نشيد سلام فرمانده / 7
بقلم : عبود مزهر الكرخي
والآن لنأتي الى الشخصية الثانية والتي ذكرت في نشيد ( سلام يا مهدي) وهو
ميرزا كوجك خان (1880-1921)
وهو عالم مسلم شيعي إيراني قام ضد الحكومة القاجارية وملكها أحمد ميرزا شاه قاجار آخر ملوك الدولة القاجارية. وقد ثار أيضاً ضد الحكومة بسبب عمالتها للقوى الاجنبية روسيا(شمالا) وإنجلترا(جنوبا) وقيامه يعتبر أول قيام مسلح في إيران. وكون جيشاً في غابات جيلان (محافظة شمال إيران) وقد قاوم لعدة سنين في الغابات وقد تلاشا جيشه في مرور الزمان حتى بقي وحيداً، وقد انهزم في الجبال في وسط الشتاء القارس، وقد مات من البرد سنة 1921 في وسط جبال البرز ووجدوا جثته مجمدة. في وسط الثلج وقطع رأسه أحد اصدقائه ومناصريه القدامى ليحصل على جائزة عدة لمن يأتي برأسه (1).
حيـــاتـــه
ميرزا يونس المعروف بميرزا كوجك خان جنكلي ولد عام 1878م في حي “استاد سرا” بمدينة رشت مركز محافظة جيلان. فنشأ في اسرة مسلمة صالحة وتعمقت هذه النشأة عندما بدأ كوجك بدراسة العلوم الدينية في مدرسة “حاجي حسن” برشت ومدرسة “محمودية” بطهران، حيث تتلمذ على يد كبار علماء عصره حتى وصل إلى درجة عالية في العلوم الدينية تمكنه من أن يصبح امام جماعة أو مجتهداً بارعاً، غير أن الاحداث والهجمات والتدخلات الاستعمارية في إيران، جعلته يغير مسيرة حياته بترك الدراسة الدينية والتوجه لحمل البندقية ولبس الزي العسكري في ساحات الجهاد ضد المستعمر الاجنبي.
ومن المعلوم أن الشاه أحمد القاجاري متحالف مع القوتين الروسية والبريطانية وكانوا في الحقيقة مستعمرين الى أيران.
كان ميرزا كوجك خان حاله حال الشباب الإيرانيين يلاحظ التيارات السياسية التي تعصف بالبلد
والتي رياح تهب على البلد من كل حدب وصوب وهي تحمل سحب سوداء مظلمة ، وتنذر بالخطر الثقافي الزاحف على بلده ، مضاف اليه المناخ السياسي آنذاك من تمهيد الارضية للهيمنة الاستعمارية في شتى المجالات.
وفي ظل هذه الهجمة الثقافية والسياسية وجد نفسه أن لا بد من التصدي إلى الى الأخطار التي تعصف بالبلد والذي يزحف عليه بكل قوة وشراسة؛ فراح يساهم في انتشار الوعي الإسلامي بين صفوف الشباب عبر المحاضرات التي كان يلقيها لهم ، ولهذا كانت الثورات السياسية التي حدثت في طهران ضد الملوك القاجاريين قد تركت في نفسه أثراً كبيراً في الثورة والتصدي لكل الطغاة والمستعمرين وبمختلف صوره؛ ولهذا انخرط ميرزا كوجك خان مع الثوار في المعارضة لكل اجراءات آل قاجار والتصدي للاستعمار والاستبداد.
ولهذا عندما احتلت روسيا القيصرية شمال أيران ذهب ميرزا كوجك خان إلى غابات جيلان وأسس فيها تنظيماً مسلحاً باسم (قوات الغابة) للتصدي للقوات الاجنبية الغازية، فأعلنت هذه القوات بقيادة ميرزا كوجك خان أنها تعمل لاستقلال إيران وسيادتها الكاملة والوقوف بوجه كافة القوى الاجنبية الغازية وطردها من البلاد ومكافحة الاستبداد والفساد الحكومي في إيران. توسع نطاق قوات الغابة وازداد شيئاً فشيئاً. فقام ميرزا وانصاره بتغييرات تنظيمية وقيادية في قوات الغابة، وذلك من خلال وضع استراتيجيات خاصة لها سميت فيما بعد بنهضة الغابة (2).
وقد كانت قد جرت معارك شديدة مع الروس والبريطانيين كبد فيها المستعمرين خسائر كبيرة من قبل قوات نهضة الغابة ن وكان الجهاد والكفاح من قبل قوات ميرزا كوجك خان باسلاً وفريداً من نوعه.
ولكن البريطانيين وحتى الروس وبعد سقوط القياصرة وقيام الحكومة البلشفية في روسيا عام 1917، لم يكفوا عن محاربة ثورة نهضة الغابة ، وذلك للمطامع الاستعمارية لدى بريطانيا وروسيا في تلك المنطقة ، ولم تكتف القوات الروسية والبريطانية بالاشتباكات المسلحة فحسب بل قامت بإثارة الفتن وبث الفرقة والخلافات داخل صفوف قوات ميرزا ولكن ورغم ذلك، ظل ميرزا كوجك خان وانصاره يواصلون جهادهم المرير ضد الاستعمار والحكومة العميلة له ، هذا وأخذ الشيوعيون الروس يلعبون دوراً بالغاً في إفشال النهضة التي ضعفت بفعل الضربات التي تلقتها من الشيوعيين من جهة والهجمات التي كانت تشنها القوات الحكومية المدعومة من المستعمر البريطاني من جهة أخرى. ولكن ميرزا بالرغم من ذلك وحتى بعد استشهاد كثير من أنصاره، بقي يقاوم العدو فقرر أن يتوجه إلى منطقة “خلخال” بمدينة اردبيل المجاورة لجيلان، إلا أنه قضى شهيداً في الطريق في اليوم الأول من كانون الأول – ديسمبر لعام 1921، وذلك جراء تعرضه للبرد القارس في المنطقة، وظل جسده بين الثلوج لعدة أيام حتى عثر عليه عددٌ من عملاء الحكومة فقاموا بقطع رأسه وسلموه إلى رضا خان في طهران. تقع مقبرة ميرزا كوجك خان في حي “سليمان داراب” بمدينة رشت، حيث يقصدها الزوار والسياح وتقام هناك سنوياً مراسم خاصة في ذكرى استشهاده (3).
ولهذا فهذه الشخصية هي شخصية وبطل قومي قاوم المستعمرين وبذل نفسه من اجل بلاده وتحريرها ، ولم يكن ارهابياً أو سفاحاً بل هو وطني وهو حاله حال الثائرين العالمين من أمثال جيفارا وهوشي منه في فيتنام … وغيرهم ، والذي العالم يحتفي بهم ويقيم الاحتفالات بولادتهم واستشهادهم وتوثيق حياتهم الخالدة.
ولكن عند أبطال دول الشرق الأوسط والنامية تتوقف هذه العجلة ويتم التعتيم على ذلك ولا يعترف بهم ، وهذا ليس بمستغرب على العالم والغرب بالخصوص في أنهم ينظرون بعين عوراء الى مثل الشخصيات والاحداث في دولنا ، ويعملون بسياسة الكيل بمكيالين وهو ما عرف عنه تلك الدول والغرب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ مأخوذ من مقالة / باب نقاس بعنوان(ميرزا كوجك خان ). موقع ويكيبديا ، الموسوعة الحرة . الرابط :
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%B2%D8%A7_%D9%83%D9%88%D8%AC%D9%83_%D8%AE%D8%A7%D9%86
2 ـ قيام ميرزا كوچك خان جنگلي نسخة محفوظة 18 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
3 ـ ميرزا كوچك خان جنگلي نسخة محفوظة 10 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.