تكررت الأخطاء في المنظومة التربوية الجزائرية، من فضيحة تسريب البكالوريا وسوء التعامل معها في حينها إلى وضع إسم الصهاينة بدلا من فلسطين في الخريطة الجغرافية المقدمة لتلاميذ السنة أولى متوسط، وبالضبط في صفحة 65 من الكتاب، كما عاينت ذلك بنفسي عصر يوم الجمعة.

إعترفت الوصاية بالخطأ، قائلة إن .. الناشر هو الذي غيّر في الخريطة واستعان بغوغل لأسباب تتعلق بضيق الوقت، وأن الخريطة التي قدمت له لم تكن واضحة بالقدر الذي يمكن الاستعانة بها في حينها.

نترك الكلام الرسمي جانبا، فليس من عادة صاحب الأسطر أن يبرر للساسة  الجزائريين أو غيرهم، وعليه تكون هذه الأسطر..

من الجرائم البيّنة أن تعتمد المنظومة التربوية وهي قطاع بالغ الحساسية على غوغل لتقديم الخرائط لأبنائنا ، مع العلم يوجد في الجزائر مؤسسات علمية تهتم بالخرائط وكان يمكن الاستعانة بأساتذتها وخبرائها وطلبتها الممتازين في رسم خريطة بأيدي جزائرية ، يظهر من خلال إبداع الأنامل ودقة المعلومات .

الصهاينة مستعدون أن يتنازلوا عن إقامة علاقات دبلوماسية مع العرب، لأنهم يدركون صعوبة ذلك نظرا لصعوبة إختراق العربي الذي يبغض الصهاينة بالفطرة وهم يعلمون ذلك جديدا، لكن لا يقبلون أبدا التنازل عن التطبيع العربي معهم، ويسعون إليه بكل الطرق ولو تطلب الأمر الإغراء والتهديد. ومن مظاهر التطبيع وضع إسم الصهاينة على الخريطة ومحو إسم فلسطين الغالي.

الصراع العربي الصهيوني لا يبدو أنه سيتوقف غدا، وسيترك قتلى وضحايا وخسائر في مجالات معروفة وغير معروفة. والخرائط الجغرافية المقدمة للأجيال والهيئات إحدى أدوات الصراع المعلنة ، سواء شعرت بها الأمة أو لم تشعر بها .

ومن هنا كانت أهمية الخريطة في إندلاع الحروب وطول عمرها إلى اليوم، واندلاع أزمات بسبب خريطة  تذكر دولة بعينها أو تتجاهل دولة بذاتها .

ما يعيشه العرب الآن من هوان، وما تعيشه فلسطين من ضعف وإنقسام، يجعل المرء أكثر تمسكا بالخريطة التي تضم فلسطين التي نعرفها ونحبها وتربينا على حبها منذ الصغر. وليكن المرء على يقين أن ذلك يغيض الصهاينة، لأنهم لا يقبلون باسم فلسطين على خريطة، أو عبر الأثير، أو من خلال فضائية ، أو فيلم، أو خطبة، وتتدخل بكل ما أوتيت لمحو إسم فلسطين وكل ما له علاقة بفلسطين.

والذي أعرفه منذ الصغر أن الصهاينة تدخلوا لمنع دروس الشيخ محمد متولي الشعراوي، التي كان يتحدث فيها عن مكر وخداع بني إسرائيل، وبأن ذلك ينافي معاهدة مخيم داوود التي أبرمت سنة 17 سبتمبر 1978 . وقد سبق للسفير الصهيوني أن غادر القاعة محتجا على رائعة ” القدس لنا ” لفيروز، التي أسأل الله لها الشفاء والعافية . ما يدل على أن الصهاينة لا يتسامحون في صغيرة تتعلق بمحو فلسطين، ويؤكدون على كل صغيرة تدعم كيانهم المبني على الإغتصاب ، والنهب ،والاستيطان.  

مايجب التركيز عليه الآن ومن الآن، تعليم الناشئة في البيوت،  والمدارس ، والجامعات، ووسائل الإعلام ، علم رسم الخرائط، وطرق حفظها، وسبل إستنطاقها والتحدث معها، والقدرة على إستخراج الدروس والعبر منها. ومن جهة أخرى ترسيخ إسم فلسطين غبر الخريطة، وأنها أرض الأجداد والآباء، وأن الصهيوني مغتصب إغتصب الأرض الفلسطينية حين غفل عنها العرب، وغرّهم العدد، واستكانوا للوعود والعهود الصهيونية.

إن المرء ليحزنه أن يبقى الصهاينة فوق الأرض الفلسطينية، يهجّرون أبناءها، ويسرقون خيراتها، ويتعدون على أعراضها، ويظل يصر على وضع إسم فلسطين على الخريطة ليتعلم الأطفال الدفاع عن الأرض، ولو أن الواقع للصهاينة الذين يسيطرون على الأرض. وفي نفس الوقت يظل يكتب دون ملل ولا كلل عن الذين  حذفوا إسم فلسطين من الخريطة واستبدالها بالكيان الصهيوني المغتصب .

فلسطين الجريحة بحاجة من يخفف عنها آلامها وجراحها، فلا داعي أن يضاف لها جرح آخر. وإن حذف إسمها من الخريطة لجرح عميق، سائلين الإخوة الفلسطينيين العذر والصفح عن ما صدر وتقبل التصحيح الذي تم والعذر الذي قدم، وهذه الأسطر التي كتبت لأجلهم .