آفات إجتماعية قاتلة (40)
اﻵيفونيون ..الهواويون..السامسونجيون وظاهرة الإبتزاز والعلاسة الإلكترونية !

((وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ،إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)).

أحمد الحاج
قبل أيام أطلق ناشطون عدة هاشتاجات تحذر من ظواهر – العلاسة – والإبتزاز الإلكتروني والتشهير ناهيك عن ظاهرة التنصت وتسجيل المكالمات خلسة والتي إنتشرت في اﻵونة اﻷخيرة بين الموظفين في عدد من الدوائر والمؤسسات اﻷهلية والحكومية والتي تسببت بمشاكل جمة وغياب لعوامل الثقة بين منتسبي الدائرة الواحدة حيث وصل اﻷمر في بعضها الى أن يتم تسجيل وبث المكالمات مباشرة الى موظفين آخرين يختلفون معهم ويريدون إزاحتهم عن مناصبهم أو نقلهم الى دوائر أخرى وربما فصلهم من وظائفهم أيضا في حرب كسر عظم وظيفية بوجود البطالة المقنعة التي تشجع على النفاق بغياب الإنتاج الحقيقي الفاعل وإنشغال – العاطلين المقنعين – بالقيل والقال بدلا من ذلك ، ومن أبرز الوسوم التي أحصيتها وسم #المجالس_أمانات_هواتفكم_صارت_خيانات ،ووسم #لاتتلصص_بهاتفك_على_خوانك .
مع إنطلاق الثورة التكنولوجية الكبرى وإجتياح إعصار المعلوماتية والتطبيقات الذكية العالم ، باتت الهواتف والحواسيب في كل يد ﻻفرق في ذلك بين أمي ومتعلم ، ولا كبير أو صغير ، غني أو فقير ، تتباين أساليب إستخدامها سلبا أو إيجابا بين شعوب وأخرى ، فبينما نجد اليابانيين على سبيل المثال يستخدمونها بشكل إيجابي عموما ويوظفونها توظيفا مثمرا على مستوى الحكام والمحكومين بغية تسَيد العالم والتربع على عرش نهضته بلا منازع وعلى المستويات كافة ، كذلك يصنع الكوريون الجنوبيون و الصينيون والنمور اﻵسيوية بدرجة أقل ، تجد أن اﻷوربيين والاميركان يتشاطرون إيجابية الإستخدام مع سلبياتها وبكيفية ونسب متساوية تكاد تعادل كفة الميزان من دون ميلانها لصالح أحد الإستخدامين من دون اﻵخر ، فيما تجد أن الشعوب العربية عموما تعاني من أزمة كبيرة في هذا الجانب تتباين بدورها بينهم ، أما في العراق خصوصا فأكاد أجزم بأن 10% فحسب هو الإستخدام اﻷمثل الذي يصب في صالح الفرد والمجتمع ، أما بقية الـ 90 % ولجميع التطبيقات والهواتف الذكية فكلها إما – تفضل ويانه ..خوش عشا – أو عبارة عن تسقيط ﻻيرحم بين الطوائف والقوميات المتعددة بما يزيد طين الفرقة بلة ومستوى الشقاق والنفاق حدة ، أو أنه عبارة عن سخرية ﻻتتوقف من الحكومات الاتحادية والمحلية وشخوصها مرورا بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية الى الحد الذي أدمنته ولم تعد تخشى من عواقبه مطلقا ، بل وصارت – الحكومات ذاتها – تستخدمها لصالحها كوسيلة ضغط ضد خصومها ومعارضيها من جهة وبمثابة تنفيس كقدور الضغط الكاتمة لغضب الشعب الذي صودرت جميع حقوقه – وطُنِشَت – كل مطالبه خشية أن ينفجر بوجهها يوما يراه بعضهم بعيدا ويراه سواهم قريبا ، وهناك من المستخدمين – الصايعين – من تخصص بنشر الشائعات مشفوعة بالصور والمقاطع المزيفة واﻷخبار المفبركة والنكات السمجة التي لم تبق مقدسا وﻻ ثابتا اﻻ ودنسته ، إضافة الى الذباب الالكتروني الذي يعمل لصالح السياسيين وأحزابهم مقابل فتات موائدهم في حرب تسقيط مستعرة ﻻ هوادة فيها بين الفرقاء قائمة على قدم وساق منذ 16 عاما حيث الكل يهاجم ويتهم الكل بما يقترفه هو وحزبه شخصيا من موبقات وآثام وجرائم يشيب لهولها الولدان بشكل يومي وﻻ أستثني منهم أحدا يصدق فيهم قول قائلهم :
لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا .. فيهتك الله سترًا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا .. ولا تعب أحدًا منهم بما فيكا
ناهيك عن الهاكرز والكراكرز ، والتشهير والإبتزاز الشخصي الذي وصل في بعض اﻷحيان الى أفراد اﻷسرة الواحدة وصرنا نسمع وﻷول مرة في تأريخ العراق بزوج يهدد زوجته بفضح صور ومقاطع حميمية لها حدثت معه على فراش الزوجية إن لم تفعل كذا وتستجيب لكذا ، وكذلك تفعل الزوجة بزوجها وتبتزه بصور ومقاطع مماثلة حدثت معها أو مع غيرها من النساء رغبة بالانفصال عنه بهدف الارتباط بعشيق ، زوج ثان ،أو لمجرد الطلاق والخلاص من جحيمه بعد وصول اﻷمور بينهما الى نقطة الصفر واللاعودة – وطز باﻷطفال المساكين – حيث لايفكر بمصيرهم اﻷسود أي منهما ، كل ذلك بسبب العبث بهواتف أحد الزوجين من قبل اﻵخر خلسة من دون علمه والتجسس عليه أثناء غيابه أو غفلته عن هاتفه المحمول ولو لدخول الحمام ، كذلك نشر الصور الخاصة بالاعراس والمناسبات والمقاطع الشخصية وإهدائها من دون حذر لكل من هب ودب بزعم الثقة المتبادلة بينهما ومادروا أن من الناس من يحمل صفات المنافقين مجتمعة ، اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا خاصم فجر واذا عاهد غدر واذا أؤتمن خان ،كما بينت اﻷحاديث النبوية الشريفة ذلك وبالتالي فإن تبادل هذه المقاطع والصور هكذا على عواهنها عبر الفضاء السبراني ، والسوشيال ميديا جعلها مباحة للجميع وﻻقيمة بعد ذلك لتأمين الحسابات وتغيير الباسوووردات واليوزرنيمات وبقية – الكلاوات – ﻷن إدارة الفيس بوك التي يمتلكها اليهودي “مارك زوكربيرغ” المرتبط بـ .C.I.A ومنظمة ايباك -لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية – والتي تعد أقوى جهة ضاغطة في الولايات المتحدة ، ذاتها تتجسس على مستخدميها ممن يبلغ تعدادهم اكثر من ملياري شخص حول الكرة اﻷرضية كما سمعنا بذلك مرات ومرات ومثلها بقية الشلة بدءا بالفايبر ، الواتس آب،انستغرام ( عدد مستخدميه 800 مليون شهريًا) ، يوتيوب ( عدد مستخدميه 9 مليار سنويا ) ، تويتر( عدد مستخدميه 326 مليون شهريا ) ، سناب شات ،غوغل بلاس وغيرها من المنصات..يصدق فيهم جميعا ماقاله الشاعر قديما :
لكلِّ داءٍ دواءٌ يُسْتَطَّبُّ بها ..إلَّا الحماقةَ أعيتْ مَن يُداويها
اليوم برزت في العراق ظاهرة أخرى لاتقل بشاعة عن ما ذكرنا سلفا اﻻ وهي ظاهرة تسجيل اﻷصدقاء، اﻷشقاء ، اﻷقرباء ، زملاء العمل المكالمات وأحاديث المجالس الخاصة مع إن المجالس أمانات من دون إخبارهم ولا موافقتهم إضافة الى إلتقاط صور لهم بوضعيات لايسرهم نشرها وذلك تمهيدا لإستخدامها إحتياطا ضدهم في كل شاردة وواردة اذا ما ساءت العلاقات بينهم ، أعرف من هؤلاء الكثير وبينهم إعلاميون وأكاديميون ، مدنيون وعسكريون ، مثقفون وأميون وكل هؤلاء من السفهاء وعلاجهم :
إذا عرضت لي من سفيه سفاهة..فإن سكوتي للسفيه جواب
