أين وصل طريق الإصلاح في عراقنا الحبيب؟/ الجزء الثالث
——————————————————————-
بقلم : عبود مزهر الكرخي
ونأتي إلى جانب الحكومة وهل تستطيع الحكومة ممثلة ب د.حيدر العبادي القيام بالإصلاحات مع العلم أن المرجعية الرشيدة والمتظاهرين قد أعطوا التفويض للقيام بالإصلاحات ومحاربة الفساد والمفسدين وقد قام البرلمان في خطوة دعائية وكلام فقط بإعطاء أيضاً هذا التفويض وهو لا يعبر عن نوايا خالصة في هذا التفويض من قبل البرلمان.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل استفاد العبادي من هذا التفويض واستثمره لصالح القيام بالإصلاحات ومحاربة الفساد؟ الوقائع كلها تشير وهذا ما لمسه الشارع العراقي على العموم بأن الجواب قطعاً (كلا)وهذا ناتج من عدة أسباب وهي :
1 ـ أن قرارات رئيس الوزراء لم ترتقي إلى مستوى وطموح المتظاهرين حيث كانت كلها خاصة بإصلاح جزئي ولم ترتقي إلى إصلاح المؤسسات الثلاث بل كانت كلها عبارة عن ترقيعات لأجل امتصاص غضبة الجماهير ونقمتها في تصور قاصر بأنه بقيامه بتلك الترقيعات سوف يهدئ من غضبة ونقمة المتظاهرين على الوضع الحالي.
2 ـ أن تلك الإصلاحات لم تطل المفسدين من الحيتان الكبيرة بل ولم تمسهم بأي سوء بل كانت كلها واجهات لم تطل الفساد بأي شكل من الأشكال وهذا ناتج من خوف رئيس الوزراء وكل من الكابينة الحكومية من غضب وعدم رضوخ الفاسدين لهذه الإصلاحات في محاربة الفساد.
3 ـ لم يتم التعامل مع جانب الخدمات بصورة جدية لتحسينها ولم حتى محاسبة المسؤولين عن تردي الخدمات والمفسدين وبالأخص جانب الكهرباء بل تم التعامل بصورة حتى في ترشيق الوزارات بصورة مضحكة فتم إلغاء مثلاً وزارة البيئة وهي وزارة تمثل ثقل عالمي أمام أنظار المؤسسات والمنظمات الدولية ولم يتم إلغاء وزارة الكهرباء وهي التي كان جل مطالب المتظاهرين بإلغاء هذه الوزارة ودمجها مع وزارة الصناعة أو النفط وحتى لم يتم تجميد عمل الوزير وكل هذا كان بسبب المحاصصة الطائفية وعدم المس بهذه الوزارة ووزيرها لأنها من حصة المكون السني.
4 ـ لو نلاحظ أن كل من السلطات الثلاث(التنفيذية والتشريعية والقضائية)هم جاءوا إلى هذه المناصب نتيجة المحاصصة الطائفية أي أنهم نتاج لعملية خاطئة قد رفضها كل الشعب ومرجعيتنا الرشيدة وكان أحد مطالب المتظاهرين الأساسية هو نبذ المحاصصة الطائفية وجعل الشخص المناسب في المناسب في كل مرافق الدولة وباقي المؤسسات والذي كانت مرجعيتنا الرشيدة في أغلب توجيهاتها تنادي بالخلاص من هذه الممارسة التي أختطها ساستنا وأحزابنا في مسار العملية السياسية والذي لم يجلب إلى العراق وشعبه إلا المحن والويلات والدمار بل هو وباعتقادي المتواضع أحدى أشكال الإرهاب ووجه من وجوهه الكئيبة وهناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى ذلك.
5 ـ ومن هنا فكيف نرتجي خيراً أن من يقودون ويقومون بالإصلاح أن يقوموا بهذا الأمر بصورة صحيحة وفعالة وبالأخص محاربة الفساد والمفسدين مع العلم أن الكل يعلم نتيجة هذه المحاصصة البغيضة قد أصدرت إلينا مفاهيم غريبة ولا توجد في القاموس السياسي وفي كل العالم وهي سياسة التوافق واللحمة الوطنية …الخ هذه المصطلحات التي سار عليها منهج كل الأحزاب في ساحتنا السياسية والذي كان الفساد هو نتيجة طبيعية لكل هذه الممارسات الخاطئة التي نهجت عليها جميع الأحزاب والتيارات فمن المعلوم وكما يقال أن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف أن كل من ينادونه من أصلاح ومحاربة الفساد في الساحة السياسية هم أياديهم ملطخة بالفساد وأموال السحت وأغلبهم لديهم ملفات ضخمة عن الفساد ولكن لا يتم كشفها أرضاء لهذا الطرف أو ذاك وإكراماً لسياسة التوافق والتي يصر على تطبيقها كل الأحزاب ، وأكبر دليل على ما نقوله هو أن اغلب الموجودين في السلطة التنفيذية والتشريعية لم يتم الكشف عن ذممهم المالية بالرغم من مطالبة هيئة النزاهة بذلك وقد صرحت هذه الهيئة بهذا الأمر وعلى الملأ وفي الأعلام.
