أ.د,صادق وحيد جاسم

في ظل التحوّلات الاقتصادية والسياسية الجارية في المنطقة، برزت ظواهر تتعلق بطبيعة الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة في العالم العربي. ومن الواضح أن ثمة قدراً كبيراً من الخلط في مفاهيم الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والتنموية.فالدور الاجتماعي يتعلق بما يمكن أن تقدّمه الدولة لمواطنيها تحت بند المساعدات الاجتماعية المباشرة، تلك المساعدات التي يُفترض أن تذهب إلى فئات معينة محتاجة. وتحت هذا البند تبرز المساعدات والإعانات المباشرة التي تقدمها الدول إلى المواطنين. أما الدور الاقتصادي والتنموي فيتصل بتطوير الاستثمار، وتأمين فرص العمل، وتدريب المواطنين للاستفادة منها، وتعليمهم أسس العمل المنتج، والمساهمة إيجاباً في بناء اقتصاد بلادهم.
لكن فشل الدول العربية في تحقيق الهدف التنموي، وسعيها في الوقت ذاته إلى بناء قاعدة للشرعية السياسية، جعلاها أكثر اعتماداً على تطبيق مبدأ الإعانات المباشرة. ولهذه الوسيلة ميزات من وجهة نظر صناع القرار، فهي لا تحتاج إلى أطر مؤسسية معقدة، وتؤمن مجالاً واسعاً للمناورة السياسية. وعلى الصعيد المناطقي والجغرافي، تُوظّف الإعانات والدعم للسلع كبديل لحلول حقيقية في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها من المجالات التي يُفترض أن تنهض بها الدول. ويُذكر أن الخلط بين مفهومي الإعانات والرعاية والدور التنموي، يمزج الأدوار ولا يوضح ما هو المطلوب من الدول خصوصاً على المدى القصير. كذلك تصعب مهمة تقويم الإنجازات الحقيقية من تلك الممولة من الخزينة وغير القابلة للديمومة على المدى الطويل، لكنها تحقق أهدافاً سياسية آنية.لا يبدو في الأفق ما يشير إلى تغيير جذري في طبيعة دور «دولة الإعانات»، على رغم التغييرات الكبيرة في المنطقة. فعلى سبيل المثال، يشكل أحد أبرز القرارات التي اتخذتها الحكومة المصرية على الصعيد الاقتصادي، المتمثل في رفض قرض كبير للبنك الدولي وصندوق النقد، كان يتضمن شروطاً تتعلق ببدء خفض نسب الدعم العشوائي الذي تقدمه الحكومة المصرية للمحروقات والخبز.
وتظهر المفارقة في أن دعم السلع، بصرف النظر عن مستويات مداخليهم، يستحوذ على نحو 8 في المئة من الناتج المحلي، وهي نسبة تفوق ما يُنفق على التعليم والصحة مجتمعين. ويمكن فهم القرار ضمن السياق السياسي الذي تمر فيه مصر، وعدم رغبة الحكومة الموقتة في اتخاذ قرارات تثير حفيظة «ميدان التحرير». لكنه يشير أيضاً إلى أننا لا نشهد ولادة نظام اقتصادي جديد، أو التأسيس لنمط جديد يعيد التوازن إلى العلاقة الملتبسة بين الدور الاجتماعي الذي يمكن تنفيذه مباشرة من خلال مؤسسات الدولة، وبين الدور التنموي المُهمل منذ فترة طويلة.السيناريو ذاته شهده الأردن، الذي قرر عدم خفض الإعانات وتوسيع العجز في الموازنة ليصل إلى نسب قياسية تجاوزت 10 في المئة، إذ قرّر رئيس الوزراء الأردني الانحياز إلى رؤية سياسية تستبعد خفض الدعم لتجنب توتير الشارع الأردني.ومع بدء انطلاق الأحداث في سورية، تم الالتزام أيضاً باستمرار دعم المازوت وبعض السلع الأساسية التي تستهلكها شرائح واسعة من المواطنين. وتستمر هذه الحال ولو في أشكال أخرى في دول كثيرة لا سيما الخليجية، التي تقدّم الدعم في أشكال مختلفة بحكم توافر الموارد اللازمة لذلك.
