فيْ ساعات الفجر الأولى ليوم الرابع عشر من تموز 1958, أذيع بيان الثورة الأول من إذاعة بغداد, وعلى إثر سماعه, نزلت الدكتورة نزيهة الدليمي من بيتهم الكائن في الأعظمية, متوجهة إلى الشارع العام هدفها تنفيذ تعليمات الحزب الذي تضمنها التوجيه الداخلي الصادر يوم الثاني عشر من تموز, إذ تقول عن ذلك: ((خرجت أنا من بيتنا في شارع المغرب وتوجهت إلى الشارع العام, وبعد عدة خطوات كنت وسط المظاهرات القادمة من الأعظمية, ومن الكاظمية عبر الأعظمية, وقبل أن نصل إلى البلاط, شاهدت سلام عادل وهو يرتدي سترة وبنطلونا, وبالنسبة لي رأيته أول مرة بتلك الهيئة وليس بالملابس العربية التي كان يتنكر بها, واقترب مني قائلا: أنني الآن قادم من البريد حيث أرسلت برقية باسم اللجنة المركزية تهنئة بانتصار الثورة… وكان هذا, بعد العمل السري الطويل شيئا هزنا تماماً.. وبعد ذلك قال عليكم أن تنشطوا من أجل نشر شعارات الحزب في هذه المظاهرة وأن لا تكونوا سلبيين.. لان مختلف القوى السياسية في الشارع, وأشار إلى مجموعة قليلة من المتظاهرين تحمل صور عبدالناصر, فأكد ما جاء في التوجيهات الحزبية (ضرورة تجنب إبراز شعارات مبهمة أو متطرفة أو تلك التي تمجد هذا الزعيم أو ذاك من قادة الحركة الوطنية أو العربية على حساب طمس شعاراتنا الأساسية). وبعد هذا الكلام وبعد أن سار إلى جواري عدة مئات من الخطوات أندمج مع خضم المتظاهرين وتوارى عن نظري. وسُرتُ في المظاهرات حتى عبرت معها إلى جانب الكرخ عبر جسر الشهداء, وكان الناس يعبرون عن فرحتهم بتقديم اللبن البارد أو الشربت البارد, وبالهلاهل من قبل النساء. وكانت شعارات الحزب الشيوعي تصل إلى الناس بالهتافات والهوسات المنطلقة من الحناجر في جو من الحماس والفرح الغامر. وظلت الشوارع الرئيسة في بغداد بجانبي الرصافة والكرخ تعج بمئات الألوف من الناس حتى ساعة بدء منع التجول مساءً)). كان الحزب قد اصدر في اللحظات الأولى للثورة تعليمات إلى أعضائه, تضمنت تشكيل لجان شعبية للدفاع عنها, وفي اليوم التالي, أي الخامس عشر من تموز بعثت اللجنة المركزية للحزب, برقية إلى رئيس الحكومة عبدالكريم قاسم أكد فيها على ضرورة تشكيل مثل تلك اللجان, وفي يوم التاسع عشر منه أصدرت الحكومة قانوناً يقضي بتشكيل لجان للمقاومة الشعبية. نشطت الدكتورة نزيهة الدليمي بالدعوة إلى الانخراط في لجان المقاومة الشعبية, وطالبت بإشراك المرأة فيها, وذلك من خلال زيارة وفد رابطة الدفاع عن حقوق المرأة برئاستها إلى الزعيم الركن عبدالكريم قاسم في الثاني عشر من تشرين الأول عام 1958, إذ طالبن من الأخير ضرورة إشراكهن جدياً في فصائل المقاومة الشعبية بالتدريب الفعلي والعملي الواسع النطاق, كما يظهر توجه الدكتورة نزيهة الدليمي في هذا الاتجاه من خلال دعوتها النساء إلى الانضمام للجان المقاومة الشعبية, وذلك في مقابلة صحفية أجرتها معها جريدة الزمان البغدادية, إذ دعت فيها النساء إلى التسجيل والانتماء إلى تلك اللجان, كما أنها شاركت بوفد ضم عددا من الشخصيات الشعبية والحزبية التقى الزعيم عبدالكريم قاسم في الرابع من كانون الأول عام 1958, وطالبت من خلاله الحكومة بـإطلاق حرية الرأي والتعبير, عن طريق إجازة الصحف التي يمكن إن تُسهم في تنوير الجماهير, وتعبئتها فكرياً ضد أعداء الثورة. عليه يمكن القول أن الدكتورة نزيهة الدليمي كانت قد كثفت من نشاطها وبفعالية كبيرة في أحداث ثورة تموز عام 1958, ويظهر ذلك من خلال دعمها لميثاق جبهة الاتحاد الوطني والتوقيع عليه, كما إن نشاطها في صفوف الحزب الشيوعي العراقي تنظيمياً, وميدانياً, كان واضحا من خلال الأحداث, فضلاً عن نشاطها في صفوف الحركة النسوية, كل ذلك أدى إلى أن تضع حكومة الثورة ثقتها فيها بمنحها حقيبة وزارة البلديات.
