الأمام علي(عليه السلام)…وبيعة الغدير / 5
بقلم : عبود مزهر الكرخي

آية الإنذار
{ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ }
هي الآية 214 من سورة الشعراء والتي أُمر فيها رسول الله (ص) بإنذار أقربائه، فدعاهم الرسول (ص) إلى الإسلام، وجعل الإمام علي بن ابي طالب (ع)وصياً وخلفاً للناس من بعده. وهي دليل آخر على ما نقوله في وصاية أمير المؤمنين وعند انطلاق الدعوة الإسلامية حيث عندما جاء الأمر الآلهي من قبل الله سبحانه وتعالى في قوله جل وعلا {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}(1).
حيث اجتمع نبي الرحمة محمد(ص)ببني عبد المطلب ودعاهم إلى الإسلام فاحجموا القوم عن ذلك عند ذلك (وبحسب قول أمير المؤمنين ) { قلت ( أي الإمام علي ) : وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا : ( أنا يا نبي الله أكون وزيرك )، فأخذ صلى الله عليه وسلم ، برقبتي ، ثم قال : { إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا } قال : فقام القوم يضحكون ، فيقولون لأبي طالب : ( قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع )(2).
وهذا الحديث مسند من قبل كل الفرق وهو يبين أن الأمام علي(ع) هو كان المعد والمهيأ من قبل رب السماوات والأرض للوصاية والخلافة بعد رسول الله(ص) وكانت بيعة الغدير هي الخاتمة لذلك التنصيب والخاتمة ليتم بعدها نزول آية أتمام النعمة والتي تقول { … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }(3). والتي أغلب التفاسير تشير انها أخر آية نزلت في القرآن الكريم وفي سورة المائدة والتي حاول الكثير من وعاظ السلاطين وأصحاب الأهواء الاموية والعباسية تضعيف تفسيرها بانها نزلت يوم الغدير ولكن صدق قول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه ليقول {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }(4)، والمصادر لأصحاب المذاهب كلها انها نزلت يوم الغدير وبحق الأمام علي(ع) والمصادر تشير الى ذلك وفي اسفل المقال.
ومعنى ذلك أن الدين اكتمل والنعمة تمت بهذه البيعة والولاية، وما حدث بعد ذلك لا ندخل في تفاصيله، ولكن يكفي أن نفسره كما فسّره عمر بن الخطاب لابن عباس (رضوان الله عليه)، حيث قال:” إن قريشاً كرهت أن تجتمع النبوة والإمامة في بني هاشم فتجخفوا جخفا (تتكبروا تكبرا) “(5).
ولا ندري كيف يكره القوم أمراً اختاره الله ورسوله، وقد قال في كتابه العزيز:
{ وَمَا آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا }(6)، { وَأَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرّسُولَ فَإِن تَوَلّيْتُمْ فَإِنّمَا عَلَى‏ رسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}(7).
ولنكمل ونقرأ ماذا قال الشيخ المظفر: “إن قوله ـ أي قول النبي (صلى الله عليه وآله) ـ هذا ليس علة تامة للخلافة، ولم يدِّع ذلك النبي (صلى الله عليه وآله)، ليشمل حتى من لم يكن من عشيرته. بل أمره الله بإنذار عشيرته، لأنهم أولى بالدفع عنه ونصره، فلم يجعل هذه المنزلة إلا لهم، وليعلم من أول الأمر أن هذه المنزلة لعلي (عليه السلام)، لأن الله ورسوله يعلمان: أنه لا يجيب النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يؤازره غير علي (عليه السلام).
فكان ذلك من باب تثبيت إمامته بإقامة الحجة عليهم. ومع فرض تعدد المجيبين يعين الرسول الأحق بها منهم”(8).
ويوضح هذا الأمر، ما ورد من أنه (صلى الله عليه وآله) قال: “إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له أخاً، ووزيراً، ووصياً، ووارثاً من أهله. وقد جعل لي وزيراً كما جعل للأنبياء من قبلي”(9).
إلى أن قال: “وقد ـ والله ـ أنبأني به، وسماه لي. ولكن أمرني أن أدعوكم، وأنصح لكم،وأعرض عليكم، لئلا تكون لكم الحجة فيما بعد..”(10).
فقد دل هذا النص: على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يعرف أنهم سوف لا يجيبونه، باستثناء علي (عليه السلام)(11).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ [الشعراء : 214].
2 ـ تفسير الطبري 19 / 74 – 75 ( ط بولاق ) ، شرح نهج البلاغة 13 / 210 – 212 ، السيرة الحلبية 1 / 460 – 461 ، أبو جعفر الإسكافي : نقض العثمانية ، تفسير ابن كثير 3 / 561 ( وانظر روايات أخرى في 3 / 558 – 562 ) ، أبن الأثير : الكامل في التاريخ 2 / 63 ، مهدي السماوي : الإمامة في ضوء الكتاب والسنة ص 133 – 143 ( القاهرة 1977 ) ،الفيروزآبادي : فضائل الخمسة 1 / 333 – 337 . السيرة الحلبية 1 / 460 – 461 ( ط الحلبي – القاهرة 1964 ) . المحب الطبري : الرياض النضرة 2 / 234 ، وانظر : الإمام أحمد بن حنبل : المسند 1 / 111 ، 159 ، 331 ، فضائل الصحابة 2 / 615 ( حديث رقم 1052 ) ، 2 / 650 – 651 ( حديث رقم 1108 ) 2 / 712 – 713 ( حديث رقم 1220 ) المستدرك للحاكم 3 / 125 – 126 ، 172 ، مجمع الزوائد للهيثمي 8 / 253 ، 9 / 113 ، 134 ، 146 ، 165 ، كنوز الحقائق للمناوي ص 42 ، 121 ، كنز العمال للمتقي الهندي 6 / 153 ، 154 ، 392 ، 397 ، 8 / 215 ،
أبو نعيم : حلية الأولياء 1 / 63 ، الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد 11 / 112 ، 12 / 305 ، النسائي : تهذيب خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 29 ، طبقات ابن سعد 1 / 124 ، 125 . فضائل الصحابة 2 / 651 .
3 ـ [المائدة : 3].
4 ـ [الصف : 8].
5 ـ كتاب مناظرات في الإمامة (الجزء الثالث) ، تأليف وتحقيق: الشيخ عبدالله الحسن ، المناظرة السادسة(مناظرة ابن عباس مع عمر بن الخطاب). راجع المحاورة بكاملها في (تاريخ الطبري) ط القاهرة سنة 1357هـ، و(تاريخ ابن الأثير) ط مصر سنة 1348هـ، و(قصص العرب) ط مصر ج2 ص357، و(شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد ج3 ص107 ط دار الكتب العربية مصر، و(الدرجات الرفيعة) لصدر الدين المدني الشيرازي ط النجف ص303، و(المراجعات) لشرف الدين ص319، و(المطالعات في مختلف المؤلفات) للسيد محمّد علي الحمّامي ط الأولى.
6 ـ [ الحشر : 7 ].
7 ـ [ التغابن : 12 ].
8 ـ الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام ج 2( المرتضى من سيرة المرتضى ). تأليف سماحة آية الله المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي . (إجابة علي عليه السلام لا تجعله ولياً )، ص صفحة : 18-19 .
9- دلائل الصدق ج٢ ص٢٣٦.
10- بحار الأنوار ج١٨ ص٢١٥ و ٢١٦ وسعد السعود ص١٠٦.
11 ـ راجع كتاب{ الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام) }- ج02 الفصل الثاني(وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ )الصفحات: 19 ـ 20.