ولا شك في أن نموذج دولة الإعانات في هذا الشكل والإصرار على الاستمرار فيه على رغم التغييرات والمشاكل الواضحة التي ترافقه، يعكس النظرة القصيرة الأمد في التعامل مع تحديات طويلة الأمد تواجه المنطقة، ويعزز نمطاً استهلاكياً ومجتمعاً ريعياً، بل يذهب إلى حد مأسسة موضوع المساعدات كجزء من حياة المجتمعات من دون طرح بدائل لكيفية الخروج من هذا المأزق.فالاستمرار في نمط توظيف مبدأ الإعانات غير قابل للديمومة، ويحتاج إلى توافر موارد متواصلة، ويُفترض ضمناً أن يوافق المجتمع على طبيعة العقد الاجتماعي، ويهمل إلى درجة كبيرة الدور الأساس للدولة في قدرتها على مساعدة مجتمعاتها في المنافسة. لكن هذا الخيار هو الأصعب، فهو يتطلب بناء تحالفات جديدة على أسس متنوعة، وستبرز قوى تعارض الانتقال إلى المراحل الجديدة. ويتضح ذلك في المثالين المصري والأردني، فيما تمثل سورية حالة مختلفة، إذ تأتي تلك الخطوة في ظروف استثنائية لامتصاص نقمة الشارع على الإنجازات الضائعة وفقدان الشرعية.الأحداث الجارية في المنطقة وتطوراتها تعطينا درسين: الأول يشير إلى أن دولة الرعاية، وهي النمط السائد في دول كثيرة، لا تستطيع التكيف والاستمرار مع الحاجات المتغيرة في المجتمعات، ولا تحظى بإجماع القوى المجتمعية والسياسية. والدرس الثاني يدل على أن شرعية الإنجاز التنموي الحقيقي هي المهمة الرئيسة التي تؤسس لشرعية سياسية مستدامة غير موقتة.حتى الآن، لا يبدو في الأفق ما يشير إلى أن هذا النمط آخذ في التغيير. ويُفترض في هذه المرحلة، أن تؤسس الدول لتوازنات جديدة وقرارات صعبة لن تحظى بشعبية في المراحل الأولى، لكنها تشكل الخطوة الأولى للتعامل مع اختلالات طويلة الأمد.
يتسم عمل قسم الاقتراض بطبيعة مالية تتحدد في مجالات المساعدات المالية (المنح والقروض ) لجمهورية العراق من قبل الدول المانحة وكذلك المؤسسات الدولية المالية وفق الاطر القانونية الدولية ذات الصلة بالموضوع وبما يحقق واقع اقتصادي جديد ومتطور من خلال رسم استراتيجية الاقتراض الخارجي ومتابعة تنفيذ اتفاقياتها بصفتها قروض سيادية بالتنسيق مع وزارتي التخطيط والعدل والوزارات المستفيدة.ان اتفاقيات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها من اختصاص الحكومة الاتحادية حصراً استناداً الى البند اولاً من المادة 110من الدستور ، وان وزارة المالية ونيابة عن حكومة العراق ( وزير المالية ) هو المخول الوحيد لتوقيع القروض الخارجية.
