(أدب وثقافة وإعلام الفضائل لمواجهة الآثام والرذائل ) ..(7)
قال تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ).
الى اللاعبين بدلا من كرة السلة والقدم واليد ..بثوابتهم ومقدساتهم”طوبة”!
موضوع خطير للغاية يبعث على الأسى والحزن الكبيرين عادة ما يثار بين الحين والآخر ثم لايلبث أن ينسى ويطوى ويصبح في ضمير الغيب ويغض عنه الطرف ردحا من الزمن، ليعاد طرحه مجددا بعد فترة وهكذا دواليك وعلى مدار عقود طويلة في العراق ،الا ان حلا جذريا فاعلا ونهائيا لم يطرح حتى كتابة السطور للقضاء على هذه الآفة المجتمعية المهلكة وإجتثاث شأفتها من الجذور والى غير رجعة ، واعني بها ظاهرة “سب الذات المقدسة والكتب السماوية والتعرض للرسل والانبياء والمقدسات بسوء”، الادهى ان ذلك كله يحدث وفي كثير من الاحيان على سبيل المزاح والتفكه والتندر والنكتة، وفي بعضها الاخر نتيجة التوتر الشديد والغضب المقلق والمغلق ..ولطالما تساءل العراقيون” متى تكشف الغمة عن هذه الامة ؟” فأسألهم بدوري قائلا” هل تم القضاء أو التحذير أو الشروع بالعمل على تحجيم ظاهرة الكفر اللفظي هاهنا ؟” فيأتي الجواب المعتاد”موعيب..بل قل لقد زادت هذه الظاهرة الخطيرة تعقيدا وانتشارا كالنار في الهشيم لاسيما بين السوقة والفجار والمراهقين !!” فأقول بملء فمي وببركان يغلي في دمي “اذن استعدوا لمزيد من الانحطاط والتبعية والذل والهوان والكوارث والاوبئة والامراض والمظالم والبؤس والفاقة لامحالة ما لم تنته الظاهرة !” ذاك ان امة تسب الله خالقها وباريها علنا ومن دون رادع ولا وازع من ضمير ولا عرف ولا خلق ولا قانون ولا دين ، لن تنصر ، لن ترزق ، لن تنهض ، لن تتعافى ، لن تستقر لالالالا ولن يبارك الله فيها ، وسيُسأل صالحوها قبل سؤال فاسيدها وشذاذ افاقها ومفسديها “.
قبل ايام طرح أحد الاكاديميين الافاضل حفظه الله على صفحته الشخصية في فيس بوك شكوى تقدم بها احد المقربين من الاوساط الرياضية حول حجم الكفر اللفظي الذي يطلق في بعض الملاعب والنوادي الشعبية على مستوى اللاعبين والجمهور على سواء ،متمنيا عليه طرح الموضوع للنقاش علانية وعلى الملأ لعل الائمة ،الخطباء ،الوعاظ ، المجامع الفقهية ، دورالافتاء ، الشرطة المجتمعية ، المسؤولين ،وجهاء المناطق ومخاتيرها، شيوخ العشائر ، بعض المتنفذين تستفز غيرتهم المناشدة فيتحرك لنصح الناس وتحذيرهم من مغبة التساهل في ظاهرة الكفر اللفظي والمطالبة بإنزال اشد العقوبات الرادعة بحق المتورطين تسبقها حملة شعبوية واعلامية وتثقيفية كبرى لتبصير الناس بخطرها ، لأنها اس البلاء واساسه ، ولم تمر سوى ايام قلائل واذا بي اطالع موضوعا مشابها بنفس السياق في صفحة اخرى وعلى ذات المنوال يتحدث صاحبه فيه عن حجم الكفر اللفظي داخل النوادي الرياضية والملاعب الشعبية والاولمبية ، داخل المستطيل الاخضر اضافة الى المدرجات، حتى ان احدهم علق على البوست الثاني قائلا “ياالله كم يتلفظ بالكفر هؤلاء مع كل هدف يضيع ..مع كل ضربة جزاء غير موفقة ..مع كل هجمة مباغتة ..مع كل صافرة حكم لاتصب في مصلحة فريقهم…” وعلى اللجنة الاولمبية ووزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم زيادة على السلطتين التنفيذية والتشريعية التدخل وبجدية في هذا الشأن والعمل على وضع لوحات كبيرة عند مداخل الملاعب ومخارجها وفي اركانها تحذر من ظاهرة الكفر اللفظي والا تعرض الفريق كله بما فيهم طاقم التدريب ورابطة مشجعيه الى المساءلة القانونية مع تغريمهم مبلغا كبيرا من المال ، علاوة على تجميد مشاركاتهم في الدوري وبجميع البطولات المحلية والعربية الاقليمية والقارية لمدة لاتقل عن ستة اشهر وفي حال تكرارها يعد الفريق خاسرا في خطوة اولى وان بدت – تافهة وهزيلة جدا ازاء الجرم الكبير المرتكب – الا انها بمثابة خطوة في طريق الالف ميل لردع وكبح جماح الظاهرة الخطيرة (طبعا انا في غاية الخجل والحيرة وانا اكتب هذه الكلمات والسطور في بلد من المفترض ان الاسلام هو دينه ومصدر التشريع فيه ، في بلد عدد الاحزاب والتيارات الاسلامية النافذة والمؤثرة فيه اكثر من العلمانية والليبرالية واكبر منها تأثيرا وبمراحل ، جل جماهير كرة القدم ولا اقول كلهم تابعة لبعضها أو من مؤيديها أو من ناخبيها أو من مناصريها ما يزيد حيرتي وخجلي اضعافا مضاعفة لاسيما وان -بيس نفر-من هؤلاء المتساهلين بالكفر اللفظي علاوة على الساكتين عليه ، فضلا عن المبررين له ، لايجرؤ على -لا اقول سب وقذف ..لا- وانما مجرد التفوه بكلمة مسيئة واحدة على رئيس الحزب او التيار أو التحالف او الكتلة الدينية التي يؤيدها ويدعمها !!” .