توليها وزارة البلديات
كان الحزب الشيوعي العراقي قد وقف إلى جانب ثورة الرابع عشر من تموز 1958, منذ أول لحظة انطلاقها, وأعلن عن مساندته للثورة وصيانة الجمهورية الوليدة, فبادر إلى تشكيل فصائل المقاومة الشعبية التي هيمن على تشكيلاتها, فضلاً عن هيمنته الواضحة على المنظمات الشعبية الأخرى كاتحاد الشبيبة, واتحاد الطلبة العام, وحركة أنصار السلام, ورابطة المرأة العراقية, واتحاد نقابات العمال, واتحاد الجمعيات الفلاحية, ونقابات المعلمين, والمهندسين, والأطباء, و جمعيات الصداقة المختلفة. كان لتلك التشكيلات دور بارز في مساندة الثورة, والوقوف إلى جانب عبدالكريم قاسم, والتصدي لكل المحاولات التي حدثت للإطاحة به, ومن أخطرها الحركة التي قادها العقيد عبدالوهاب الشواف في الموصل. تزامنت تلك الأحداث مع قرب الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة الرابع عشر من تموز, وحدوث تقارب كبير بين عبدالكريم قاسم والحزب الشيوعي, مما زاد في قناعات الأخير بحقهم في الاشتراك بالسلطة, لا سيما أنهم استُبعدوا منها في التشكيلة الحكومية الأولى التي أعلنت بعد الثورة, وفي الثالث من أيار عام 1959, أصدرت حكومة الثورة قانون السلطة التنفيذية الذي استحدث عدداً من الوزارات منها التخطيط والصناعة والنفط والإصلاح الزراعي, فضلاً عن وزارة البلديات, الأمر الذي عزز من مطالب الحزب الشيوعي للاشتراك في السلطة. أثارت تلك المطالب اهتمام السفارة البريطانية في بغداد, وبالذات بعد أن انتشرت أخبار عن قرب إجراء تعديل وزاري لمناسبة الذكرى الأولى لثورة تموز, ففي السابع والعشرين من نيسان 1959, كتب همفري تريفليان Humphrey Trevelyan, السفير البريطاني في بغداد إلى حكومته قائلاً: «تأجلت عملية إعادة تنظيم الحكومة, وحتى الآن لم يوافق قاسم على التعيين المقترح لاثنين من الشيوعيين في الوزارة, ذلك المقترح الذي دافعت عنه وأيدته الصحف ذات الاتجاه القريب من الخط الشيوعي». في الرابع من أيار 1959, كتب همفري تريفليان برقية إلى حكومته ذكر فيها ما نقله له ديزواريفيك السفير اليوغسلافي في بغداد, عن نية عبدالكريم قاسم في إشراك الشيوعيين بالوزارة الجديدة, ومما جاء في تلك البرقية: «إن قاسما وافق على اشتراك وزيرين من الحزب الشيوعي في الحكم… أن بعض قادة الحزب الوطني الديمقراطي يفضلون مشاركة الحزب الشيوعي في الحكم ويعتقدون أن تلك المشاركة ستجعل السيطرة على الحزب الشيوعي أسهل مما لو ترك خارج الحكم». في الرابع عشر من أيار 1959, ألقى الزعيم عبدالكريم قاسم خطاباً بمناسبة عقد مؤتمر اتحاد الصناعات في الجمهورية العراقية, لمح فيه بشكل غير مباشر إلى الشيوعيين بأنه يعمل على إشراكهم في الحكم, إذ قال: «أنني نصير الفقراء ونصير العامل ونصير الفلاح ونصيركم, وأنني نصير المرأة وأنتصر إليها فأن المرأة أيها السادة لأول مرة في تاريخ المشرق العربي سوف تشاركنا في الحكم, أيها الأخوات أيها السادة أن المرأة قريباً سوف تشاركنا في الحكم وسوف تكون عضواً في الوزارة القادمة». كان ذلك الخطاب إشارة واضحة إلى الدكتورة نزيهة الدليمي, المقربة من عبدالكريم قاسم, الذي