سيف أكثم المظفر

تصدّر العراق مقياس (جالوب) للعاطفة ليحتل المركز السابع عالميا والأول عربيا، لما يتميز شعبه من صفات؛ الطيبة والكرم والشجاعة، ويتحلى بروح سمحة، وعاطفة جياشة، جعلته يتصدر عالميا. العاطفة الفردية والعاطفة الجمعية، أحداها مبنية على الأخر، وتشير الأبحاث، إن العاطفة لها وجهان ايجابية وأخرا سلبية، حيث تنقسم العاطفة إلى عدد من المصطلحات العلمية: الذكاء العاطفي والأمان العاطفي، وكل مصطلح له تفسيرات متعددة، التأثير العاطفي هو سلاح ذو حدين، ويعتبر الطريق الأقرب، للسيطرة على المجتمعات، وحشد الجماهير وتوجيههم، من خلال التأثير العاطفي.
إن الصفة العاطفية للمجتمع العراقي، ذات طابع سلبي، بسبب قلة الوعي الثقافي في المجتمع، مما يجعل من العاطفة أداة تهديم في الطبقة الكادحة، لسهولة استدراج عواطفهم، من قبل المؤثرين في الساحة الاقتصادية والاجتماعية و بالأخص السياسية، واستمالتهم بشعارات براقة وهتافات رنانة، يتبعها إغراءات وسبل غير شريفة، تخترق أغشية العوز والفقر الذي يعيشه المجتمع.
اسطوانة المكر والخداع، دوما ما تكون بغطاء ديني أو طائفي أو قومي، يعزف عليها، لكسب عاطفة الناس، وهذا ما نجح به 70% من الطبقة السياسية العراقية، ومن مصادقها هو خلق أزمات طائفية أو قومية؛ لاستدراج الجمهور خلفه بشعار طائفي ، ومرة بشعار قومي لاستمالت عواطف الناس، و خصوصا في ظرف إقليمي متصدع وقوى عالمية مستفيدة؛ من هكذا نوع من الخطابات العاطفية، لتقوية نفوذها، وفرض إراداتها الشيطانية، ورسم حدود القوى العظمى لخارطة الشرق الأوسط الجديد.
العاطفة المجتمعية دون ثقافة مجتمعية، هي اقرب إلى الحالة السلبية للعاطفة، وتعد في بعض حالاتها خطرا كبيرا على المجتمعات، حيث يمكن استغلالهم لأهداف غير إنسانية، وتحويلهم إلى حقل تجارب أو خلق جماعات متطرفة باسم الدين، مع وجود عامل الإغراء المادي والجنسي.
اليوم ونحن على أعتاب انتخابات، سنلاحظ تطبيقا واقعيا، لمعنى الاستغلال العاطفي الذي تنتهجه بعض الأحزاب السياسية، خصوصا في المناطق الريفية والقرى وأطراف المدن، التي تعتبر اقل ثقافة من المجتمع المتمدن.
ليس من الواقعية؛ البحث عن حلول آنية ومستعجلة، خصوصا في عمر المجتمعات، لأنها تحتاج إلى زمن طويل للتحول إلى مجتمع واعي ومثقف وعاطفي في نفس الوقت، لكنه ليس مستحيلا، بل نحتاج إلى عمل دءوب ومتواصل ومن الجميع، لننهض بواقعنا المرير، أول هذه الطرق هي الاهتمام بالشباب،على وجه الخصوص، إن المجتمع العراقي يعتبر من المجتمعات الفتية، أي نسبة الشباب فيه تفوق 60%، والثاني؛ أن لا تقتصر الثقافة على الجانب الأكاديمي والعلمي، بل نحتاج إلى توعية بجوانب متعددة، وفضح أساليب الخداع وتضليل الرأي العام، المتبعة من قبل أصحاب الأجندات الداخلية والخارجية، ومن المهم إنشاء مصدر معلوماتي موثوق يرجع إليه المواطن ليتحقق من إي خبر، ونفتقر إلى مشروع إعلامي وطني حقيقي في العراق، وهناك عوامل كثيرة وخطوات عملية يجب إتباعها لتفعيل الذكاء العاطفي؛ لدى الطبقة الشبابية العراقية، كونهم من سيرسم ملامح الدولة ومستقبل هذا الوطن.
تتسامى أرواحهم يوميا، دفاعا عن أرضنا وشعبنا، وينذر العمر كل صباح؛ تلبية لنداء المرجعية الرشيدة، فهؤلاء أتم دورهم على أكمل وجه وبأعلى درجات الإيثار والإباء، وهنا جاء دورنا نحن الشباب وما قدمناه وما سنقدمه مقابل كل تلك التضحيات العظيمة لقواتنا الأمنية بكامل صنوفها، كلنا مدعون إلى توحيد الصفوف وترتيب الأوراق؛ لمرحلة جديدة، من الوحدة والتآخي والتالف تحت خيمة العراق العظيم، سلام لأرض تفيض عطاء وطيب ثراها دم الشهداء فهذا حسين وذي كربلاء أصبح للعالم لسان وفم.