ابرمت جمهورية العراق في السنوات الاخيرة عدد من اتفاقيات القروض مع دول وجهات دولية مختلفة كانت في معظمها قروض ميسرة اعتادت تلك الدول والمؤسسات تقديمها الى الدول الاكثر فقراً في العالم الا ان هذه الجهات المقرضة رغبة منها في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع العراق ومساعدتها في اعادة البنى التحتية وتطوير اقتصادياتها قدمت هكذا قروض ميسرة الى العراق على الرغم من تصنيفه دولياً في خانة الدول ذات الدخل المتوسط هذه القروض هي :
اولاً :- القرض اليـــابانــي في عام 2003 وتحديداً في مؤتمر الدول المانحة لاعادة اعمار العراق الذي عقد في مدريد تعهدت الحكومة اليابانية ضمن برنامج المساعدة التنموية (Official Development Assistance) ODA بتقديم (5 مليار دولار)امريكي للعراق بواقع (3,5)مليار دولار على شكل قرض ميسر قابل للاسترداد وبالشروط التالية :- o معدل الفائدة :-0,65 o عمولة الالتزام :-0,1 o مدة القرض :- 40 سنة بضمنها 10 سنوات فترة امهال
كذلك 1,5 مليار دولار كمنحة تم ايداعها في صندوق اعادة اعمار العراق.بلغ المبلغ الاجمالي للقروض المقدمة للعراق من الحكومة اليابانية (470791)مليون ين ياباني مايعادل 4,715 مليار دولار امريكي .تم الالتزام بمبلغ القرض من قبل الحكومة اليابانية على شكل مشاريع تضمنت عدة قطاعات اهمها (البنى التحتية ،التعليم،الكهرباء،الماء والصرف الصحي، الصحة، النفط) وبواقع 20 مشروع موزعة على جميع انحاء القطر.
ثانياً :- قروض البنك الدولي (Word Bank )
1. مؤسسة التنمية الدولية International Development Association سبق وان وقعت جمهورية العراق خمسة اتفاقيات مالية مع مؤسسة التنمية الدولية (IDA ) لتمويل مشاريع البنى التحتية في العراق بمبلغ قدرة ( 500 مليون دولار) و بالشروط الآتية :- o مدة القرض 35 سنة بضمنها عشر سنوات فترة أمهال .o خدمات أدارية 0,75 % سنوياً .o عمولة التزام 0,5 % سنوياً كحد أقصى .o موزع على القطاعات ( الكهرباء ، الماء ،التربية ،طرق وجسور)
2. البنك الدولي للانشاء والتعمير IBRD قرض سياسة التنمية المستدامة لدعم الموازنة & Development Bank For Reconstruction تم الحصول على قرض بقيمة 250 مليون دولار في عام 2010 (قرض سياسة التنمية المستدامة )DPL (Development policy loan) لدعم الموازنة وكانت شروطه كالاتي :- o مبلغ القرض 250 مليون دولار o معدل الفائدة الايبور +هامش ثابت بنسبة 0,6% كل ستة اشهر o مدة القرض 15 سنة بضمنها 4 سنوات فترة امهال
3. البنك الدولي للانشاء والتعمير IBRD قرض مشروع ممرات النقل (TCP) Transport Corridors project مبلغ القرض 355 مليون لصالح وزارة الاعمار والاسكان تاريخ توقيع الاتفاقية 2/3/2014 o مدة القرض :- 15 سنة بضمنها (5) خمس سنوات فترة امهال o معدل الفائدة =الايبور +هامش والتي تتراوح بحدود 1،5% نصف سنوية
الهدف من القرض سيتم تمويل تنفيذ مشاريع طرق الاتية :- (الناصرية –الرميلة ) بطول 145كم و(رميلة – بصرة )و(رميلة –صفوان )بطول 112ك
ثالثاً :- قرض صندوق النقد الدولي IMF ضمن اتفاقية الاستعداد الائتماني SBAمع صندوق النقد الدولي لعام 2010 تعهد صندوق النقد الدولي بتقديم مبلغ (2376) مليارSDR خلال عام 2010،2011 لدعم الموازنة وفق الشروط الاتية 😮 مدة القرض 5سنوات منها 3سنوات فترة امهال o كلفة الادارة 0,5% سنويا o عمولة الالتزام 0,15 % سنويا o المبلغ الملتزم به (1056) مليون S
رابعاً :- القرض الايطالي ويتضمن الشروط الاتية 😮 مبلغ القرض 400 مليون يوروo معدل الفائدة 0,20% سنويا o مدة القرض 16 سنة بضمنها 8 سنوات فترة امهال المبلغ الملتزم به 100 مليون يورو المبلغ المتبقي 300 مليون يورو خصص لميناء الفاو ولصالح وزارة النقل
تعهدت ايطاليا بتقديم قرض بقيمة 400 مليون يورو على مدى ثلاث سنوات بموجب اتقاقية التعاون الموقعة بين البلدين في عام 2007وقد تم التوقيع على الشريحة الاولى من القرض بمبلغ 100 مليون يورو بتاريخ 23/10/2008 خصص لدعم القطاع الزراعي وتنشيط القطاع الخاص الزراعي في العراق وتم تخصيص المبلغ الى وزارتي الزراعة والموارد المائية لاستيراد مكائن ومعدات ،ونود الاشارة الى ان هذا القرض يمثل تسهيلات ائتمانية لاستيراد سلع ومعدات ايطاليا المنشا فقط .