عدها شيوعية لكنها غير مرتبطة بالتزامات تجاه الحزب الشيوعي في ذلك الوقت, حسب ما أكدته البرقية التي بعث بها همفري ترفليان إلى حكومته في التاسع عشر من تموز 1959، اذ يقول: «أطلعت على تقارير سرية تشير إلى أنه في أيار من هذه السنة, عدها قاسم (ويقصد نزيهة الدليمي). شيوعية ولكنها غير مرتبطة بالتزامات تجاه الحزب الشيوعي في الوقت الحاضر. ولذلك فقد يكون صحيحا أيضا أنها أبعدت نفسها عن الحزب بشكل وقتي أو دائمي. وأنني أنقل إليكم هذه المعلومات لأنني أعتقد بأنها صحيحة على الأكثر. وقد تكون هذه المعلومات متطابقة مع خطة قاسم الواضحة بأن يضع في حكومته عدة أشخاص من ذوي الميول الشيوعية, ولكنه في الوقت نفسه لا يدع مجالاً للحزب الشيوعي أن يكون ممثلاً في الحكومة بصفته حزبا«. في الخامس من تموز عام 1959, عقد الزعيم عبدالكريم قاسم مؤتمرا صحفيا قال فيه: «إن التعديل الوزاري قريب جدا وقاب قوسين أو أدنى وان المرأة عندما تشترك في الوزارة فهي تمثل المرأة مهما كان عددها, ليست القضية قضية العدد وإنما الأصل هو المبدأ…. إن المرأة ستشترك في الوزارة قبل ذكرى ثورة 14 تموز». ساهمت تلك الخطابات في طمأنة الحزب الشيوعي الذي سارع إلى إيقاف حملته التثقيفية للمطالبة بالاشتراك في الحكم, وهذا ما يظهر في تقرير اللجنة المركزية الصادر عن اجتماعها المنعقد في الخامس عشر من تموز عام 1959, الذي أشار إلى أن طرح شعار المشاركة في الحكم بمعزل عن قيادة الحكم, هو عمل انعزالي خاطئ, وان مبادرة الحزب في طرح الشعار مبني في اعتباره على التعديل الوزاري المنوي أجراءه آنذاك. وبصدور ذلك المرسوم, شغلت الدكتورة نزيهة الدليمي منصب وزيرة البلديات, لتكون أول امرأة في تاريخ العراق والمشرق العربي الحديث تصل إلى منصب وزاري, وذلك بعد أن أصبح المرسوم الجمهوري سابق الذكر نافذا من خلال نشره في جريدة الوقائع العراقية. تعددت الآراء في موضوع تعيين الدكتورة نزيهة الدليمي في منصب وزاري, فمنهم من يعتقد بان عبدالكريم قاسم أراد أن يعد ذلك مظهراً من مظاهر تقدمية نظامه, وأن يثبت للعالم الخارجي أن العراق أول دولة عربية تقدم على مثل هذه الخطوة, في حين عده آخرون حلا وسطا أكد استقلالية عبدالكريم قاسم من جهة, وهدأ الشيوعيين من جهة أخرى, مقابل التراجعات التي قدموها بــإيقاف حملتهم التثقيفية للاشتراك في السلطة, وأن ذلك تم بالاتفاق بينها وبين عبدالكريم قاسم لسد النافذة التي فتحها الحزب الشيوعي, بمطالبته بالاشتراك بالوزارة, وأن اختيارها كوزيرة لم يكن له تأثير في سياسته. الراجح في أمر تعيين الدكتورة نزيهة الدليمي في الوزارة هو محاولة عبدالكريم قاسم كسب ود الشيوعيين, وإقناعهم بأنهم اشتركوا في الوزارة عن طريق حصول نزيهة الدليمي على وزارة البلديات, كما انه لم يكن يعدها شيوعية فاعلة ومؤثرة, وبالتالي فهي لا تؤثر في سياسته, وهذا ما أكده تقرير السفارة الأمريكية في بغداد إلى خارجيتها الذي نص على: «إن هذه التعيينات جاءت حلاً وسطاً بين عبدالكريم قاسم والحزب الشيوعي العراقي, إذ ليس فيهم من هو شيوعي معروف«, وكان تعليق السفارة البريطانية في بغداد حول ذلك