مُعجزة السيد السيستاني
لؤي الموسوي

المُعجزة بصورة مبسطة؛ آمر خارق للعادة، منحها الله لعباده الصالحين، جرت على يد الأنبياء والأوصياء “عليهم السلام”، كرامة لهم من جانب، ولأثبات رسالة السماء من جانب اخر لهداية البشرية، تميزوا بها دون سائر الخلق.
البعض يستغرب امام كلمة “مُعجزة”، كيف تحصل ونحن نعيش قرن الواحد والعشرون، مدعياً إن زمن المعاجز انتهى.

العزيز الحكيم “جل جلاله”، أجرى على يد أحد عباده الصالحين مُعجزة، لرجل زاهد عابد يسكن في زقاق ضيق من أزقة النجف الأشرف، متمثلةً بمُعجزة النصر التي تحققت على يد الحشد الشعبي، حصل وقوعها عندما عجزت معادلة الارض الطبيعية، حين حصل أنكسار كبير في صفوف القوات الامنية رغم تعدادها ونتيجة الفساد عند بعض القادة الأمنيين، تحولت تلك المعادلة من أنهزام الى نصر وفتحٌ مبين، بعد ان وقفت دول عظمى مذهولاً مما حدث، من سيطرة تنظيم إرهابي إجرامي يُسمى “داعش”، على مساحة واسعة من الأراضي العراقية بين ليلة وضُحاها.

انطلقت فتوى الجهاد الكفائي، التي اطلقها مرجع التقليد السيد علي السيستاني “دام ظله”، ولبى ندائها جُند المرجعية “جند العراق الاوفياء”، وما هي إلا ساعات تشكل جيشاً من المتطوعين، إذهل من في الداخل والخارج على مدى الأستجابة للفتوى ومدى التفاني في سبيل الوطن والعقيدة والذود عن الحِمى.

مفارقة بين الآلة والعقيدة. في صنع النصر.. اوباما رئيس الولايات المتحدة، صرح حينها، عندما استولى داعش الإرهابي على مناطق عدة في العراق قائلاً: إن تحرير المناطق من قبظة داعش تحتاج إلى ما لا يقل عن عقدين من الزمن! رغم ما تمتلكه الويلايات المتحدة من امكانيات في المعدات الحربية والمعلوماتية، لكن كان للعقيدة الدور الكبير في صناعة النصر وبزمن قصير، عندما نقول إن الحشّد مُعجزة السيستاني، لتحريره للأراضي بفترة زمنية لم تتجاوز الثلاث سنوات، لهذا ما قدمه رجال الفتوى لا يمكن ان تدركه العقول رغم قلة الأمكانيات في المعدات العسكرية، لكنهم تسلحوا بالعقيدة والعزيمة الجهادية.

ضريبة النصر وكل ناجح، ان تتجه اقلام السوء وابواق مأجورة، نحو صُناع النصر مع كل ما قدمه رجال الحشّد من تضحيات جِسام ما بين شهيد وجريح، مخلفين ورائهم الارامل واليتامى والثكالى، تعرضوا الى حملات معادية من الداخل والخارج، الغرض منها ليشوه صورته من أجل أجندات خبيثة تنم عن ضغائن، لكن رغم كل ذلك ما تعرض له لم يهن او تقل من عزيمته و اصراره وثباته، لسبب واحد، كونه مرتبط عقائدياً بمرجعية صالحة، وإنَ من لبى الندء ابناء بررة مخلصون للوطن والدين.. الشواهد كثيرة ليس بصدد سردها.

مثلما هنالك من تنكر للحشّد ولم ينصره، لابد ان نستذكر من وقف بوجه من وجه التهم جُزافاً، والجم تلك الافواه المآجورة التي تطاولت على صاحب الفتوى ورجالها، عبر تشريع قانون الحشّد الشعبي، وحث القوى السياسية على التصويت عليه بعد ان تنكر البعض عنه، فكان إبن المرجعية البار، له الدور الريادي والرئيس في ذلك ولولا تدخله المباشر لبقيّ المأزومون يبثون سمومهم واكاذيبهم تجاه الثلة المؤمنة التي لبت النداء بتحقيق النصر مع اخوتهم من القوات الأمنية.

عدد حروف اللغة العربية ثمانية وعشرون حرفاً، لكن بتكوين الجُمل لا يمكن ان نحصرها بعدد رقمي، تاريخ المرجعية ومن ارتبط بها برباط وثيق، تاريخ مشرف مُنذ إنطلاق المرجعية بعد غيبة الإمام المعصوم الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام، وما يصدر عنها إلا فيه مصلحة ومنفعة للمؤمنين والإنسانية، الحشّد الذي أنبثق عن الفتوى حرر الأرض والإنسان معاً من مجاميع إجرامية اولغت بدماء الابرياء، انجازاتهم لا يمكن حصرها في الجانب العسكري بتحريره للأرض والدفاع عن الحرمات، إنما حمل معه رسالة محبة واخاء واطمئنان للعالم بأسره قبل ان تكون لابناء بلدهم.