آفات إجتماعية قاتلة (29)
“حشاش”لاتصير وﻻ تلعب قمار ﻻتخاف من فضيحة ولاعار !

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) .

أحمد الحاج

قضيتان مريبتان مرتبطتان ببعضهما حدثتا بفارق أيام قليلة ، اﻷولى تمثلت بهروب 15 تاجر مخدرات من مركز إحتجاز بمنطقة القناة ما أسفر عن إقالة قائد شرطة بغداد ومدير شرطة الرصافة وعدد من الضباط والمنتسبين وإحالتهم الى التحقيق ، والثانية إعتقال – سلطان – المخدرات والدعارة والقمار في العراق وعدد من أتباعه ، هذا “القمرجي ،الحشاش، القواد ” المسؤول عن تهريب 2 مليار دولار خارج العراق له علاقات وثيقة وعلى ما يبدو ببعض كبار المسؤولين وﻻ أدري إن كانوا يعلمون بحقيقته أم لا تشهد على ذلك العديد من الصور ومقاطع الفيديو المنشورة له في مواقع التواصل بضمنها صفحته الشخصية على فيس بوك ، وله علاقة ببعض تجار المخدرات الهاربين من الإحتجاز إن لم يكن كلهم وهم من رجاله وهو المتورط بتهريبهم على حد وصف بعض المراقبين ، ما أثار لغطا كبيرا في الشارع بشأن إرتباط بعض المتنفذين في الدولة بتجارة المخدرات والدعارة والقمار وتهريب اﻷموال فضلا عن تبييضها وإدارتها وقد أشار غير واحد من السياسيين الى هذه العلاقة المشبوهة بطريقة أو بأخرى في أكثر من لقاء ومؤتمر صحفي ربما لعدم حصولهم على نسبة معينة أو لغرض التسقيط السياسي للخصوم بكل الوسائل المتاحة وهذا أمر قد درج عليه السياسيون المحليون منذ 16 عاما لتقاسم المغانم وحيازة المناصب !
كبيرتا الخمر والميسر قال فيهما الباري عز وجل ” إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ” ﻷنهما دمار وعار وتكمن خطورة آفة القمار البشعة التي نهى الشارع الحكيم عنها والتي تعد من أكبر الكبائر أنها عادة ما ترتبط بكبائر أخرى مماثلة وتتناسل منها إما إبتداء أو إنتهاء، فكل مقامر يخسر الملايين يوميا على الموائد الخضراء أو من خلال المكائن الالكترونية وسباق الخيول إنما يحصد أمواله من السحت الحرام ” دعارة ، مخدرات ، تجارة سلاح ، أدوية مغشوشة ، مواد غذائية مضروبة ، الإتجار بالبشر ، الربا ، الرشوة ، التزوير ، الإختلاس ، سرقة المال العام ، الغناء في الملاهي الليلية ، تهريب اﻵثار والنفط ” ونحو ذلك من الموبقات التي تدر أموالا طائلة ، أو لكونه من كبار التجار ورجال المال واﻷعمال وعادة ما يضطر أحدهم ولغرض مواصلة اللعب الى الإستدانة بصورة مستمرة من دون القدرة ولا الرغبة بالتسديد لتراكم الديون بذمته تصاعديا على خلفية الخسائر المتتالية شبه اليومية من جراء ذلك ،وإهمال تجارته ، ،إغلاق مصنعه، رهن مزرعته ، بيع محله ،سيارته ، أثاث بيته ، ذهب زوجته ، مقتنيات أبنائه ، وربما منزله أيضا ، وعندما تغلق جميع المنافذ بوجهه يُرغم ونتيجة إدمان القمار على اللجوء الى طرق أخرى كالنصب والإحتيال والقروض الربوية ونحوها بمعنى أن كل طرق القمار ومآلاته شر مطبق يفتك بالمدمن على لعبه وكل من حوله اذ غالبا ما ينتهي المقامرون بالسجن بعد إشهار إفلاسهم ولذلك فإن الشارع الحكيم قد حرمه ونهى عنه وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه ” ، وقوله صلى الله عليه وسلم ايضا ” من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق “، اما في القانون العراقي فقد تضمنت المادة 389 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 عقوبة ﻻتليق بحجم الكبيرة وتداعياتها تقضي بالحبس مدة لاتزيد عن سنة ومصادرة اﻷدوات وضبط النقود المستخدمة وﻻبد من تغليظها لتتناسب وحجم الجريمة النكراء الذي دمرت عوائل بأسرها ومزقتها إربا إربا ناهيك عن الجرائم التي يتمخض عنها القمار ويشجع عليها !
آفة القمار وفي إستعراض موجز تمارس عبر ألعاب ووسائل عديدة فهناك المراهنة في أي مجال ليدفع الخاسر للرابح ما أتفق عليه وتم جمعه سلفا وهذه دخلت في معظم المجالات والرياضات وأبرزها الملاكمة وسباق السيارات والخيول” الريسز ” وبرامج المسابقات ، وهناك أوراق اليانصيب وأشهر أنواعه ” اللوتو والتوتو ” وهناك ما يعرف بـ” العاب السلوتس ” أو ماكينات القمار الإلكتروني وهذه تضم ماكينات بثلاث بكرات ، خمس بكرات ، سبع بكرات ، تعتمد كليا على الحظ ، وتتباين خلفياتها وعناصر الإثارة والجذب للزبائن – الضحايا – فيها من مكان الى آخر ففي الغرب تكون عناصر الجذب مستوحاة من قصص وشخصيات هوليوود ، أما في الشرق فمن قصص الف ليلة وليلة وعلاء الدين والمصباح السحري والتراث الصيني أو الهندي وما شابه ، وهناك أوراق الكوتشينة والنرد – الزار – إضافة الى ما يعرف بـ” قمار الموائد ” المتمثل بلعبة البلاك جاك ، البوكر ، الروليت وهذه اﻷخيرة لها في العاصمة بغداد لوحدها 10 صالات ، كلفة إيجار الصالة الواحدة منها سنويا ما يقرب من 2.5 مليون دولار ، يديرها محترفون من اليونان وقبرص وتركيا ولبنان وروسيا يحملون أسلحة مرخصة وبعضهم سيارات مصفحة وتخضع الصالات لحماية جهات متنفذة تتوزع بين فنادق الشيراتون ، الميريديان ، ميليا منصور اضافة الى فندق بغداد وسط العاصمة تعادل عائدات بعضها 5 ملايين دولار اسبوعيا ، كما اكد على ذلك مرارا رئيس لجنة اﻷمن والدفاع النائب السابق حاكم الزاملي ، و تستخدم بالدرجة اﻷساس لغسيل اﻷموال القذرة المتأتية من تهريب النفط والمخدرات والسلاح والإتجار بالبشر للتعتيم على مصدرها والتملص من المساءلة لكون الروليت لعبة معترف بها – بنكيا – تمنح الفائز فيها سندا موقعا من ادارة الصالة والفندق يثبت حصول الموما اليه على المبلغ النهائي ما يسمح له بإيداع أرباحها في البنوك والمصارف من دون إثارة الشكوك وفقا لقوانين المافيا واﻷنظمة الشمولية وجمهوريات الموز التي سبق لها أن أصّلت لغسيل اﻷموال بعيدا عن المساءلة القانونية في المصارف العالمية !!
نعم لقد ضجت مواقع التواصل والقنوات الفضائية بخبر القبض على أكبر زعيم للقمار – معروف – في العراق حتى الان – ﻷن غير المعروفين أكبر من العد والحصر، المدعو ” حمزة الشمري” الملقب بـ” الحجي ” مع 25 آخرين من شبكته المتورطة إضافة الى إدارة صالات القمار بالدعارة والمخدرات ، وذلك من خلال دهم مديرية أمن الحشد فندق ” فلسطين ميرديان مشيرة الى ، ان ” الشمري كان يزعم الإنتساب للحشد ويحمل وأتباعه هويات مزورة” ، فيما أكد الخبير القانوني طارق حرب، أن ” صالات القمار والدعارة والمخدرات تدر أرباحا طائلة على عصاباتها أكبر من تلك التي تأمل الحكومة المركزية بالحصول عليها من عائدات نفط كردستان ، اﻻ أن الكل بات يسأل عن علاقة ” فكر الحجتية” ممن يعتقدون بإشاعة الرذيلة للتعجيل بظهور المخلص ما يفسر تورط معممين وجهات نافذة ذات خلفيات دينية في جانب منها ، ودور دول الجوار بتدمير العراق وشبابه عن طريق نشر تلك اﻵفات القاتلة بينهم بعد ان لم يكن لها وجود بهذا الحجم المرعب ” المخدرات ، الدعارة ، القمار ، تهريب وغسيل اﻷموال القذرة “في جانب آخر لتتلاقى المصلحتان في زمن الذل والهوان وتبادل المنافع بين اميركا وأوربا وروسيا وايران هاهنا على حساب الشعب العراقي المغلوب على أمره حاليا وقد لايكون ذلك مستقبلا !
ويعد فيلم “21 ” من أخبث اﻷفلام العالمية التي تناولت قضية القمار وأستعرضت أساليبه الشيطانية ، وكذلك فيلم ” الريس عمر حرب ” التي تدور أحداثه داخل كازينو للقمار، اضافة الى فيلم ” رجب فوق صفيح ساخن وغيرها.
المطلوب اليوم حملة كبرى لدهم وإغلاق جميع صالات القمار وأوكاره السرية والعلنية في جميع أنحاء العراق ومصادرة أمواله وأدواته فورا ومن غير إبطاء ، إضافة الى تفعيل المادة 389 من القانون العراقي الخاصة به ، أو تغييرها وإستحداث مادة جديدة تتضمن عقوبات أشد بحق المتورطين بلعب القمار الملوثين بإفتتاح مقار وأمكنة خاصة لمممارسته ، علاوة على شن حملة وطنية شاملة تتظافر فيها جميع الجهود الخيرة للتحذير والتوعية من أخطار القمار ونتائجه الكارثية المدمرة ودوره في تمزيق النسيج العائلي والتفكك الاسري ونشر الرذيلة ، شن حرب شاملة مماثلة على تجارة المخدرات وأماكن بيعها وترويجها وتعاطيها ، مع حملة مشابهة بالتزامن ضد دور البغاء والرذيلة وإغلاقها من غير قيد أو شرط أو ذريعة ، فهل يعقل أن يُطارد الكادحون العاملون على اﻷرصفة بشرف لكسب قوتهم في زمن البطالة الخانقة وغياب العدالة الاجتماعية بذريعة تشويه جمالية المدن فيما يترك الداعرون والحشاشون والقوادون والمقامرون والمهربون والمختلسون من غير مساءلة تذكر ” أي هراء هذا وأي عبث بكل المبادئ والقيم ، ومطلوب ايضا التبرؤ الفوري غير القابل للمناورات السياسية من كل – السرسرية والهتلية – الذين يزعمون الانتساب الى هذا الطرف السياسي والعشائري أو ذاك وعدم إنتظار – فضيحة مدوية اعلاميا – للتحرك متأخرا جدا بعد خراب البصرة ربما للملمة الموضوع قبل إستفحاله وكشف أسماء وملفات ﻻيراد كشفها أكثر منها خطوة جادة لمحاربة الفساد المستشري في ربوع البلاد بعيد الغزو الاميركي الغاشم للعراق وإرساء مفاهيم – الفوضى غير الخلاقة – لتدميره كليا ! اودعناكم اغاتي