رحيم الخالدي
يرى باحثون ان أول ديمقراطية طُبِقَتْ، كانت في عهد الإمام علي بن أبي طالب، (صلوات ربي وسلامه عليه) وبقت طوال فترة خلافتهِ، وإنتهت بعد تضرر بني أمية، التي لاقت من سيفه وشجاعته بأس القتال، والتي قضت على رؤوس الكفر في عهد الرسالة المحمدية، وذكر لنا التاريخ أساطيرا من الشجعان يتقدمهم بن ابي طالب .
العراق بعد عام الفين وثلاثة شهد أول تطبيق، للديمقراطية المستوردة بقيادة أمريكا، لكنها بدأت عرجاء صمّاء خرساء عمياء، لان أول الغيث كانت الطائفية المستوردة من دول الخليج، التي تخشى العراق كثيرا، لأنها إن نجحت ستطيح بكل دول الخليج الملكية، كما أن العراقيين يتمتعون بعقليات وروحية تختلف عن باقي دول المنطقة العربية، ولهذا شمرت عن سواعدها كلها لتتدخل بشكل وآخر، وبالطبع كل ذلك كان بأوامر أمريكية لتطبق سياسة فرق تسد، فهي تحاول بشكل وآخر، إستدامة وجودها للسيطرة على مقدرات المنطقة .
شاب العملية السياسية كثير من الأخطاء والمخالفات، التي إنعكستْ سلباً على الواقع العراقي، ومنها المحاصصة التي كانت لبنتها الأولى، ليس لإستدامتها بل لتطبيقها بمشاركة الجميع، لكنها أصبحت “سنينة” جَبِلَ عليها السياسيون، ولا يمكن مغادرتها كونها تدر الأموال، وأصبح التمثيل تحت قبة البرلمان، مكسباً تتقاتل عليه الأحزاب والتكتلات، وبه ضاعت أموال كان من شأنها بناء العراق، وبه يمكنه تجاوز دول عديدة، لكن التدخل الأمريكي كان الفاعل الرئيسي في التخريب .
لا يخلوا مفصل من مفاصل الدولة، الا وللأمريكيين بصمة، والسفارة تكاد تكون كمشرف على سير تلك الوتيرة، التي لا نستطيع مغادرتها، ما لم يكن هنالك إتفاق وطني فعلي، دون التدخل ليس فقط من أمريكا، بل تركيا والسعودية ومصر والأردن والإمارات..
هذه الدول سعت بكل ما تملك من أدوات، لتخريب العملية السياسية، ناهيك عن صاحب القرار، الذي بقي مكانه شاغراً لحد يومنا هذا، وما عمله عبد المهدي كان سياقاً مختلفاً، وبعيد جداً عن المخططات، التي كادت تفشل، لولا التظاهرات التي مولتها كل تلك الدول، لنبدأ من نقطة الصفر .
التظاهر حق كفله الدستور، والمطالب تكتب بورقة بواسطة ممثل عن المتظاهرين، وكانت تجري بصورة سلسة حتى رئاسة العبادي، لكن دون نتيجة مما أوصل المتظاهرين لحالة اليأس، وهذا معتمد في كل الدول التي تعمل بالنظام الديمقراطي، لكن هنالك حالة أن النائب بعد صعوده بواسطة ناخبيه، ينسى أن لهُ جمهور يُطالبهُ بحقوقٍ، أغلبها بسيطة ومن الممكن تلبيتها، وهذا من صميم عمله، إضافة لمهامه المكلف بها برلمانياً..
وهذا الغياب في المتابعة جعلها حالة عادية .
اليوم وبعد تشكيل الحكومة الفتية التي أنتجت السيد السوداني، بعد كل التعثرات التي شابت الحكومات السابقة، من أغلاط لا يمكن إغفالها وتجاوزها، نرى بارقة أمل في هذه الحكومة، التي أظهرت كل من شأنه بناء حقيقي، بوعود متحققة فعلياً وعلى الأرض، ومع المتابعة هذا سيقود لبناء رصين، مع تصريح رئيس الحكومة بالتقييم لأداء المفاصل الفاعلة في العملية السياسية، ولو بقي هذا المنوال سينتج لنا ليس فقط البناء والخدمات، بل سيتعدى للبطالة التي تجاوزت الأعداد المقبولة، ولا توجد وظائف سوى العسكرة في الداخلية والدفاع، لكن التعيينات الأخيرة أفرجت الأسارير، وأحتوتْ وإن كانت بسيطة لكن الأعداد هائلة .
التدخل الأمريكي مازال فاعلاً، بلحاظ التحرك التي تقوم بها سفيرة الشيطان الأكبر، كان واضحاً ومؤثراً فقد تراها اليوم في الوزارة الفلانية، وغدا تزور أحد قيادات الأحزاب، وهكذا دواليك الى مالا نهاية، والمطلوب إيقاف هذا التدخل كونها ليست وصية، على دولة عمرها أكبر من أن تعدها السنين، والحضارات شاهدة على ذلك .
السيد السوداني لا يملك عصا موسى، وهنا نؤشر على القيادات الفاعلة، في إتخاذ قرارات مصيرية لكبح جماح السفارة، وايقافها عند حد عملها الصميمي، وليس التدخل في شؤون داخلية.. واما مسألة التعاون بين أمريكا والدولة العراقية، فيجب حصره في زاوية معينة، ونؤشر على مجلس النواب تغافله عن تفعيل إخراج القوات الأمريكية، والحث على إخراجها على ضوء قرارات سابقة .