بما يشحذ بمجمله ذاكرتنا بالرفاق الحزبيين ممن كان أحدهم يلتقط كل جملة يتفوه بها جليسه ليدينه بها بعد تدوينها بالورقة والقلم بما كان يعرف حينها بـ ” التقارير الحزبية ” والتي تبدأ بكتابة شعار الحزب ومن ثم (م/ تقرير) ” هذه التقارير التي أودت بحياة اﻵف العراقيين اﻷبرياء ، فصلتهم من وظائفهم ، ساقتهم الى السجون والمعتقلات ظلما وبهتانا اذ إن معظمها كان يكتب بناء على خلافات شخصية محضة ﻻعلاقة لها بالسياسة مطلقا بما يشبه تماما تقارير المخبر – السري سري – بعد الغزو الاميركي 2003 الكيدية وجلها ضد الابرياء إنطلاقا من الخصومات المادية والطائفية والقومية والاجتماعية المقيتة ، لقد تحولنا بفعل هذا الهرج اللاأخلاقي الى ” حظيرة خنازير حقيرة ” وليس الى ” قرية صغيرة ” كما كانوا يلقنونا بفعل الاستخدام السيء للهواتف الذكية واﻷجهزة – النشالة – وبناء عليه أنصح كل عراقي أن يكون حذرا من جليسه السفيه اذا ما وضع هاتفه أمامه ولنقلب الطاولة على شرور التكنولوجيا التي فقدت منافعها بأيدي هؤلاء ونكتفي بمحاسنها ولنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب ونضع نصب أعيننا خطر آفات اللسان وسوء الظن والتحسس والتجسس التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ” إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً”.
وبإستثناء “صحافة المواطنة “الشريفة التي تستخدم تلكم اﻷجهزة لتسليط اﻷضواء على ما خفي من فساد المؤسسات وتقصيرها ، علاوة على إنتهاكات المسؤولين وإفسادهم وبعض الظواهر السلبية في عموم المجتمع وبمختلف الميادين بهدف علاجها ، فإن رفوف القضاء اليوم تعج باﻵف الملفات المتعلقة بالإبتزاز الالكتروني بشتى صوره وأشكاله ، الطلاق ، الإنتحار ،الخطف ، الإغتيال ،الدكات العشائرية الارهابية ، وما يسمى بجرائم الشرف وغسل العار ، كلها من جراء الإستخدام الشرير واللامسؤول للأجهزة الذكية ومواقع التواصل الإجتماعي ، وقد تورط مئات العاملين في مجال بيع وإصلاح هذه اﻷجهزة بهتك أسرار الناس وفضح صورهم للتفكه والتندر والتشهير وإشاعة الفاحشة وفاتهم ماقيل في ذلك :
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى..ودينك موفور وعرضك صيّن
لسانك لا تذكر به عورة امرئ …فكلّـك عورات وللناس ألسـن
نصيحة أخوية الى السامسونجيين ، اﻵيفونيين ، الهواويين وبقية الاندرويديين ﻻتتبع عورات الناس ، ﻻتصورهم وﻻ تسجل أحاديثهم من دون علمهم ، ﻻتتلصص، لاتتجسس، ﻻتتحسس بهاتفك المحمول على إخوانك ، سيعلي الله تعالى مقامهم وشأنهم كلهم ويدافع عنهم ، فيما سيفضح ﻻمحالة ولو بعد حين شانك ، ومن حفر حفرة ﻷخيه وقع فيها عاجلا أو آجلا !
الم تسمع الى قوله تعالى في محكم التنزيل : ” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ “.
الم تستمع الى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتَّبعوا عوْراتهم؛ فإنه مَن تتبَّع عورة أخيه المسلم، تتبَّع الله عورته، ومَن تتبَّع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته)) .
وﻻبد من ميثاق شرف وظيفي يتعهد خلاله الموظفون بعدم التسجيل لبعضهم بهواتفهم النقالة واﻻ تعرضوا لعقوبة التوبيخ والمساءلة القانونية ، وبخلافه لابد من إصدار قرار ملزم يمنع بموجبه منعا باتا إدخال الهواتف الى جميع الدوائر تلافيا لمزيد من المشاكل المؤرقة بهذا الصدد وﻻبد من وثيقة شرف أخرى تلزم أصحاب مكاتب صيانة وبيع اﻷجهزة والحواسيب واستوديوهات التصوير بعدم هتك أعراض الناس وفضح أسرارهم واﻻ فسيعرض المخالف منهم نفسه ﻷقسى العقوبات . اودعناكم اغاتي