الحبل السري بين النظام الايراني
والتنظيمات الإرهابية/3 الأخيرة

علي الكاش
عود على بدء.‏
هل هناك حكومة تحترم نفسها وشعبها طالما يستخدم كبار المسئولين فيها أسماء مستعارة؟ هل هناك سابقة في ‏التأريخ القديم والحديث أن يقسم رئيس وزراء دولة ما اليمين الدستوري بإسم حركي كما فعل نوري المالكي في ‏الدورة الإنتخابية الأولى مستخدما إسما مستعارا( جواد المالكي)؟ وهل هناك شعبا واعيا ومتطورا وحضاريا ‏يقبل بتلك الممارسات الشاذة؟ ‏
إن كان هذا الفعل له مبررات تقتضيها ضرورات العمل السري خلال فترة معارضة الأنظمة الحاكمة فهذا له ‏مبرره، لأن المعارضة سيما في الدول العربية تكون مستهدفة على طول الخط من قبل الحكم الإستبدادية، وربما ‏يشمل الإستهداف عوائلهم وأقرب الناس اليهم، لذا فهم يحمون أنفسهم وعوائلهم التي تعيش تحت ظل تلك ‏الأنظمة، الأمان مطلوب، وليس من الحكمة كمعارض تعيش في الخارج وتتمتع بالأمان، وتجعل أهلك يدفعون ‏ثمن معارضتك النظام، واليوم الكثير من المعارضين السياسيين يتبعون نفس النهج، ولا شائبه حوله.‏
‏ ولكن الذي لا يمكن قبوله ولا يمكن تبريره، ان تستخدم الاسم الحركي وانت تتصدر الزعامة، في العراق، ‏وتقسم يمينا بإسم حركي، فبعض الوزراء والنواب في البرلمان ومنهم المقبور أبو مهدي المهندس، باقر ‏صولاغ، وابو جهاد الهاشمي، ابو تحسين الصالحي، ابو زينب اللامي، ابو آلاء الولائي، وابو مازن الجبوري، ‏ابو علي البصري، والمئات غيرهم، عبارة عن نكرات، والبعض منهم يحمل الإسم واللقب فقط، دون ان نعرف ‏هويته الحقيقية، وهؤلاء منتمون الى القيادة العامة للقوات المسلحة بأسمائهم الوهمية والقابهم، ويتقاضون رواتبا ‏ضخمة، ولهم إمتيازات كبيرة، هذه حالة لا تجدها في أي دولة في العالم، العراق بلد شاذ فعلا، لذلك مرتبته ‏القاع في كافة المؤشرات الدولية.‏
الإرهابي النكرة ابو علي البصري
هذا نموذج نكرة في العراق الجديد، مجهول الاسم واللقب، فالبصرة لا تعني قبيلة بل محافظة عراقية، كان له ‏مواصفات ارهابية متكاملة مما جعلت رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يختاره من بين تشكيلة من الإرهابين ‏كأفضل من يخدم أهدافه الطائفية. عينه المالكي ضمن كبار مستشاريه وفي أخطر موقع وهوالأمن! ومنحه مع ‏أخيه رتبة عقيد نظير كفائته المميزة في إدارة فرق الموت في بابل أولا وبعدها في بغداد. فحكومة دولة القانون ‏كانت بأمس الحاجة لخدمات من هم على شاكلة البصري من الإرهابيين لتفيذ خطة الولي الفقيه في تدمير ‏العراق، وهذا ما تم على أيادي أحفاد أبو العلقمي. هذا الإرهابي من كوادر حزب الدعوة الإسلامية والإسلام ‏بريء من مثل هذه الأحزب العميلة، كان هذا الارهابي النكرة المشرف على الاجهزة الأمنية في العراق. ‏وأصبح عضوا في البرلمان بالرغم من عدم حصوله على ما يكفي من الأصوات الأنتخابية مستفيدا في ذلك من ‏أصوت المالكي. وكان قبلها عضوا في مجلس محافظة بابل ومشرفا على فرق الموت فيها. وهو المسئول ‏المباشر عن إدارة السجون السرية والعلنية في حكومة دولة القانون مع معاونيه، وهما المجرمان (حسين أبو ‏رحاب) وهو إسم حركي أيضا، من أقارب المالكي، و(ياسر صخيل) نسيب المالكي. كما إنه أشرف بشكل ‏مباشر على الأجهزة الأمنية غير الدستورية في دولة القانون، فلا يعين أي فرد في الأجهزة الأمنية دون حصول ‏موافقة البصري. ومعظم المداهمات التي قامت بها قوات المالكي تمت بأوامر مباشرة من هذا البصري المسخ! ‏فهو مخول بصلاحية كاملة لا يحتاج مراجعة المالكي فيما يخص إصدار أوامر المداهمات والإعتقالات وأغلبها ‏بالطبع بنكهة طائفية حادة المزاج.‏
كانت قيادة شرطة البصرة قد أرسلت رسالة سرية إلى مكتب رئيس الوزراء (المالكي) بشان نقل (98) سجين ‏من خلية حراسة السجن في اليوم نفسه الذي تمت فيه عملية الفرار لأعضاء من تنظيم القاعدة الإرهابي من ‏سجن البصرة، وفق خطة محكمة، فقد جاء التحقيقات الأولية التي أجرتها لجنة خاصة لتؤكد الوقائع التي ذكرتها ‏في حينها قناة الشرقية. بأن ( أبو علي البصري) وأخاه (أبو عمار البصري) كانا المشرفين على عملية تهريب ‏الإرهابيين من تنظيم القاعدة لقاء حصولهما على بضعة ملايين من الدولارات. ‏
قبل أن تبدأ التحقيقات نصح المالكي ابا علي البصري بتقديم إستقالته وقبلها فورا دون نقاش، وهذا أمر أثار ‏الشكوك. عرف المالكي بأن إعترافات مستشاره البصري- هذا فيما إذا ألقي القبض عليه وتم إستجوابه ـ ستطال ‏المالكي نفسه وإبنه وصهره، والعديد من المستشارين في مكتبه،. واللجنة التي شكلها المالكي بشأن التحقيق ‏بالقضية كان الغرض منها تحويل الأنظار عن نفسه ومستشاريه بالدرجة الأولى. والمنطق يقودنا إلى حقيقة لا ‏تقبل النقاش وهي: أليس من الأولى بالمالكي رفض إستقالة البصري لما بعد إنتهاء التحقيقات معه ليبعد الأنظار ‏عنه ويحترم إرادة شعبه ونفسه أيضا. بدلا من أن ينحر القانون على عتبة مصلحته الشخصية ومصلحة حزبه ‏العميل الكافر؟ ثم ما لبث أن أمر المالكي بنقل ملف القضية من مجلس الوزراء إلى القضاء لعبة مكشوفة، فقد ‏أخرج مكتبه من زاوية الإحراج بإبطال عمل اللجنه، ونجح في ذلك. والقضاء العراقي كما هو معروف مسيس ‏تماما وفي خدمة المالكي وخلفه من بعده. ‏