خامساً :- قرض البنك الاسلامي للتنمية :- بتاريخ 25 اذار 2014 تم توقيع اتفاقية “استصناع”واتفاقية ” وكالة استصناع “في عمان بين العراق والبنك الاسلامي للتنمية بحضور وزير المالية وكالة ،ونائب رئيس البنك الاسلامي لتخصيص مبلغ قدره (217000000) مائتان وسبعة عشر مليون دولار امريكي للمساهمة في تطوير طريق المرور السريع رقم 1/ الممر التجاري الرابط بين العراق والدول المجاورة (مرحلة اولى ) لصالح وزارة الاعمار والاسكان/الهيئة العامة للطرق والجسور .
شروط القرضo الفائدة (الايبور+135 نقطة اساس (نصف سنوية )o فترة تسديد القرض (10) سنوات ويتم التسديد بعد فترة امهال (4) سنوات
شروط الإقراض الدولى:::لازال الجدل مستمرا حول اشتراطات القروض وتأثيرها على تنمية الاقتصاديات الناشئة. وهناك اتفاق متزايد فى الرأيعلى أن المؤسسات الدولية تفرض على الدول شروطا عديدة تحتوى على الكثير من التفاصيل التى تجعل الحكومات تركز جهودها على تلبية متطلبات القرض بدلا من التركيز على تحسين مستويات معيشة الشعوب. ولذلك ظهر عدد من البدائل المقترحة لتلك الشروط المفصلة. وفى الورقة التالية نورد بعض النماذج للاشتراطات كما نعرض بعض البدائل المقترحة.
دور البنك الدولى وصندوق النقد الدولى:::تغير دور البنك الدولى على مر السنين، فقد أنشئ فى الأساس للنهوض بمستويات التنمية الاقتصادية عن طريق القروض والدعم الفنى. ثم تحول بعد ذلك إلى مؤسسة وسعت نطاق المساعدة فى إنشاء البنية الأساسية الاقتصادية فامتد نشاطها إلى مشروعات فى قطاع الصحة والتعليم إضافة إلى برامج أخرى تهدف إلى مكافحة الفقر فى الدول النامية.
على الجانب الآخر، كان الهدف الأساسى من إنشاء صندوق النقد الدولى هو تزويد الدول التى تتعرض لعجز فى موازين المدفوعات بمساعدات مالية قصيرة الأمد. وبعد التخلى عن نظام أسعار الصرف الثابتة فى عقد السبعينات من القرن الماضى تحول صندوق النقد الدولى إلى مؤسسة تدير الأزمات المالية فى الأسواق النامية، وتقدم قروضا طويلة المدى للكثير من الدول النامية، وتقدم الاستشارات والنصح إلى دول كثيرة، كما تجمع البيانات الاقتصادية وتنشره.

تخضع القروض التى تقدمها المؤسسات المالية لدول العالم النامى إلى مجموعة معينة من الاشتراطات التى تهدف فى المقام الأول إلى ربط إتمام التحويلات المالية إلى الدولة المعنية بقيامها بتنفيذ سياسات أساسية، وتضمن للدولة المقترضة استمرار الحصول على التمويل إذا وضعت جميع السياسات موضع التنفيذ. ومن العجيب أن هناك بعض الدول التى تستمر فى الحصول على القروض رغم عدم قدرتها على الوفاء بالشروط الأصلية التى تم الاقتراض بموجبها.
