ما يجري حوله في وقت كان فيه نفر قليل من مشر الكتاب يبشرون منذ سنوات .سبقت نار الشاب التونسي . بربيع عربي رأوه لا محالة لخلاصهم من أنظمة حكم الطغاة والإستبداد في زمن الربيع أو الخريف أو أي فصل عربي حيث نعيش الفصول مجتمعة في زمن واحد وربما هناك وهم أيضا بأن هذا الزمن يحتاج إلى كتابة مختلفة . تجربات الخيبات الكثيرة التي عشناها تجعلنا ندرك بأن سقوط طاغية لا يعني نهاية الطغيان بسهولة فهناك طغاة صغار هضموا ثقافة لها إمتداد طويل في تاريخنا ولذلك الشعارات لا تعني الديمقراطية وحرية إبداع ربما كانت الكتابة مرضا كما قال “بيكيت” ذات زمن لأنه لا مهرب من اللجوء إليها عندما تحاصر بشاعة العالم أو جماله أيضا …
ربما كانت الكتابة ضرورة لمن أصيب بها وتبقى الحالة الحقيقية تلك التي نجد فيها أنفسنا وأنا لا يعنيني القارئ أثناء الكتابة لأنني أكتب دون أن أفكر في النشر أو من سيقرأ لي فيما بعد إلاّ إذا كنت سأكتب بيانا أو مقالة مقصودة لقارئ معين ولكن حالة كتابة النص الإبداعي لا تخضع لمعايير مسبقة أو لزمان ومكان فهي مشرعة أمام كل الإحتمالات أما عن الكتابة في زمن الثورات فإعتقادي بأن الكتابة لا تختلف وظائفها حسب الأوقات او الأزمنة .دوما هي قول الحقيقة المخفية أو المستترة