يحكى أن: قملة كانت تسكن فراش رجل من الأغنياء دهراً تقتات على دمه وهو نائم لا يشعر بها، وهي على تلك الحال حتى دعت في أحد الليالي برغوث لضيافتها، قالت له: امكث عندي الليلة، دمٌ طيب وفراش مريح، فقبل البرغوث الضيافة، وحين ذهب الرجل لفراشه هَمّ البرغوث عليه فلدغه لدغة أقضت مضجعه، فقام الرجل يفتش عن سبب إزعاجه، فلم يرى إلا القملة فأخذها وقصعها وفرّ البرغوث بسلام.
حالنا لا يختلف كثيرا عن حال القملة والبرغوث مع الرجل، الادراك مفقود، والشر حاضر بتدرجه الوظيفي، فمن أمن الخطر بضعف المقابل نجى وظفر.
سوء التخطيط والإدارة يؤدي الى نتائج وخيمة، من الصعب تصحيح نتائجها في المستقبل، كنت أقود سيارتي خارجاً من عملي متجهاً الى المنزل، أستمع خلال الطريق لإذاعة بغداد النشرة الاقتصادية… وإذا خبر مفاده (تحصيل الموافقات لتشييد مطار تجاري سياحي في محافظة بابل)..!
حقيقة استغربت من الخبر، الحكومة ليس لها مشاريع سوى إنشاء المطارات في العراق، مطار الفرات الأوسط في كربلاء، مطار الناصرية، مطار الديوانية التجاري، ثم مطار بابل..؟
مع العلم هناك مطار بغداد الدولي، مطار البصرة الدولي، مطار الموصل الدولي، ومطار النجف الدولي، هل من الممكن وجود أربعة مطارات في رقعة جغرافية لا تتجاوز 150كم مربع.
أين التخطيط، أين مستشاري الاقتصاد، وهل هم من أشار الى إن كثرة المطارات سيكون البديل الناجح عن النفط وانخفاض أسعاره.!
ثم أين المشاريع الأخرى الإنتاجية التي يحتاجها المجتمع، من معامل للغزل والنسيج، والبلاستك، والإطارات، ومعامل الورق، ومعامل تعليب المواد الغذائية، أين حاجة المستهلك العراقي المتوفرة كي تلجأ الحكومة لتوفير المطارات لإخراج المواطن ورفاهيته من خلال إنماء ثقافة السياحة والسفر لديه..!
للأسف الحكومة تبحث عن المشاريع الجاهزة والتي لا تخدم نظام اجتماعي أو اقتصادي سليم، بحسبة بسيطة للغاية ولا تحتاج الى عقول اقتصادية ضخمة، معملين في كل محافظة كفيل بتوفير فرص عمل لا تقل عن 2000 فرد، بالإضافة للقطاع الخاص، وتحسين الجانب الزراعي، ناهيك عن تأهيل السياحة الإثارية والدينية المفرطة في العراق.
كل تلك المؤهلات وغيرها إن اعتمدت كورقة عمل وخطط خمسية من شأنها أن تنهض بالبلاد خلال السنوات العشر المقبلة الى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا.
لكن المشكلة إن الرجل الغني مكتفي بأمواله دون عناء، والقملة ستبقى تبحث عن البرغوث كوسيلة امتصاص إضافية مساعدة لها، ويبقى البقاء في نهاية المطاف للمتطفل الأقوى.

بقلم: جعفر العلوي