‏ ماكرون وبارزاني من الصداقة الى الشراكة! ‏
محمدواني
هل اعدت أمريكا العدة لتحل فرنسا محلها في العراق بعد قرار انسحابها منه في 31 ديسمبر الجاري ؟ يبدو ‏كذلك ، فالحضور القوي للرئيس الفرنسي “ايمانويل ماكرون” في العراق ومشاركته الفاعلة في مؤتمر ‏التعاون والشراكة الذي عقد مؤخرا في بغداد لرؤساءو قادة دول الجوار ، وعلاقاته المتشعبة مع القوى ‏السياسية العراقية وبشكل خاص مع قادة الكرد اهّلته لكي يمثل دور الحاكم المدني الجديد في العراق على ‏غرار الحاكم المدني الأمريكي “بول بريمر” الذي حكم العراق بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 ، ‏فالرجل يتمتع بمقبولية لدى جميع العراقيين وأيضا لدى الإيرانيين ، الطرف الأصعب في المعادلة العراقية.. ‏
وقد يعتمد في مهمته الجديدة على الكرد الذين سيتعاظم دورهم في المرحلة القادمة في تحديد الملامح ‏السياسية للعراق ويتحولوا الى بيضة القبان كما كانوا من قبل (من 2003الى 2014)عندما ساهموا مع ‏الأمريكيين في تأسيس الدولة العراقية الجديدة.‏
‏ فالعلاقة بين الكرد وفرنسا تاريخية رغم انها هي الطرف الاستعماري الثاني مع بريطانيا في صياغة ‏اتفاقية “سايكس بيكو” المشؤومة التي قسمت الشعب الكرد بين أربعة دول ظالمة سامتهم سوء العذاب! ‏ولكن ربما شعر بعض قادة فرنسا بشيء من تأنيب الضمير او العار ــ ان صح التعبيرــ وهذا ما استبعده ‏وبدأوا بالتودد للكرد ومد يد المساعدة لهم عند الشدائد والمحن التي عاشوها على يد هذه الدول التي تسمى ‏ظلما وعدوانا ب”الإسلامية!”.‏
‏ وكان الرئيس الأسبق”دانيال ميتران” اكثر القادة الفرنسيين توددا للكرد ، ففي لقائه مع “بارزاني” حمله ‏رسالة الى الشعب الكردي ؛ ‏أبلغ الشعب الكردي بأنَّ لديهم صديقاً فرنسياً وهو فرانسوا ميتران وما دمت ‏هناك سوف أدعمكم ولكن إن ‏رحلت فسوف يدعمكم الشعب الفرنسي.” وصرح في برلمان كردستان ‏ان(كردستان وطني) ، ومن جانبهم اطلق الكرد لقب”ام الكرد” على زوجته “دانيال ميتران”عرفانا ‏بالجميل.‏
ولا ننسى ان فرنسا هي التي “أسهمت في إصدار قرار فرض منطقة حظر طيران عام 1991″ ‏لمنع النظام ‏البعثي من اجتياح المنطقة الكردية وارتكاب مجازر بحق الشعب الكردي على غرار عمليات القصف ‏الكيمياوي والانفال التي ‏ذهب ضحيتها مئات الالاف من الأبرياء..‏
‏”وعندما فرضت حكومة”حيدر العبادي” حصارا شاملا برا وجوا على الشعب الكردي عقابا له على ‏الاستفتاء الذي اجراه عام 2017 للخروج من هيمنة العراق وهو حق كفلته كل الشرائع السماوية ‏والارضية ، ساعدته فرنسا في الضغط على الحكومة العراقية لتخفيف حصارها الجائر ومن ثم رفعه ‏فيما بعد ، وقد لبى الرئيس”مانويل ماكرون” نداء رئيس حكومة الإقليم آنذاك “نيجيرفان بارزاني”الذي ‏شد الرحال الى فرنسا عبر الطريق البري التركي بسبب حظر الطيران لطلب المساعدة ، وكان له دور ‏بارز في رفع الحصار ، وقد أشاد “بارزاني” بالموقف الفرنسي واثنى على الرئيس “ماكرون” ووصفه ‏بالصديق ..‏
‏ وعندما التقاه في أربيل عقب انتهاء اعمال المؤتمر المنعقد في بغداد رحب به وقال ؛ ‏”يسعدني أن أرحب ‏بصديقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أربيل. إنني أتطلع إلى مناقشة العلاقات الثنائية ‏والانتخابات ‏العراقية وغيرها من القضايا الملحة مع الرئيس ماكرون. ولا زلت ممتنا لدعم فرنسا المستمر لإقليم ‏‏كوردستان والعراق”.‏
وبدوره شكر “ماكرون” صديقه رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني على الحفاوة الكبيرة التي لاقاها ‏وقال في تغريدة له ؛ ‏ “أردت أن أنهي زيارتي إلى العراق في اربيل، عزيزي نيجيرفان، شكرا على هذه ‏الاستضافة”. ‏