ومن يتتبع سلسلة الوهن والذلة التي أصابت اﻷمة ومقدماتها ونتائجها يجدها طويلة جدا تتصدرها ثلاثية ”الكفر ، الشرك، الالحاد “وهذه بدورها لها مدخلات ومخرجات دأب الطامحون الى –صفقة القرن – على إرساء قواعدها منذ عقود طويلة تم خلالها تجريم ساب الملوك والرؤساء واﻷمراء والسلاطين وتبرئة ساب الله تعالى وإخلاء سبيله وإشتراط مجاهرته بالكفر وتحريك دعوى قضائية بحقه من أفراد أو منظمات أو جهات حكومية لتفعيل العقوبة ضده والا فهي حرية شخصية في كل القوانين العربية على إعتبار ، أن ” أصحاب المعالي والجلالة والسعادة والنيافة والسمو ” لايتساهلون مع الشاتمين لهم ولو كانوا في حالة فصام وجنون وسكر وعربدة ” فيما رب العزة ” غفور رحيم ” اﻷمر الذي أنجب لنا أجيالا لاتبالي بالطعن في الذات الالهية جهارا نهارا ، عيانا بيانا ،كما يحدث في العراق بكثرة في ظاهرة هي اﻷخطر منذ عقود طويلة وهي مطمئنة بأن أحدا من المخبرين السر سريين لن يلاحقها كونها لم تتعرض للحكم ولا لشخص الحاكم ولا لنظامه بما يغضبه ويؤلب الجماهير ضده وبما يفسر على انه معارضة سياسية ولو بالحد الادنى، فيما تراجع نفسها مئات المرات قبل التفوه بكلمة واحدة ضد – الصنم الحاكم – بأمر القصر الابيض أو 10 داوننغ ستريت أو الكرملين أو الاليزيه ، واﻻ فإن تأرجح الرقاب وأصحابها على حبال المشانق ستكون النهاية الحتمية لكل من تسول له نفسه سب الزعيم ، الجلوس الى جوار من يسب الزعيم ، التبسم لنكتة ساخرة قيلت بحق الزعيم ،وربما الحكم على من رأى في المنام أنه شتم كلب الزعيم ايضا، وما يصدق على الزعماء في ظل الانظمة الدكتاتورية واﻷتوقراطية – الفردية – بات يصدق على قادة الكتل واﻷحزاب والتيارات والتحالفات السياسية في ظل اﻷنظمة الـ” خراب قراطية” التي إنتحلت صفات – الاصنام الزائلة – مع زعمها معارضتها في العهود السابقة فسكنت قصورها ، قلدت مواكبها ، اقتبست عنجهيتها ، انتحلت عجرفتها وصار الذي يسب رئيس حزب ما يذهب به الى ماوراء الشمس بتهمة ”سب العنب اﻷسود ” فيما لو سب الله تعالى بحضرتهم لقيل ” يُنظر في أمره فلعله قالها وهو في حالة غضب عارم ،في حالة كآبة ، إنهيار عصبي ، كبسلة ، سكر ،ضغوط الحياة ، في حالة تحشيش .. الخ ” والنتيجة هي الخوف من العبد الذليل ، والتجرؤ على الرب الجليل، ولعمري أي نصر وعز وفرج قريب ننتظر وهذا هو حالنا مع خالق الكون العظيم ؟!
لتتسع تلكم الظاهرة الخطيرة وتأخذ منحى أوسع أفقيا و عموديا متمثلا بإستعادة أباطيل المستشرقين والتي بدورها تكرار لمزاعم الشعوبيين والطعن بآل النبي اﻷطهار، وبصحابته اﻷخيار والتشكيك بالقرآن الكريم الذي يتلى آناء الليل وأطراف النهار ، وتسقيط العلماء السابقين واللاحقين الابرار علنا في الفضائيات المأجورة ما خلق حالة من التوتر والفوضى الفكرية والعقدية العارمة التي تورط في جانب منها طائفيون من أمثال ياسر الخبيث ، وأحمد القبانجي وامير القريشي ومن على شاكلتهم – وشكولاتهم – وهم كثر !
