منذ عدة أيام طالعتنا الصحف بتصريح لأحد المحافظين المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وهو في نفس الوقت عضو مكتب الإرشاد حيث قال” أن أخونة الدولة هى الديمقراطية.. وشغل المناصب بعناصر إخوانية أمر صحيح” .. حيث يعتبر هذا التصريح الإعتراف الأول من نوعه بشكل و اضح عن سعيهم الدؤوب لتنفيذ هذا المخطط بعد أن داوم أعضاء الجماعة علي إنكار ذلك مرارا و تكرارا .

    لا أحد ينكر ان الإخوان فصيل سياسي مهم له كل الحقوق و عليه كل الواجبات_ مثله مثل باقي الفصائل الاخري_ لكن هذا لا يعطيهم الحق في الاستحواذ على مقدرات الوطن بعد الثورة فـ الوطن ملك للجميع ” أحزاب \ جماعات\ نساء \ رجال\ مسلمين \ مسيحيين ” ومع ذلك دعونا ننحي الجدل جانبا حول مشروعية حلمهم في أخونة الدولة و أحقيتهم في ذلك من عدمه لننتقل إلي مرحلة المكاشفة لتوضيح أمر هام يراه الجميع إلا أفراد الجماعة و الموالين لهم بأن ما يفعلونه لا يمكن أن نطلق عليه بأي حال من الأحوال مصطلح” أخونة” انما إن أردنا تسميته بشكل دقيق  فلنقل علية ” دهولة الدولة … أهبلة الدولة … بهدلة الدولة… دهورت الدولة …الخ ” وفي هذا الإطار قل ما تشاء من التسميات الساخرة لوصف الحالة المزرية التي آلت إليها أوضاع البلاد بسبب رغباتهم الشرسة و سباقهم المحموم من أجل السيطرة علي مفاصل الدولة في أقل وقت ممكن ليمكنوا لأنفسهم في السلطة ضاربين بالصالح العام عرض الحائط غير عابئين بـ الأنهيار الاقتصادي و غليان الشارع وما نراه من  صور العنف و العنف المضاد من سحل \ اعتقال \ إختطاف.. نهيك عن الانقسام و الإستقطاب الذي يعصف بمصر.

    حتي إذا إفترضنا جدلا و سلمنا _ وهذا غير صحيح _بأحقيتهم في” الأخونة “فإن هذه العملية لها أصول و قواعد يجب مراعاتها و حرفيه مهنية يجب إتباعها و قرارات ينبغي دراستها جيدا لمعرفة الإيجابيات و السلبيات ليتثني تنفيذ عملية الإحلال و التبديل للهيكل الإداري و الوظيفي في جميع المؤسسات بشكل دقيق دون إحداث خلل لهذا الهيكل ,كما أن هناك خطوة هي الأكثر أهمية في عملية الأخونة ألا وهي مراعاة توفير البديل الإخواني الذي يملك الكفاءة و الخبرة في نفس تخصص الوظيفة المطلوب تسكينه عليها _ فلا يجوز أن تكون كل مؤهلاته فقط كونه من أهل الثقة _   حيث تمثل محاولتهم للأخونة  نموذجا صارخا للعشوائية المعيبة في الإختيار و بدائية التفكير مما جعلنا مسار لسخرية العالم بعد إتخاذ ( الجماعة) عفوا الرئاسة قرارا عبقريا بتولي أخصائي أمراض جلدية رئاسة مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار بمجلس الوزراء و أخصائي إشاعة و تحليل لمنصب نائب محافظ و فني صرف صحي لرئاسة مجلس محلي لاحدى المدن …. الخ نهيك عن مخالفة الدستور _الذي هو من صنع أيديهم_ و استحداث وظائف ليس لها وجود قانوني لشغلها بالمقربين منهم في إطار الترضيات و المجاملات و تسديد الفواتير للأهل و العشيرة الذين لعبوا دورا في رحلة الوصول للإتحادية في صوره فجة للمحسوبية و الوساطة أسوأ بكثير مما كان عليه في النظام السابق.

    ثم نأتي لربط الأخونة” بـ ” الديمقراطية ” في محاولة للتأثير علي الرأي العام ليبدوا الأمر منطقيا بغيه تقبل الشعب ذلك دون تذمر نجد إن توظيفهم لمصطلح الديمقراطية جاء مفرغ من مضمونة و معناه بما يخدم تصورهم القاصر و منهجهم الاعور للديمقراطية و آلياتها , و إن الترويج لعملية الأخونة _علي أنها حق مكتسب للجماعة التي جاءت للحكم عبر الإنتخابات _ يرسخ بذلك لمبدأ أحقية أي نظام يعتلي منصة الحكم _حتي و لو كان لا يدين بالإسلام أو يحمل في طياته فكر إلحادي أو تكفيري _ أن يطبق هذه الآلية الديمقراطية التي إبتدعها الإخوان و هكذا سيكون لدينا جهاز أداري جديد يتلون طبقا للنظام مع كل دورة رئاسية أو برلمانية في تقليد لم يعرفه العالم حتي في جمهوريات جزر الموز