تبنى العلاقات الدولية على المصالح، وما يضمن تحقيقها، ويحافظ عليها. والمطلوب الآن من الجزائر تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية، والنفطية، والعلمية، والتقنية العالية مع إيران.

فإيران دولة قوية ذات صبغة براغماتية، تفضل المصلحة على غيرها، وقدرات علمية.

وبما أن الجزائر تشترك مع إيران في ميدان الغاز والبترول خاصة، وجب تعزيز العلاقة في هذا الجانب وما يحيط به. فلا يمكن بحال المغامرة في ما يتعلق بالمادة الاستراتيجية، فإن ذلك من هلاك الدول.

أموال إيران الآن والمشاريع الضخمة يستفيد منها كل من، ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، والصين، وروسيا، وتركيا، والهند. ولا يعقل بحال أن تحرم الجزائر نفسها من الكعكة التي ما زالت تسيل لعاب القطط الكبرى، والتي كانت منذ أيام عدوة لإيران، وتحاصرها في كل مكان.

علاقات الجزائر بإيران حسنة، وليست في حرب معها، ولا في تحالف معها أو ضدها، ولا تتدخل في شؤونها، وليست مستعدة بحال أن تدخل معها في نزاع سياسي لا يعني مصالحها في شيء.

وما زالت الجزائر تملك كل المقومات لإصلاح ذات البين بين إيران وجيرانها العرب، كما أصلحت من قبل بين الشاه، والرئيس العراقي صدام حسين رحمة الله عليه.

الجزائر مطالبة أكثر من ذي قبل، كي ترعى مصالحها بنفسها، ومع من تراه يقاسمها المواد والسلع الاستراتيجية التي بحوزتها، والسياسة الخارجية المبنية على عدم التدخل.

ويمكن للجزائر أن تتعامل مع إيران بندية مطلقة، وتنافس شديد دون تبعية ولا إملاء ولا خضوع.

إن حلفاء إيران الآن من القوة بمكان، وعلى رأسهم روسيا، والصين، والهند، وقد أضيف لها الآن دول غربية كألمانيا.

جيران إيران من العرب، كدبي، وعمان، يقيمون علاقات تجارية قوية معها، رغم الاختلاف السياسي البيّن بينهم.

ولا داعي أن نذكر أن الجزائر تبقى وتظل تحافظ على مصالحها مع جيرانها المغاربة، وإخواننا في الخليج، والدول العربية جمعاء. فالتعاون مع إيران لا يعني أبدا التنكر للأخ العربي، بل يستلزم التمسك به أكثر من ذي قبل، والوقوف إلى جانبه ، والدفاع عنه إذا تعرّض لأيّ إعتداء.

ولا بأس بالتعامل مع تركيا، وإننا الآن نتعامل معها. والحذر مطلوب مع إيران ومع كل الدول دون استثناء. فالعلاقات الدولية مبنية على المصالح وليست على عاطفة أم أو أب أو أخ.

وأتفهم تخوفات إخواننا العراقيين وغيرهم التي تبقى محل إحترام وتقدير. وبما أن كل الدول تسعى لتصدير ثورتها عبر استعمال النفوذ، والمال، والإعلام، والتهديد تارة، والترغيب تارة أخرى. فإنه من المفروض أن نتعامل معها في المجال المادي الربحي، فإذا ما بادر منها توسع وتصدير ثورة، أوقفت الجزائر علاقتها بإيران ، ومع كل دولة أخرى تسعى نفس المسعى، ليتم الانتقال إلى دولة أخرى أكثر إحتراما لعادتنا ، وتقاليدنا ، وتاريخنا ، ومكاسبنا.

المطلوب من الجزائر أن تستغل العلاقة الثنائية كغيرها من العلاقات الثنائية الأخرى لصالحها، ولتحقيق مصالحها، وتحافظ على ثوابتها ومبادئها.