أ.د,صادق وحيد جاسم

أنواع العهر…العهر النسائي — السبب الحاجة و الحرمان,العهر الرحالي — السبب كثرة المال,العهر الصبياني –نزق المراهقة,العهر الديني – النفاق,
— الخيانة و الأخونة,العهر الأخونجي – الصهينة,العهر الوهابي – اليهودة,العهر العربي — الخضوع و الخنوع,
العهر الأمريكي — البلطجة و المصلحة,العهر الدولي– لعبة لمصالح,العهر الفكري — الجهل و الغباء
وكل من يمارس العهر بأنواعه .. يعيش نفس أجواء العاهرة , فينسى أنه يمارس عهرا , ويكون أكثر إسقاطا لعهره على غيره بنفس الممارسة والسلوك دون أن يشك في سوء ممارسته .والعهر ليس بالضرورة يكون : ممارسة للجنس الحرام الذي قد يسقط في شركه حتى الفضلاء من الناس لحظة نزوة خارج السيطرة .. وإنما قد يكون عهرا في ممارسة تقمص دور الفضيلة بغرض الإساءة للفضلاء والشرفاء الحقيقيين .. أو ممارسة دور السياسة .
وأخطر وأسوأ أنواع العهر : رجل يتلبس بثياب الدين ليخدم قذارات السياسة . فيسيء لمن هم أتقى وأنقى واشرف منه مسقطا عليهم كل عهره وعيوبه .. أو مسقطا كل عهر وعيوب السياسي الذي أرشاه كي يفتي من دين الله ما يشوه معالم الحقيقة الناصعة .وفي كل الأحوال : العاهرة .. أفضل من عاهر الدين .. لأن العاهرة تمارس نزوة يقابلها ذنب قد يغفره الله لو تابت.. أما عاهر الدين فيرتكب ذنبا بغرسه للحقد والكراهية قد تقتل بسببه أرواح بريئة لايغفر الله لمن أباح قتلها أو أوغل في دماءها !
العاهر المتدين كذبا وتقمصا : لا يخشى الله وهو يكذب على مريديه من العوام والمحبطين ويدرك أن الكذب يخرجه من دائرة الإيمان .. لكنه أيضا يدرك أن من يصدقون كذبه : قوم لاعقول لهم .. ولا إيمان , فيستمر في غيه وزيفه وإستغفاله , لأنه يعرف أن من يستمعون إليه بغرائزهم وشهواتهم ليسوا أهلا للإيمان مادام أنهم قد رهنوا عقولهم لمكره وعهره !
أما العاهر السياسي : فلا لوم عليه لو مارس عهرا سياسيا يخدم مصالحه ..لأن السياسة : فن العهر… والسياسي المحترف : يمارس اذكى أنواع العهر السياسي .لذلك فبعض الناس تعجب في السياسي العاهر .. وكل الناس تلعن رجل الدين الذي يتكلف الايمان وهو ليس إلا رجلا يمارس العهر السياسي بكل صوره العاهرة ومادخلت السياسة في دين إلا ولوثت طهره , وما تدخل المتدين في سياسة إلا وفقد إيمانه وصدقه وأمانته !
إن الآية الكريمة : لكم دينكم ولي دين .. فصل بين دين النقي التقي .. ودين العاهر, بدون قسر . وهي أمر من الله كي لا يختلط النقاء بالعهر , فيستغل العاهرون عهرهم لتشويه الحق والطهر والجمال والحرية .. ولكي لا يجعلون من القبح والظلم والإستبداد رمزا للحياة الكريمة !وكلما كان الإنسان مؤمنا بما يدعيه ويعتقده : كان أكثر إطمئنانا .. وأقل نفيا للآخر بإسم ما يؤمن به !لكم دينكم ولي دين : فصل بين النور والظلام .. بين الحق والباطل .. بين الصدق والكذب .. وبين الطهر والعهر … والمعيار هنا : صدق الإيمان والإقتناع بالشيء وليس : القسر والإرغام والتدليس !لذلك فقد أكد الله أمره بحرية الإختيار حتي بين الكفر والإيمان دون أن يلزم أحدا في الحياة .. أن يؤمن دون خيار حر , ولم يوكل الله أحدا نيابة عنه كي يقسر الناس أن يؤمنوا بما لايوقنون به (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
في عرف السياسة : ممارسة العهر أنجع من ممارسة الطهر , وكذلك يجوز في عرف السياسة أن يتم الخلط بين السياسي والديني … فمثلا قد تردد حكومة أو حزب قبل أن تحكم عبارات مثل : خيبر خيبر يا يهود .. ثم ترفع علم اليهود فوق ديارها بعد أن أصبحت تحكم ! ويكون المريدون البلهاء .. هنا .. بلا عيون وهم يشاهدون العلم يرفرف .. فلا يتساءلون .. لأنهم قوم : لايعقلون .. ولا يفقهون .. ولا يتفكرون !!
وفي جوهر الدين : أن الطهر كفيل بهزيمة كل عهر ولا يقبل الخلط بين الدين والسياسة .وقد إنتصر الأنبياء والأنقياء على مر التاريخ : بصدقهم وطهرهم , بما يثبت أن المتمسك بالطهر ولو بشكل نسبي أكثر من غيره : هو من يحقق الانتصار والنجاح , وأن ممارسة الحيل والزيف والكذب وتشويه الحقائق ليست إلا مخدرات وقتية قد تحقق انتصارات عابرة .. وأنه لا ينتصر في الأخير إلا الطهر بنسبيته أمام ما يضاده أو يوازيه أو يعاديه , مهما كانت وسائل القوة لدى من يمارس العهر بنسبية أكثر !
بل أن لنا في إنتصار امريكا في الحربين العالميتين عبرة .فعندما ذهبت أمريكا للحرب هناك مستندة في غزوها الى قيم أخلاقية كنشر قيم الحرية وتحرير الالمانيين واليابانيين من أنظمة قمعية دكتاتورية رغم وجود دوافع القوة الحريصة على مصالحها السياسية الهامة , فإن أمريكا حققت نصرين كبيرين كانا سببين في أن تكون أمريكا امبراطورية عظمى .أي أن نسبية الإستناد إلى القيم الأخلاقية كالحرية والعدالة وإنقاذ الناس من بؤس الطغاة ومعاناة الاستبداد أكبر من كل ما يدعيه هتلر وامبراطور اليابان لشعبيهما من زيف العزة والكرامة .
وعندما اصبحت امريكا تخلق الحروب في الشرق الأوسط وآسيا بقصد استنزاف ثروات الشعوب وبث الفرقة تحت إدعاآت الحرية والديموقراطية , فإنها برغم استفادتها من الثروات المستنزفة بفعل الحروب المفتعلة كذبا من اجل الحرية لم تحقق نصرا معنويا حضاريا يجعل الناس تثق في الإدعاآت المزيفة .لو كانت أمريكا صادقة في حروبها في الشرق الأوسط بنفس النسبية المستندة على قيمها الأخلاقية التي تأسست من أجلها لسلبت عقول وقلوب الشعوب في كل مكان حتى أولئك الذين يمارسون العهر دينا وسياسة ! لذلك .. فإن إستناد أمريكا بقوة القوانين في الداخل على قيمها الحضارية العظيمة , يجعلها تنتصر على ضعفها الداخلي الذي يسببه من حين لاخر عهر سياساتها الخارجية وهذا ما ساعدها أن تحافظ على قوتها وهيمنتها منذ أكثر من اربعمائة عام , ولو إستمرت في عهرها السياسي الخارجي فلربما يساعد على إنهيارها في الداخل . لكن نسبية إستنادها إلى قيم العدالة والحرية الأكثر في العالم لايزال هو الواقي القوي لمنع إنهيارها . وكلما عادت أمريكا تستلهم من قيمها العظيمة كلما بقيت منارة للحرية !
صحيح أننا في عصر أصبح فيه كل يمارس عهره السياسي بدون تخفي أو حياء ويتهم عدوه أو نقيضه بنفس التهمة … لكنه في الأخير لن ينتصر إلا من يستند في إدعاءه على قيم عظيمة وأعظم تلك القيم هي : حرية الانسان أينما كان دون النظر الى لونه او عرقه او دينه !
ما يميز العاهر : أكانت إمرأة .. أو رجلا تلبس بثوب الدين .. أو سياسيا يخفق ثم يخفق .. أو مريدا تتكرر عليه كذبات العاهرين : أنه يملك قدرة على عدم التأثر بإنكشاف الكذبة منه .. أو عليه ! فللعهر .. إدمان .. لا شبيه له !!