ادهم ابراهيم
يعد القطاع المصرفي أحد اركان النهوض الأقتصادي في أي بلد .
ولايمكن فصل المصارف عن الاستثمار في عملية النمو والتنمية المستدامة .
ان مانشاهده من هشاشة البنوك وضعف المالية العامة في الدول العربية ، كان نتيجة عدم ثقة كثير من المواطنين بالمنظومات المصرفية وهروب رأس المال فتعمق الركود في النشاط الاقتصادي .
وفي العراق تعاني المصارف من سلبيات ومشاكل عديدة تسببت في ضعف مساهمتها في النمو الاقتصادي القائم اساسا على ايرادات النفط الخام .
غالبية البنوك في العراق مملوكة للقطاع الخاص ، وتمثل حوال 95٪ من إجمالي عدد البنوك .
بصورة عامة لا يثق العراقيون في مؤسساتهم المصرفية سواء كانت حكومية ام اهلية ،ولا ينظرون إليها على أنها مكان آمن للايداع . ويعتقدون ان بقاء أموالهم النقدية مخبأة في المنزل اكثر ضمانا لأمنها وتوافرها عند الحاجة .
تعاني المصارف العراقية من سوء انظمة الائتمان، والافتقار إلى نظام مصرفي رصين ، الامر الذي ادى إلى تباطؤ التنمية في القطاع المالي ، فتعذر تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة مما فاقم من حجم البطالة ،التي اصبحت من اكبر المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد .
كما ان الفساد المستشري في اغلب مرافق الدولة قد ضرب النظام المالي اكثر من اي قطاع اخر نتيجة هيمنة الفاسدين الذين تحميهم المافيات التابعة لبعض الاحزاب .
على الرغم من الزيادات الكبيرة في واردات النفط الخام والتي تشكل ما يقرب من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي ، يعتبر العراق من أكثر الدول فسادًا في العالم .
وتمثل تحويلات الاستيراد الوهمية المستوفاة من البنك المركزي اكبر منفذ لتهريب الاموال .
وقد صرح رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني إن اللوائح المصرفية الجديدة كشفت عن معاملات احتيالية بالدولار تسببت في خفض قيمة العملة المحلية .
يقابل ذلك عدم مواكبة المصارف العراقية للثورة الرقمية ومكننة العمليات المصرفية فزاد التعامل النقدي الذي تسبب هو الاخر في زيادة الفساد المالي والاداري وهدر المليارات من الدولارات في تهريب العملة الى الدول المجاورة والى جيوب الفاسدين المتنفذين .
فاصبحت المصارف العراقية بعيدة كل البعد عن المعايير المصرفية الدولية .
ان ضعف الرقابة المالية على المصارف الحكومية والاهلية قد تسبب هو الاخر في مخالفات خطيرة اخلت بالوضع الاقتصادي العام في البلد .
ولا أدل على ذلك من الذي جرى مؤخرا مع المصارف اللبنانية، حيث قرر البنك المركزي العراقي وقف التعاملات المشتركة معها نتيجة عمليات فساد ،حيث يتم نقل أرصدة المودعين في البنوك اللبنانية المتعثرة الى فرعي مصرفي الرافدين والرشيد الحكوميين في بيروت، بغية سحب المبالغ من خلالهما، في اكبر عملية تحايل .
وكذلك تسهيل الاستيلاء على 2,5 مليار دولار من الأمانات الضريبية
والتي سميت بسرقة القرن لضخامة المبالغ المسروقة من الدولة .
اصلاح النظام المصرفي
لايمكن اصلاح النظام المصرفي في العراق وانتشاله من واقعه المتردي بمعزل عن خطة شاملة لمكافحة الفساد .
ويتم ذلك من خلال التنسيق بين الاجهزة القضائية والسلطة التنفيذية . ثم يأتي دور الجهاز الرقابي للاشراف على عمل المصارف وطريقة ادارتها .
ان تعدد اللجان الرقابية والتحقيقية الحالية قد عرقل عمليات الرقابة المذكورة لتداخل اعمالها ، خصوصا وان كثيرا” من هذه اللجان قد دب فيها الفساد !
التحدي الرئيس للمصارف اليوم هو اعتماد التكنولوجيا الجديدة ، حيث اصبحت النظم السائدة والعمليات التجارية القديمة تواجه تحديات كبيرة في التوافق مع عمليات وأدوات العمل في مصارف الدول المتقدمة .
ان ادخال المكننة وتعميم ادوات الدفع الالكتروني في عمل المصارف اصبح حاجة ملحة وسيؤدي الى التخلي تدريجيا عن استخدام النقد، مما له إيجابيات كبيرة على اقتصاد البلد عامة .
كما ان تحسين وتقييم اداء مسؤولي غسيل الاموال ومراقبة الامتثال للانظمة الدولية في المصارف سيؤدي الى الحد من عمليات تهريب الاموال واستنزاف العملة الصعبة .
واخيرا وليس آخرا” ضرورة إصدار تشريعات للإصلاح المصرفي، حيث ان هناك مشاريع قوانين وانظمة ذات العلاقة مازالت في الرفوف العالية .
ان ماجاء اعلاه يمثل الحد الادنى من تطوير العمل المصرفي في العراق ، وبعكسه ستنهار كثير من المصارف ، ناهيك عن عدم استقرار العملة الوطنية .
ادهم ابراهيم