النهاية الطبيعية
قبل ان تبدأ التحقيقات كانت المفاجأة الكبرى! فقد هرب أبو علي البصري وأخوه، وهما المتهمان الرئيسيان ‏بتهريب عناصر القاعدة، بطائرة خاصة إلى رحاب مولاهم الخامنئي! وقد تفاجأ نوري المالكي ايضا بهروبهما ‏قبل التحقيق معهما. لكن كيف هربا من ثاني أكبر مطار في العراق وبطائرة خاصة! فهذا أما معجزة والمعجزات ‏عهدناها مع الأنبياء والصالحين وليس مع الإرهابيين. أو إن رئيس الوزراء قد أكمل المهمة بحذافيرها وحسب ‏لكل شيء حسابه الدقيق وهذا هو الأرجح. وكان بإمكان المالكي ان يكلب من اسياده في طهران إعادة المتهمين ‏الى العراق، او مفاتحة الأنتربول، ولكنه بالطبع لم يفعل. المهم انطوى ملف هذا الإرهابي الى الأبد، كما انطوى ‏ملف سبايكر وسقوط الموصل، وغرق عبارة الموصل هروب الدواعش من سجن أبو غريب وآلاف الملفات.‏

طرفة قضائية عن الحادث
أصدرت وزارة العدل (الأصح العهر) العراقية حينها أمرا بإلقاء القبض على السيد سعد البزاز مدير قناة ‏الشرقية بعد نشره لفضيحة هروب الإرهابيين من تنظيم القاعدة! فقد أصدر مجلس القضاء الأعلى- رئاسة ‏محكمة إستئناف الكرخ، مذكرة القاء قبض بحق مدير عام ومالك قناة الشرقية الفضائية سعد البزاز. وأوعز ‏القاضي سهيل عبد الله سمير في محكمة إستئناف الكرخ بالتحري عن البزاز وتبليغ كافة السيطرات ونقاط ‏التفتيش بالقبض عليه. وفق أحكام المادة (433) من قانون العقوبات”. ‏