6 ـ أن كل من جاء إلى الكابينة الحكومية وعلى رأسهم رئيس الوزراء هم جاءوا ليس بسبب الكفاءة المهنية والخبرة العملية أو الأكاديمية بل تم اختيارهم على أساس محاصصة طائفية (100%) وكان الهاجس الأكبر لكل الأحزاب والتيارات هو الحصول على هذه الوزارة لأنها من حصة المكون الشيعي أو السني وحتى العرقي أي من حصة الأكراد أو التركمان وباقي المكونات فكانت المحاصصة كلها تتم وفق منظور طائفي وعرقي وأثني ، مع العلم أن الكل كان ينادي بضرورة تشكيل حكومة مهنية وكفؤة واختيار الشخص الكفء فيمن يكون على رأس الوزارة والطريف في الأمر أن جميع قادة الأحزاب والتيارات لم يذكروا في أي تصريحاتهم وفي كل الحكومات عن تشكيل حكومة تكنوقراط لخوفهم من أن من أن يتم بالفعل تشكيل مثل هذه الحكومة والتي تعني المس بإحدى مقدسات هذه الأحزاب إلا وهي المحاصصة وتقاسم المناصب والكراسي والذي يعني بالتالي ضياع مصالحهم والحصول على المكاسب الشخصية وعدم الحصول على قضمة من الكعكة العراقية. مع العلم بان حكومة التكنوقراط هي أفضل ضمان لنجاح التجربة الديمقراطية في العراق وانتشال البلد والشعب من الهاوية الذي يعيش فيها من بؤس ومحن ومآسي.
7 ـ ومن هنا وعطفاً على النقطة السابقة فإن الأمل في التغيير والقيام بالإصلاحات هو أمر بعيد المنال وعلى ضوء الحقائق التي تم سردها آنفاً لأننا لو لاحظنا أن كل الحكومات المتعاقبة والتي جاءت للعراق بعد السقوط كانت كلها حكومات عرجاء لا تستطيع القيام بأي شيء يذكر وتأسيس دولة قانون ومؤسسات مع العلم أن كل ما موجود من في ساحتنا السياسية من نواب وأعضاء حكومة وسياسيين ينادون بضرورة هذه الحكومة ولكن القول شكل والفعل شكل آخر وهذا الشيء ينطبق على حكومتنا الحالية فهي حكومة عرجاء وحكومة لا تقدر أن تكشف أي ملف من ملفات الفساد والمفسدين والكثير يدعي أنه يمتلك ملفات ووثائق ودلائل حول الأمر ولكن الحقيقة غير ذلك فهذه الوثائق وان وجدت فهي تستخدم للابتزاز السياسي وعقد الصفقات المشبوهة في الغرف المظلمة وخلف الكواليس ولم نجد أي سياسي أو مسؤول من إي حزب أو تيار قد تم إيداعه السجن والتحقيق معه في قضايا الفساد بل الأدهى والأنكى أن يخرج الوزير الفاسد وحتى المسؤول المجرم والملطخة أيديه بدماء العراقيين من المطار وبعلم الحكومة وتحت أنظارها وبعد ذلك يتم تجريم هذا المسؤول الفاسد أو المجرم ويتم بعد ذلك محاكمته غيابياً في مشهد يثير السخرية والغيظ على ما وصل حال الحكومة والعراق من ضعف وهوان.
