السبايا في دمشق(قصة قصيرة )
سِيرَ برأسِ الحُسينِ ورؤوسِ الشُّهداءِ , وسِيقَ بالأسَارى منَ العِترةِ النَّبويةِ مُوثَقَةً بالحِبالِ .
السَّبايا مَحمولاتٌ على أَقتابِ الجِمَالِ , مَنظرٌ تَقشَعَرُّ له الأَبدانُ !
سارتْ قافلةُ الأَسرى , مِحنَةٌ فادحَةٌ أَلجَمَتْ لسانَي زينِ العابدينَ والحَوراء زينب .
أَطرقَ الإمامُ يُحدِّقُ في الأَغلال !!.
وتَرمقُ العقيلةُ رؤوسَ الشُّهداءِ من أَهل بيتها واجمةً صامتةً صابرةً!
بلغت القافلةُ دمشقَ بأَربعةِ فَراسِخ , رأَى أَهلُ البلدةِ ينشرونَ النِّثارَ فَرَحاً وسروراً , مَنَعوا القافلةَ من السَّيرِ ثلاثةَ أَيامٍ , تَزيَّنتِ الشَّامُ بالحُلِيِّ والذَّهبِ والفضَّةِ , دُقَّتِ الطبولُ والدُّفوفُ, حُشِّدَ شعبُها صغيراً وكبيراً بحضورِ الحَفلِ , كَحَّلوا العيونَ , خَضَّبوا الأكفَّ , فرحينَ بإبادةِ العِترةِ الطاهرةِ وسَبي حرائرِ النُّبوَّةِ!
عجباً كيفَ لم تمطرِ السَّماءُ دماً , ويَخسِفُ اللهُ الأَرضَ بأَهلها , يُهدَى رأسُ الحسينِ والناسُ يفرحونَ !! مِنْ أَي باب سَيدخلونَ؟؟ !
بادرَ سهلٌ إلى إحدى بناتِ الحسينِ , يَسأَلُها : مَنْ أَنتِ؟ أَلَكِ حاجة ؟ فأَنا سَهلُ صاحبُ جدِّكِ رسولِ اللهِ .
ـ قلْ لصاحبِ هذا الرأسِ أَنْ يُقدِّمهُ أَمامَنا حتَّى ينشغَلَ الناسُ بالنظرِ إليهِ ولا يَنظرونَ إلى حَرَمِ رسولِ الله .
أَسرعَ سهلٌ إلى حاملِ الرأسِ ,أَعطاهُ أَربعةَ مائةِ دَرهم .
أُبْعِدَ الرأسُ عنِ النِّساءِ .
…………………………………
*للكاتب مجاهد منعثر منشد /المجموعة القصصية (ظمأ وعشق لله) , الفصل السابع (السبايا إلى دمشق ,فالمدينة), ص 121ـ122.