تنظم القاعدة والسكوت المريب
لم يفند تنظيم القاعدة الارهابي نفسه من جميع الإعمال الإرهابية التي لصقتها حكومة المالكي به، على العكس ‏من تنظيم داعش الذي كان يعلن مسؤوليته عن أي عمل ارهابي تقوم به الميليشيات التابعة لولاية الفقيه. ‏فيستثمرها اعلاميا، كما حصل في تفجير الكرادة، وكان التفجير تصفية حسابات بين زعماء الميليشيات ولا ‏علاقة للتنظيم بها.‏
لاحظ كيف سكت تنظيم القاعدة عن إتهامه بتدمير العتبات الشيعية في سامراء والتي كانت ذريعة لمذابح جماعية ‏قامت بها المليشيات الشيعية (جيش المهدي والحرس الثوري الايراني) ضد أهل السنة راح ضحيتها عشرات ‏الألوف من الأبرياء؟ ونعرف كعراقيين إن أذرع الخامنئي كانت ورائها لإشعال الحرب الأهلية. وهذا ما حذر ‏منه المرحوم د. عدنان الدليمي، وقال” امر دبر بليل”. حتى اعلن باتريوس بأن الحرس الثوري الايراني هو ‏الذي فجر العتبة. علما ان المراسلة ( اطوار بهجت) التي كانت اول من وصل الى مكان الإنفجار، وتوصلت ‏الى الحقيقة، تم اغتيالها من قبل الإرهابي باقر صولاغ، وطمست معالم الجريمة لهذا اليوم.‏
ومنها سكون القاعدة إتجاه تهمة مجزرة كنيسة النجاة التي إستهدفت اخواننا المسيحيين؟ فقد تبين بعدها بأن قوات ‏أمنية إغتالت الطبيب (نمير خزعل الجنابي) الذي اكتشف بعد قيامه بعملية التشريح الجنائي لجثث المتهمين من ‏القاعدة بتفجير الكنيسة – الذين تم إعدامهم في وزارة الداخلية بحجة محاولتهم الهروب من السجن- لا تعود ‏لمسئول القاعدة في العراق (أبو حذيفة البطاوي) والمجموعة العاملة معه. وقد حاولت الأجهزة الأمنية إرغام ‏الطبيب الشهيد على كتابة تقرير مفبرك لإثبات عائدية الجثث لتنظيم القاعدة، لإثبات مسؤولية التنظيم بالتفجير، ‏لكنه رفض. فكانت ضريبة الرفض إستقطاع المتبقي من عمره. وأولئك السجناء كما يستذكر القراء الأفاضل ‏روجت أجهزة المالكي الأمنية حينها بأنهم المسؤلين عن مذبحة كنيسة النجاة وقد تم قتلهم جميعا أثناء الإشتباك ‏وليس إعتقالهم كما تبين فيما بعد. ‏
السؤال: لماذا لم تبرأ القاعدة ساحتها من هذه الجريمة البشعة؟ ولماذا لم تفند إكذوبة إعتقال البطاوي؟ أليس ‏السكوت عن هذه التهمة خدمة لحكومة المالكي، وبالتالي للنظام الإيراني الذي يديرها عن بعد بالريمونت ‏المذهبي؟ الا يعني هذا وجود تنسيق بين تنظيم القاعدة والحكومة العراقية؟
من الملاحظ، انه مع كل أزمة سياسية بين الأحزاب الحاكمة في العراق، كانت الإعمال الإرهابية تتصاعد في ‏بغداد وبقية المحافظات وهو تزامن يثير الشكوك، وعادة تُحمل القاعدة مسئوليتها، ويبدأ مسلسل حملات الإعتقال ‏والمداهمات ضد المواطنين بحجة إرهاب القاعدة. ‏
ألم توفر القاعدة بصمتها المريب ازاء تلك الأعمال الإرهابية، غطاءا للمالكي لتأجيج الفتنة الطائفية والضغط ‏على السنة والتنكيل بهم؟ ‏
هل خدمً فعلا تنظيم القاعدة سنة العراق كما يروج إعلامه البائس؟ أم كان السبب الرئيسي لإستهدافهم من قبل ‏الحكومة والميليشيات التابعة لها؟
اليس القاسم المشترك بين تنظيم القاعدة والنظام الإيراني هو تدمير العراق والفتك بشعبه؟ وإن وجود القاعدة في ‏العراق يخدم الحكومة الطائفية؟ فالمالكي بوجود القاعدة في العراق برر إمتلاكه القوات الأمنية الخاضعة لإمرته ‏فقط والمشكلة خارج الدستور. ‏
وبحجة القاعدة هيمن الشيعة على الوزارات الأمنية كافة. وبوجودها تم تعين ودمج عشرات الآلاف من عناصر ‏الميليشيات بالأجهزة الأمنية بسبب الوضع الأمني المتدهور وإرهاب القاعدة. وبوجودها هيمن المالكي على ‏المليارات من الدولارات عبر صفقات السلاح الفاسدة التي يديرها مكتبه بشكل خاص. وبوجودها صرفت معظم ‏وارادت العراق النفطية على تغطية رواتب حوالي (750) ألف من عناصر الوزارات الأمنية الذين فشلوا في ‏توفير الحد الأدنى من الأمن؟ ‏
وبوجودها ارتفع معدل الفساد المالي والإداري في الأجهزة الأمنية عبر الرشاوي والمساومات والصفقات ‏الفاسدة. ‏
وبوجودها تمت عملية إعادة النظر في ديمغرافية المحافظات العراقية لصالح طائفة المالكي. ‏
وبوجودها تتم المداهمات والإعتقالات للسنة والمسيحيين وبقية الأقليات بحجة القانون/4 ارهاب.‏
وبوجودها تم القضاء على تظاهرات أهل السنة في الفلوجة.‏
وهذا ما يقال عن تنظيم داعش الارهابي، الوليد المسخ لتنظيم القاعدة الإرهابي.‏

علي الكاش