يتفق الجميع على أن قطاع السياحة قطاع إقتصادي منتج ومدر للدخل وخاضع للنمو أكثر من بقية القطاعات، ولذلك عمدت كثير من الدول الى تهيئة البيئة المناسبة ووفرت البنية التحتية لبناء قطاع سياحي فاعل، مع الإهتمام بالمقاصد السياحية . فهل تنجح السياحة العراقية في تفعيل عوامل الجذب السياحي في الداخل لتغيير وجهات السياح العراقيين إلى الداخل بدل الخارج بعد توفير المستلزمات والمقومات لبناء سياحة عراقية واعدة .البعض يرمي السبب على الحكومة ويبرئ القطاع الخاص، في حين أن الحقيقة غير ذلك، فالسياحة لا تنجح إذا لم يتبناها القطاع الخاص ويستثمر فيها، ويعمل على تنمية  جزءاً كبيراً من البنى التحتية خاصةً في القطاع الفندقي .

فلا يعقل أن تبدأ الحكومة ببناء فنادق جديدة وتقوم بإدارتها بالأساليب البروقراطية المعروفة، وهي لا تعمل على بناء مراكز التسوق (المولات) وإدارتها، فهذه فوضى جديدة وتخبط وعودة إلى المركزية وسط أجواء تسير فيها الامور نحو الإدارة المحلية وتطويرها ومنحها مزيدا من الصلاحيات .. كما أن بناء إستراتيجية سياحية يمكن أن تتبناها مراكز الدراسات المتخصصة، متناسقة مع رؤية حكومية حقيقية واضحة للسياحة ضمن إستراتيجية بناءة يمكن المضي في تنفيذ خططها على وفق زمن معلوم.

المختصون يشيرون إلى ان الإيرادات السنوية لقطاع السياحة في العراق بلغت (350) مليون دولار عام 2015 ،وان سمة الدخول توفر للدولة اموالا لايمكن الاستهانة بها . وإحصائيات السياحة تشير إلى وجود (1295) فندقاً قابلة للزيادة، هذه الفنادق موجودة في جميع المحافظات، لكنها تتركز في بغداد والنجف وكربلاء والبصرة، وأعداد قليلة جداً منها في بقية المحافظات .. كما أن تلك الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من مليون ونصف المليون سائح عراقي توجهوا إلى إيران عام 2015وأن (500) ألف آخرين توجهوا إلى تركيا و(22) ألفا إلى لبنان وأذربيجان، وازدادت الارقام عام 2016وهؤلاء يشكلون ثروة كبيرة لقطاع السياحة فيما إذا غيرت وجهاتهم إلى الداخل .. المحافظات العراقية غنية بالمقاصد السياحية لذلك يبقى الجهد الأكبر على إدارة المحافظة نفسها فيما إذا وفرت فرص إستثمارية في هذا القطاع وقامت بالإهتمام بالمقاصد السياحية فيها، سواء كانت دينية ام آثارية ام ترفيهية.. السياحة فن، إضافة إلى كونها قطاعاً إقتصادياً، وهي ثقافة وحوار وتواصل فضلا عن كونها متعة وترفيه، والسياحة تسويق، كيف نجذب السائح العراقي والأجنبي الى بلدنا.

 لابد أن نفكر بذلك وهي مسألة ليست صعبة .. المطاعم السياحية اليوم تستقبل مئات الآلاف من روادها، والمولات في بغداد والمحافظات أخذت مساحة واسعة من إهتمام المواطن. بقي على شركات السياحة أن تبادر وتضع برامج معقولة تنشط السياحة الداخلية وتجعل منها واقعاً حياً، فتوفر لنا فرصة أن نسيح في وطننا طلباً للراحة والإستجمام ولا نطلب ذلك خارج حدودنا .