التقرير قول سفيرها: «أنني أؤيد هذا التقويم وأعتقد انه ينبغي أن ينظر إلى هذه التعيينات كأقل ما يعتقد قاسم انه ملزم بتلبيته من مطالب الحزب الشيوعي للمشاركة في الحكومة التي لا تكون مجازفة تثير ردة فعل عنيفة من الشيوعيين وفيما لو كان هذا صحيحاً فأن هذه التعيينات لا تطابق سياسة قاسم الأكثر شدة تجاه الشيوعيين مؤخراً«. وأكد ذلك وزير الخارجية العراقي هاشم جواد عن لقائه بالسفير البريطاني في بغداد, إذ قال له: «لا يوجد أي وزير في الحكومة منتم للحزب الشيوعي, وحتى نزيهة الدليمي فما هي إلا ذيلية لهم, مثلما كان عوني يوسف ذيلياً للملا مصطفى البرزاني», أما عن مدى معرفة نزيهة الدليمي بأمر تعيينها كوزيرة, وهل كان بالاتفاق مع عبدالكريم قاسم, فالراجح انه لم يكن صحيحاً, إذ أنها تذكر في لقاء معها نشرته جريدة الشرق الأوسط في السادس والعشرين من تشرين الأول عام 2007 «اتصل بي مرافق الزعيم في ذلك الصيف القائظ من عام 1959 طالباً مني الحضور إلى وزارة الدفاع, لم أكن أملك ثمن التاكسي, لذلك ركبت الباص رقم (4) الذاهب إلى الباب المعظم, حيث تقع وزارة الدفاع, ثم نزلت وسرت مسافة طويلة تحت الشمس الحارقة, من البوابة الخارجية حتى بلغت مكتب قاسم, وأنا أتساءل عن سبب استدعائي. وبعد لقائي به قال انه بصدد استحداث وزارة جديدة للبلديات وطلب مني اقتراح هيكل لها وان أكون وزيرتها, نظرت له بدهشة وقلت أنا مواطنة بسيطة وطبيبة لا تفهم شيئاً بالوزارات, لكنه ضحك وشجعني قائلا انه يثق بي وبقدرات النساء على المشاركة في بناء البلد». قدمت نزيهة الدليمي خدمات كثيرة اثناء مدة تسلمها لوزارة البلديات على الرغم من قُصر تلك المدة, إذ أنها لم تدم سوى عشرة أشهر, حاولت خلالها تقديم الخدمات البلدية إلى كافة المناطق, من خلال النزول إلى ميادين العمل والإشراف المباشر على تنفيذ المشاريع, ويذكر المحامي طارق حرب إنها في آب من عام 1959 زارت منطقة الزعفرانية التي كان والده مختارا لها ويقول: «دهشنا واستغربنا, إذ هل سيتولى وزير زيارة هذه المنطقة الشـــــــــــــــــعبية وهذا الوزير امرأة… شاهدناها وكانت ترتدي النظارات بسبب الغبار الذي يسببه الشارع العام في المنطقة. تفقدت المنطقة وسألت الكبير والصغير والرجل والمرأة عن حاجة المنطقة ووعدتنا خيرا في تنفيذ مطالبنا. وبعد أيام شاهدنا المكائن التي ابتدأت بتبليط الشارع العام للمنطقة». كانت نزيهة الدليمي تجوب كافة مناطق العراق, وتعقد الاجتماعات مع كل رؤساء البلديات, ففي العشرين من آب عام 1959, عقد مؤتمر مهندسي مشاريع الماء والكهرباء في الجمهورية العراقية, وكان الهدف منه وضع دراسة فنية لمشاريع الماء والكهرباء في كل لواء وقضاء وناحية, ســـــــــــــــــواء من ناحية تأسيس مشاريع جديدة أو من ناحية توسيع المشاريع التي كانت قائمة, إذ أن تلك المشـــــــــــــــــــــاريع كانت تنفذ بشكل ارتجالي وعلى أساس تقدير غير دقيق, وتنفذ بكثير من التبذير, وفي تصريح لها لجريدة اتحاد الشعب, أعلنت فيه بأنه تم تكليف المهندسين لإجراء مسح دراسي شامل لمشاريع الماء في العراق, وتوقعت أن يستغرق ذلك شهرين, وآخر لمشاريع