8 ـ وعلى العموم لو لاحظنا أداء الحكومة ممثلة برئيس الوزراء د. حيدر العبادي فأن كل تصريحاته وعلى الأغلب لا تأخذ طريق التنفيذ وهو يطلق تصريحات نارية حاله حال إي سياسي أو عضو برلمان ناسياً أنه على رأس هرم رئاسة الوزراء وهي أعلى سلطة تنفيذية وهو صاحب القرار في تنفيذ أي تصريح يطلقه ليأخذ طريقه للنور ولكننا نلاحظ عكس ذلك فهو يشير إلى الفساد والمفسدين ولكن لا يتم كشف أسماؤهم أو حتى الجهات التي تقوم بذلك وهو بذلك يخلق ضبابية على هذا الأمر الذي أطلقه وقد عرف الشعب وكل المتظاهرين سلوك وتصرف د. العبادي عاداً ذلك أنه نوع من التردد وعدم مجابهة الفساد والمفسدين مع العلم أن مرجعيتنا الرشيدة والمتظاهرين بل وكل الشعب قد أعطاه هذا التفويض في القيام بالإصلاحات ولكن لا حياة لمن تنادي.
ومن هنا كان الأولى برئيس الوزراء وعند خروج المظاهرات ولو كانت النية صادقة في القيام بهذا الأمر هو إعلان حالة الطوارئ وحل الحكومة والمجيء بحكومة تكنوقراط لضمان القيام بالإصلاحات والمسير مضياً وبصورة صحيحة في هذا الأمر وحتى يصل الأمر لحل البرلمان إذا كان عقبة في طريق التغيير واليوم أن البرلمان هو أحد العقبات في طريق الإصلاح مضافاً أغلب الأحزاب والتيارات وهذا ما نراه من خلال أطلاق الكثير من البرلمانيين من تصريحات تعارض الإصلاح وحتى أن كان حبر على ورق والدلائل كثيرة على ذلك . وان تردد.العبادي ليس متأتي من فراغ بل لأنه هو صعد إلى الحكم نتيجة عملية المحاصصة والتوافق فليس من المنطق أن يقوم بتهديم هذا المفهوم السياسي والذي أقره رؤساء الأحزاب والكتل وتغييره مما يثير حفيظة هؤلاء الرؤساء وعدم رضوخهم لهذا الأمر والدليل على ما نقول على ذلك أنه لمح في بعض تصريحاته إلى هذا الأمر ولهذا فأن وكما ذكرنا سابقاً فأن فاقد الشيء لا يعطيه وهو ما نؤكد عليه مراراً وتكراراً.
ومن هنا يجب أن يكون لدى السيد العبادي وكل القائمين في العملية السياسية ثلاثة خيارات لاغيرها :
وهو التعديل الوزاري وتشكيل حكومة جديدة على أساس تحالفات جديدة وقد أشرنا إليه آنفاً وثانياً تشكيل حكومة تكنوقراط وأهم تكون التحالفات الجديدة قائمة على مصلحة العراق وشعبه وهو الولاء للعراق وشعبه وتكون هذه التحالفات مبنية على التفاهم والصراحة وليست تحالفات هشة قائمة على المصالح وتقاسم المناصب والسلطات. بالإضافة إلى ذلك أجراء الانتخابات المبكرة ، معتبرا إن الذهاب باتجاه انتخابات مبكرة غير ممكن لوجود محافظات مثل نينوى والانبار تحت سيطرة داعش وأبناءها لا يمكن لهم الاقتراع اليوم ونبذ الحديث عن المحاصصة واعتباره أمر مرفوض من قبل جميع الفرقاء جملة وتفصيلاً لأن في حالة عدم القيام بالإصلاحات وفق منظور علمي وموضوعي فأن حال سفينة العراق وكما أشرنا في مقالاتنا المتعددة ومنذ مدة طويلة لا يسير إلى شاطئ أمين وآمن والخطر الداهم الآخر أن العراق يتعرض لهجمة إرهابية خطرة تتمثل في داعش ومن لف لفهم والتي تقف ورائها أجندات خارجية يعرفها ابسط مواطن عراقي واشرنا إليها في عدة مرات تريد الشر والغدر بالوطن والشعب واسقاط العملية السياسية في العراق وتعتبر من أهم الأخطار المحيقة ببلدنا العزيز ، لهذا يجب التنبه لهذا الأمر وعدم التعامل مع هذا الأمر الخطير بعدم المبالاة وعدم الاكتراث.
وأقول كلمة أخيرة لكل من الحكومة والأحزاب والسياسيين أنه في حال عدم تحمل هذه المسؤولية في القيام بالتغيير فصدقوني أنه سوف لن يتم انتخابكم في الدورات القادمة وحتى يتم مقاطعة الانتخابات ليقرر الشعب قطع أصابعه البنفسجية وبالتالي سقوطكم المريع أمام الشعب والعالم أجمع فلا يغيب هذا الأمر عنكم لأنه يبدو أن بهرجة الكرسي وبريق المناصب قد أنساكم هذا الأمر المهم لتصبحوا تعيشون في واد والشعب يعيش في واد آخر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته