أحسن الكتب تلك التي يسهل تطبيقها. وصاحب الأسطر وهو يصلي صلاة التراويح في اليوم الأول من رمضان، إستحضر كتاب ” البدعة الحسنة بين إقرار السلف وإنكار الخلف “، للعالم الفقيه المحدث عبد الوهاب مهية. فمن أبرز ماجاء في الكتاب، أن المرء يفتخر وهو يقوم بفضائل البدعة الحسنة، التي قام بها سادتنا الصحابة، والخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة، وفقهاء وعلماء الأمة عبر قرون من الزمن، وإلى يومنا هذا، لايعيب أحد على أحد.

ومما تعلمته من الكتاب وأمارسه منذ الطفولة، صلاة التراويح من البدع الحسنة التي قام بها سيّدنا عمر بن الخطاب. وفرض لها إماما، وأقرّ لها جماعة، وهذا مالم يفعله سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يفرض لها إماما، ولم يقر لها جماعة، ولم يداوم عليها، رأفة ورحمة بأمته الكريمة.

والمشهور عندنا في الجزائر ومنذ قرون، أن صلاة التراويح تقام بـ 10 ركعات. والأمر في ذلك سعة لمن أراد أن يزيد أو يخفض. ويكفي القول أن سيّدنا عمر بن الخطاب صلاها بعدد معيّن، وسيّدنا الإمام مالك صلاها بعدد معيّن، وسيّدنا عمر بن عبد العزيز صلاها بعدد معين، وسيّدتنا أمنا عائشة روت أحاديث تدل على أن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاها بركعات مختلفة بين أدنى الركعات وأعلاها.

الجزائري يصلي صلاة التراويح كما ورت عن سادتنا السلف الصالح، رضوان الله عليهم جميعا. وكان الطفل يصليها بعشر ركعات منذ أربعين سنة. فلا داعي للتعصب لعدد معين من الركعات، وسلفنا الصالح صلاها بركعات مختلفة.

إن أفضل ما في صلاة التراويح أنها تجمع بين القلوب، فتزيل عنهم بعض بقايا الصدور، وهذا هو أصل صلاة التراويح أن تجمع لا تفرق، وأن تقرب لاتبعد، وأن ترفع من الليونة واللطف بين الناس لا القساوة. وهذه الخصال هي المرجوة ليحافظ عليها المجتمع، وينشرها بين أفراده بالقدر الذي يستطيع.

ويزداد هذا الحسن والجمال، حين يخفّف الإمام عن المصلين، ويقرأ لهم بما تعلّمه عن شيوخه من قراءة ورش، التي تميّز أهل المغرب العربي عامة والجزائر خاصة، وبصوت جزائري أصيل، فإن ذلك مما يشجع المصلي على الاستماع والانصات، والمداومة، ويساهم الإمام في نشر كل ما هو أصيل له جذور عميقة لدى الأباء والسلف الصالح، رضوان الله عليهم جميعا.

إن المرء يفتخر بكون مايقوم به من بدعة حسنة، كصلاة التراويح وعدد ركعاتها، سبقه إليه السلف الصالح، وعلماء الأمة والجزائر وفقهائها، رضوان الله عليهم جميعا.

وحفظ الله صاحب كتاب ” البدعة الحسنة بين إقرار السلف وإنكار الخلف “، ونفع به الأمة جمعاء، العالم الفقيه المحدث عبد الوهاب مهية، الذي تعلم منه المرء الثقة في ماقاله وفعله سادتنا السلف الصالح، رضون الله عليهم جميعا.