الكهرباء يستغرق ستة أشهر, الغرض من ذلك هو معرفة الوزارة كل شيء عن حاجات البلديات في هذه الناحية ووضع خطط مستقبلية على ضوئها. كان هم الدكتورة نزيهة الدليمي ينصب نحو تحقيق مشروع آخر ومهم هو أن يكون رؤساء البلديات وأعضاء هيئاتها منتخبين من قبل الشعب, وليسوا معينين من قبل الحكومة, وسعت إلى تحقيق ذلك من خلال دعوتها لعقد مؤتمر في الخامس من أيلول عام 1959, لرؤساء ومهندسي البلديات, لدراسة ميزانيتها وإدارتها ومشاريعها, كما جاءت بهيئة قانونية من أجل وضع قانون ينظم عملية انتخاب أعضاء المجالس البلدية باعتبارها مستقلة عن الحكومة, وقدمت ذلك القانون إلى الزعيم عبدالكريم قاسم ولكن الأخير رفضه ولم يسمح به, دون ذكر أسباب رفضه, أما فيما يتعلق بتوجهها لترسيخ أسس الديمقراطية في الجمهورية العراقية هو إصدارها لقرار عمم على كافة المديريات التابعة للوزارة, وعلى رؤساء البلديات, منعت بموجبه منعاً باتاً فصل عمال البلديات لمجرد أنهم أعضاء في النقابات الخاصة بهم, كما نص القرار على إعادة جميع العمال الذين فصلوا قبل ذلك للأسباب آنفة الذكر. سعت الوزيرة الدكتورة نزيهة الدليمي إلى تطوير خدمات البُنى التحتية, لا سيما ما يتعلق منها بصحة الناس, إذ أنها قدمت طلباً إلى مجلس الوزراء في الخامس من آب 1959, اقترحت فيه تعيين الدكتور محمد الجلبي, رئيس الصحة القائم بأعمال مدير الصحة العام عضواً في هيئة إدارة مصلحة ماء بغداد, ووافق المجلس على ذلك الطلب, كما تم تعيين عبد المهدي القيم مديراً عاماً لمصلحة المجاري في العاصمة بغداد, كونه من المهندسين الأكفاء, ويحمل شهادة الماجستير في الهندســـــــــــــــــة الصحية وهندسة الإنشاءات من جامعة مشيكان الأمريكية. واصل عبدالكريم قاسم تحجيم دور الحزب الشـــــــــــــــــيوعي, فاصدر في السادس عشر من شباط 1960 مرسوماً جمهورياً بالرقم 116, والقاضي بإعفاء الدكتور إبراهيم كبه من منصبه كوزير للإصلاح الزراعي, وكان الأخير قد شغل حقيبة وزارة الاقتصاد بعد قيام الثورة ثم وزارة الإصلاح الزراعي في الثالث عشر من تموز 1959, وهو ماركسي الفكر, كان حازماً وله صوت مسموع في مجلس الوزراء, وقد عده الشيوعيون ممثلاً لهم في الوزارة, كما كان له دور فاعل في معظم الاتفاقيات الاقتصادية التي عقدت مع الدول الاشتراكية, فضلاً عن دعمه للشيوعيين في مطالبهم للاشتراك في السلطة. وفي الثالث عشر من أيار 1960, صدر المرسوم الجمهوري ذي الرقم 263 ونص على تعيين الدكتورة نزيهة الدليمي بمنصب وزيرة دولة بدلاً من وزيرة البلديات, وتعيين السيد عباس البلداوي بدلاً عنها. نتيجة لتلك الممارسات وشعوراً من قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالخطر على حياة الدكتورة نزيهة الدليمي, صدر أمر من قيادته في آب عام 1961, بــإرسال وفد من كوادر الحزب للدراسة في المدرسة الحزبية في الاتحاد السوفيتي, وكانت هي من ضمن أعضاء الوفد, وبقيت هناك حتى قيام انقلاب الثامن من شباط 1963..
موفق خلف العلياوي – بغداد – ” وكالة أخبار المرأة ”
الصورة ليست لنزيهة الدليمي بل لاول محامية هي السيدة صبيحة الشيخ داود , احترامي