رحيم الخالدي
لي صديق هاجر معه كثير من الشباب، الذين ملّوا البقاء في العراق، وإتجهوا صوب الدول الأوربية، وألمانيا كانت محطته الأخيرة، ولأنه يمتلك مقومات لا يمتلكها غيره، كان له حظ مع بعثة الأمم المتحدة، لأنه يجيد بعض مفردات اللغة الإنكليزية، فساعدوه في تخطي المراحل البسيطة، لينال بجهده وتفانيه مكاناً يجيد العمل به، وما أن مضت فترة بسيطة ليكون محطَّ أنظار المؤسسات التربوية الألمانية، ويعتلي الواجهة! وتنشر له الصحف الألمانية نجاحاً لم ينال أبسط تشجيع في بلده ألاُم، ليكون مبدعاً في بلاد الغربة! أليس العراق أحق بما يمتلك من أفكار في سبيل إرتقاء التعليم في العراق، سيما ونحن اليوم أحوج لهذه القدرات ؟.

إن الشباب وقوى التجديد هم عنوان الحاضر وأمل المستقبل، وهم الذراع الذي يحمل بندقية الدفاع عن الوطن، وهم بناة حلمنا الكبير بدولة عصرية عادلة، يشعر العراقيون جميعاً بفخر الإنتماء لها، بهذه الكلمات أبدى سماحته بالدفع نحو الشباب، وما يمتلكه حاضّاً الحكومة بالإعتماد عليهم، لأنهم البنية الأساسية في بناء البلد، ولا يمكن النهوض إلاّ بالطاقات الشبابية، ولولاهم وتفانيهم وتلبيتهم في التصدي لقوى الإرهاب وتضحياتهم، التي فاقت كل التصورات، لكانت اليوم داعش تجوب شوارع العاصمة، تتبجح بفتاوي النكاح والقتل والتخريب والتكفير الوهابي، التي ما عادت تنطلي على العراقيين، ولو تَمَعّنّا في موضوع داعش كثيراً، لرأينا أن العراق هو البلد الوحيد الذي تصدى منذ أول يوم وطأت أقدامهم العراق، ورفضهم رفضاً قاطعا، فكان التصدي للإرهاب إبتدأ من العراق .

نبّهَ سماحته السياسيَّ الواعيَّ، وقال عنه إنّهُ هو الذي يتعلمُ من التجاربِ ويطورُ الأداءَ ولا يبررُ الأخطاءَ، والإعتراف بالحقِ فضيلةٌ تدلُّ على شجاعةِ الإنسانِ، وتحررُ عقلهُ من عُقدةِ الأنا والنرجسيةِ القاتلةِ، محور آخر تكلم به أيضاً حول السياسيين الواعين، وكيفية إستثمار التجارب وكيفية تطوير الأداء والتواضع بالاعتراف، وكونه فضيلة فلا يحسب من الخطأ، والمهم التخلص من عقدة الأنا، والإتجاه صوب بناء الدولة بناءاً رصيناً عبر إستثمار الشباب وما يمتلكه من أفكار، مستذكراً الخطبة الماضية لعيد الأضحى من العام الفائت، وكيف كان حال العراق وهو يحارب الإرهاب، عندما كان يحتل المناطق الواسعة من العراق، وبفضل الباري وهمة الشرفاء تحررت تلك المناطق .

دولة العدل الإلهي لا تتحقق إلا في حالة توفر الأرضية الملائمة لها، وما تنبيه السيد عمار الحكيم لكل السياسيين، بعدم الإلتصاق بالمناصب وتشبثهم بها وتهميش الآخرين، إلا واحدة من عدة نقاط أشّر لها في كثير من المحافل والخطب، التي طالما يذكّر بها وعندما يصّرُ على الإعتماد على الشباب، إنما هو إنتقالة يجب الإنتباه لها مع الإحتفاظ بالقدرات، التي يتمتع بها كبار السياسيين العراقيين المجاهدين، ومكانهم في الإستشارة والوعظ محفوظ، ولا يمكن تهميشهم سيما أن من المعروف عن العراقيين يمتلكون القدرة على إدارة الدولة، وما النجاحات التي حققها كثير من شبابنا المهاجرين إلا غيض من فيض ويجب أن نأخذ منه العبرة.