نماذج بعض الاشتراطات:::إن شروط الإقراض المفصلة تجعل القروض عبءً على الدول النامية لأنها فى أغلب الأحيان “تقيد دور المؤسسات السياسية الوطنية وتحد من تطوير المؤسسات الديموقراطية المسئولة”4. والواقع أن محاولة الوفاء بعشرات الشروط قد تصبح عائقا صعبا أمام صنع القرار فى عملية الإصلاح. وليس من الممكن فرض الإصلاحات المؤسسية على الدول بواسطة شروط تأتى من الخارج، بل ينبغى تصميم هذه الإصلاحات وتطويرها من الداخل.
ومع مرور السنين، اتسع مجال شروط الاقراض بعد أن كان فى الأصل مقتصرا على متغيرات الاقتصاد العام. فالدول النامية التى كانت تواجه عددا قليلا من الشروط الهيكلية لكل برنامج طوال عقد الثمانينات أصبحت فى أواخر التسعينات تواجه أكثر من اثنى عشر شرطا مختلفا لكل برنامج فى المتوسط. و بالتالي أدت زيادة عدد الشروط إلى زيادة مخاطرة الدول التى تعجز عن الوفاء بتلك الشروط مما أدى إلى عزوف حكومات عن التفاوض بشأن القروض. إن الاشتراطات المفصلة لا تقدم للحكومات كثيرا من الخيارات عند تصميم سياسات الإصلاح حتى أنها تعتبر فى الغالب بمثابة هجومعلى السيادة الوطنية.
لم تتمكن نيجيريا، رغم العناية المتزايدة من البنك الدولى، من إدخال تحسين ملحوظ على أدائها الاقتصادي، بل ظلت أكثراعتمادا على قروض البنك الدولى بينما أخذت المنح المقدمة من المانحين الدوليين تتضاءل مع مرور السنين. وظلت نيجيريا مرارا وتكرارا تطلب المساعدة من صندوق النقد الدولى ومن البنك الدولى، ولكنها فى الغالب كانت تعلق المفاوضات على القرض بسبب كثرة الشروط المفروضة عليه. وقد بلغ متوسط الشروط التى فرضها البنك الدولى وصندوق النقد الدولى سنة 1999 على 13 دولة أفريقية جنوب الصحراء 114 شرطا لكل دولة. وكان لتنزانيا النصيب الأكبر من هذه الشروط حيث بلغ عددها 150 شرطا. وثبت أنه من المستحيل أن تتمكن هذه الدول الأفريقية من تلبية هذا العدد من الشروط وأن تنجح فى نفس الوقت فى تحسين مستوى معيشة شعوبها بكفاءة.
وعلى سبيل المثال، اشتملت الشروط المفروضة على تركيا أثناء المفاوضات التى جرت مؤخرا للحصول على قرض إضافى من صندوق النقد الدولى على ما يلى:
1. عودة تدفق الائتمان إلى القطاع العقارى.2. شفافية أكثر للعمليات الحكومية.3. إعادة هيكلة مؤسسات الدولة..4. التوسع فى الخصخصة.5. تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة..6. إجراءات التكيف المالي.7. تخفيض التضخم فى إطار الخطة الهادفة إلى مواجهة التضخم
الاشتراطات والتركيز على النتائج بدلا من الأنشطة:::سعى البنك الدولى وصندوق النقد الدولى خلال العقد المنصرم إلى تقوية التعاون فيما بينهما فى مجال الاشتراطات و بالتالي إلى تحسين تصميم برامج كل منهما. وركزت المؤسستان على زيادة ملكية الدولة فى برامج الإصلاح وفى توضيح الأدوار المؤسسية.
ونتج عن ذلك صدور قرار يركز على وضع شروط ترتبط بنتائج البرنامج بدلا من ارتباطها بأعمال الحكومات. وتتلخص الفكرة فى فرض الحد الأدنى من الشروط مثل الشفافية فى إدارة الميزانية والحكومة، والسماح للحكومة بالسيطرة الكاملة على عملية وضع السياسات وتنفيذها، وهو ما يعتبر من الجوانب الأساسية للملكية ونجاح الإصلاح. والبرامج القائمة على اشتراط النتائج هى التى تحدد النتائج المطلوب تحقيقها ولكنها تترك للحكومات نفسها حرية اختيار الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.
وقد اعترف السيد/ هورست كوهلر Horst Kohler العضو المنتدب لصندوق النقد الدولى بالمشاكل التى تواجه الدول النامية من الاشتراطات المفصلة. وبعد مراجعة نشاط الصندوق فيما يتعلق بتلك الاشتراطات طالب بضرورة الاهتمام بتقوية ملكية الدولة وتوفير الدعم السياسى المطلوب للتنفيذ المتواصل للإصلاحات، كما طالب بتخفيض عدد الشروط المفروضة على القروض المقدمة من الصندوق. وقد اشترك صندوق النقد الدولى فى العديد من المناقشات التى دارت حول الاشتراطات فى نطاق محاولاته لتقييم المشكلة وإدخال التغييرات الممكنة التى يجب تبنيها.
توجهات بديلة

مركز المشروعات الدولية الخاصة (CIPE): يتلخص التوجه الذى اتبعه المركز لعدة سنوات فى بناء نوع من التحالفات يقوم على تعزيز سياسات محددة فى الدول النامية لتعزيز عمليات الإصلاح، وهو ما تقوم به غرفة التجارة الأمريكية فى الولايات المتحدة الأمريكية. وتركزت جهود المركز على بناء شبكة من المؤسسات التطوعية ومؤسسات القطاع الخاص مثل الغرف التجارية التى تعتبر عنصرا أساسيا بالنسبة للنظام الديموقراطى. ومن شأن هذه الشبكة تسهيل المشاركة العامة فى الأنظمة السياسية.
• أجندة الأعمال الوطنية (NBA): هذه الأجندة أداة يستخدمها مجتمع الأعمال لتشجيع الاستثمار وحفز النمو الاقتصادى. وتعمل الأجندة على تعبئة مجتمع الأعمال لاستخدام مهاراته فى التأثير على السياسة العامة بتحديد الأولويات التشريعية والتنظيمية ونقلها إلى صناع السياسات. وتحدد أجندات الأعمال الوطنية العوامل الرئيسية المعوقة لأنشطة الشركات كما تقدم توصيات وإصلاحات واضحة لتحسين مناخ الأعمال والأداء الاقتصادى ككل، وتقدم إلى الحكومة هموم مجتمع الأعمال بصوت متحد مما يزيد إمكانية التأثير على السياسة.
• برامج حوكمة الشركات (أى اساليب ممارسة سلطة الإدارة فى الشركات)Corporate Governance Programs: تعتبر هذه البرامج من أكبر مكونات استراتيجية مركز المشروعات الدولية الخاصة لتقوية اساليب حوكمة الشركات بما يعنى اساليب ممارسة سلطة الإدارة فى الشركات على الصعيد العالمى بأسره. إن مجتمعات الأعمال الوطنية ما فتئت تتعلم الدرس الذى ينص على أنه لا بديل لاستخدام الأنظمة الأساسية للأعمال والإدارة لكى تتمكن الشركات من المحافظة على قدرتها التنافسية الدولية وعلى جذب الاستثمارات. ولكن آليات اساليب ممارسة سلطة الإدارة فى الشركات تتطلب تطوير المؤسسات الرئيسية التى تعتبر حيوية بالنسبة للإصلاحات الاقتصادية والديموقراطية الناجحة. ومن هذا المنطلق دأب المركز على مساندة البرامج الناجحة فى جميع أنحاء العالم بما فى ذلك روسيا وكولومبيا واندونيسيا وبولندا ومصر. وقد ساهمت هذه البرامج فى تحقيق التنمية المؤسسية من خلال مشاركة القطاع الخاص المحلى.
• حساب تحديات الألفية (MCA) : فى مارس 2002 اقترح الرئيس الأمريكى بوش أن تزيد الولايات المتحدة مساعداتها إلى دول العالم النامى بمقدار 5 بليون دولار أمريكى بحلول سنة 2006، وسوف تستخدم هذه المساعدة فى تمويل مبادرات تؤدى فى النهاية إلى تحسين مستويات المعيشة فى الدول النامية. وسيحقق حساب تحديات الألفية أهدافه بتوسيع شراكات التنمية مع مؤسسات القطاع الخاص، والحكومات الوطنية والمحلية، والجمعيات الأهلية الدولية والمحلية. وستوزع الأموال على الدول على شكل منح، ويشترط لحصول الدولة على هذه المنح أن تلتزم بممارسة سلطة الإدارة الجيدة وأن تطور قطاعى التعليم والصحة وتدعم المؤسسات الخاصة.
• الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (NEPAD): تعبر هذه الشراكة الجديدة عن مجهودات القادة الأفارقة الهادفة إلى القضاء على الفقر وإلى وضع بلدانهم على طريق النمو والتنمية المستدامة. وتعد نيباد الإطار القائم على المبادرات الداخلية للتفاعل بين دول أفريقيا وبقية دول العالم لتعزيز برامج التنمية فى القارة الأفريقية. ولذلك تسعى المبادرة إلى جذب استثمارات هائلة ببناء المؤسسات وتنمية القطاعات الرئيسية فى الدول الأفريقية، كما تركز بصفة خاصة على تطوير الديموقراطية، وأسلوب ممارسة السلطة السياسية، وتطوير البنية الأساسية وتخفيض حدة الفقر، وتحسين فرص النفاذ إلى السوق، وبناء برنامج بيئى قوى.
لجنة ميلتزر The Meltzer Commission
فى 1998 أنشأ الكونجرس الأمريكي اللجنة الاستشارية لمؤسسة التمويل الدولية (IFIAC) فى نطاق تشريع يسمح بإضافة مبلغ 18 بليون دولار أمريكي إلى صندوق النقد الدولى لتقييم عمل كبرى المؤسسات المالية الدولية. رأس هذه اللجنة البروفيسور/ آلان ميلتزر Allan Meltzer وأصبحت تعرف باسمه (لجنة ميلتزر)، وقد حازت تأييد الرئيس جورج دبليو بوش وغيره من الأعضاء الجمهوريين. وأوضح السيد/ ميلتزر أن التغييرات المقترحة موجهة لتحقيق ما يلى:
1. زيادة الشفافية.تحسين المحاسبية. تقليل الفساد فى الدول التى تتلقى المساعدات.زيادة فاعلية صندوق النقد الدولى وتطوير برامج البنك الدولى
صندوق النقد الدولى:::أوصت لجنة ميلتزر بالاجماع بشطب ديون “الدول الفقيرة المثقلة بالديون” والتى تلتزم “باستراتيجية فعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”. وكثيرا ما ينتهى المطاف بأمم فقيرة تحصل على قروض جديدة لمجرد استخدامها فى تسديد فوائد قروض سبق أن حصلت عليها قبل ذلك. وفى هذا الموقف، يصبح من المستحيل الوفاء بالشروط التى يتم بموجبها الحصول على هذه القروض، لأن الديون الجديدة تستخدم فى الحقيقة لتسديد ديون قديمة، ولا تستخدم فى برامج إعادة الهيكلة.
وكذلك اقترحت اللجنة بعض التغييرات التى ينبغى أن يتبناها صندوق النقد الدولى وبنوك التنمية فى عملياتها، ومنها أن يكون الصندوق “شبه مقرض كملاذ أخير للاقتصادات الناشئة”. ويطالب الرأى الذى عبرت عنه اللجنة بوضع شروط مسبقة يجب على الحكومات تلبيتها قبل اقتراض مبالغ للطوارئ من الصندوق. وكان الغرض من هذا الاقتراح ألا يفرض الصندوق تلك الاشتراطات المطولة التى ثبت أن كثيرا من الدول تعجز عن الوفاء بها وأنها تجعل برامج الصندوق “صعبة المراس، شديدة التضارب، مضيعة للوقت فى المفاوضات، وغير مؤثرة فى أغلب الأحوال”. أما الشروط المسبقة التى اقترحتها اللجنة فكانت كما يلى:
1. يجب على الحكومات أن تضمن أن تكون البنوك مرسملة بالقدر الكافى
2. يجب على الحكومات أن تسمح بمشاركة المؤسسات المالية الأجنبية. والقصد من ذلك هو الحد من الفساد، وزيادة قاعدة رأس المال، وتقليل المخاطرة عن طريق تنويع المحفظة
3. يجب على الحكومات التى ترغب فى الحصول على قروض من صندوق النقد الدولى تقديم بيانات مضبوطة وفى الوقت المناسب عن الأسواق المالية
4. يجب على صندوق النقد الدولى وضع الشروط المالية المناسبة التى يجب على الدول أن تلتزم بها
وبينما طالبت اللجنة صندوق النقد الدولى بتقديم قروض قصيرة المدى، أقرت اللجنة أنه يجب على بنوك التنمية الاضطلاع بمسئوليتها فى تزويد الدول بمساعدات طويلة المدى. كما طالبت أن يتحول الصندوق إلى منظمة تقوم بعدد قليل من عمليات الطوارئ كل عام. وفى نفس الوقت كان من رأى اللجنة أن تستمر مشاركة صندوق النقد الدولى المنتظمة فى التشاور مع الحكومات حول اقتصاداتها العامة وسياساتها المالية، وألا يقرض الأموال إلا فى حالات الأزمات فقط.
