أيها العشاق الغرباء؛
أيها العشاق ستبقون غرباء في هذه الدنيا الملعونة التي لا مكان للحب و للعاشقين و للرحمة فيها أبداً .. إنّها دنيا المتحاصصين و المسؤوليين الذين إمتلأت بطونهم بآلشهوة و آلمال الحرام من دم و قوت الفقراء بلا رحمة ..

لهذا أقدّم لكم كلمات عاشق مهاجر في إستراحة قصيرة .. و يُحرم سماعها لمن لم يعشق بحياته لأنّ الصبابة لا يعرفها إلا مَنْ يُعانيها و كذا العشق لا يعرفه إلاّ آلذي كابده .. فمسلك العشاق طريق ذات الشوكة بكل تفاصيله .. و لا يعرفه إلّا الذي كابده سنوات طوال و في الغربة و الذّل .. و لم يكن بيدي ما كان و ما جرى فقد إبتلينا بصبابة موحشة و حياة مذلة لكني ربما الوحيد الذي لم أنطق كلمة(سيدي و رفيقي) في العراق .. و أنا ذلك العارف الفقير .. الجريح .. المُحمّل بآلام المجحفين و تعب السنين و أحمال الشحيحين وقسوة المجيرين التي أرهقتني منذ ولادتي .. لما جرى عليَّ و على بلدي و بدني و فلذة كبدي من الظلامات و الأجحاف حتى من أقرب المقرّبيين ..

و فوق كل ذلك غربتي الممتدة للآن و منذ نصف قرن .. حيث تذكرت أيام صباي وشبابي في غفلة و أنا ساه و الله .. فالذكريات تسحبنا أحياناً و بقوة من دون موعد و مقاومة منا, و ذكرى الشيئ أجمل من حقيقته ..
أنها مشاهد مرّت و إنطوت سريعاً بعد ما عشناها مرّة واحدة كقدر لم نحسب مسارها و لا مخاطر أمواجها العاتية و لا عواقبها .. كما كل الأقدار التي تمرّ أو ما زالت تحيط بنا و لا ندري بدايتها من نهايتها ولا مستقرّها .. فقد أكتشفت آخر العمر و بعد فوات الأوان بأني جنيت بلا قصد على آلعشق و الحُب و الوفاء كله .. و و الله أقسم لم يكن بيدي .. فعشقي الأبدي ذاك كان من الله و لله و في آلله و إلى الله وحده .. و لم أجني منه سوى الالم والحسرة و الهجر و العذاب إلا قبلة لن أنساها .. لذا سامحوني بطيبتكم .. فلم يكن بيدي نشرها و الله وحده يعلم السرّ و أخفى؛

ملاحظة: فؤآد سالم يعتبر من أرهف و أرق و أرحم المطربيين العراقيين و هو الوحيد الذي سبقني في آلتغرب نهاية السبعينات بعد مضايقة البعثيين الأغبياء المجرمين له .. لكونه رفض الأنتماء لهم!

لذلك أقول رحمه الله عليه لأنه لم ينتمي للبعث الهجين الذي رضح له الجميع مع مراجعهم .. لأن الدِّين الذي يدينون به ليس بدين الله .. بل دين الدّولار الذي بات هو الله الحقيقي بنظرهم للأسف.
حكمة كونية: [مَنْ يعشق و ينجح يُسعد بحياته و مَنْ يفشل يصبح فيلسوفاً].