الدولة الكردية قائمة لا محالة
ثامر حميد

قد يوحي عنوان المقالة أني أني أتحدث عن إرادة كردية سياسية وشعبية لا تلين، وهي موجودة إلى حد كبير، تجعل من قيام الدولة اكردية أمرا مفروغا منه يجب الإذعان له ولكن مقصدي هو الحديث عن إرادة أخرى مختلفة اقوى وأصلب تمتلك الوسائل والموارد لجعل الدولة الكردية تقوم وهي إرادة الولايات المتحدة الأمريكية فبدون هذه الإرادة لا تقوى الإرادة الكردية منفردة على الصمود أمام ضغط الدول المحيطة بالإقليم السائر نحو الدولة. وأميل إلى القول أن الإرادة الأمريكية في إنشاء الكيان الكردي المستقل في شمال العراق هي بقوة الإرادة البريطانية في إنشاء دولة إسرائيل في العقد الثاني من القرن العشرين (وعد بلفور في نيسان1917). وكما كان لبريطانيا دوافعها من إنشاء إسرائيل فللولايات المتحدة دوافع لا تقل قوة عنها ألا وهو أمن إسرائيل الذي بات مهددا بسبب المسار الذي اتخذته الحرب على الإرهاب في سوريا والعراق ولبنان. كيف؟ سأعرض تصوري…
لقد كان السبب الرئيسي وربما الوحيد الذي حدا بالولايات المتحدة إلى تحويل الحراك الجماهيري في سوريا إلى حرب أهلية تؤول بالنهاية إلى إسقاط النظام السوري هو درء الخطر الذي شكله حزب الله وإيران على إسرائيل حيث عملت سوريا كوسيط ثم بعد ذلك كطرف في الشراكة بين إيران وحزب الله. وقد عملت الولايات المتحدة على تحقيق هذا الهدف، أي اسقاط النظام السوري، بالتوازي مع جهودها لجعل العراق حاجزا بين إيران وسوريا دون نجاح كبير إذ قاوم السياسيون الشيعة الممسكون بزمام الأمور هذا المسعى الأمريكي كما ولم تستطع الولايات المتحدة أن تجعل من قيام إقليم سني يعزل شيعة العراق عن سوريا أمرا قابلا للتحقق بسبب رفض جماهير السنة وبعض قياديهم الموثوق بوطنيتهم. وعلى النقيض من ذلك وجدت الحشد الشعبي- وقد أدرك قياديوه مرامي الولايات المتحده- يرابط عند حدود العراق مع سوريا فكان كل ما فعلته أزاء ذلك التطور أن أنشأت قاعدة التنف العسكرية عند نقطة تلاقي الحدود العراقية السورية والتي يقول الروس أنها الثقب الأسود الذي يخرج منه الدواعش..
لقد أدى مسار الحرب ضد الإرهاب في سوريا إلى تعزيز موقع إيران في هذا البلد بحيث أصبحت على تماس مباشر مع حزب الله وإذا ما أبقت على وحدات مقاتلة في هذا البلد بعد نهاية الحرب على الإرهاب فستكون على تماس مياشر مع عدوها إسرائيل وهذا ما لا يمكن أن تحتمله الولايات المتحدة وحلفائها الغربيون. ورغم تأكيدات إيران أنها لا تنوي إقامة قواعد عسكرية لها في سوريا لم تجد الولايات المتحدة في هذا التصريح ما يطمأنها على النوايا الإيرانية. وبينما يمثل الوجود الروسي في سوريا مصدر قلق على مصالح الولايات المتحدة الآ نية والبعيدة إلا أنه لا يمثل مصدر قلق على أمن إسرائيل، المصلحة ألأمريكية الأولى في المنطقة، بل ربما يكون الروس عامل كبح لسوريا إن أرادت أن تجرب حظها في حرب مع إسرائيل تخوضها بمعية إيران وحزب الله (وربما حماس وهذا ما سأتي عليه) يكون عنوانها استعادة الجولان. لذلك فإن الولايات المتحدة تجد في الوجود الإيراني العسكري على الأرض السورية مصدر تتهديد خطير لأمن إسرائيل وربما كامل وجودها كبلد ليهود العالم.
لذلك فإن صورة الوضع في سوريا إذا ما آلت الحرب على داعش والنصرة بالقضاء على هذين التنظيمين وفرض سيطرة النظام على كل أرض سوريا ستكون على هذا النحو: سوريا أقوى عسكريا بجيش متمرس ونظام على درجة عالية من الثقة بالنفس، إيران أقوى بوجود مباشر على حدود إسرائيل عند الجبهة الشمالية الشرقية، حزب الله مزودا بمزيد من الخبرة القتالية والتسليحية أضاف لنفسه جودا في سوريا بعد أن كان مقتصرا على جنوب لبنان .

ومن الجهة الأخرى في جنوب إسرائيل وفي غزة بالتحديد حصل تطوران من شأنها إضافة المزيد من القلق المبرر لأمريكا وإسرائيل، الأول تمثل بصعود أسماعيل هنية كقائد لحركة حماس بعد أن انتخب لرئاسة المكتب السياسي للحركة خلفا لخالد مشعل ذلك الرجل المعروف بصلاته بالخليجيين وبرودته مع إيران والذي وضع أوراقه مع العاملين على اسقاط سوريا. أما هنية فهو تلميذ الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة وأبوها الروحي الذي اغتالته إسرائيل بضربة جوية. ويمكن لإسرائيل أن تفسر هذا التطور على أن دائرة التأثير الإيران على الجناح السياسي لحماس قد اتسعت بعد أن كان هذا النفوذ مقتصرا على الجناح العسكري (كتائب عز الدين القسام) الذي أظهر أنه يتبع تكتيات قتالية تشابه ما لدى حزب الله اللبناني في الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة وطور صواريخ قادرة على الوصول إلى مدن إسرائيلية بعيدة عن غزة الأمر الذي يؤكد العلاقة بينهما .
التطور الثاني المقلق لإسرائيل هو تخلي حماس عن حكم غزة منفردة ودعوتها للسلطة الفلسطينية في رام الله إلى تولي المسؤولية وهو ما يمكن أن يفسر على أن حماس قررت تكريس نفسها للعمل النضالي المسلح بالدرجة الأولى وهنا أيضا قد تكون يد إيران موجودة خاصة بعد أن ادركت حماس أن التطورات في سوريا سوف تفرض عليها عاجلا وليس آجلا أن تعيد حساباتها حيال هذا البلد بعد فشل مغامرة مشعل الخليجية كما وأنها لم تعد قادرة على الجمع بين مسؤوليات الحكم وأعباءه والنضال المسلح وأن عليها أن تختار واحدة منها إن أرادت حقا أن تقدم نفسها كفصيل مقاوم. وكانت حماس منذ أيام الأسد الأب وحتى قبل أحداث سوريا تحظى بدعم قوي من قبل النظام السوري الذي انزعج أيما انزعاج من إقدام قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على توقيع اتفاق صلح منفرد مع إسرائيل فوجد في حماس طرفا وحيدا يحمل راية المقاومة في فلسطين. ولا شك أن حماس بقيادة هنية سوف تجد الحضن السوري مفتوحا لها مرة أخرى رغم كل ما فعلته حماس تحت قيادة مشعل إلى حد مشاركة مقاتلين من حماس إلى جانب المعارضة السورية المسلحة في قتال الجيش السوري حسب ما أوردت بعض المصادر وذلك يعني أن مشعل ، تحت ضغط القطريين حيث يقيم، أراد أن يضفي بعدا طائفيا على قضية فلسطين الوطنية وهو ما لم يفعله الرئيس الفلسطيني محمود عباس رافضا كل الضغوط.
و لا يمكننا هنا أن نسقط الحشد الشعبي العراقي من المعادلة فذلك ما لا تفعله الولايات المتحدة وإسرائيل فالحشد يمثل قوة عقائدية لن يتواني المئات بل الآلاف منهم عن الذهاب للقتال إلى جانب أخوانهم السوريين واللبنانيين والإيرانييين إذا ما اندلعت مواجهة شاملة مع إسرائيل. ومن الأمور المعلومة للجميع أن هناك وحدات عراقية شبه عسكرية تقاتل إلى جانب الجيش السوري وقد صرح مسؤولون عسكريون لبعض فصائل الحشد الشعبي أنهم سوف يذهبون للقتال في اي مكان يوجد فيه إرهاب واعتبروا إسرائيل عدوا لهم أي أنهم سوف يقاتلون إلى جانب حزب الله وسوريا إن تطلب الأمر. لذلك على قادة الحشد الشعبي أن ينتبهوا جيدا إلى التهديد الأمريكي بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كتنظيم إرهابي، فإن حدث فسينالهم شئ منه. وأستبعد أن يصنفوا كقوة إرهابية في الظروف الحالية بسبي وجود تشريع برلماني يعتبرهم قوة نظامية تخضع لأمرة الحكومة العراقية ولكن الولايات المتحدة قد لا تعترف بهذا التشريع فتتعتبرهم قوة غير نظامية وقد ينالون نفس التصنيف الإيراني في المستقبل إذا ما شاركوا في مهمات قتالية خارج حدود العراق ضد إسرائيل بشكل خاص وأيضا ضد الدولة الكردية إذا ما أعلنت فهذه الدولة ستكون تحت الحماية الأمريكية كما هي إسرائيل.
وهكذا إذا نظرنا بعين أمريكا وإسرائيل فإننا نواجه إمكانية تشكل جبهة مقاتلة في شمال إسرائيل (حزب الله) وشرقها (الجيش السوري) – يكون الإيرانيون وكذلك مقاتلو الحشد الشعبي موجودين في أي منها- وجنوبها (حماس) وهذه الأخيرة تبقى كاحتمال لا مناص لإسرائيل إلا أن تأخذ بعين الاعتبار أنه قد يتحول إلى إمكانية يجب الاستعداد لها مما يشكل عبأ مضافا….
تلك هي بنظري المؤشرات إلى ما يمكن يؤول إليها في المستقبل الصراع بين إسرائيل من جهة وجبهة إيران-سوريا-حزب الله اللبناني من جهة أخرى وهذه الجبهة الأخيرة ستكون مختلفة تماما عما شهدته إسرائيل طوال حروبها مع العرب فاحتمالات الانتصار في مواجهة معها- شاملة كانت أم محدودة- تكاد تساوي احتمالات الهزيمة الأمر الذي يجعل من إقدام إسرائيل على هجوم استباقي مغامرة قد تودي بصاحبها…
ويبدولي أن الولايات المتحدة كانت تخطط منذ زمن لنقل المواجهة مع إيران من على حدود إسرائيل إلى حدود إيران وليس هناك مكان أفضل من كردستان العراق لتحقيق هذا الهدف و كانت تنتظر ما ستؤول إليها التطورات في سوريا قبل أن تقرر الشروع الفعلي بهذا المشروع وقد حانت لحظة التنفيذ بعد أن أدركت أن يدها ويد حلفائها في سوريا قد ضعفت وهي بطريقها إلى الزوال ورأت حليفها أردوغان يعيد حساباته لتلتقي مع حسابات روسيا وبضمنها مهادنة سوريا ربما بوعد من روسيا بأن الشركات التركية ستنال حصة مهمة في عقود إعادة إعمار سوريا. كما وأن سرعة نهاية داعش في العراق –كانت تطلعاتها أن يدوم وجودها عقودا- قد وفر الأرضية لأن يصبح العراق موضوعيا- أي حتى لو لم ترغب الحكومة العراقية بذلك- امتدادا لمحور يبدأ بطهران وينتهي بجنوب لبنان. إن وجود دولة كردية شمال العراق- تأخذ شكل المحمية الأمريكية – من شأنه أن يوفر عامل ضغط معاكس على بغداد وستكون مصادر المياه ورقة كردستان الرابحة أزاء بغداد. وقد افصح السيد مسعود عن الأمر عندما قال أن إقليمه مستعد للتفاوض مع بغداد بشأن الحدود والمياه في إشارة واضحة لبغداد أن عليها أن تفاوض أربيل كعاصمة دولة كردستان على موضوع يعد مسألة حياة أو موت أي المياه …لذلك لا بد لساسة العراق أن ينتبهوا من اليوم لمسألة المياه فيبدأون بتطوير تصور عن مستقبل المياه كأداة ضغط بيد قادة الكرد بتنسيق وثيق مع تركيا فهي الوحيدة القادرة على لي ذراع القادة الكرد في هذا الشأن كون مياه دجلة والفرات تأتي من أراضيها.
ولنسأل الآن: هل تركت الولايات المتحدة لإيران وسوريا والعراق وهي البلدان المعنية مباشرة بالموضوع الكردي هامشا للمساومة يمكن معها تأجيل المشروع الكردستاني؟
بالنسبة لإيران فإن هامش المساومة بينها وبين الولايات المتحدة ضيق إلى درجة لا يكاد يرى لأن الولايات لن تقبل من إيران بإقل من إزالة وجود حزب الله من جنوب لبنان وإنهاء وجودها في سوريا مضافا لها قائمة طويلة من المطالب التي تتعلق بقدراتها العسكرية والتقنية وهذا ما لن تفعله إيران تحت أي ظرف. وتعرف الولايات المتحدة إن قبول إيران مثل هذه المطالب أقرب شئ للمستحيل ولذلك فإن الحديث عن امكانية إقدام الرئيس الأمريكي ترامب على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران أرى فيه تلميحا لإيران بأن الولايات المتحدة سوف تضع الخيار النووي ضدها على الطاولة إذا ما فكرت في مهاجمة إسرائيل أو مهاجمة القوات الأمريكية المرابطة في البحر أو في قواعد بالبحرين وقطر ..
و تدرك إيران أن إنشاء دولة كردية على حدودها الشمالية الغربية هي الخطوة الأولى من استراتيجية أمريكية لبدء العمل لتقسيم إيران على أساس قومي..وربما تكون نصيحة زعيم حزب الله حسن نصر الله ليهود إسرائيل بتركها إذا ما اندلعت حرب (جاء هذا التحذير غير المعتاد بعد استفتاء كردستان) هي رسالة إيرانية للولايات المتحدة أن إسرائيل ستكون الضحية لمغامرة أمريكية ضدها.
بالنسبة لتركيا فإن كل ما يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة لها مقابل السكوت عن الدولة الكردية في شمال العراق هو وعد بإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني الذي يحارب تركيا في شمال العراق وإطلاق يدها في موضوع أكراد تركيا أي كمن يقول لإردوغان “خذ أكراد تركيا وافعل بهم ما تشاء واترك لنا أكراد العراق”. يضاف لذلك وعود من نوع اقتصادي مثل منح الشركات التركية عقود استثمارات نفطية بل وحتى شراكة اقتصادية كاملة بين تركيا والدولة الكردية الناشئة. ولا شك أن عرضا كهذا لن يطمأن أردوغان فحسابات الخسارة تبدو أكبر من حسابات الربح وهو بقدر ما يمثل البورجوازية التركية الباحثة عن أسواق وعن وفرص استثمارية فهو لا يستطيع أن يقنع العسكر والجمهور التركي المشبع بالروح القومية كما أن ثقته بالسيد مسعود بارزاني قد تزعزت إن لم تكن قد تبخرت إذ لم يمر وقت طويل عندما كان يحتضن السيد مسعود ويجول به مناطق جنوب تركيا ويباهي به أكرادها ولسان حاله يقول لهم “إنظروا إلى هذا الكردي الطيب فهو يحارب حزب العمال الكردستاني إلى جانبي فلماذا لا تكونوا مثله؟” لذلك فهو سيفقد زعيما كرديا كان بالأمس يحارب حزب العمال الكردساني ويساعده على تهدئة أكراد تركيا ومن يضمن أن لا يتحول هذا الحليف السابق الذي لم يبال بتحذيراته من مغبة الإقدام على الاستفتاء إلى عدو محرض لأكراد تركيا معتمدا على التأييد والدعم الأمريكي والإسرائيلي؟
لذلك فإن خيارات أردوغان هي الأصعب ولا ندري إن كان سيخضع صاغرا لأمر واقع جديد إسمه دولة كردية جنوب تركيا أم سيواصل اندفاعه وتشدده فيعرقل بالتعاون الوثيق مع إيران والعراق قيام هذه الدولة.
أما العراق فليس لديه أية أوراق ليساوم بها الولايات المتحدة لتؤجل قيام الكيان الكردي المستقل ويمكن لزعيم عراقي واقعي كالعبادي مثلا أن يعرض على واشنطن إمكانية قبول مثل هذا الكيان المستقل ضمن حدود كردستان لما قبل 2003 أي المحافظات الكردية الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك دون كركوك والمناطق الأخرى اتي استولت عليها البيشمركة. غير أن هذا العرض لا يحتمل أن يلقى قبولا من طرف الأكراد لأنه يحرمهم من موارد حيوية لبقاء الدولة و لا من قبل الولايات المتحدة التي لن تكون مستعدة لتمويل كيان من جيبها الخاص كما وأنه سوف يغضب إيران وبدرجة أقل تركيا وكذلك عامة العراقيين. و لا أعتقد أن الولايات المتحدة بوارد الطلب من العبادي أن يحل الحشد الشعبي مقابل الضغط على قادة كردستان للوقوف عند حدود الاستفتاء وعدم تطويره إلى دولة لأن في ذلك مقتله السياسي. وليس لدى العراقيين باعتقادي ما يمكن أن يقدموه للولايات المتحدة مقابل تخليها عن كردستان طالما كان خلق كيان كردستاني مستقل حليف لها هو جزء من استراتيجية أمريكية ثابتة لمواجهة إيران..
لذلك على قادة العراق أن يوطنوا النفس على أن الدولة الكردية المستقلة ستقوم لأنها إرادة أمريكية استوجبتها ضرورات مجابهة إيران بالقرب من حدودها الشمالية من أجل جعلها تفكر طويلا قبل أن تشارك إلى جانب حزب الله وسوريا في أي مجابهه مع إسرائيل ذلك إن وجود خطر على بابها سوف يشغلها بأمنها المهدد عن قرب ويجبرها على تغيير أولوياتها. إن وصف إيران للدولة الكردية المزمع إنشاءها بأنها إسرائيل ثانية هو وصف علمي وليس سياسيا أو مجازيا….
إن كل ما يملكه العراقيون لمواجهة الموقف هو وضع استراتيجية مشتركة مع إيران وتركيا (على افتراض أن الأخيرة ستكون معارضتها لإنشاء دولة كردية بقوة الرفض الإيراني) لجعل القادة الكرد من دعاة الإستقلال يعيدون النظر في حساباتهم ولو إلى حين. وربما يكون القادة الكرد قد أقدموا على تنظيم الاستفتاء ليس من أجل فرض أمر واقع يساومون عليه بغداد بل لامتحان ردة فعل الدول المحيطة بهم واستجلاء ما يمكن أن تفعله هذه الدول لتعطيل قيام الدولة الكردية فيكون لديهم وضوح بشأن ما يمكن أن يفعلوه في الخطوة التالية. وأعتقد أنهم يعرفون أن إيران لن تساوم على أمر كهذا ويبقى رهانهم على قبول أو رضوخ تركي تتولى الولايات المتحدة أمره لأنهم إذا كان باستطاعتهم الاستغناء عن إيران والتعويل على أمريكا لحمايتهم من غضبها فإنهم لن يستطيعوا الاستغناء عن مجالهم الحيوي الذي تمثله تركيا.
ووفق الصورة التي رسمتها يقدم القادة الكرد دعاة الاستقلال أنفسهم خدما أو أدوات لمخطط شرق أوسطي أكبر منهم بكثير إرضاء لطموحاتهم الشخصية والتي إن اتسعت فستضم العائلة وجزء من بيروقراطية الحزب والسلطة اللتان حلتا محل العشيرة وأبقتا على روحها.
وبالنسبة للشباب الكردي الطامح فقد مورس عليهم تضليل كبير بأن بغداد تظلمهم و إذا كانت أنظارهم موجهه نحو إسرائيل المدللة والمرفهه فيتطلعون لأن تكون دولتهم الموعودة مثلها فعليهم أن يتذكروا أن إسرائيل محاطة بعرب في حين أنهم محاطون بفرس وترك… حمي

ثامر حميد