مجموعة البنك الدولى: المنح بدلا من القروض:::وكذلك كانت برامج البنك الدولى غير ناجحة وغير فعالة فى بعض الأحيان، حيث بلغت نسبة نجاح برامجه فى الدول الفقيرة أقل من 33% من مجموع الحالات. ومن المحتمل أن تظل الدول الفقيرة التى تتلقى هذه البرامج فقيرة وألا يتمكن عدد كبير من هذه الدول من تسديد ما اقترضته من ديون. وليست هذه النتيجة مفاجئة، وخاصة إذا علمنا أن الديون الرسمية على 42 دولة من الدول الفقيرة بلغت أكثر من 170 بليون دولار أمريكى. ويقدر ما تسدده الدول الفقيرة المثقلة بالديون فى الوقت الحالى بنحو 8 بليون دولار سنويا.
وأوصت لجنة ميلتزر بأن يتخلى البنك الدولى عن استراتيجية الإقراض المتبعة حاليا مع الدول الفقيرة المثقلة بالديون، وأن يقوم بدلا من ذلك بتقديم الأموال من خلال برامج للمنح. أما شروط برامج المنح فإنها مستقيمة، ولن تتمكن الدول من الاستمرار فى الحصول على المنح إلا إذا أثبتت أنها تحرز النتائج المرجوة. وكان من رأى اللجنة أن كثيرا من القروض التى تحصل عليها الدول الفقيرة يكون مصيرها الضياع فى الغالب على يد حكومات فاسدة غير فعالة. ورأت اللجنة أن برامج المنح ستؤدى فى النهاية إلى تحقيق التنمية المؤسسية فى الدول الفقيرة إذا تم تعزيز الاصلاحات مع العناية بإنشاء المؤسسات الأساسية.
الاقتراح المقدم من لجنة ميلتزر بشأن تقديم التمويل إلى دول العالم النامى عن طريق برامج المنح بدلا من القروض كان موضع تقدير الخبراء الأمريكيين والدوليين. وقد أشاد الرئيس الامريكى بفوائد البرامج القائمة على المنح، واقترح فى خطابه إلى البنك الدولى “أن يحدث البنك زيادة كبيرة فى الحصة التمويلية التى يقدمها على شكل منح بدلا من القروض إلى الدول الأكثر فقرا”17. كما أكد أن برامج تخفيض الدين سارية وأن الدول بدأت تستخدم التمويل لتحسين قطاعى الصحة والتعليم بدلا من استخدامه لتسديد الديون.
هناك العديد من الدراسات التى تناولت بالنقد برامج البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والشروط التى يفرضها كل منهما على الدول، وهناك اتفاق عام فى الرأى على الحاجة إلى تعديل هذه الاشتراطات. ولكن ربما لا يكون هناك بديل صحيح واحد، بل قد يوجد الحل بالنسبة للقروض الجديدة فى حزمة إصلاح واحدة تشمل الاتجاه إلى المنح كما تشمل الشروط القائمة على النتائج. وهذا الخليط الصحيح من الحلول سيساعد المؤسسات المالية الدولية على العمل مع الدول النامية لتحقيق الهدف المشترك وهو التنمية الاقتصادية وتخفيف حدة الفقر.