لتأتي الطامة الثانية في العراق أﻻ وهي بروز ظاهرة الالحاد – المتمثل بإنكار وجود الله تعالى – وطفو ظاهرة اللادينية وهي عدم الاعتراف باﻷديان مع الإقرار بوجود خالق للكون ، وظهور اللاأدرية وهي عدم دراية هل الله سبحانه موجود حقيقة أم لا بزعمهم ! التيارات الثلاث خرجت من رحم السرقات والاختلاسات والاعتداءات الكبرى والفساد والمظالم والتي مارس وتورط في جانب منها احزاب سياسية تتحدث بأسم الدين وتنتحل صفته وما هي كذلك، وطفت الى السطح متأثرة بغياب العدالة الاجتماعية ، إنتشار البطالة ، التفكك الاسري ، السوشيال ميديا الذي يغص الفضاء السبراني بها والذي يضم الاف المواقع التي تحرض بمجملها على الالحاد واللادينية واللا ادرية والوجودية وعبادة الشيطان والعبثية والبوهيمية ، بيع الكتب والروايات والمجموعات القصصية والدواوين الشعرية التي تنشر مثل هذه الافكار الهدامة بين الشباب وتشجعهم عليها بذريعة الضرورات الادبية والشعرية المشفوعة بالحرية الفكرية ، اضافة الى شعور الكثير من هؤلاء المغرر بهم بأن الدين صمام آمان يكبح جماح شهواتهم وغرائزهم البهيمية وبالتالي فلا سبيل للحرية الجنسية والغرائزية وإتباع الهوى بغير الالحاد واللادينية على وفق اعتقادهم المريض، وكلها عوامل ساعدت على انتشارها كما خطط لها ضمن مايعرف بـ” الفوضى الخلاقة ” التي مهدت لبيع المقدسات بدراهم معدودات كونها لم تعد تحمل قدسيتها المعهودة في عقول وقلوب وضمائر البائعين بعد كم التدنيس والتشكيك الهائل الذي مارسه ادعياء التدين ومن جميع المذاهب والطوائف قولا وفعلا وتقريرا تماما كما وصفهم الشيخ الدكتور محمد الغزالي رحنه الله تعالى حين قال ، إن إنتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم” .
وهناك ظاهرة ﻻتقل خطرا اﻻ وهي ظاهرة الغلو في التقديس والخروج عن المألوف في حب الصالحين والتبرك بهم والحلف بغير الله ، والدعاء والاستعانة والاستغاثة بخلقه من دونه سبحانه، وظاهرة اختراع أضرحة ومقامات ومراقد وهمية ﻻوجود حتى لأثر تأريخي أو شرعي أو اثاري يؤيدها ، والتبرك بالجمادات حتى بات الحلف بالله قابلا للتكذيب فيما الحلف بعباده الصالحين غير قابل للطعن والاستئناف، الدعاء والتضرع لمجيب الدعوات مشكوك في تحققه على وجه السرعة وربما عدم تحققه اطلاقا بنظرهم ، فيما الدعاء من خلقه والتضرع لهم ” عاجل وعلى الفور “بما يعرفه القاصي والداني هاهنا وبما ﻻيحتاج الى ضرب اﻷمثلة لشيوعه بين الجهال وهذا لعمري هو الشرك بعينه الذي توعد الباري عز وجل بمغفرة جميع الذنوب بإستثنائه : ” إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا” والشرك هو من اعظم موجبات الوهن ومنزلات العذاب في الدنيا قبل اﻵخرة .
وخلاصة القول أن المؤامرة التي حيكت على مراحل أنتجت لنا مجتمعا مهزوزا يخاف من الرؤساء والملوك ولايخاف من ملك الملوك ، يخاف من الخلق ولايخشى من الخالق ، يحلف بعباده ويتوسل بهم ، ولايتوسل برب اﻷرباب ، يسب ويطعن ويلعن السابقين واللاحقين ويسخر منهم بينهم معممون يسبون آل البيت والرعيل الاول من الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم اجمعين في برامج متلفزة ومن دون تفعيل المادة (372) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 المعدل والمتعلقة بـ (الجرائم التي تمس الشعور الديني) بحقهم وأمثالهم فان الوضع سيزداد سوءا عما قريب .
و اذكر الجميع بفضل آل البيت رضي الله عنهم اجمعين ممن قال تعالى فيهم : (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى..) وقوله تعالى ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا),
وفي فضلهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وأهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ” اما في فضل الصحابة فقد قال تعالى : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .
وفيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ” .
وبناء عليه فإن الايمان بالله الواحد القهار وحب واحترام الرسل والانبياء وإتباع النبي المصطفى المختار وتوقير آل البيت اﻷطهار والصحابة اﻷخيار وذكرهم بكل خير والذب عنهم وعدم التعرض لهم بسوء واجب شرعي واخلاقي وعرفي ﻻمناص منه ﻷن الامة التي تطعن بجذورها ستذهب كما ذهبت أعرافنا وتقاليدنا ومقدساتنا وستهرول خلف ” بصقة ..صفعة ..صعقة ..صفقة القرن ” الصهيو امريكية لترقص مع الذئاب وتذهب مع الريح .اودعناكم اغاتي