التدخل العسكري الامريكي في سوريا
ادهم ابراهيم

اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب في وقت سابق  عن نيته سحب 
القوات الامريكية من سوريا . . واثر ذلك رحبت روسيا على لسان وزير خارجيتها لافروف بهذا الانسحاب ٠
 الا انه سرعان ماتراجع عن قراره هذا بعد اجتماعه بمجلس الامن القومي الامريكي . فاعلن الناطق الرسمي للبيت الابيض ان القوات الامريكية باقية في سوريا وان الرئيس الامريكي لايرغب في بقاءها طويلا ٠
ويبدو ان السيد ترامب اراد من تصريحه هذا جس
 النبض لردود الافعال المحتملة  ، او انه اراد ابتزاز شركاءه للمساهمة في النفقات العسكرية ٠ 
 في شهر ديسمبر من العام الماضي صرح المتحدث باسم البنتاغون اريك باهون ان الولايات المتحدة ستحتفظ بوجود عسكري في سوريا طالما كان ذلك ضروريا . واضاف قائلا اننا سنحتفظ بالتزاماتنا طالما دعت الضرورة لدعم شركائنا ومنع عودة الجماعات المسلحة الى هذا البلد ٠

من ذلك يتضح اننا امام تناقض واضح في تصريحات ترامب وكبار مسؤولي البيت الابيض والبنتاغون حول الوجود العسكري في سوريا ، مما يدل على التخبط في  رسم سياسة واضحة للدور الامريكي فيها . وكذلك تجاه التواجد الروسي والايراني المكثف ، وضبابية الرؤيا حول النظام السوري ومدى بقاء بشار الاسد في السلطة ،  واخيرا المأزق الذي اوقعتهم به تركيا في دخولها عفرين وتهديدها بالزحف الى منبج الستراتيجية ٠ 

 وعلى العموم فاننا نعتقد بان الولايات المتحدة باقية في سوريا ولاترغب  الانسحاب منها ، لعدة اسباب لعل اهمها : ٠
        عدم التفريط بالدور الامريكي المستقبلي في سوريا بعد ان تضع الحرب اوزارها  ٠ وانها تهدف المشاركة في تحديد شكل الحكومة القادمة بما يضمن مصالحها ومصالح شركائها في المنطقة  ٠  
 ثم ان المحاور التي تتواجد فيها القوات الامريكية وقوات سوريا 
الديموقراطية الموالية لها في شرق الفرات ذات اهمية اقتصادية كبيرة 
 لكونها غنية بآبار النفط ، وتحاول كل الاطراف المتحاربة الاستحواذ 
عليها ٠
 وقد عززت امريكا وجودها في هذه الاجزاء من المنطقة بانشاء قواعد عسكرية فيها لضمان سلامة قواتها اولا . ثم لوضع حد للتهديدات التركية في التوغل فيها اضافة الى منع اطراف اخرى من التقرب منها ٠
ان القوات الامريكية متواجدة ايضا في الجنوب الشرقي لسوريا وعلى الاخص في منطقة التنف الحدودية مع العراق . وهذه المنطقة قريبة من خطوط المواصلات  الايرانية عبر الحدود العراقية ، وان امريكا تسعى للسيطرة على كامل الحدود العراقية السورية لقطع خطوط الامدادات الايرانية التي تعتبر الشريان الرئيس لايصال التعزيزات الى حلفائها في سوريا ولبنان وعلى الاخص حزب الله اللبناني وفصائل عراقية مختلفة متواجدة معه في داخل الاراضي السورية ٠
كما ان التواجد الامريكي في التنف يحمي المملكة الاردنية من دخول المتشددين الاسلاميين اليها ٠

اضافة الى ماورد اعلاه فان امريكا تعلم جيدا ان انسحابها من سوريا سوف يخل بالتوازنات الجيوسياسية على الارض السورية ويترك المجال واسعا امام التغول الروسي في سوريا ويعرقل الجهود الرامية للضغط على الروس لتحجيم دورهم ليس في منطقة الشرق الاوسط وحسب بل في مناطق اخرى مثل شرق اوكرانيا وحتى اوروبا ٠ وكذلك للحد من النفوذ الايراني المتزايد في هذه المنطقة الحيوية  ٠
ومن ذلك يدرك اصحاب القرار في امريكا اهمية وجودها العسكري في سوريا وان انسحابها بعيد الاحتمال . رغم التصريحات المتناقضة بهذا الصدد .  ومازال التصعيد العسكري في سوريا سيد الموقف ٠ خصوصا بعد الادعاء باستعمال النظام السوري للاسلحة الكيمياوية ضد المدنيين في دوما ، والضربة الامريكية وحلفائها لمواقع وقواعد عسكرية سورية  . مما زاد في تعقيدات الحرب فيها   ٠
  ولكن يبقى السؤال المهم . . هل ستبقى قواعد اللعبة على ماهي
عليه الان الى امد طويل ام ستحصل مفاجئات ليست بالحسبان . هذا ماسنعرفه في قابل الايام ٠
ادهم ابراهيم